- مندكار: النظر في العواقب مهم جداً ودرء المفاسد مقدم شرعاً على جلب المصالح
- الهاجري: الظروف العصيبة تتطلب التأني وتجنب الشائعات
محمد راتب
حذر المشاركون في ندوة «موقف المسلم من الفتن» جموع المواطنين من الخوض فيما تتعرض له البلاد خلال الآونة الأخيرة، داعين إلى تجنب هؤلاء الذين يعملون على إثارة الشارع وتحريك الفتن من أجل هدف واحد هو التكسب السياسي والمشاركة في الحكم.
وكانت الندوة عقدت في مسجد العلاء بن عقبة في منطقة الفردوس، بالتعاون مع المراقبة الثقافية بإدارة مساجد محافظة الفروانية التابعة لقطاع المساجد، قد شهدت حضورا مكثفا من قبل المواطنين في محافظة الفروانية، وذلك لإيضاح ما يجب على المسلم فعله مع ما تشهده البلاد من فتن يتم تأجيجها من قبل البعض، وذلك بمشاركة من علماء معروفين وهم الشيخ د. فلاح بن إسماعيل مندكار، الأستاذ في قسم العقيدة والدعوة بكلية الشريعة في جامعة الكويت، والشيخ د. حمد بن محمد الهاجري الأستاذ المساعد في قسم الفقه المقارن والسياسة الشرعية بكلية الشريعة في جامعة الكويت، والشيخ سالم الطويل الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والشيخ منصور الخالدي الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
وفي المحور الأول، تناول الشيخ د. فلاح مندكار مفهوم الفتنة مستشهدا بمجموعة من الأحاديث النبوية التي أخبرت بوقوع الفتن، ومنها ما جاء في الحديث النبوي الشريف الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن تشرف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به».
ولفت د.مندكار إلى أن علاج الفتن هو لزوم الكتاب وسنة النبي صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح، وكذلك طاعة أولي الأمر وهم الأمراء والعلماء، مشيرا إلى أن النظر في العواقب مهم جدا عند حصول الفتن، وذلك للوصول إلى درء المفاسد، وهو مقدم على جلب المصالح حسب ما أجمع عليه علماء أهل السنة والجماعة.
وشدد د.مندكار على أهمية ان يتجنب المسلم مثيري الفتن، وذلك لأن غرضهم وهدفهم من إثارة الفتن إنما هو التكسب السياسي والمشاركة في الحكم والرياسة ونصرة أحزابهم، أيا كانت، مستعرضا الأدلة من القرآن الكريم والسنة والمطهرة والتي تدل على النهي عن الخروج على الحكام وسبهم والتشهير بهم حفظا للأمن والأمان، وقال: إن الموقف الصحيح هو ما كان تبعا للشرع لا للأهواء.
من جهته، حذر الأستاذ المساعد في قسم الفقه المقارن والسياسة الشرعية بكلية الشريعة في جامعة الكويت الشيخ د. حمد الهاجري، من الخوض في الفتن، حيث إنه يصعب على من خاض في الفتن أن يخرج منها، وذلك مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي الشريف: «من تشرف لها تستشرفه»، مشيرا إلى أن بعض الناس يدخل نفسه في الفتن وهو غني عنها، فيوقع نفسه في مواطن الهلاك.
واستشهد د. الهاجري بنصوص كثيرة جاءت عن السلف الصالح، تؤكد على وجوب الابتعاد عن الفتن، لافتا إلى أن أسباب العصمة من الفتن، واضحة ومنها الإقبال على العبادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العبادة في الهرج كهجرة إلي»، وكذلك الرفق والتأني والحلم في تلك الظروف التي تشهد احتقانا، كما حذر من قيام البعض بنقل الشائعات، لأن ذلك يؤجج الفتنة، في حين أن الشورى مطلوبة خاصة في وقت الفتن.
أما الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الشيخ سالم الطويل، فقد أكد على وجوب نقل المنهج السليم في موقف المسلم من الفتن والسمع والطاعة لولاة الأمور في غير معصية، وذلك كي تعم الفائدة، معتبرا أن هذه مسؤولية الجميع، حيث إن النصوص الشرعية جاءت بأهمية السمع والطاعة لولي الأمر، ولا عبرة بما يعارض ذلك من قوانين من وضع البشر.
وبين الشيخ الطويل أنه لابد من تصفية الإسلام من العقائد الفاسدة والبدع التي دخلت عليه، وتربية المجتمع على ذلك، وتهيئته للتعامل مع الفتن بالشكل الصحيح، كي يكونوا متحصنين إذا ألمت بهم الفتن، مشيرا إلى أن من البلايا أخذ الأدلة من الكتاب والسنة، وفهمها على غير مراد الله ورسوله، وقال: إن من العجب ان من يبين مسائل الوقاية من الفتن ومسائل السمع والطاعة يحارب ويخذل، مؤكدا على أهمية الصبر والدعاء وقت الفتن وأنها من أعظم الأسلحة.