رندى مرعي
أكد المشاركون في ندوة «نحو الوحدة الوطنية... تعالوا إلى كلمة سواء» التي نظمتها رابطة الاجتماعيين في فندق السفير ضرورة سيادة العدالة وتطبيق القانون والتعاون على حماية الوحدة الوطنية التي تميزت بها الكويت منذ زمن بعيد.
وأجمعوا على ضرورة تبني مشروع مجتمعي للخروج من المأزق الذي تمر به البلاد ويجب أن تكون هناك مبادرة من الشعب والسلطات من خلال إنشاء جهاز للوحدة الوطنية.
بداية ألقى رئيس مجلس إدارة رابطة الاجتماعيين عبدالرحمن التوحيد كلمة أكد فيها ان الرابطة تستهدف من خلال عنوان الندوة التركيز على كل ما يجمع أهل الكويت من قيم وأواصر ونبذ ما يفرقهم من هواجس وظنون، واستخلاص العبر مما مر على البلاد من ظروف كانت وليدة لحظتها.
وقال التوحيد ان بادية الكويت هم خط دفاعها الأول وحاضرها هم سورها وان تعددت طوائفها فربنا جميعا واحد، ولا يخفى دور السلطتين التشريعية والتنفيذية في دفع عجلة التقدم والتنمية، وان تجنب تداخلهما أمر مرغوب فيه، كما نوصى بالتعاون والتشاور الموسع لحكماء البلد والحرص على مصلحتها للعمل على جمع شمل المواطنين على الإيمان المطلق بمصلحة الوطن العليا وترسيخ الوعي بقضاياه وترجمة مشاعر الانتماء والولاء له لدى أبنائه للإحساس بالمسؤولية، وإرشادهم لدورهم في دفع عجلة التنمية والدفاع عن امنه، مشيرا إلى تأصيل قيم المجتمع وإيثار وقبول الرأي الآخر وتعزيز دور المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني في التوعية بقضايا الكويت المختلفة.
تلتها كلمة لمدير الندوة الإعلامي يوسف الجاسم تساءل فيها عما إذا كان قد آن الأوان لهذا البلد أن يطمئن بعد كل ما مر عليه من معاناة خلال فترة الاحتلال وبعده، فاليوم وبعد مرور عقدين من الزمن لاتزال الصراعات والصدامات تفتعل والكل يظن أنه يمتلك صكوك الوطنية دون سواه.
وتابع الجاسم أنه منذ 20 عاما وحتى اليوم نجح الكويتيون في إفشاء اللغة المتوحشة، وأحسنوا إضاعة فرص التنمية وقد تصدعت القيم وزادت الخلافات.
مفهوم فضفاض
من جانبه اعتبر الكاتب الصحافي أحمد الديين أن مفهوم الوحدة الوطنية ملتبس وفضفاض على الرغم من أنه يبدو ملموسا، ولكن كي يصبح ملموسا يجب الحفاظ على مفهوم النسيج الوطني الاجتماعي في إطار المواطنة الدستورية المتساوية، وأن نكون مواطنين أحرارا.
ولا يجب أن يقوم هذا المفهوم على المحاصصة المناطقية والفئوية، لذلك يجب أن تكون الهوية «الكويتية» الكبرى هي الأساس.
غير أن هذا المفهوم، وتابع الديين قائلا: قد تعرض في السنوات الأخيرة إلى محاولات تأجيج وتمزيق متعمد بدءا من التعامل الخاطئ مع قضية التأبين وما ترتب عليها بعد ذلك وإثارة قضية المزدوجين ما أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وتغليب الهوية الصغرى على الهوية الكبرى.
وأضاف الديين أن هذا الأمر يعود إلى سببين الأول هو التراجع عن مشروع الدولة الحديثة، والآخر هو أن هناك فئات تحاول استخدام هذا التمزيق لإحكام سيطرتها على المجتمع والتحكم فيه.
وأشار الديين إلى مخاطر التصدع الحاصل الذي سيمزق المجتمع الأمر الذي سيكون على حساب المواطنة ما يؤدي إلى المحاصصة وإلى فرض أوهام حول الحلول الطائفية للمشاكل ما يفتح الباب أمام مخاطر جديدة تهدد السلم الأهلي.
تهديد الوحدة الوطنية
من جانبها قالت المحامية ذكرى الرشيدي انه يجب التصدي لما يحدث في الكويت من تهديد للوحدة الوطنية ما يلزم الحكماء النظر في هذا الموضوع والإتفاق على كيفية مواجهة هذا الخطر الذي يحدق بالنسيج الكويتي.
واعتبرت الرشيدي أن الوحدة الوطنية هي التلاحم والتلاؤم بين الناس وأن العدالة هي أساس الإحساس بالانتماء بين أفراد المجتمع، وأن هذا الشعور بالانتماء لا يتحقق إلا بتحقيق العدالة الاجتماعية.
وأكدت الرشيدي على ضرورة الحرص على القانون والتمسك بالدستور كما يجب إعلاء كلمة القانون ليحكم سلوك الفرد وبذلك يتحقق أساس العدالة وذلك لأن عدم إحساس المواطن بالعدالة قد يشعره بالنقيض ويجعله يريد الانتقام أو حتى الانتصار لنفسه.
وتابعت أن البلاد تواجه أزمة وهي أزمة مؤقتة جاءت نتيجة ممارسات خاطئة ومن أبرز مظاهرها التطرف القبلي والطائفي وتصب في صالح بعض المتنفذين.
غير أن هناك طائفة من المواطنين متمسكة بالوحدة الوطنية ولا تميز بين المواطنين لذلك المشكلة لا تكمن في هذه الطائفة بل تكمن في الغطاء السياسي وهي الطائفة الأكثر بروزا في المجتمع.
أوبئة سياسية
ثم كانت كلمة المؤرخ د.عبدالمحسن المدعج الذي قال ان البلد لن يهدأ من دون وحدة وطنية بل سيصاب بأوبئة سياسية هو في غنى عنها، وقال أن الوحدة الوطنية الآن في ذروة تصدعها لاسيما مع وجود من يريد لهذا المجتمع أن يتمزق كنسيج اجتماعي من أجل مصالح ضيقة جدا يتعارض وجودها مع الوحدة الوطنية.
وتناول المدعج تاريخ التعصب القبلي الذي مر على البلاد منذ زمن مشددا على الإثارات والنعرات الطائفية والمذهبية الحاصلة والتي يجب التصدي لها.
وأكد أن الوحدة الوطنية لن تتحقق إلا بحراك سياسي يقوده المخلصون في البلد من أجل تبيين هذا المخاض الخطير.
من ناحيته أشار د.عبدالمحسن جمال إلى قوة الوحدة الوطنية في الكويت وأنها كلمة السواء التي يجب التمسك بها قائلا: ينطبق على الكويت مقولة «أدخلوها بسلام آمنين» وذلك لأنها نموذج يحتذى من حيث المصادر النفطية وحرية التعبير وتمتع المتقاعدين بأفضل تقاعد في العالم وغيرها من الميزات ولكن للأسف يغيب الحس السياسي عن الكويت وأصبحت الـ 50 دينارا وفرصة النجاح في الانتخابات التالية هي أوسع افق ويتم استخدام الحرية والأدوات الدستورية بطريقة خاطئة. وقال انه يجب النظر إلى الإقليم لندرك ماذا لدينا من وحدة وطنية.
متى يعترفون بأخطائهم
فيما قالت الناشطة السياسية كوثر الجوعان ان الجميع يبحر على سفينة واحدة إما تنجو بمن عليها واما تغرق بهم وأن الهدف واحد هو أن ترسو هذه السفينة بأمان.
وتساءلت الجوعان في كلمتها عن أسباب ضرب بعض أبناء هذا الوطن بخاصرته والطمع بماله قائلة ان الجميع مسؤول ولكن متى يعترفون بأخطائهم؟
وقالت ان الوحدة الوطنية ممارسة وسلوك وكيفية تعايش مع بعضنا البعض ونحتاج إلى استقرار نفسي لم يتحقق إلا بالشفافية للحفاظ على الوحدة الوطنية وعليه فإنه مطلوب من الحكومة دراسة الأسباب لما حدث وتلافيها وتطبيق القانون والالتزام بالدستور، ووقف الحملات الإعلامية والعمل على نشر الثقافة الديموقراطية وتحديث المجتمع ديموقراطيا ووضع برنامج إصلاحي شامل.
كما حددت الجوعان بعض النقاط المطلوبة من القوى الوطنية كعدم استمرار الندوات خارج السقف القانوني، وتوجهت إلى كتلة «إلا الدستور» بضرورة الالتزام بتنفيذ جميع بنود الدستور والالتزام بالعمل الديموقراطي.
البلد في خطر
ثم كانت كلمة المحامي محمد الدلال التي قال فيها ان البلد في خطر كبير حيث انه لا توجد أي مشاريع لمعالجة أي نوع من الأخطار المحيطة بنا سواء من السلطات التنفيذية والتشريعية أو من مؤسسات المجتمع المدني وهذا الغياب هو خطر على دولة المواطنة مما يجعل المواطن الكويتي يخاف من المستقبل فلا توجد أي مشكلة في الجانب الشرعي أو حتى في القيم المشتركة ولكن المشكلة في النفوس وفي عدم تطبيق النصوص والتعامل مع اللوائح والقوانين، قائلا الإشكالية مرتبطة منذ سنوات بالواقع السياسي غير المستقر بسبب الخلافات الموجودة داخل الأسرة الحاكمة مما يؤثر على الأداء الحكومي والوضع السياسي في إدارة الدولة مما يدفع بعض الأطراف والمتنفذين للعب بالنار.
وأضاف الدلال أن القبائل لهم تأثير كبير في العملية الانتخابية وكذلك الشيعة والمجاميع الأخرى فكل هذه الطوائف هي جزء من العملية السياسية وهذا يؤدي إلى ضعف السلطة وانتشار الفئوية والطائفية والقبائلية ما يسبب تراجعا كبيرا في دولة المؤسسات. وقال الدلال ان هناك أشكاليات كبيرة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ومن هذه الإشكاليات ضعف مؤسسات المجتمع المدني فلا توجد أي مؤسسة مجتمعية فعالة، مبينا انه نتيجة لهذا تراجع الكثير من العقلاء الذين لطالما تدخلوا لتهدئة الأمور عند أي أزمة تمر بالبلد، لافتا أن الوضع الإقليمي عامل مؤثر على المجتمع الكويتي ايضا.
انصهار المواطنة
ومن جانبها قالت عميدة كلية الآداب د.ميمونة الصباح ان الوحدة الوطنية تعني انصهار المواطنين جميعا بمختلف طوائفهم وانتماءاهم في قارب واحد يدور مع المصلحة الوطنية حيثما دارت وأينما سارت رافعين جميعا شعار المصلحة الوطنية العامة والحرص على أداء الواجبات قبل المطالبة بالحقوق، داعين إلى جمع الشمل، مؤكدة أن الوحدة الوطنية ليست مجرد شعار يرفع في المناسبات أو يستخدم غطاء لأخطاء بعضنا بحق الوطن والمجتمع، بل هي قناعة راسخة وأحاسيس ومشاعر صادقة بوجوب وحدتنا جميعا بمختلف طوائفنا وانتماءاتنا ولا تفرقنا نوازع العصبية القبلية او الطائفية البغيضة.
وأضافت أن الوحدة الوطنية تلخصت بعبارة قالها المغفور له الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه، «كلنا للكويت والكويت لنا» فكلنا للكويت تعني ما نقدمه متوحدين من ولاء وعطاء وتضحيات لوطننا الحبيب فحين توضع الأولويات موضع الترتيب يأتي الوطن في المقدمة، وحين يأتي الوطن يكون الولاء سيد المشاعر والصدق سيد القول وحين يكون الصدق تأتي الحقائق مجردة حتى من غلالة المجاملة وديبلوماسية الطرح، موضحة أن الوطن الغالي يتعرض لتحديات ومخاطر كبيرة في الداخل والخارج وهذه التحديات وتلك المخاطر تفرض علينا كمواطنين مواليين ومخلصين لوطننا الحبيب وأميرنا ونظام حكمنا أن نقدم أغلى التضحيات في سبيل الحفاظ على الوطن وأمنه واستقراره وتقدمه، وان نقوم بواجبنا الوطني في مجابهة التحديات والتصدي لها بكل إمكاناتنا بتبؤو دورنا الوطني.
سلوى الجسار: نحتاج لمشروع وطني نعمل به على المدى الطويل
خلال مداخلتها في الندوة اكدت عضوة مجلس الامة د.سلوى الجسار ان مسؤولية اختلال الوحدة الوطنية تقع على عاتق الجميع وهي مسؤولية اجتماعية وقالت ان هناك خللا في المواطنة وخطورة في ممارسة هذا المفهوم.
واشارت الى ان المجلس عاش في الآونة الاخيرة جلسات صاخبة جدا لا يوجد فيها العمل النوعي ولا العمل السياسي والحلول مطلوبة الآن خاصة ان بعض النواب بحاجة لأن يوجه إليهم استجواب وطني واجتماعي.
وقالت إننا اليوم بحاجة الى مشروع وطني يطرح من قبل مجلس الوزراء ويعمل به على المدى الطويل.