بقلم: هدى العبود
ما إن سمعت وأنا في عاصمة الأمويين دمشق بأن رحيل قائد قد ألم بالكويت الشقيقة، وان حناجر بكته ورجالا وقفوا مذهولين من وقع الخبر.. وسمو الأمير رغم مرضه كان من الأوائل معزيا. وناقلا جثمانه الطاهر على متن الطيران الأميري، وكبار رجالات الدولة سواء في الكويت أو مصر أو سورية وقفوا صامتين احتراما للمصاب الجلل، أدركت ان ما سمعته عن هذا الرجل الكبير في القدر والقامة والمقام ليس رجلا عاديا انه بحق «فقد قائد».
رجل عرف كيف يمضي بخدمة وطنه في أيامها العصيبة، أثناء غزو العراق لبلاده ليس أمرا سهلا، لقد كان تشريد شعب بأكمله مصيبة عربية وعالمية.. ومع هذا كان الرجل القائد والمدبر والمحنك في عالم السياسة والاقتصاد.. فصدرت صحيفة «الأنباء» الغراء، من قلب قاهرة المعز.. ولم تتوقف، وعلى نفقته الخاصة.. مد يد العون للعائلات الكويتية في كل مكان.. وما ان عادت الكويت بفضل رجالاتها الكبار والعم خالد المرزوق في طليعتهم.. حتى عاد لوطنه، وبدأت مشروعاته الاقتصادية التي سبق ان اطلعنا عليها عبر المسيرة الذاتية، كما قرأنا حب الناس لرجل زرع فحصد حب الناس وتقدير الرؤساء وكبار الشخصيات في محافل صنع القرار السياسي والاقتصادي على مستوى العالم.. وأنا كاتبة هذه السطور.. كم أنا حزينة أيها السيد الكبير الكريم، أنني لم أعرفك شخصيا بل سمعت عنك الكثير.. الكثير، ومن الأوائل الذين تحدثوا عنك أمامي كان قريبي اللواء عدنان بدر الحسن.. قال لي ذات يوم: الصحيفة التي أنت تراسلينها من دمشق.. أسسها رجل كريم ابن كرام.. رجل أحبه الناس وأحبه الفقراء ـ إنه صانع الرجالات.. وقال «والله يا عمي فاتح بيوت مستورة لا تعد ولا تحصى».
وأنا أقول لكم وأنتم في جوار الله سبحانه وتعالى: «العم الفاضل المرحوم خالد المرزوق الحب قطرة غيث صافية تنزل بالتربة الطيبة» فتثمر الرحمة والشفقة والبر والمعروف وبالتربة الخبيثة فتثمر الحقد والغضب والشر والانتقام، وأنتم بمقامكم الكبير، وشهامتكم وطيب قلبكم الطاهر وسريرتكم.
واستحالة تلك الآلام التي كانت تعتلج في نفسكم وفي وجدانكم الطاهر الشريف، ما هي إلا حسنات في ميزان من أنت بجواره اليوم.. وكلنا يعلم ان دعوة المظلوم والفقير والمحتاج إذا ما أغيث فإن الله سبحانه وتعالى سيستجيب له.. وجميعنا خبرناك كريما ابن كرام وسمعنا عنك ما سمعناه أنكم من كبار رجالات الدولة وخير الكبار، تشعر ببؤس البائسين فترثي لحالهم وتتفجع لفجيعتهم وقد تبكيهم بقلب رحيم رؤوف لأنك الأعلم بحالهم وأحوالهم.
والآن أقول لروحك الطاهرة لماذا عزمت الأمر ان تفارقينا وتفارقي وطنا احبك، فجرحنا لم ولن يبرئ لرحيلك، لقد سجلت لنفسك في صفحات قلوبنا نعمة لم ولن ننساها، لك مدى الدهر ومعنا أطفالنا، خيرك علينا وعلى عائلاتنا وكم تمنيت لو أن الله شرفني بلقائك، وأنا أمعن اليوم بصورتك شامخا رغم الشريطة السوداء التي حزمت قلوبنا على رحيلك، كما لا أنسى لك انك وأنت في اشد حالات مرضك وتعبك الجسدي، قد آويت أسرا وواسيتها أياما طوالا.. وتحملت ما لم يتحمله أخ لأخيه ولا حميم لحميمة ولا نديم لنديمه، فلو أنني جمعت لك في مسيرة حياتك ولو ليوم واحد جميع ما كافأت به الناس بعضهم بعضا على الخير والمعروف منذ خلقت في هذه الدنيا حتى اليوم لما جازيتك بعض الجزاء على الخير الذي صنعت، وهذا عنك ما سمعت.
وإنني أتوجه الى الكويت الشقيقة العظيمة وأقول «ان ما يخفف رحيل قائد كبير بمنزلة العم خالد المرزوق» أنه أنجب أسرة مفخرة للكويت ولكل من خبرها، ونظرا للمواقف السديدة لصحيفة «الأنباء» الغراء في دعم السياسة السورية الثابتة المقاومة، فان المعنيين في الحكومة السورية بأسرها تكن كل الاحترام لعائلتكم الكريمة وبادرت مسرعة لتقديم العزاء للأسرة ممثلة في جميع الأبناء.
أخيرا: العم الفاضل.. صدقا رحلت ولم ترحل.. اختارك الله سبحانه وتعالى ان تكون بجواره وأنتم نعم الجار في البيت والدار فكيف في دار الآخرة.. وقد اصطفاك الله سبحانه وتعالى، ولكنه لم ينس محبيك.. فخفف من حزنهم على فقدك بأن أكرمك كما أسلفت بأسرتك الكريمة.. وصدق من قال من خلف ما مات.