- ما يتمتع به الكويتيون والمقيمون من حقوق ديموقراطية يعد نموذجاً يحتذى من قبل العالم أجمع
- يجب الاستثمار في القطاعات غير النفطية لتأمين مستقبل الأجيال القادمة.. فالثروة النفطية غير دائمة
رندى مرعي
«لو علمت أن الغزو العراقي على الكويت ألحق بها كل هذا الضرر والدمار لما اكتفيت بالتظاهر لأجلها ولأجل شعبها..»، بهذه الكلمات عبر رئيس مجلس الحقوق المدنية للإنسان في نيجيريا د.شيهو ساني عن محبته للكويت خاصة بعد زيارته لها والتجول في أرجائها وفي معالمها والتعرف على حضارتها ومعاناتها. زيارة ساني للكويت هي الأولى بعد 20 عاما من الوفاء والولاء لها وتأتي بدعوة من سفارة نيجيريا بمناسبة الاحتفال بالعيد الخامس لتولي صاحب السمو الأمير مقاليد الحكم والعيد الـ 50 للاستقلال والذكرى الـ 20 للتحرير، وقد بدأت علاقة ساني بالكويت منذ العام الـ 1990 عندما بدأ الغزو العراقي يجتاحها ويسلب استقرارها وأمنها، وفي حديث لـ «الأنباء» عن علاقته بالكويت، تابع ساني أنه خلال فترة الغزو كانت السفارة العراقية في نيجيريا تحاول استقطاب الشباب وتحرضهم ضد الكويت إلا أن الحس الوطني وحس الولاء الذي يتمتع به ساني، وقد كان رئيسا لمنظمة الطلبة في أفريقيا، جعله يتحرك باتجاه الوقوف إلى جانب الكويت ضد الظلم والطغيان اللذين كانت تتعرض لهما، لذلك نظم في الثامن من أغسطس 1990 تظاهرة طلابية احتجاجا على اقتحام حرية الكويت وإلحاق العنف بها من قبل ديكتاتوري لا يرحم.
وعن سبب ولائه للكويت قال ساني انه عام 1960 عندما نالت نيجيريا استقلالها زارها أمير الكويت حينها الشيخ عبدالله السالم وأحدث نقلة نوعية في كادونا حيث بنى مدرسة «سلطان بلو» الابتدائية وجامعة الصباح، كما بنى مسجدا باسم السلطان بلو، لذلك وتقديرا لما قدمته الكويت لنيجيريا كان لابد من استنكار العدوان العراقي عليها لذلك كانت أفضل طريقة للتعبير عن هذا الرفض من خلال التظاهر والرفض لما كان يحدث حينذاك.
فمن يحرص على نشر العلم والثقافة لدى الشباب والأطفال من حقه على الآخرين أن يقفوا بجانبه عرفانا لهذا الجميل لذلك كانت التظاهرات الاحتجاجية تدفع الحكومة نحو ضرورة نشر الوعي حول أهمية التظاهر لهذه القضية.
ويعتبر ساني أنه جزء من الكويت لأنها كانت ولاتزال سببا في تعليم عدد كبير من أبناء كادونا المدينة التي وبمحض المصادفة ينتمي لها، لذلك يدرك ويعي أهمية ما قامت به الكويت لأبنائها، لذلك فإنه يعتبر أن المطالبة بحرية الكويت مطالبة بحرية العالم أجمع خاصة أنها كانت محتلة من قبل نظام ديكتاتوري.
الذكرى للذاكرة
وبعد زيارته لها قال ساني انه كان شديد التأثر بالتطور الاقتصادي الحاصل والحركة العمرانية السائدة والتي تحرص الحكومة من خلالها على إعادة بناء هذه الدولة وتحويلها إلى مركز مالي وترتقي بالمواصفات العالمية للتقدم والازدهار، ولكن يجب ألا تغض الحكومة النظر عن ترك بعض المباني المهدمة التي خلفها العدوان العراقي على حالها وذلك كي تبقى الذكرى في الذاكرة وكي تتعرف الأجيال القادمة على ما تعرضت له الكويت وتدرك أهمية التطور الذي تعيشه دولتهم وأن هذا التطور لم يأت بمحض المصادفة بل أتى من إصرار وعزيمة ومعاناة وجهد وتحقيق رؤى ليتعلموا من خلالها أهمية الحفاظ على ما هم فيه والعمل على حماية حضارتهم وثقافتهم وتاريخهم. وعلى الرغم من أن المحاربة للعدالة والحرية هي من أولوياته سجن ساني منذ العام الـ 1994 إلى العام 1999 وتم الإفراج عنه بعد سقوط الحكم العسكري آنذاك وعادت الديموقراطية لتنتشر في المدينة. وفي إطار الحرية والعدالة لطالما استنكر ساني العدوان الإسرائيلي على فلسطين وخاصة أحداث غزة الأخيرة الأمر الذي دفع به للتظاهر أيضا لأجل حرية الأبرياء.
ديموقراطية الكويت
وعن واقع التظاهرات التي يشهدها العالم العربي اليوم يرى ساني انها بدأت تأخذ هذا الحجم الكبير وأتت مشحونة بهذا الشكل نتيجة اختناقها من الأنظمة الديكتاتورية الخاضعة لها الأمر الذي له تأثيره المباشر على الاقتصاد والعدالة والقضاء، مشيرا إلى أن نجاح التظاهرة يجب أن يقوم على مبدأ التحضير مع الجهات المعنية بالجوانب السالف ذكرها. وفي هذا الإطار أشاد ساني بحجم الديموقراطية التي تسيطر من خلالها الكويت على بعض العوائق الاجتماعية، وأشار إلى الحرية التي يتمتع بها الكويتيون والمقيمون على أرضها نساء ورجالا من ممارسة حقوقهم الديموقراطية، مؤكدا أن هذا تحتاجه الإنسانية وقال ان الكويت يجب أن تكون نموذجا يحتذى من قبل العالم أجمع. من جانب آخر، توجه ساني إلى الكويتيين بضرورة احترام هذه الديموقراطية وأن يتعاونوا من أجل وطنهم لاسيما أن الصورة المطبوعة عن الكويت في العالم انها دولة غنية جدا وذلك نتيجة كرمها الذي يطال كل أنحاء العالم في سبيل محاربة الفقر.
الاستفادة من دروس الغير
من جانب آخر، توجه ساني إلى الحكومة الكويتية بضرورة الاستفادة من العائدات النفطية واستثمارها في قطاعات غير نفطية من أجل تأمين مستقبل أفضل للأجيال القادمة وذلك لأن الثروة النفطية غير دائمة وعدم الوقوع فيما وقعت فيه نيجيريا، فالأخيرة كانت دولة نفطية بامتياز وفي الماضي كان عدد السكان نحو 60 مليون نسمة وكانت الحكومات حينها توزع العوائد النفطية عليها وعلى العشب إلا أن عدد السكان اليوم وصل إلى نحو 150 مليون نسمة وتعتبر من أكثر المناطق التي فيها كثافة سكانية في أفريقيا بالتالي فإن العائدات النفطية لم تعد تتلاءم مع حجم النمو السكاني ويعاني السكان اليوم من هذا الهدر ويواجهون أخطاء الحكومات السابقة بالفقر.
معايدة
يتقدم ساني بالتهاني لأمير الكويت وشعبها بالمناسبات الوطنية التي تحتفل بها الكويت هذا الشهر قائلا ان الطريقة الفضلى للاحتفال بالحرية والاستقلال هي بعدم نسيان الماضي والدروس التي خلفها هذا الماضي. والمضي قدما بالتمسك بهذا التنوع الذي يعطون من خلاله نموذجا يحتذى للعالم أجمع.
د.شيهو ساني في سطور
*يترأس ساني مجلس الحقوق المدنية للانسان وهو عضو في اكثر من منظمة لحقوق الانسان.
*ناشط في المجال الانساني وله مشاركات عديدة في التظاهرات الانسانية من اجل الحرية والعدالة ومحاربة الارهاب ونبذ العنف.
*كاتب صحافي وله العديد من المؤلفات في مجال الحرية والعدالة والدفاع عن حقوق الانسان.
*قاد تظاهرات عديدة تنادي بالحريات ضد الظلم والعنف ابرزها تظاهرة 8 اغسطس 1990 للوقوف الى جانب الكويت بوجه العدوان العراقي.