أسامة دياب
حث رئيس مجلس ادارة جمعية الشفافية صلاح الغزالي الحكومة على سرعة انجاز مشاريع قوانين مكافحة الفساد والشفافية وارسالها الى مجلس الأمة قبل فترة كافية من جلسة الثامن من مارس المقبل، مطالبا اللجنة التشريعية والقانونية في مجلس الأمة بانجاز تقريرها الخاص بتلك القوانين ورفعه لإدراجه على جدول أعمال الجلسة نفسها، داعيا المجتمع المدني والكتاب والصحافة لفزعة لإقرار هذه القوانين.
جاء ذلك في مجمل كلمته التي ألقاها أثناء الاحتفال باليوم الدولي لمكافحة الفساد وعرض الكتاب السنوي «كتاب ضد الفساد» بحضور أعضاء الجمعية وعدد من الناشطين والمهتمين بالشأن العام.وأشار الغزالي الى ما تم إنجازه في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بعد مرور 7 أعوام على صدورها، منوها بالايجابيات المتمثلة في اقتراحات بقوانين مكافحة الفساد والشفافية الخمسة والتي تحولت الى اثنين والمدرجة في اللجنة التشريعية، وكذلك ادراجها ضمن خطة التنمية، ووجود 22 نائبا داعما لحملة لا تنمية مع الفساد، وقيام الحكومة بإعداد مشروع قانون هيئة مكافحة الفساد وتشكيلها لجنة لإعداد قانون حق الاطلاع والانتهاء من الاعداد، لافتا الى السلبيات المتمثلة في ان الحكومة لا ترى أولوية لقوانين مكافحة الفساد والشفافية في دور الانعقاد الحالي، كما انه لا يوجد وزير في الحكومة معني بإعداد هذا القانون، معربا عن مخاوفه من تبعثر الأولويات في ظل وجود أجندات لأعضاء المجلس خارج أولويات المجلس، اضافة الى المصالح الخاصة ومواجهة تلك القوانين لمعارضة غير صريحة من قبل بعض أعضاء المجلس والحكومة، في ظل وجود عناصر تريد الاستمرارية للفساد المالي والإداري.
ظاهرة عالمية
ومن جهته أكد النائب السابق صالح الفضالة أن آفة الفساد ظاهرة عالمية منتشرة في مختلف دول العالم، موضحا صعوبة الدور الذي تلعبه جمعية الشفافية وبرلمانيون ضد الفساد في مواجهة تيار الفساد، لافتا إلى أنه اعتزل العمل البرلماني بعد 28 عاما لأنه وجد أن بعضا ممن يشرعون لحماية الأمة هم من يسعون في خرابها، وكان ذلك السبب المباشر لرفضه انضمام أي برلماني فاسد لمنظمة برلمانيون ضد الفساد عند تأسيسها.
وأشار الفضالة إلى أن المنظمة جمعت مجموعة من الشخصيات لإعداد استراتيجية موحدة ضد الفساد، لافتا لمخاطبات المنظمة لرئيس مجلس الوزراء ولمجلس الأمة لسرعة إنجاز تشريعات مكافحة الفساد في ظل تصارع القضايا السياسية وطغيانها على أولويات الدولة الهامة، مشددا على أن السلطتين التنفيذية والتشريعية تائهتان وفاقدتان للبوصلة، داعيا الحكومة للمبادرة بمواجهة آفة الفساد بإقرار التشريعات بأسرع وقت ممكن.
أزمة أخلاق
وبدوره أكد ممثل النيابة العامة المحامي العام الأول المستشار بدر المسعد أن الكويت ليست الدولة الوحيدة التي لديها تقصير في إقرار قوانين مكافحة الفساد فهناك عدد من الدول الأوروبية والعربية مازالت القوانين فيها محل نقاش، مشيرا إلى أن لدينا قوانين وتشريعات نفتخر بها ولذلك فإن أزمتنا ليست أزمة قوانين ولكن ربما تكون أزمة أخلاق.
ولفت المسعد إلى ضرورة تطبيق عدد من المواد الموجودة في الاتفاقية عن طريق إدخالها في القانون الحالي قبل إنشاء هيئة مكافحة الفساد وخصوصا أنها ستأخذ الكثير من اختصاصات عدد من الجهات الحكومية مثل النيابة العامة وديوان المحاسبة، داعيا للتأني في إنشاء هيئة مكافحة الفساد وعلى ضوء تلافي السلبيات في تجارب بعض الدول العربية التي سارعت في إنشائها مثل الأردن، اليمن وفلسطين ويواجهون مؤخرا أزمة تضارب القوانين.
وطالب الحكومة بضرورة الإسراع في تسمية الخبراء ووضع سيرهم الذاتية في الأمم المتحدة لتلافي الإحراج العالمي، معربا عن أسفه لتأخر الكويت في الرد على التقييم الذاتي، مشيرا لضرورة تحديد جهة وطنية لها صلاحيات محددة للتعامل مع قوانين مكافحة الفساد ومتابعتها، مثمنا استجابة مجلس الوزراء لإنشاء لجنتين الأولى لتسمية الخبراء والثانية لإعداد التقييم الذاتي.
تدوير الأموال
ومن جهته عرف مدير مكتب مكافحة عمليات غسيل الأموال بوزارة التجارة والصناعة الشيخ نمر الصباح عمليات غسيل الأموال على أنها إعادة تدوير الأموال الناتجة عن الأعمال غير المشروعة في قنوات استثمار شرعية لإخفاء المصدر الحقيقي لها، مشيرا إلى أن العالم أدرك خطورة جريمة غسيل الأموال ولذلك أصدر عدد من التشريعات التي تحاربها وتحد منها، والمتمثلة في التوصيات التي أصدرتها مجموعة العمل المالي عام 1990 وعززت بتوصيات أخرى عام 2001، لافتا إلى إصدار الكويت للقانون 35 لعام 2002 وغيره من القرارات الوزارية بالإضافة إلى قيام وزارة التجارة والصناعة بإنشاء وحدة تنظيمية متخصصة بقرار وزاري رقم 284 لسنة 2003 تحت اسم مكتب مكافحة عمليات غسيل الأموال والذي يتابع كافة السجلات المالية والتجارية للشركات والمؤسسات الخاضعة لرقابتها عند تجديد تراخيصها بالإضافة إلى المراقبة الميدانية لأنشطتها.
وأشار إلى مشاركة مكتب مكافحة غسيل الأموال في العديد من الاجتماعات المحلية والمؤتمرات الدولية من خلال عضويته في اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب عام 2004، مشددا على أهمية الجانب التوعوي والذي يساهم في تفعيل المشاركة المجتمعية في حمل المسؤولية والتعاون لمحاربة هذه الجرائم باستخدام الطرق والوسائل اللازمة ومن خلال إصدارات تعنى بشرح التعليمات والإرشادات الخاصة بمكافحة غسيل الأموال أولها كان عام 2005 والأخير عام 2009، موضحا سعي المكتب لعقد مؤتمر متخصص في مكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب يجمع كافة الجهات الدولية المتخصصة للسنة الرابعة على التوالي، لافتا الى حرص الوزارة على متابعة الوزارة للموقع الإلكتروني للمكتب الذي يعتبر موسوعة شاملة للمتخصصين والمهتمين بمعرفة دور الوزارة بشكل خاص والكويت بشكل عام في مكافحة جرائم غسيل الأموال.
فرسان الكلمة
من جهتها، رحبت رئيسة لجنة كتاب ضد الفساد د.معصومة أحمد ابراهيم بفرسان الكلمة وعين الوطن الساهرة التي ترصد كافة صور الفساد الذي استشرى في جسد البلاد، موضحة أن أقلامهم خير دليل على وطنيتهم وحبهم لوطنهم ولذلك لم يؤثروا السكينة بل كانوا صوتا للحق لتحرير البلد من وباء الفساد.
وبيّنت إبراهيم أن الفساد ظاهرة عالمية تنتشر بضراوة في مختلف أرجاء العالم، مشيرة الى اختلاف معالجة هذه الظاهرة والتعاطي معها من بلد لآخر، موضحة ارتباط الفساد في مجتمعنا بثقافة وممارسات أخذت طابع الاعتياد والقبول مثل المحسوبية ومعاونة الأقارب والأصدقاء في الحصول على امتيازات ومصالح غير مشروعة، مشيرة إلى أن الفساد هو العقبة الرئيسية أمام الاصلاح والتنمية والاستثمار الصحيح، مشددة على أن محاربته ليست مرتبطة بالتشكيك في النزاهة أو الذمة المالية وسوء استخدام السلطة بقدر ما هي مشروع حياة وأمن ومستقبل للتنمية الغائبة من فترة طويلة.
وأشارت إلى أن لجنة كتاب ضد الفساد رأت ضرورة المشاركة بالمرحلة الجديدة من خطة التنمية التي دخلت حيز التنفيذ في ابريل 2010م عن طريق إعداد ملف خاص للنظر في الاحتياجات التنموية للكويت ومتطلبات الشفافية المصاحبة لها من خلال ثلاثة محاور اساسية أولا: مفهوم التنمية كمدخل عام وتقييم أهمية النزاهة والشفافية كأساس لنجاحها، ثانيا: خطة التنمية في الكويت «الطموحات وفرص نجاحها في ضوء معطيات الواقع»، وأخيرا موقع خطة التنمية في الكويت بين التجارب التنموية في دول الخليج وامكانات الاستفادة من هذه التجارب، لافتة إلى أن الكتاب المحتفى بهم اليوم 96 كاتبا كتبوا 145 مقالا، موضحة أن اللجنة تنوي عقد حلقة نقاشية تهدف لتطوير المشروع، بالإضافة إلى أن الجمعية ستقوم بتوزيع الكتاب بشكل موسع داخل وخارج الكويت لكافة المؤسسات والهيئات.
إحباط ومبالغة
بدوره، انتقد النائب السابق أحمد المليفي طريقة تعاطينا مع القضايا المختلفة، رافضا الإسراف في الإحباط أو المبالغة في التفاؤل، داعيا لنوع من التوازن في التعامل مع القضايا، داعيا لخلق ثقافة المعارضة الإيجابية التي تحول الألم إلى أمل وتنير الطريق للأجيال القادمة.
ولفت المليفي إلى أن مشكلتنا تكمن في أننا نواجه الفساد ضمن اللعبة السياسية دون استراتيجية واضحة لمواجهة الفساد، منتقدا النظام الإداري القائم على إعطاء مساحة واسعة للفرد في اتخاذ القرار ولهذا تلقي الميكنة محاربة شرسة لأنها تحد من هذه الهيمنة، مشيرا لتطور المجتمع في التعامل مع قضايا الفساد حيث كان هناك في السابق رفض للاعتراف به، وأصبحنا الآن نقر بوجوده وعلينا أن نتطور بصورة أكبر من خلال خلق استراتيجية لمكافحة الفساد.وشدد على سرعة التحرك لإقرار قوانين مكافحة الفساد لحماية الأموال المخصصة للخطة التنموية ولضمان ذهابها في الطريق الصحيح، داعيا لجعل معركتنا القادمة هي معركة التنمية، مطالبا الجميع بالتكاتف كشركاء في بناء الوطن.