ليلى الشافعي
«بلدة طيبة ورب غفور» تحت هذا الاسم ألقى كل من الداعية نبيل العوضي ود.محمد العوضي محاضرة جماهيرية في مسجد جابر العلي في اطار محاضرات مشروع رياض الجنة بالتعاون مع وزارة الاوقاف الكويتية، جاءت المحاضرة لتمزج الماضي بالحاضر وتستدعي من القصص القرآني ما يدلل على الواقع الشامل، «اجتماعيا، وسياسيا، ونفسيا» الذي يعيشه المسلمون في كثير من البلاد الاسلامية، محاضرة الشيخين ملئت بالدلالات الرمزية والمشاهد التحذيرية المعبرة والتي تحكي قصص اليوم من خلال قصة الامس.
لن يصيبنا الفقر!
بدأ الداعية نبيل العوضي متحدثا عن قصة قرآنية كانت نموذجا للبلدة الطيبة التي تمردت على واقعها المثالي ورفضت خيرات جناتها الوارفة ودعت على نفسها بالمشقة بعد الراحة والبلاء بعد النعيم وهي قصة سبأ قائلا «سبأ هو رجل يعود نسبه الى يعرب بن قحطان انجب الكثير من البنين فذاع صيته ونسبه فسميت البلدة التي يسكنها هو واولاده باسمه والتي جاءت باسمها سورة كاملة في القرآن الكريم وذلك لما تميزت به هذه البلدة من جنات وخيرات (لقد كان لسبأ في مسكنهم اية جنتان عن يمين وشمال) ولم يكن المراد من جزاء هذه النعمة الوارفة سوى شكر الله عليها (كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور) فقد تميزت سبأ بطيب هوائها وتربتها، حتى ان الحشرات لم تستطع ان تسكنها من طيب هوائها فلا تعب ولا نصب ولا كدر، ورغم ذلك قوم سبأ لم يشكروا الله على هذه النعم ولم ينظروا لكدر العيش في البلاد التي حولهم، وكثير من الناس هكذا لا يحمدون الله على النعم التي هم فيها فلا يشكرون حتى ان الجهلاء منهم يقولون لو ان الفقر ركب صاروخا ما اصابني!
حظوظ النفس وحظوظ الحق
ومن جانبه تحدث د.محمد العوضي عن الجانب التحليلي المعاصر للبلدة الطيبة متسائلا «ترى ما شروط وصفات البلدة الطيبة؟» وكيف نحافظ عليها ونحن نعيش واقعا من الارتباك والاضطراب وجهل الرؤية، فلا يمكن ان تكون مسلما حقيقيا دون ان تشارك المسلمين احزانهم وهمومهم وافراحهم، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القائد والمعلم النظر والتدبر فقد نظر صلى الله عليه وسلم وهو في يومه الاخير قبل وفاته الى المسلمين وهم يصلون وكان يؤمهم ابوبكر الصديق فتبسم واشار الى ابي بكر لكي يكمل الصلاة ولنا في نظرته وتبسمه عديد الاشارات التي يقدمها القائد كما اشار الامام النووي الى ان سبب تبسم الرسول هو «اقامة جماعة المسلمين الصلاة» وائتمامهم بإمام واجتماع كلمتهم واتفاق قلوبهم وادخال الامل على الصحابة وتلك هي سمات القائد والبلدة الطيبة هي البلدة المتكاملة قيادة وشعبا ونهجا وسلوك حياة لان تكامل الطيبة في المجتمع يؤنس الناس فيجعلهم يتنازلون عن كثير من حظوظ النفس في سبيل حظ الحق وتقدم الحق.
حرب الفئران
واضاف نبيل العوضي أن قوم سبأ ملوا الراحة والنعيم فقد كان عملهم راحة وسفرهم سياحة فدعوا على انفسهم بأن يكون في سفرهم مشقة (فقالوا ربنا باعد بين اسفارنا وظلموا أنفسهم) فقد ارسل الله لقوم سبأ ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم لهذا سلط الله عليهم «الفئران» فبدأت الفئران تعمل بأمر الله في تدمير سد مأرب العظيم الذي كان سببا في خيرات قوم سبأ حتى دُمر السد فغرقت القرى والزروع وماتت النساء والاطفال وعمهم الهلاك (فاعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأسل وشيء من سدر قليل) فتبدل نعيمهم قحطا وبلاء.