مؤمن المصري
أكد رئيس اتحاد المحامين الكويتيين المحامي ناصر الهيفي أن كثيرا من النواب بمن فيهم من شارك في الحملات التصعيدية الأخيرة غير مبرئين من انتهاك القانون وتقديم المصالح الشخصية على المصلحة العامة، موضحا أن عموم الشعب الكويتي يعلم حقيقة هذا الأمر ويرى هذه الانتهاكات رأي العين، ولكنه حمّل الحكومة أيضا جزءا من المسؤولية عما يحدث إذ ان بيدها مقومات السلطة التنفيذية وعليها مبدئيا في هذه المرحلة على الأقل حسن الالتزام بالقواعد الدستورية والقانونية روحا ونصوصا.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده اتحاد المحامين الكويتيين بمقره الكائن بمنطقة الخالدية بحضور نائب رئيس الاتحاد المحامي سقاف السقاف، وأمين السر المحامي سعد الخنة، وعضو مجلس إدارة الاتحاد المحامي رائد الوهيب وعدد من المحامين الكويتيين.
ووصف الهيفي ما يحدث على الساحة الكويتية بأنه شيء معيب ويهدم أركان الديموقراطية التي تتباهى بها الكويت بين دول المنطقة والعالم، واصفا ما يحدث بأنه تشويه للدستور وللنظام الديموقراطي، وهناك من يستغل تلك الأحداث خدمة لأجندات سياسية خاصة ومعلومة لدى الجميع، مشيرا إلى أن الاتحاد وبصفته احدى مؤسسات المجتمع المدني فإنه يهمه استقرار المجتمع وتطوره وسيادة القانون فيه، ومن هذا المنطلق الاختصاصي البحت فإن الاتحاد قد عقد هذا المؤتمر الصحافي للاعلان عن انطلاق مبادرته لنزع فتيل هذه الأزمة، مؤكدا أننا أمام فتنة ولسنا أمام أزمة، موضحا أنه لا دخل للاتحاد بالأمور السياسية ومن يتعاطاها، وإنما هذا التحرك ما هو إلا موقف وطني مطلوب من الجميع في تلك الظروف.
من جانبه، أشاد المحامي محمد السبتي بمبادرة الاتحاد ووصفها بالمبادرة الوطنية للحفاظ على الكويت وشعبها من الفتنة، وقال ان البلاد تمر بظرف عصيب جدا واختلط صوت الحق بصوت الباطل، وأصبحت الحقيقة هي الضحية الأولى لدى المجتمع، متمنيا ان تجد تلك المبادرة آذان صاغية لدى المسؤولين من السلطتين التنفيذية والتشريعية، مشيرا إلى أن كرامة الشعب أمر لا يقبل النقاش، فالدستور بروحه ومواده غير قابل للنقاش لأنه حق مكتسب للشعب وليس صدقة يستجديها من نواب الأمة أو من غيرهم، محملا الحكومة جزءا كبيرا من المسؤولية تجاه ما آلت إليه الأمور لأنها سلطة تنفيذية وبيدها تطبيق القانون، حيث أخفقت في 3 نقاط: عدم حزمها في تطبيق القانون ووقف العبث من خلال وسائل الإعلام، فالإعلام مسؤولية قبل أن يكون حرية فهو السلطة الرابعة في أي مجتمع ما، وأخفقت في تعاونها مع مجلس الأمة سواء اتفقت الآراء أو اختلفت، وفي المقابل فإن النواب الذين شاركوا في الحملات الأخيرة إذا كانوا يدعون أنهم حماة للدستور فهذا من غير المسلم به، بل إن أيادي كثير من نواب مجلس الأمة ملوثة بالطعن في الدستور وعدم احترام القانون، فهم شركاء في المسؤولية، وما ينسب للحكومة من عدم احترام للقانون ينسب كذلك لبعض أعضاء مجلس الأمة، ومن الحقائق أيضا ومن الانصاف للحكومة لابد من الاعتراف بأن أسلوب الحوار لدى بعض نواب مجلس الأمة أصبح متدنيا لمستوى لا يقبله الشعب، فالنقد في القانون مباح مهما اشتدت لهجته، ولكن الاهانة ومهما قلت عباراتها فهي مجرمة في القانون، وقال رسالتنا لنواب مجلس الأمة أن النقد مباح ولكن الاهانة والتجريح غير مباحين في القانون.
وأكد السبتي أن تحريك الشارع وفق ما هو معمول به الآن أمر في غاية الخطورة، مناشدا جميع النواب وجميع مؤسسات المجتمع المدني وكذلك الأفراد عدم التحرك في هذا الاتجاه أو تلبية أي دعوات للخروج إلى الشارع لأن ذلك فيه خطر كبير على كياننا الاجتماعي والسياسي، فالغوغاء لا تضمن ردة أفعالهم، وهناك مؤسسات دستورية وقانونية يجب على النواب اللجوء إليها.
من جهته، ناشد المحامي محمد الماجدي أطياف المجتمع وعلى رأسهم أعضاء مجلس الأمة ألا يقحموا الطائفية في هذه الصراعات والاختلافات في الآراء وهذا التناحر السياسي، وطالبهم بعدم وضع الطائفية في غير موضعها الحقيقي، فالطائفية تعني التعبد ولا يجب إقحامها في الخلافات الشخصية، ولا الاختلاف في الرأي، كما ناشد النواب ألا يستخدموا القبلية في غير موضعها الصحيح، فالقبلية إن تعدت صلة الأرحام فإنها تصبح هدامة ومدمرة ويكون لها آثار سلبية خبيثة يمكن أن تعصف بالمجتمع وتمزق النسيج الاجتماعي، وقال نناشد نواب الأمة بكل غال ونفيس في هذا البلد الطاهر التوقف عن دعوة الجماهير للنزول إلى الشارع لأن ذلك يمثل خطورة كبيرة على استقرار الكويت وأمنها.
بدوره أوضح أمين سر الاتحاد المحامي سعد الخنة أن الشعب لديه الوعي الكافي لمعرفة خطورة ما يجري حاليا من أحداث مؤسفة، مشيرا إلى ضرورة التزام وسائل الإعلام بالمهنية الصادقة والبعد عن كل ما يمكن أن يثير الفتن والضغائن، مشيرا إلى أن الفرد ربما يأخذه الانفعال أمام وسائل الاعلام فربما يعبر عن آرائه بأسلوب متهور نتيجة وجود الجمهور والحماس، واستشهد بالمثل القائل «الكلمة بين صدرك أنت سيدها، وإن تفوهت بها صرت أسيرها» فكم من الكلمات صدرت من مسؤولين أفاضل كانت لها آثار سلبية لدى المواطنين، ولاشك أن المتابع لتلك الأحداث تألم كثيرا للفوضى التي باتت تعم البلاد، ومن الخطأ قيام البعض باستغلال تلك الفوضى واستخدام شعارات معينة لتخدم أجندات سياسية معينة، ونناشد جميع المسؤولين وجميع أفراد الشعب أن يجعلوا مصلحة الكويت غايتهم وديدنهم والبوصلة التي توصلهم للمكان الصحيح.وتساءل الخنة كم مرة استغلت تلك الفوضى لفرض أسلوب الإسفاف والتجريح باسم الحرية، وكم مريد لفرض مفاهيمه وتطبيقاته الخاطئة للدستور باسم حماية الدستور، وكم من استخدم الإرهاب الفكري لمعارضيه باسم ممارسة النظام الديموقراطي، كم من قفز على نتائج الأحداث وترك الأسباب والمسببات التي أدت لهذه النتائج وقد يكون هو أحد أسبابها، كم من اختزل صورة من الأحداث وأصبحت مادة إعلامية دسمة يكررها على أنظارنا لتكون له شعارا لتحقيق أجندته السياسية، كم من يريد استغلال فوران الدم لدى الشباب وحميتهم لأغراضه السياسية.
ضرورة حفظ كرامة الناس وعدم امتهانها
وزع الاتحاد بيان صحافي في ختام المؤتمر الصحافي هذا نصه: لما كان اتحاد المحامين مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني وأطياف من المحامين المخلصين لهذا البلد تشاركت همومهم حول هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد، ورأوا من واجبهم الوطني بيان الموقف الحق بشأن هذه الأحداث آملين أن يسمع وتسعه الصدور وتعيه العقول، ولم نكن نجرأ على طرح هذه المبادرة الوطنية لولا الوضع العصيب الذي تمر به حياتنا الاجتماعية قبل السياسية في البلاد، ولعلنا نكتب هذه المناشدة والمبادرة بدماء قلوبنا لا بأحرف أقلامنا إحساسا منا بالمسؤولية، وقد أردناها رسائل مختصرة واضحة المعاني للمسؤولين في البلاد ومن بأيديهم إخماد هذه النار ودرء الفتنة عن المجتمع:ورسائلنا هي:
1 ـ غني عن البيان أننا مع حفظ كرامة الناس وعدم امتهانها والحفاظ على الحريات والمكتسبات الدستورية وفق الأطر الصحيحة وأن معاقبة المخطئ لا تكون إلا وفق القانون، ونؤكد على أننا مع الحفاظ على الدستور روحا قبل الحفاظ على نصوصه.
2 ـ نعتقد جازمين أن الحكومة تشارك في المسؤولية عما حدث وعما قد يحدث في البلاد، إذ إن بيدها مقومات السلطة التنفيذية وعليها مبدئيا في هذه المرحلة على الأقل حسن الالتزام بالقواعد الدستورية والقانونية روحا ونصوصا، والحسم في تطبيق القانون على الجميع، والأخذ بيد الإعلام بكل انواعه بما لديها من سلطة للتوقف عن الاسفاف المتبادل وكف يد العبث به.
3 ـ كما أننا نعتقد أن كثيرا من النواب بمن فيهم من شارك في الحملات الأخيرة غير مبرئين من انتهاك القانون وتقديم المصالح الشخصية على المصلحة العامة، والشعب عموما يعلم حقيقة هذا الأمر ويرى هذه الانتهاكات رأى العين، وإنه من المعيب تشويه الدستور ونظامنا الديموقراطي واستغلال الاحداث خدمة لأجندات سياسية خاصة معلومة لدى الجميع.
4 ـ وللحقيقة والإنصاف يجب الاعتراف بأن أسلوب الخطاب من قبل كثير من النواب خرج عن حدود النقد إلى حد التجريح والإهانة الممقوت.. وإن كنا نعتقد أن حق النقد مهما اشتد مباح، إلا أن التجريح والاستهزاء غير مقبولين في حق أي من كان.
5 ـ اننا ومع استنكارنا الشديد لما حدث حين امتهنت كرامة المواطنين والنواب وردود الأفعال التي تلت ذلك، إلا أنه ومن المؤسف أن ردود الأفعال تلك صاحبتها نزعات قبلية وطائفية قد تكون أخطر بكثير من الفعل ذاته.. وهذه النزعات متى انتشرت في مجتمعنا فقد تصبح خطرا داهما يجب التصدي له وبقوة وحزم من جميع أطياف المجتمع، وهو ما لا نرضاه أن يفرق المجتمع بين اطيافه، فنحن أبناء وطن واحد لا تفرقنا الأنساب ولا المذاهب.
6 ـ يجب أن يشاركنا الاعلاميون جميعا في هذه الاحداث، مع ان الاعلام مسؤولية قبل أن يكون حرية وعليهم تقع مسؤولية الابتعاد عن كل ما يفرق المجتمع ويهدم أساسه الاجتماعي، فوطننا ومجتمعنا أغلى وأهم من وجهات نظرنا السياسية.
مناشدة لجميع الأطراف
ناشد المشاركون في الاجتماع التوقف عن تحريك الشارع ووقف الندوات بشكلها الحالي نهائيا، وذلك لأن خطورة الأمر تكمن في ان مثل هذه الدعوات لا تعي ما يمكن حدوثه لو تحرك الشارع بالصورة الحالية مع ما يحيط بنا من ظروف وأخطار اقليمية، ومع ايماننا بأهمية دور المؤسسات المدنية في المجتمع وأهمية دور الفرد كذلك وضرورة مشاركته في الحياة العامة وحقه في التأثير على جهات القرار، إلا ان هذه الحقوق والأدوار يجب ان تعمل وفق أسس وضوابط، فليس لشخص ما ان يقوم بدور القائد في تحريك الشارع، وان كان فإن خطرا محدقا على كيان المجتمع قد يطل برأسه علينا من خلال هذه الفوضى من حيث لا نشعر وقد نعطي فرصة ذهبية للعابثين بخلق الجو المناسب لهم ببث سمومهم وأفعالهم المشينة والخبيثة في مجتمعنا والتي بدت ظواهرها تطفو على السطح، مما يتوجب علينا جميعا الالتفاف حول الأطر الدستورية والأدوات القانونية وان نرتضي نتائج الديموقراطية مهما كانت ومهما كان الخلل في ادائها.
كما دعا النواب والجهات الإعلامية الى وقف الاسلوب غير اللائق في التجريح ببعضهما البعض وقبول وجهات النظر المخالفة دون أعمال الإرهاب الفكري لإلزام الآخرين بآرائنا.
وناشدوا الحكومة استخدام أدواتها القانونية لكف يد التطاول على فئات المجتمع وأفراده في أي جهة إعلامية حفاظا على كيان مجتمعنا واستقراره.