يرتبط تاريخ الكويت بالأسوار التي بناها أهلها في حقب مختلفة عبر القرون الاخيرة حول مدينة الكويت لأغراض دفاعية والتي بقيت راسخة في الذاكرة والوجدان وشاهدة حية على تكافل الكويتيين وتعاضدهم. وقال الباحث في التراث صالح المسباح لـ «كونا» امس ان اول سور عرفته الكويت تم بناؤه عام 1760 في عهد الشيخ عبدالله بن صباح بطول 750 مترا ليكون خط الدفاع الاول عنها ضد الغزوات الخارجية اذ تعرضت البلاد في ذلك الوقت لغزو من قبيلة بني كعب في معركة «الرقة». واضاف المسباح ان هذا السور كان يمتد عند الساحل الواقع شمال منحدر (بهيته) مكان قصر السيف وتبدأ حدوده شرقا من الساحل المقابل لوزارة التخطيط حاليا ويشكل قوسا نصف دائري حتى الساحل المقابل للبنك المركزي من جهة الغرب. واوضح انه لم يبق من المباني التي كان يضمها هذا السور داخله سوى أربعة مساجد هي مسجد السوق الكبير ومسجد الخليفة ومسجد العدساني ومسجد الحداد وكان يتخلله خمس بوابات هي الفداغ والمديرس غربا وقبلة وبن بطي والقروية شرقا. وذكر ان السور الثاني تم بناؤه عام 1793 في عهد الحاكم الثاني الشيخ عبدالله بن صباح الأول اثر محاولات قبيلة المنتفق غزو البلاد وتم ذلك بتكاتف أهل الكويت الذين واصلوا ترميمه واصلاح ما تهدم منه وكان له سبع بوابات قبل ان تتم اضافة بوابة ثامنة له فيما بعد وكان يصل طوله الى 2300 متر ويضم مساحة تقدر بـ 274 كيلومترا مربعا. وعن اسماء البوابات او «الدروازات» قال المسباح «هناك دروازة ابن بطي نسبة الى مسجد ابن بطي المجاور لها ودروازة القروية حيث كان اكثر من يدخلها من القروية ودروازة عبدالرزاق نسبة الى مسجد العبد الرزاق المجاور لها ودروازة الشيخ دهيمان الصنقر نسبة الى رجل دين اسمه الشيخ دهيمان وكان احد حراسها ايضا بينما تعود تسمية الصنقر الى موقع الدروازة في فريج الصنقر. واضاف الباحث المسباح ان دروازة السبعان سميت بذلك نسبة الى موقعها في فريج السبعان ودروازة المديرس لوجودها في فريج المديرس ودروازة الفداغ (سعود) نسبة الى سليمان الفداغ الذي كان أحد حراسها بينما تعود تسمية «سعود» الى موقعها في فريج الشيخ سعود جابر الصباح. وقال انه كانت هناك ايضا دروازة البدر لوقوعها في فريج البدر على ساحل البحر وترتبط هذه الدروازة بالسور الثاني عبر سور يمتد بين دروازتي السبعان والمديرس. وبين ان السور بقي اكثر من سبعين عاما حتى عام 1874 وهي آخر سنة ذكرتها المصادر وتفيد بأنه كان موجودا قبل تهدمه لأسباب مختلفة بينها عوامل التعرية مع مضي السنوات من جهة والزيادة في اعداد السكان وتوسع المدينة من جهة اخرى. وذكر ان السور الثالث تم بناؤه في عهد الشيخ سالم المبارك الصباح عام 1920 ويبدأ من منطقة الوطية أقصى الناحية الغربية حيث كان يوجد المقصب (المسلخ) الملاصق للسور ويسير بشكله المتقوس من عند الكنيسة الكاثوليكية فالشامية ثم المجاص وبنيد القار فدسمان ثم رأس عجوزة حيث ينتهي هناك في الناحية الشرقية من المدينة عند ما يسمى برأس عجوزة وهي المنطقة التي تضم الابراج حاليا وكذلك قصر دسمان ومنطقة الحزام الاخضر ايضا. وارجع اسباب بناء السور من اجل حماية المدينة من أي هجوم لاسيما بعد معركة (حمض) مبينا ان اهل الكويت بنوه خلال شهرين مستخدمين الطين واللبن والجص بينما صممت ابواب الدروازات من الخشب وبلغ ارتفاعه نحو اربعة امتار تقريبا بسماكة متر ونصف المتر من الاسفل وتقل سماكته مع الارتفاع بطول بلغ 6400 متر وقدرت مساحة مدينة الكويت آنذاك بـ 750 هكتارا تقريبا اي ما يعادل 7500 كيلومتر مربع.
5 بوابات كبيرة للسور و 26 غولة صغيرة
قال المسباح في بحثه ان السور كان له اربع بوابات قبل اضافة بوابة خامسة هي دروازة المقصب و5 «اغول» كبيرة اي ابراج الدفاع والمراقبة اضافة الى 26 غولة صغيرة بمسافة بينية تتراوح بين 100 و120 مترا بين برج وآخر وكانت جميع البوابات محمية بأبراج كبيرة ماجعل الكويت تبدو من الخارج وخصوصا من ناحية البر وكأنها قلعة كبيرة. وبين ان البوابة الأولى هي بوابة المقصب قرب الكنيسة الكاثوليكية وايضا ساحة العلم وهي أحدث بوابات السور وأصغرها وبنيت متأخرة نسبيا في عهد الشيخ احمد الجابر وذلك اثر نقل «المقصب» الى الوطية تسهيلا لعملية دخول وخروج الأغنام. وذكر ان البوابة الثانية (الجهرة) سميت بهذا الاسم لوقوعها على الطريق المؤدية الى مدينة الجهرة (الجهراء) غربي الكويت وتعد ممرا للمنطقة الشمالية ايضا كما استخدمت هذه البوابة مركزا جمركيا للبضائع المستوردة أوالمصدرة عن طريق البر من الجنوب العراقي خصوصا منطقة الزبير وتقع حاليا في بداية شارع فهد السالم قرب فندق شيراتون.
وقال المسباح ان البوابة الثالثة اطلق عليها اسم «نايف» نظرا الى قربها من قصر نايف الذي كان يقوم في ذلك الوقت بدور وزارتي الداخلية والدفاع حاليا وسميت هذه البوابة أيضا بدروازة الشامية لوقوعها قرب منطقة الشامية المشهورة بآبار المياه العذبة فضلا عن انها المنفذ الى منطقة بر الجنوب وهي كذلك الجمرك البري والمنفذ الى الطريق الرئيسية المؤدية الى مدينة الرياض السعودية وتقع حاليا قرب وزارة الاعلام ومجمع الوزارات. واوضح ان البوابة الرابعة المسماة «الشعب» تؤدي الى طريق القرى الساحلية الجنوبية كالرأس والدمنة التي تحول اسمها الى السالمية عام 1952 وتقع حاليا قرب مجمع الأوقاف. وعن البوابة الخامسة اوضح المسباح انها دروازة بنيد القار (دسمان) وتعود تسميتها الى وجود رواسب من مادة القار على الساحل المحاذي لهذه الدروازة بينما تعود تسمية «دسمان» نسبة الى موقعها قرب القصر.
وذكر المسباح ان مهمة حراسة البوابات كانت تناط بالحراس الذين كانوا يفتحون ابوابها يوميا بعد صلاة الفجر حتى بعد صلاة المغرب ليتم اغلاقها وللحراس غرفة نوم واخرى للسلاح وفي أوائل خمسينيات القرن الماضي استبدل الشيخ عبدالله المبارك الصباح الحراس الموجودين بحراس مدربين من الجيش. واشار الى ان هدم السور الثالث تم في عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح الحاكم الـ 11 للبلاد وصدر قرار من مجلس الوزراء بذلك في الرابع من فبراير عام 1957 بينما تم الابقاء على بواباته الخمس واستبداله بما يعرف حاليا بحدائق السور.