- الشراح: حكـم الرجم اتفق عليه الإسلام واليهودية
- العنزي: النبـي صلى الله عليه وسلم أقام الحد على ماعــز والغامدية
- الخراز: الرجم لمن زنى من الرجال والنساء إذا كان محصناً
- الجميعة: الآيـة نزلت في كتاب الله وقرأها الصحابة
- الغانم: الرجم صح في الأحاديث النبوية الكثيـــرة
- السويلم: دعوى باطلة تفتـح باباً للطعن في السنّة
- النوري: العقوبة في الإسلام واليهودية من مصدر واحـد
- المطيـــري: نرد هذه الشبهــة جملة وتفصيـــلاً
ليلى الشافعي
نشرت صحيفة «لافان غارديا» الإسبانية تقريرا قالت فيه: ان عقوبة الرجم غير موجودة في القرآن، إلا أنه مع ذلك هناك عدد من البلدان الإسلامية منها السعودية وإيران وأفغانستان تطبق هذا باسم الإسلام وبشكل خاص على النساء اللواتي يمارسن الجنس خارج المؤسسة الزوجية وهو ما يرفضه القانون الدولي مشيرة الى الإيرانية سكينة اشتياني التي تواجه عقوبة الرجم بتهمة الزنى، كما وصفت الصحيفة الرجم بأنه عقوبة جسدية أكثر وحشية وأن هناك عقوبات أخرى في بعض البلدان الإسلامية تقطع يد السارق وقطع أقدام من يقومون بقطع الطرق أو التمرد ضد السلطة والجلد واعتبرت ذلك عقوبة مهينة للشخص وتخالف الاتفاقيات الدولية. وأوردت الصحيفة عن رئيسة معهد العلوم الإسلامية في مرسيليا قولها: إذا افترضنا ان الرجم لا يوجد في القرآن على حد قول الكثيرين فمن أين جاء هذا المصطلح وكيف تم تفسيره وتم العمل به لقرون مضت؟! حول مشروعية الرجم يحدثنا علماء الشرع. «الأنباء» استطلعت آراء مجموعة من الدعاة حول ما أثارته الصحيفة وجاءت أقوالهم على النحو التالي:
يؤكد د.يوسف الشراح ان الرجم أساسا كان موجوداً في القرآن الكريم ونسخت التلاوة مع بقاء الحكم أي نسخت تلاوتها ولم ينسخ حكمها فبقي الحكم ساريا ومثاله آية الرجم وهي (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة..) فهذا مما نسخ لفظه وبقي حكمه.
أما الأمر الثاني، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بيهوديين قد زنيا وأراد ان يُحكّم النبي صلى الله عليه وسلم فيهما التوراة فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتلاوة التوراة فإذا هي نفس الآية وفيها نفس الحكم، فالمقصد من هذا القصد ليس ان الإسلام اعتمد على دين اليهودية في الحكم وانما كان مقصد النبي صلى الله عليه وسلم إفحامهما بحكم الزنى وانه مما اتفق عليه دين الإسلام ودين اليهودية.
واشار الى ان التشريع الإسلامي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم مر بمراحل عدة حتى وفاته صلى الله عليه وسلم وانتقاله الى الرفيق الأعلى ومن ذلك وقوع النسخ لبعض الأحكام والآيات بمعنى ان الشارع رفع حكما منه متقدما بحكم منه متأخر (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير).
إثم عظيم
ويقول د.سعد العنزي: ان من ادعى بأن الرجم ليس من الإسلام وليس موجوداً في القرآن فهذا كلام مردود وشبهة سخيفة لأن الله عز وجل قال (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) فقول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره شرع، والنبي صلى الله عليه وسلم أقام على ماعز والغامدية حد الرجم، إذن فعل النبي صلى الله عليه وسلم تشريع وإسلام ودين فمن أنكره فانه يكون قد أنكر الاسلام وأنكر الشرع، وهذا قول فئة لا تؤمن الا بما جاء بالقرآن، وهذا نقص في الفهم ونقص في العقيدة، لأن السنّة جاءت مبينة وشارحة لكثير من آيات القرآن الكريم، ويكفينا في ذلك الآية السابقة على ان فعل النبي صلى الله عليه وسلم هو تشريع يجب الأخذ به والايمان به لأنه من الدين وكل من خالف ذلك فعليه ان يراجع نفسه ويراجع عقيدته وايمانه لأن مصدري التشريع الاسلامي المتفق عليهما عند جميع الأمة الاسلامية هما القرآن والسنّة، إذن فمن أنكر أحدهما فقد باء بإثم عظيم.
ولفت الى ان الافضل اتباع الطريق الواضح الذي وضعه لنا الحق تبارك وتعالى وهو تطبيق الشريعة الاسلامية فيما يتعلق بجرائم الحدود مثل الزنى، ففي تطبيق شرع الله هداية ورحمة للمجتمع وبتر لهذا الفسادى وهذه العقوبات الربانية جعلت علنا لتكون عظة وعبرة للناس، قال تعالى (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين).
قول باطل
ويرعى الداعية خالد الخراز انه اُتفق على وجوب رجم المحصن ولم يخالف ذلك الا الخوارج وبعض المعتزلة، فنسخ تلاوة الرجم لا يستلزم نسخ الحكم، فقد ثبت في الحديث عن عمر رضي الله عنه قال: «كان مما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الرجم فقرأناها ووعيناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا، واني خشيت ان طال زمان ان يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله تعالى، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله فالرجم حق على من زنى من الرجال والنساء اذا كان محصنا، واذا قامت البينة، او كان حمل أو اعتراف، وايم الله لولا ان يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها».
وأكد الخراز ان القول بان الرجم لم يرد في القرآن هو قول باطل، فقد ثبت ذلك في السنة وأجمعت الأمة على ذلك، وفي الحديث الذي رواه أحمد والطبراني الآية التي نسخت تلاوتها من القرآن «والشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة» فهذه الآية نسخت تلاوتها وبقي حكمها.
وأضاف الخراز: فالسنة جاءت شارحة ومفصلة وأضافت أحكاما كثيرة منها في الصلاة والحج والزكاة، فكثير من هذه الاحكام غير موجودة في القرآن الكريم فهل نرفضها؟
وهؤلاء القرآنيون الذين يرفضون أحكام السنة جملة وتفصيلا بحجة انها لم تأت في القرآن يحتاجون الى اعادة نظر في دينهم لأنهم جهال في الحقيقة بأحكام الشريعة الاسلامية.
موجود حكما
يؤكد د.جلوي الجميعة أن حكم الرجم ثابت بحديث ماعز وحديث الغامدية ايضا. وجاءت ألفاظ عدة منها اذا زنيا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم. والحكم بالرجم موجود حكما ونسخ تلاوة.
وقال: ان الآية نزلت في كتاب الله وقرأها الصحابة ووعوها وحفظوها وطبقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء بعده وهي حق بلا شك، ولكن هذه الآية مما نسخ لفظه وبقي معناه، وقد ذكر أهل العلم ان النسخ في كتاب الله ينقسم الى ثلاثة اقسام، الاول ما نسخ حكمه وبقي لفظه، وهذا اكثر ما وقع في القرآن والثاني ما نسخ لفظه وبقي حكمه، والثالث ما نسخ لفظه وحكمه كقوله تعالى (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون) ثم قال بعدها ناسخا لها (الآن خفف الله عنكم وعلم ان فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين) فهذا مما نسخ حكمه وبقي لفظه تذكيرا للأمة بما أنعم الله عليهم من التخفيف، وكذلك ابقاء لثوابه بتلاوته.
مثبوت في السنّة
الباحث الإسلامي صالح الغانم يعلق قائلا:
القرآن الكريم هو مصدر التلقي للاحكام الشرعية، ولكن لا يعني ذلك الاستغناء عن الاحتجاج بالسنة النبوية في الاستدلال على العقائد والاحكام، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح سنده «ألا واني أوتيت القرآن ومثله معه»، فالرجم قد صح في الاحاديث النبوية الكثيرة الواردة في شأن عقوبة الزاني المحصن، وهذا مثبوت في كتب السنّة النبوية وأفتى بذلك كل الفقهاء والعلماء الربانيين من أهل المذاهب الاربعة وغيرهم من مجتهدي أهل السنّة والجماعة.
ثابت بالحديث
ويضيف الداعية نادر النوري: الرجم ثابت في الكتاب وهذه القضية أثيرت قديما بين العلماء، وقد استقر الرأي عندهم على ان عقوبة الزنى تختلف باختلاف الفاعل من حيث كونه متزوجا أو غير متزوج، وهو ما يعبر عنه بالاحصان وعدم الاحصان، وقد أيد عقوبة المحصن بالرجم بعض أحاديث ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حديث رجم ماعز ورجم الغامدية. لافتا الى ان كون العقوبة في الاسلام موافقة للعقوبة في اليهودية لا يعد طعنا فيها، وانما يدل على ان هذه العقوبة من مصدر واحد وهو الله المشرع تبارك وتعالى، وكان اليهود في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قد أنكروها في حادثة زنى لبعض اليهود وطلب منهم الرسول صلى الله عليه وسلم الرجوع الى ما في التوراة وتبين ان عقوبة الرجم موجودة في التوراة.
ثابت في كتاب الله
ويضيف الداعية يوسف السويلم ان رجم الزاني ثابت في التوراة لفظا وحكما وحاولوا كتمانه وعدم العمل به فقام اليهود بنسخ لفظ التوراة الذي يثبت رجم الزاني، لكن في الإسلام طبق حكم الرجم على الرغم من كون اللفظ منسوخا مما يدل على فضل الامة الاسلامية وعلى امتثالها لأمر الله عز وجل وعدم تحاملها لإبطال الشريعة.
فالرجم حق ثابت في كتاب الله على من زنى إذا أحصن، أما ادعاء أن حد الرجم مأخوذ من اليهودية فهو دعوى باطلة لأنها تفتح بابا للطعن في السنة النبوية بأن يدعي البعض أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نقل السنة عن اليهود وهذا ما لا يقبله العقل المسلم وهناك قاعدة شرعية هي انه «شرع لنا ما لم يرد به ناسخ» وبالتالي فإذا اتفق الإسلام مع اليهودية أو أديان أخرى في مسألة الرجم فليس معناه ان الإسلام أخذ من اليهودية أو غيرها لأن سنة النبي صلى الله عليه وسلم هي وحي من الله تعالى وبخاصة في مسألة الحدود والمسائل الكبرى في الإسلام فضلا عن ان اليهود لم يطبقوا حد الرجم في تاريخهم فالزعم بأن الإسلام أخذ حد الرجم عن اليهودية زعم باطل.
الأدلة كثيرة
ويضيف رئيس لجنة الفردوس بإحياء التراث الداعية سعود المطيري مؤكدا ان من أعظم الفتن تحويل الأمور القطعية الى أمور محتملة، وجعل الأمور المجمع عليها أمورا مختلفا فيها، وهذا يصدق على تحريم الزنى الذي أجمعت عليه الأمة الإسلامية جيلا بعد جيل، وأصبح معلوما من دين الإسلام بالضرورة، بحيث لا يستطيع المسلم دفعه عن نفسه، كوجوب الصلاة والزكاة، وكحرمة الخمر والربا.
وقال: لقد نزلت آية في القرآن بالرجم نسخ رسمها وبقي حكمها، كما قد ثبت الرجم في السنة الصحيحة وبفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
كما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: قال ابن قدامة: لا خلاف بين الفقهاء في وجوب الرجم على الزاني المحصن رجلا كان أو امرأة، وقد ثبت الرجم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله في أخبار تشبه التواتر. وهذا قول عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وقال ابن قدامة أيضا: لا نعلم فيه مخالفا إلا الخوارج.
ومن ثم اتفق الفقهاء على ان حد الزاني المحصن الرجم حتى الموت رجلا كان أو امرأة وقد حكى غير واحد الإجماع على ذلك.
وزاد: واننا نقول: قد ورد في ذلك أحاديث صريحة في السنة الصحيحة كما جاء عند البخاري، فعن جابر ان رجلا من أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال إنه قد زنى، فأعرض عنه النبي، فتنحى لشقه الذي أعرض فشهد على نفسه أربع شهادات، فدعاه فقال: هل بك جنون؟ هل أحصنت؟ قال: نعم فأمر به ان يرجم بالمصلى، فلما أذلقته الحجارة جمز حتى أدرك بالحرة فقتل. رواه البخاري.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر: لقد خشيت ان يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف. قال سفيان كذا حفظت، ألا وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده. رواه البخاري.
وعن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة». رواه البخاري.
والأحاديث في ذلك كثيرة موفورة، ومن زعم انه لا يقبل الاحتجاج بالسنة فقد كذب القرآن نفسه، الذي صرح بأن الرسول هو مبين القرآن وشارحه، قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) ولو رد الناس السنة اكتفاء بالقرآن ما عرفوا صلاة ولا زكاة ولا حجا، فإنها كلها جاءت مجملة في القرآن، وإنما بينتها السنة. لذا فإننا نقول الأدلة متوافرة من الكتاب والسنة على تحريم الزنى، وقد ورد رجم الزاني المحصن في عدة مواضع من السنة النبوية الصحيحة، مما لا يدع مجالا لكائن من كان بأن يقول: ان هذه العقوبة جاءت من الديانة اليهودية، بل انها جاءت في شريعتنا الإسلامية، وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بتطبيق هذا الحد كما ورد ذلك في السنة النبوية المطهرة، لذا فإننا نرد هذه الشبهة جملة وتفصيلا بما سبق من أدلة، والأدلة في هذا الشأن كثيرة. والله أعلم.
واقرأ ايضاً:
علي الكليب: الأضاحي سنة مؤكدة لا يحسن تركها للقادرين عليها
فريحة الأحمد: ترسيخ الوحدة الوطنية بتعزيز القيم والسلوكيات الإيجابية
الدرباس: دورة أسرية نسائية للشيخ عمر عبدالكافي
حفل ختام مسابقة خطيب المستقبل العاشرة اليوم
الحماد: المسلمون في أمسّ الحاجة إلى من يأخذ بأيديهم إلى طريق الحق والنور