- الرئيس جمال عبدالناصر افتتح بيت الكويت في القاهرة عام 1958
- عيسى بن علوي كان أول طالب كويتي وصل إلى مصر
- مصر كانت المصدر الرئيسي للكتب لتغذية الحراك الثقافي بالكويت
- الكويت شاركت مصر في نضالها ضد إسرائيل ببسالة وشجاعة
جسدت محاضرة «العلاقات الكويتية ـ المصرية الثقافية» عمق هذه العلاقات الممتدة إلى أكثر من قرنين من الزمان، وعرض المحاضر د.عبدالله محارب بعض الوثائق والمستندات التي تنشر للمرة الأولى وتجسد متانة هذه العلاقات وانطلاقتها المبكرة على صعيد الجوانب الثقافية والسياسية والاقتصادية بين الكويت ومصر.
قبيل المحاضرة التي أدارها السفير المصري لدى الكويت طاهر فرحات وحضرها الأمين العام للمجلس الوطني بدر الرفاعي والأمين المساعد عبدالهادي العجمي وعدد من قيادات المجلس وضيوف المهرجان وأعضاء السفارة المصرية في الكويت، بدأ د.محارب الحديث عن تاريخ العلاقات بين البلدين، متحدثا عن البدايات الأولى للتبادل الثقافي المصري ـ الكويتي، فقال: الحديث عن العلاقات بين الكويت ومصر يحتاج إلى النظر في أفق واسع جدا من الحراك الإنساني بين شعبين أصلهما واحد وإن تفرقا في الأصقاع.
وقد تبادل الشعبان المشاعر والمنافع منذ أكثر من قرنين من الزمان في العصر الحديث، والوثائق والدراسات قبل ذلك التاريخ تكاد تكون منعدمة، وإن كانت بعض الحوادث والأخبار تدل على أن العلاقة الأولى بين الشعبين كانت تجارية، وقد يكون ذلك راجعا إلى حداثة تكون الدولة في الكويت في القرن السابع عشر، وفي القرن الثامن عشر ذكر أن الكويت كانت تنطلق منها القوافل كبيرة العدد إلى حلب (القافلة من 5 آلاف جمل بحراسة ألف رجل) وذلك لأن الكويت كانت في تلك الفترة مركزا تجاريا مهما في المنطقة، وهناك قوافل أخرى كانت تذهب إلى الشام والعراق ومصر.
وتابع محارب: في القرن الـ 19 كان عدد من أبناء الكويت يتطلعون إلى مصر وأزهرها الشريف متمنين الوصول إليها والالتحاق بهذه القلعة العلمية، وقد ذكر مقال في مجلة البعثة الكويتية اسم أول طالب كويتي وصل إلى مصر وهو الشيخ عيسى بن علوي، وليست له ترجمة معروفة، وقد رحل إلى مصر ودرس الطب واستوطنها ومات فيها سنة 1863.
الرواد إلى مصر
ومن الرواد أيضا الشيخ أحمد بن محمد الفارسي، الذي أعانه أحد رجال الكويت فأكمل دراسته فيها، وعاد إلى الكويت وهو يحمل علما غزيرا، وكان في مصر في الفترة من 1864 وغادرها سنة 1872.
ومن أشهر الرواد الشيخ مساعد العازمي، الذي كان يقول: «إن الدراسة في مصر كانت حلما من أحلام حياتي» وقد اضطر إلى السفر إلى سيلان والغوص في قيعانها ليجمع نفقات سفره إلى مصر، وعندما وصل إليها واهتدى إلى الأزهر الشريف قابله مشايخه بالترحاب، ورتبوا له أمر دراسته مع عدد كبير من الدارسين، وخصصوا له راتبا «جنيها واحدا في الأسبوع» مع تكفلهم بالأكل والملبس وجميع احتياجاته، وتدرب فيها على مهنة «التطعيم» وعاد إلى الكويت سنة 1882، ونفع الشيخ الناس في مجالين مهمين: مجال العلم ونشره، ومجال العناية الصحية عن طريق التطعيم.
ومن الرواد الذين درسوا في الأزهر الشريف ماجد بن سلطان بن فهد، والشيخ أحمد بن خالد العدساني، وراشد ناصر بورسلي.
وارتفع عدد هؤلاء الرواد في القرن العشرين وفيه استقبلت الكويت مجموعة من العلماء المصريين وغيرهم، كان في مقدمتهم الشيخ محمد رشيد رضا سنة 1913، وكان لزيارته الأثر العظيم على الكويت وأهلها وبدأ اهتمام أهل الكويت بالصحافة والمجلات المصرية.
البعثة الأولى
كانت أولى البعثات الطلابية إلى مصر سنة 1939 وقد ضمت عبدالعزيز حسين، أحمد مشاري العدواني، يوسف مشاري الحسن البدر، ويوسف عبداللطيف العمر.
ووصلت البعثة بعد رحلة مضنية إلى القاهرة استمرت 22 يوما، وكانت إطلالة مهمة هائلة على عالم آخر، عالم المدن الكبيرة والصخب، والطرق المزفتة، والعمارات الضخمة الأنيقة والخضرة الكثيفة والنيل العظيم، وكان اسم الأزهر يبعث فيهم مشاعر متفاوتة من العظمة والرهبة، واتصل هؤلاء الشباب بجو القاهرة الثقافي في مقر طه حسين وأحمد أمين وأحمد حسن الزيات، وتابعوا الحركة السياسية وقضايا المجتمع المصري.
وعندما كثر الإيفاد إلى مصر رأى مجلس المعارف أن يجهز للطلاب سكنا جماعيا يضمن حسن توجيههم ورعايتهم لاسيما أن معظمهم يسافرون للمرة الأولى، وتم اختيار منزل جميل في حي الزمالك (25 ش إسماعيل باشا محمد) وقد افتتحه بصورة رسمية أحمد أمين بك صاحب مجلة الثقافة الأسبوعية نائبا عن وزير المعارف المصري.
بيت الكويت
وبعد نمو العلاقات بين الكويت ومصر على المستوى الثقافي، اقترح عبدالعزيز حسين إنشاء «مكتب الكويت بمصر» الذي هو نواة سفارة الكويت في مصر بعد ذلك، وذلك في تقرير له أرسله إلى الكويت، وطالب فيه بأن تستمد المناهج الكويتية أصولها من المناهج المصرية، كما شجع فيه على الاستعانة بالمدرسين المصريين لمواجهة نقص المدرسين الكويتيين في المواد الدراسية المختلفة.
ثم انتقل بيت الكويت إلى مقر آخر (7 ش قاسم بالدقي)، وفي العام 1958 تم شراء أرض في الدقي بني عليها بيت الكويت (كان سعر الشراء 8 جنيهات للمتر).
وقد افتتح بيت الكويت الرئيس جمال عبدالناصر بنفسه ومعه زكريا محيي الدين وحسين الشافعي، وعبداللطيف البغدادي، وحسن إبراهيم، وأنور السادات، وعبدالحكيم عامر، وكان على رأس المستقبلين رئيس المعارف آنذاك الشيخ عبدالله الجابر، رحمه الله، ومعه الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، وعبدالعزيز حسين، وهو أمر لم يحدث لأية بعثة ديبلوماسية أو طلابية من قبل وكان عدد الحاضرين قد فاق 1500 مدعو.
وقد تقلد منصب مدير المعارف في الكويت عدد من المصريين منهم علي هيكل، وطه السويفي وأرسلت مصر عددا من الكتب المدرسية.
وأنشئ المعهد الديني سنة 1947، وتم تزويده بعدد من علماء الأزهر الشريف وحظي بإقبال شديد، وشمل الأزهر هذا المعهد بالرعاية الكاملة فأمده بالمشايخ والمناهج الدراسية والمدرسين، واعترف بشهادته، وكانت الأسئلة تأتي من الأزهر، وكان رئيس المعهد هو رئيس البعثة الأزهرية.
وكانت مصر هي المصدر الرئيسي للكتب والقرطاس لتغذية ذلك الحراك الثقافي والعلمي الضخم في تلك الأيام، وكانت مصر ترسل الكتب إلى الكويت من دون مقابل، وبعد زيادة ميزانية الكويت سنة 1947 قامت إدارة المعارف بشراء الكتب الدراسية من مصر بالإضافة إلى أمهات كتب الأدب وعلوم العربية والدين لتكون نواة للمكتبات المدرسية، وزودت بيت الكويت بنسخة من كل كتاب يرسل إلى الكويت فتكونت مكتبة القسم الثقافي الحالية،، كما ساهمت البعثة المصرية بالكويت في إنشاء المختبر المدرسي في مدرسة المباركية واستوردت له كل أدواته من مصر. واستقدمت الكويت الفنان زكي طليمات لكي يضع الأسس للنشاط المسرحي في الكويت وكان ذلك سنة 1958.
الكويت والعدوان الثلاثي على مصر
وقد اهتزت الكويت كلها لما أصاب مصر من عدوان ثلاثي سنة 1956، وشعر الكويتيون بأن هذا الاعتداء إنما هو اعتداء على بلادهم، فهبوا جميعا لمد يد العون والمساعدة، وصدرت جريدة «الكويت اليوم» بحجم صغير وفي صدر صفحاتها بيان تؤكد فيه مشاركة المواطنين في الكويت «عواطف الأخوة والوفاء لمصر، وهي تناضل عن كرامة العرب ببسالة هي مضرب المثل وشجاعة لم تعرف إلا عن الأحرار المجاهدين والأبطال الخالدين».
حرب أكتوبر 1973
بدأت جماهير الشعب الكويتي تتابع أخبار الإذاعة والتلفزيون عندما بدأت المعارك، وأعلنت الكويت تأييدها الكامل لمصر في حربها ضد العدوان الإسرائيلي، ومازال جيشها مرابطا في جبهة القتال المصرية يشارك إخوانه من الجيش المصري بلاءهم وصمودهم.
وبادرت اللجنة الى جمع التبرعات وبلغت جملة التبرعات التي جمعتها هذه اللجنة نحو 35 مليون دولار مع سيارات إسعاف وقطع غيار للسيارات، كما أيدت الكويت قرار وزراء النفط العرب قطع النفط عن الدول المؤيدة لإسرائيل كالولايات المتحدة وهولندا وتخفيض ضخ البترول إلى بقية الدول، كما تبرعت الكويت رسميا بمبلغ مائة مليون دينار كويتي مساهمة منها في دعم المجهود الحربي، وكان وزراء النفط العرب قد اجتمعوا في الكويت بناء على طلبها وأصدروا قرارهم التاريخي بوقف ضخ النفط مما جعل الأمين العام لجامعة الدول العربية محمود رياض يثني على الكويت لموقفها هذا، وتم تأجيل الديون المستحقة على مصر والبالغة 25 مليون دينار لدورها البطولي من أجل تحرير الأراضي العربية، والتزم الشعب الكويتي بدفع مرتب شهر كامل إلى جميع العاملين في الدولة تبرعا للمجهود الحربي في مصر. وامتزج الدم المصري والكويتي على ثرى مصر عندما تم قصف أحد الخنادق الخاصة بإحدى الوحدات المصرية وكان يشاركهم فيه بعض الضباط الكويتيين واستشهدوا فيه.