صرح امين سر جمعية الاصلاح الاجتماعي د.عبدالله العتيقي بأن الامة الاسلامية تستقبل عاما هجريا جديدا والمبشرات تلوح في الافق، وانه لابد ان نعزم صادقين على اعادة امجاد أمتنا بهمة وتصميم.
وقال د.العتيقي انه وعلى الرغم من ان امتنا اصبحت الآن مطمعا لاعدائها، الا ان ذلك يتطلب منا جميعا ان نبدأ بخطوات بنائها من جديد، فقد جاءت الهجرة بمشاهدها ومواقفها منهجا يستلهم منه المخلصون اسس البناء، فالهجرة كانت انتقالا من مرحلة الصبر على الاذى في مكة الى مرحلة الصبر على الدعوة والانطلاق برسالة الاسلام، ومن مرحلة الايمان والتهذيب الفردي الى مرحلة بناء المجتمع وصياغة الامة بالتشريع الالهي.
وقال: ان من اوجب الواجبات علينا ان نعرف تاريخ امتنا، وكيف جمع القرآن كلمة اسلافنا، وكيف ربط على قلوبهم، ووجههم الى سبيل العزة والسيادة، وقضى في حزم ان العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، لأن احداث الهجرة جديرة بان تفتح اليوم اعيننا على ماضينا المجيد وان تعرفنا حقيقة الواقع المر الاليم، الذي وصلنا اليه.
واكد د.العتيقي ان امتنا هي الامة الوسط، هي خير امة اخرجت للناس، وهي الجديرة بحمل الامانة مادامت تتزود من عطر الايمان بربها، والنور الذي افاضه عليها في الهجرة، قال تعالى (والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة اكبر لو كانوا يعلمون، الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون ـ النحل: 41 و42).
وذكر د.العتيقي ان المسلمين دائما في مواسم طاعات ونفحات من الرحمن، فما ان ينتهي موسم الا ويتبعه موسم آخر لتظل حلقات التواصل مع رب العالمين متصلة، فبالامس كنا نعيش في رحاب الايام العشرة من ذي الحجة ومناسك الحج، وها هي ايام المحرم الحرام تظلنا، فشهر المحرم هو الشهر الذي سمي بشهر الله المحرم، وتستحب فيه الاعمال الصالحات والكف عن الآثام، كما رأينا، كما يستحب فيه الصيام، ففي الحديث «افضل الصيام بعد رمضان شهر الله الحرام» (جزء من حديث مسلم 1163، وابو داود 2429)، وفي رواية: «اي الصيام افضل بعد رمضان؟ قال: شهر الله الذي تدعونه المحرم» (ابن ماجه 1742)، وهذا يدل على استحباب صيام بعض ايام من الاشهر الحرم.
كما اشار د.العتيقي الى ان يوم عاشوراء هو العاشر من شهر الله المحرم، وهو يوم كانت تعظمه اليهود وتتخذه عيدا، وكانت تعظمه النصارى والعرب في الجاهلية، وهو يوم النصر والتمكين للمستضعفين من بني يعقوب عليه السلام (اسرائيل) بعد ان اسلموا وآمنوا، فهو اليوم الذي نجاهم الله فيه واغرق عدوهم، وهو اليوم الذي يحتفل المسلمون به فيصومونه كما امرهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجدهم يصومون عاشوراء، فقالوا: هذا يوم عظيم وهو يوم نجى الله فيه موسى واغرق فرعون، فصام موسى شكرا لله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «انا اولى بموسى منهم» فصامه، وامر بصيامه (البخاري 3397، 4680، ومسلم 1130، وابن ماجه 1734)، وفي رواية «هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني اسرائيل من عدوهم» (جزء من حديث البخاري 2004، واحمد 1/291، 310 وغيرهم).
وقد حقق الله النصر والتمكين للمستضعفين (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ـ القصص: 5 و6).
واكد د.العتيقي ضرورة استغلال ـ المواطنين والمقيمين ـ لهذه الايام المباركة لمحاسبة النفس على اعمال عام مضى، والتخطيط لاستقبال عام جديد نكون فيه اقرب الى الله تعالى، مذكرا بان ايام العمر تجري بنا الى آجالنا المحتومة، وان محاسبة النفس من دأب الصالحين فقد كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الى بعض عماله «حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة، فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة عاد امره الى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته وشغلته اهواؤه عاد امره الى الندامة والخسارة»، وقال الحسن: ان العبد لايزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة همته.
واختتم د.العتيقي تصريحه بتقديم تهنئة جمعية الاصلاح الاجتماعي للشعب الكويتي وكذلك جميع المقيمين بمناسبة العام الهجري الجديد، داعيا الله تعالى ان يعيد مثل هذه الايام على امتنا الاسلامية وقد استعادت مجدها ومكانتها اللائقة بها بين الامم.