عمر حبنجر
أعرفه عن بُعد، لم يحصل لي شرف اللقاء سوى مرات معدودات وعابرات، في زمن طويل، وفي نطاق الصرح الإعلامي الذي بناه منذ 35 عاما، انها «الأنباء» التي يحزنها ان تفتقد مؤسسها وراعيها العم خالد يوسف المرزوق في خضم احتفالها بذكرى تأسيسها المفعمة بمحبة من أحبت، أهل الكويت، شعبا وحكاما.
صيته كرجل خير ملازم لسمعته كرجل أعمال، ومع الغزو الصدامي الغاشم للكويت أضاف «أبووليد» الى هذه الخصال صفة المقاوم.
لقد ظن البعض ان معركة الكويت بعد الغزو الصدامي خاسرة، لكن العم خالد وكغالب النخبة الكويتية ظل على قناعته بأن هذه المعركة ليست خاسرة، ولئن ظنها بعض ضعاف النفوس كذلك، وانطلق في مسار المقاومة الكويتية لتحرير الكويت من منصة الحكومة الكويتية المؤقتة التي شكّلت في المملكة العربية السعودية بقيادة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، وكان هو المدني الوحيد بين أعضائها، وزيادة في توسيع دائرة المواجهة مع الاحتلال فتح جبهة اعلامية اضافية ضد الغزو تمثلت في إصدار «الأنباء» من القاهرة كي تنقل للمواطنين الكويتيين ولكل عربي متابع للتطورات أجواء المستجدات السياسية والعسكرية على أرض الوطن المحتل، حتى لا يختنق الصوت الكويتي، وحماية لمعنويات الكويتيين من المزيد من الوهن.
انها الشجاعة التي تقدم عندما ترى الإقدام عزما، وتحجم عندما ترى الإحجام حزما، وهي ليست في عدم الشعور بالخوف، بل في التغلب عليه.
والحياة وقفة عز، كما يقول احد الفلاسفة، وليس في الموت سوى ألم الفراق.
الإقدام، ميزة سيرة حياة الراحل الكبير، فضلا عن صلابة الارادة وحرية الضمير، الارادة هي القدرة، ومن أراد فعل، والضمير جزء من شخصية الإنسان، وهما الى جانب العقل، يشكلان في تلاقيهما النادر، الثلاثية الخلاقة، بل العبقرية، التي هي ثمرة الجهاد العملي الشاق والتفكير الابداعي البعيد.
لقد ملأ الراحل الكبير على مدى سنوات عمره حياته أعمالا نهضوية حضارية مبدعة في مجالات العقار والعمارة والمصارف والإعلام، وكوّن صداقات على المستويات العليا، كويتيا وعربيا، وديبلوماسيا دوليا.
يقول كومفوشيوس، ان العظيم هو من أحب الخير وسعى وراءه حتى يدركه، وان العظيم ليس من ينتهز الفرص بل من يخلقها.
ويقول حكيم آخر، ان الخالدين ليسوا الزعماء الذين ينجزون أعمالا عظيمة وحسب، بل هم الذين يشقون لمن بعدهم سبل الأعمال العظيمة.
وأبووليد، خالد المرزوق، الذي يمم وجهه شطر الله الحق، ليس الا واحدا من أرومة هؤلاء الرجال.
رحمات الله الواسعة للفقيد الكبير، وجميل الصبر والسلوان للأسرة الكريمة الأمينة على رسالته وسيرته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.