-
من الذي اختار توقيت المظاهرات وشغلنا عن اقتطاع السودان وتقسيمه على أساس طائفي أميركي ـ أوروبي؟
ضاري المطيري
أدلى الأستاذ في كلية الشريعة د.حمد العثمان بتصريح خاص لـ «الأنباء» عن الأحداث الجارية في مصر قال فيه: إن ما يصيب مصر في الحقيقة يدمي القلوب ويجعل كل مسلم محب لمصر يتوجس خيفة على عقيدة وأمن وسيادة واستقرار واقتصاد مصر، فإن الاستمرار في المظاهرات وما استتبعه من فوضى قد أوهن مصر وجعلها تسير في طريق مجهول لا يعلم عاقبته إلا الله، وقد يفضي ذلك إلى مضرة مصر أمنها واستقرارها واقتصادها وعقيدتها على وجه يؤول بشر أعظم من الشر الذي تعيشه.
فهذه تعليقات تفرضها أخوة الإسلام وواجب المحافظة على ديار الإسلام أقدمها لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
سؤال شرعي للمتظاهرين
كل من هو خارج مصر يشفق عليها لأن المساس بأمنها وسيادتها ووحدة أراضيها ودماء أبنائها وثرواتها مساس بمقدرات العرب والمسلمين.
فمصر قوة كامنة لو تم توظيفها على أمثل وجه لكان لها ريادة العالم بقوة عقيدتها وإيمانها بربها.
وبلد بهذا الوزن في العالمين العربي والإسلامي والمجتمع الدولي يوجب على أفراده تحمل المسؤولية تجاه الأمتين العربية والإسلامية لا توهم بأنه شأن داخلي لا يضير الأمتين العربية والإسلامية ولا ينزلق بها إلى مهاوي التصادم الداخلي بين أفراد البلد الواحد.
والغفلة عن هذه المسؤولية وعدم استحضار أولويات المسؤوليات يوقع مصر والأمتين العربية والإسلامية في مضارة أوطانها من حيث لا تشعر، وهنا سؤال يفرض نفسه، من اختار توقيت هذه المظاهرات؟ فقد صرفتم تركيز العالمين العربي والإسلامي عن تقسيم السودان واقتطاع أهم أراضيه بضغوط أوربية وأميركية على أساس طائفي إلى شأن مصر الداخلي، فأين انتفاضتكم ضد اجتزاء السودان وتقسيمه؟
وما يدريكم ربما الغرب وأميركا سيصطنع لكم السيناريوهات المفتعلة لتقسيم بلدكم في المستقبل على نحو ما فعلوا بالسودان؟ فاركنوا إلى الهدوء والحكمة ولوموا أنفسكم في اختياركم توقيت هذه المظاهرات، فإنه لو كان هذا التوقيت عن عمد فلا أظنه يصدر من مسلم يحب ديار الإسلام، إلا أن يكون من علماني عميل ممسوخ الهوية والعقيدة، أو غافل يسوق بلده إلى مصير مجهول لا يعلم عاقبته إلا الله.
وأقول للمتظاهرين انظروا إلى فرح إيران وحزب الشيطان البدعي بزلزالكم، وما ذاك إلا لأنه ينهك مصر ويضعفها ويكون سببا في توطئة الهيمنة الإيرانية بأذرعها العربية كحزب الشيطان والحوثيين فهل أنتم منتبهون؟
إيران تفرح لمظاهراتكم لأن مصر قاتلت برجالها ضد إيران أيام الحرب العراقية الإيرانية ومنعت وصول الثورة الإيرانية إلى الخليج، عودوا إلى بيوتكم، والزموا الحكمة واحفظوا بلدكم من فوضى مهلكة.
مصر تحت المجهر والضغط الأميركي
الكل يشاهد ما يجري لمصر بسبب مظاهرات أبنائها، ولكن وازنوا بين الشرور، فإن التمييز بين الخير والشر يعرفه كل أحد، أما التمييز بين مراتب الشر واحتمال أدنى المفسدتين لدفع أعلاها فهذا لا يعرفه إلا خاصة العلماء كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فمصر الآن ليست كما نريد من كمال السيادة والإصلاح وحسن الإدارة، لكن تأملوا فإن مظاهراتكم قد تؤول إلى انتقاص أكثر لسيادتكم واستقلال قراراتكم فاحذروا من علمانيي وغربيي الهوى والمنشأ الذين من شعاراتهم «الحرية» بمفهومها «الكفري الغربي»، وهو إباحة كل ما حرمه الله، المهم عندهم «المال»، فالرأسماليون الإباحيون هم قوم شعيب الذين أهلكهم الله.
هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية تطالب بانتقال سلس كما زعمت للسلطة، فاقطعوا الطريق على التدخل الأميركي في الشأن الداخلي المصري، وذلك بالعودة للهدوء والابتعاد عن أجواء الفوضى والمظاهرات التي جلبت لكم هذا التدخل الأميركي الذي فيه انتقاص لسيادتكم وهو فوق كل شر كنتم تحتملونه.
من منا ينسى تاريخ مصر وريادتها الإسلامية بدءا من دخولها في الإسلام في عهد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إلى انتصارات المسلمين على التتار باستنهاض شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لولاة أمور المسلمين لدحر التتار، إلى جهاد صلاح الدين الأيوبي ضد الصليبيين، إلى غيره من المجد العظيم للتاريخ المصري المحفوظ في ذاكرة كل مسلم.
فأعيدوا إلى مصر مجدها العربي الإسلامي ولا تمسخوا هويتها الإسلامية إلى علمانية أميركية أوربية، قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام مهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله».
خذوا من حضارة الغرب صناعتها وعلومها الطبية والهندسية وما هو نافع من تكنولوجيتها وإياكم والتحول إلى مسخ العلمانية، وإياكم وفصل الدين عن الدولة ونحن نثق في شعب مصر فهو شعب حبه وانتماؤه للإسلام شديد، ولن يبيع مجد وتاريخ ودين وعقيدة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إلى علمانية غربية ممسوخة قوامها محاربة الإسلام وفصل الدين عن الدولة.
معادن النبلاء
الفتن تظهر حقيقة معدن النبلاء، فتحية فخر وإعزاز وإجلال لشباب اللجان الشعبية الذين قاموا بحفظ بلدهم في غياب رجال الأمن، وقد برهنوا على أصالتهم وحبهم لوطنهم، فهؤلاء عليهم المعول وهم الأمل في الأخذ بيد مصر للأصلح بالحكمة ونرجو أن يحافظوا على جهودهم المخلصة وألا يستدرجهم أحد ويزج بهم في أتون الفوضى، أما البلطجية الذين استغلوا الظروف فهم ضعاف نفوس وهم وبال على مصر، وشعب مصر كله يرفضهم، والله لا يصلح عمل المفسدين.
مساءلة الشعوب هينة ولا يغفل أحد عن المساءلة الإلهية فإن عاقبتها أبدية، اتقوا الله جميعا حكاما ومحكومين، وتوبوا إلى الله وفروا إليه، أقيموا شرع الله أيها الحكام، وأنتم أيها الشعوب أقيموا الإسلام في خاصتكم يقول السلف «أعمالكم عمالكم»، «وكما تكونوا يول عليكم».
اصطلحوا مع الله
اصطلحوا مع الله فحسني مبارك ليس الوحيد الذي يحتاج إلى إصلاح، فبعض الشعب فيه من النقص ما فيه، وسنة الله معلومة، فليس من المقبول أن تنكروا فقط الفساد المالي والإداري، وتغفلوا عن فساد المجاهرة بالمعاصي كالكازينوهات ودور الشر، فإن غضب الله من المجاهرة بالمعاصي شديد، وأعظم من ذلك غضبا فساد العقيدة، والميل عن الإسلام إلى العلمانية، ومع الأسف لم أر في شعارات المتظاهرين المطالبة بالشريعة الإسلامية، وهذا يوجب على المتظاهرين التأمل في تغييرهم وإلى أين يسيرون؟
والشارع أيها المتظاهرون تغييره غير مأمون العواقب، فالشارع العربي من قبل اختار التغيير إلى الاشتراكية وبعد تجربتها لثلاثة أو أربعة عقود تبين فساد تغيير الشارع، ففروا إلى الله، والتزموا الإسلام شريعة وحياة وطالبوا بها بحكمة دون مضارة وطنكم وإغراقه في الفوضى.
ابن جبر ووعيده للدول العربية
وزير الخارجية القطري يتوعد الدول العربية بتغييرات أسرع من التي تشهدها مصر، ومصر والعرب والمسلمون يعرفون أن ابن جبر لا ينطق بمعايير إصلاح في مصلحة الإسلام والعرب، وكل مسلم لا ينسى حفاوة استقباله لوزيرة خارجية اليهود «ليفني» وهي التي أبادت المسلمين في حرب غزة، فمن أحق بالوعيد يا ابن جبر؟
ولماذا لا يفتي القرضاوي بجواز المظاهرات ضد ابن جبر، فابن جبر يمارس جهودا ديبلوماسية وإعلامية تضاد عقيدتنا ولحمتنا العربية، فبالأمس اجتذب وليد جنبلاط ونوابه في البرلمان اللبناني ليرجح كفة حزب الشيطان ويسقط سعد الحريري، ويجعل لبنان في قبضة اليد الإيرانية وليشتد الخناق على الأردن ويقارب مصر.
والسعودية باتت بين فكي الزحف والتمدد والتهديد الإيراني: العراق الموالي لإيران، واليمن المهدد بالحوثيين عملاء إيران.
وكل عاقل يستغرب من شناعة هجوم قناة «الجزيرة» على مصر لصلحها مع اليهود وإن كنا لا نرتضيه، في الوقت الذي جعل فيه ابن جبر الدوحة محفلا لليهود.
فمصر ومجدها لا ينال ظفره من صنع من دوحته محفلا لليهود، وقتال مصر ضد اليهود معلوم، ومن منا ينسى انتصارات 73، ومن قبل تحملت مصر عبء مواجهة اليهود حتى أدى ذلك إلى تعرضها لعدوان ثلاثي غاشم (ألماني ـ فرنسي ـ انجليزي) لم يتحمل ابن جبر عشره بل ولا شيئا منه أبدا، أفيحق لقناة الجزيرة التطاول على مصر؟
الكل رصد الأحداث، وشاهد شعارات المتظاهرين، ولم نر أحدا بمن فيهم جماعة الأخوان المسلمين رفع شعار المطالبة بالشريعة، وهذا يدل على أن الاخوان المسلمين ساهموا في إبعاد الناس عن الشريعة، وأن غرضهم الحقيقي الوصول إلى السلطة تحت أي عقيدة ومنهج، وأنهم لو وصلوا إلى سدة الحكم فلن يحكموا بالشريعة.
ووسائل الإعلام أشارت إلى أن الاخوان المسلمين هم من هاجم واعتدى على سجن وادي النطرون وأخرجوا المساجين بكل فئاتهم ومنهم أعتى المجرمين، أرجو ألا يكون الأمر صحيحا حتى لا تكون حركة الاخوان هي الأخرى بلطجية.