تتميز جزيرة فيلكا أو كما يطلق عليها تاريخيا «ايكاروس» بتاريخ عريق موغل في القدم يعود لثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، وكانت محطة أساسية للاسكندر الاكبر المقدوني ومحطة تجارية مهمة على الطريق البحري بين حضارات بلاد ما بين النهرين والحضارات المنتشرة على ساحل الخليج العربي.
وقال مراقب الآثار في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآثار سلطان الدويش لـ «كونا» أمس إن أعمال المسح والتنقيب الأثرية في الجزيرة بدأت عام 1958 عن طريق البعثة الأثرية الدنماركية التي انطلقت من البحرين مرورا بقطر ثم الكويت واستمرت حتى عام 1963 وتمت عمليات التنقيب والبحث في جنوب غرب الجزيرة.
وأضاف الدويش ان عمل هذه البعثة في جزيرة فيلكا شمل أربعة مواقع أثرية أولها «تل سعد»، حيث تم الكشف عن مدينة دلمونية ترجع الى الألف الثاني قبل الميلاد عبارة عن مجموعة مساكن يتوسطها معبد الإله (انزاك) إله دلمون.
وأوضح انه اكتشفت في الموقع الثاني قلعة اغريقية تعود للقرن الثالث قبل الميلاد وكشف وسط القلعة عن معبدين وقصر وورشة تابعة له، وأخيرا موقع دار الضيافة، وهو منزل يتكون من 12 غرفة تتوسطه باحة أرخ العائدة للقرن الثالث قبل الميلاد.
وذكر انه توالت بعد ذلك بعثات التنقيب في الجزيرة ففي عام 1973 بدأت البعثة الأميركية في (جامعة جون هوبكنز) عملها ثم البعثة الايطالية في (جامعة فينيسيا) عام 1976 ومن ثم البعثة الفرنسية التي بدأت عملها عام 1983 وهي مستمرة في عملها الى الآن.
وبيّن ان آخر البعثات كانت البعثة السلوفاكية التي عملت في موقع الخضر شمال الجزيرة التي كشفت عن مستوطن يرجع للألف الثاني قبل الميلاد.
وقال الدويش ان أرض الكويت تقع ضمن مملكة دلمون القديمة التي كانت تشمل الساحل الشرقي للجزيرة العربية وجزيرتي البحرين وفيلكا وتتركز فيها المستوطنات الكبرى لحضارة دلمون.
وأوضح أن أهم البقايا المعمارية في هذه الجزيرة هي المدينة الدلمونية التي تحتوي على وحدات سكنية ومعابد، خصوصا معبد الإله أنزاك كبير آلهة دلمون والمعبد المربع والأفران الفخارية لشي الفخار وقصر الحاكم وميناء الخضر.
ورأى انه يحتمل ان تكون فيلكا بالفعل جزيرة «سيدورى»، وان كان الأمر كذلك، فذلك يفسر وجود الحرم في الجزيرة وسمعتها كمكان مقدس للالهة وهي السمعة التي تمتعت بها طويلا.
وذكر ان حضارة دلمون كانت تشمل فيلكا والبحرين وساحل شرق الجزيرة العربية، كما أشارت نتائج الكشف الأثري في فيلكا الى وجود مستوطنة تعود لألفي عام قبل الميلاد تقريبا، وتبين ان المنطقة السكنية في تل سعد كانت معاصرة للطبقات السكنية في جزيرة البحرين.
وقال انه يوجد وسط تل سعد معبد الاله انزاك كبير آلهة دلمون وهو مربع مكشوف عثر فيه على ثلاث مذابح وفي الوسط خمسة أعمدة مكعبة وفي المنطقة الجنوبية من تل سعد توجد البيوت السكنية مبنية بالحجارة التي توجد في ساحل الجزيرة وعثر فيها على قطع كثيرة من النحاس وجرار ومجموعة من الأختام المصنوعة من الحجر الهش على ظهرها المدبب ثلاثة خطوط متوازية.
وعن بقية المكتشفات في الجزيرة بين انه اكتشف في الجزيرة أكثر من 650 ختما أغلبها أختام دلمون دائرية الشكل استخدمت للتعرف على الممتلكات الشخصية وختم المقتنيات الثمينة لحفظها من السرقة وكذلك ختم العقود والبضائع التجارية.
وأضاف ان مواضيع الزخرفة التي حفرت على الأختام تتنوع بين الخطوط والأشكال الهندسية البسيطة والمشاهد الطبيعية ورسوم الأشخاص والحيوانات.
وأشار الدويش الى أن مراكز الحضارة تركزت في جزيرة فيلكا بالجزء الجنوبي الغربي وتعاقبت على الجزيرة فترات سكنية منذ ألفي عام قبل الميلاد وحتى عام 1200 قبل الميلاد، حيث يظهر موقع قصر الحاكم في الجزيرة.
وتحدث عن العثور على فخاريات حمراء تعرف باسم فخاريات دلمون المبكرة أو فخاريات بربار تشابه تلك الموجودة في قلعة البحرين وعلى مبنى كبير يسمى باسم قصر الحاكم كانت مقدمته تحتوي على غرف تستخدم للاستقبال والإدارة، وفي الخلف يوجد القسم السكني ويتكون من فناء تحيط بهه غرف استخدمت للسكن والتخزين حيث يوجد مستودع مليء بجرار تخزين متوسطة الحجم وصل عددها الى 70 جرة.
وقال انه قرب قصر الحاكم وجدت أحواض لصهر المعادن بينما يقع ميناء الخضر الأثري في الجهة الشمالية الغربية ويطل على ميناء طبيعي ويعتبر الميناء الرئيسي للجزيرة.
وأضاف الدويش ان أعمال التنقيب الأثري كشفت عن جزء من مستوطنة بنيت أسسها من الحجارة أما جدرانها فيحتمل أنها بنيت من الطين ويشكل تقاطع الجدران غرفا سكنية كشف داخلها عن مجموعة من جرار التخزين.