أسامة أبوالسعود
تواصل الحسينيات والمساجد الشيعية في عموم البلاد البكاء على الإمام الحسين رضي الله عنه وإحياء ليالي عاشوراء ذكرى استشهاد سبط الرسول صلى الله عليه وسلم والتي توافق العاشر من محرم من كل عام. وأكد الباحث الإسلامي الداعية راضي الحبيب ان استمرارية البكاء على مقتل الإمام الحسين عليه السلام المتصل الى زماننا هذا - على مدى ما يقارب 14 قرنا، مع العلم ان الحسين منعم بالجنة كونه من أهل الجنة بل سيد شباب أهل الجنة - يقتضيه نداء الفطرة، وهذا الأمر يتعلق بسلامة الفطرة من أي خلل عقائدي، أو أي تمويه دنيوي على الفطرة يحجبها عن الرؤية الواضحة، والمرجو لمن يراجع الأدلة أن ينظر إليها بعين الإنصاف ويحذر من التعسف وان يكون الله من وراء القصد وليس الأهواء الشخصية. وتابع قائلا: قد ثبت بالدليل النقلي الروائي أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قد بكى الإمام الحسين عليه السلام «من قبل أن يقتل في الحديث المروي بطرق مستفيضة عن أم المؤمنين أم سلمة قالت رضوان الله عليها ما رواه عبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1533) قال: أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا عبدالله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، قال: قالت أم سلمة: كان النبي صلى الله عليه وسلم نائما في بيتي فجاء حسين يدرج، قالت: فقعدت على الباب فأمسكته مخافة أن يدخل فيوقظه، قالت: ثم غفلت في شيء فدب فدخل فقعد على بطنه، قالت: فسمعت نحيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت فقلت: يا رسول الله والله ما علمت به؟ فقال: «إنما جاءني جبريل عليه السلام وهو على بطني قاعد، فقال لي أتحبه؟ فقلت: نعم قال: إن أمتك ستقتله ألا أريك التربة التي يقتل بها؟ قال: فقلت: بلى قال: فضرب بجناحه فأتاني بهذه التربة» قالت: فإذا في يده تربة حمراء، وهو يبكي ويقول: «يا ليت شعري من يقتلك بعدي؟». قال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (5/104): إسناده صحيح، وصحح إسناده أيضا البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة».
وأكد الشيخ الحبيب: فإذا كان النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قد أقام مجلس عزاء على مقتل الإمام الحسين عليه السلام «وبكاه من قبل أن تقع واقعة قتله بدليل ما جاء في الحديث السابق (قالت: فسمعت نحيب رسول الله)، فبقياس أولى أن نبكيه بعد سماع مقتله مع العلم أنه لا يوجد أي مانع شرعي في استمرارية البكاء على الميت عموما، بل الثابت المشهور ان الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم قد حزن على وفاة السيدة خديجة وعمه أبي طالب لمدة عام وسمي بعام الحزن وهذا دليل كاف على جواز استمرارية الحزن على الميت.
وأضاف الشيخ الحبيب: بل يوجد أعظم من ذلك أن الكون تصدع لقتل الإمام الحسين عليه السلام وهذا ما ساقه أمير المحدثين في عصره ابن حجر العسقلاني في كتابه «تهذيب التهذيب» تحت رقم (615) ترجمة الامام الحسين عليه السلام رواه الثقة الزهري: «قال الوليد أيكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري بلغني أنه لم يقلب حجر إلا وجد تحته دم عبيط. وقال بن معين حدثنا جرير حدثنا يزيد بن أبي زياد قال قتل الحسين احمرت آفاق السماء.
وروى أيضا قال خلف بن خليفة عن أبيه لما قتل الحسين اسودت السماء وظهرت الكواكب نهارا». وأكد: والدليل القرآني صريح جدا بثبوت بكاء السماء والأرض بدليل قوله تعالى (فما بكت عليهم السماء والأرض) الدخان آية 29، ويوجد من الأدلة التاريخية ما يؤكد وقوع مثل هذه الأهوال الكونية المخيفة والغريبة من نوعها في وقتها، ما جاء في كتاب المؤرخ الغربي (وقائع الانغلوساكسوني (the anglo-saxon chronicle) حيث نقل وقائع الأحداث التاريخية التي مرت بها الأمة البريطانية منذ عهد المسيح عليه السلام فيذكر لكل سنة أحداثها حتى يأتي على ذكر أحداث سنة 685 ميلادية وهي نفس السنة 61 هجرية التي وقع فيها مقتل الامام الحسين عليه السلام فذكر أن في هذه السنة أمطرت السماء دما وأصبح الناس في بريطانيا فوجدوا أن ألبانهم وأزبادهم تحولت إلى دم. وختم الحبيب كلامه: وأخيرا أقول انه كما خرج الإمام الحسين عليه السلام من هذه الدنيا من خلال المعاناة في واقعة كربلاء، وكانت طريقه الى الاستشهاد والوصول الى جنة الرضوان، فكذلك نحن ماضون على ما مضى عليه الإمام الحسين عليه السلام باستمرارية الحزن على مصابه والمشاركة في مجالس عزاء استشهاده بالمعاناة والبكاء عليه حتى نلحق به إن شاء الله تعالى.