أكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» خالد مشعل عدم التدخل في الشأن المصري، مبينا انه تم ضبط الحدود بين غزة ومصر، وحول المصالحة الفلسطينية أوضح مشعل أن الإخوة في سورية لا يتدخلون في موضوع المصالحة وإنما هم دائما يشجعونها كما أنهم لا يطرحون أنفسهم بديلا عن الرعاية المصرية.
«الأنباء» التقت مشعل خلال استقباله وفد جمعية الصحافيين الكويتية الزائر لدمشق وفيما يلي التفاصيل:
كيف تتابعون المشهد المصري هذه الأيام؟
بداية نحن نحرص على عدم التدخل في الشأن الداخلي المصري، وقد اتخذنا قرارا بهذا الخصوص.
ونظرا لحساسية العلاقة المصرية ـ الفلسطينية، أو الغزية ـ المصرية، فقد ضبطنا الحدود بين غزة ومصر لأنه لا يليق انتهاج الاصطياد في الماء العكر. ويمكن القول إن الأمة العربية لديها قضيتان الظروف الداخلية والهيمنة الأميركية والإسرائيلية، أي أن كل عربي لديه هم داخلي وهم خارجي فوضعنا معقد والأصل أن نستفيد مما يجري في المنطقة.
إنهاء الانقسام
أين وصلت العلاقات بين غزة والضفة وبينكم وبين محمود عباس أبو مازن، وإلى متى سيبقى هذا الخلاف، وهل فقدت فلسطين الحكماء؟
هناك قواعد متفق عليها لإنهاء الانقسام، والمشكلة تكمن في التأثيرات الخارجية فهي لا تمنع الناس من المصالحة أو تضع الشروط وحسب، بل تغري أحد أطراف الانقسام الفلسطيني بحيث تجعله يستطيع أن ينأى بنفسه عن المصالحة وفق قاعدة الشراكة، ويعتقد أنه ما دام مدعوما من أطراف خارجية فيستطيع أن يفرض نفسه في الساحة الفلسطينية برؤيته واشتراطاته وليس بقواعد الشراكة الوطنية المنصفة لكل الأطراف، والترجمة العملية لهذا الكلام هي على الشكل التالي: مطلبنا الأساسي بكل بساطة هو تدقيق الورقة المصرية لتتطابق مع التفاصيل التي تمت مناقشتها في القاهرة، لكنهم رفضوا فأوجدنا مخارج بحيث يتم وضع ملحق للورقة المصرية حول النقاط التي لدينا عليها ملاحظات، وأيضا رفضت من قبل مصر وفتح، وخلال هذه الفترة طرحنا أن نلتقي مع حركة فتح، وفي العام 2010 ذهبنا الى الكويت والتقينا صاحب السمو الأمير وسألني لماذا لا تقابل أبو مازن، فقلت له نحن جاهزون، فقال صاحب السمو الأمير ليس في الكويت ولكن في القاهرة حتى لا ينزعج الإخوة في مصر، فكان جوابنا نحن جاهزون، وبعد عودتنا من الكويت بيومين جاءنا اتصال من صاحب السمو الأمير ـ وسموه لا يتكلم عادة عبر التلفون ولكن كان ذلك من أجل فلسطين ـ وأخبرنا أنه تحدث مع أبو مازن وأنه أخبره أن علينا أن نوقع الورقة المصرية أولا.
وأنا متأكد أننا في تلك الفترة لو جلسنا مع بعضنا لكنا استطعنا حل المشكلة إذا توافرت النوايا السليمة، وتابع مشعل حقيقة:استمرت هذه المحاولات إلى أن جاءت فكرة إيجاد تفاهمات بين فتح وحماس على نقاط خلاف الورقة المصرية وأن نخبر الاخوة في مصر أننا تفاهمنا على هذه النقاط وبالتالي تصبح المرجعية الورقة المصرية والتفاهمات الفلسطينية، وأيضا رفض المصريون هذا الكلام إلى أن التقيت خلال رمضان الماضي برئيس المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان في مكة، وكان ان التقينا في قصر الضيافة، وتمت المعاتبة، وسألته لماذا ترفضون في مصر فكرة التفاهمات؟ فقال نحن لسنا معترضين، وحينها شعرت أن هذا الموقف جديد عند الإخوة في مصر، وقلت له أخبر أبو مازن أن يرسل الوفد إلى أي مكان يريده، فقال لا سيرسل الوفد إلى دمشق، وبعد عيد الفطر اتصل الاخوة في مصر وأخبرونا أن وفدا من حركة فتح برئاسة عزام الأحمد سيأتي إلى دمشق.. وهنا أريد أن أشير إلى أن الإخوة في سورية لا يتدخلون في موضوع المصالحة ويشجعون عليها ولا يطرحون أنفسهم بديلا عن الرعاية المصرية.
والتقينا عزام الأحمد وتناقشنا وخلال ربع ساعة اتفقنا على معظم النقاط، وأكد أنه موافق على فكرة التفاهمات وتم طرح ست نقاط: النقطة الأولى: أن تتشكل لجنة الانتخابات بالتوافق، لأن الورقة المصرية تنص على أن يشكلها الرئيس.
وأن تشكل كذلك المحكمة التي تبت بالانتخابات أيضا بالتوافق.
أما النقطة الثالثة فهي: موعد الانتخابات بحيث يتم الاتفاق على موعد جديد.
النقطة الرابعة: تتعلق بمنظمة التحرير، ففي الورقة المصرية فكرة اسمها إطار القيادة المؤقت للمنظمة يدير الفترة الانتقالية وهذا الإطار المؤقت هو اللجنة التنفيذية للمنظمة ورئاسة المجلس الوطني والأمناء العامون للفصائل وشخصيات مستقلة، وكان مطلبنا أن نضع عبارة مهام هذه القيادة غير قابلة للتعطيل، وهذه العبارة كانت موجودة أصلا، وطلب عزام أن نضيف إليها عبارة بما لا يتعارض مع صلاحيات اللجنة التنفيذية، فقلنا موافقون، وبذلك اتفقنا على النقطة الرابعة.
أما النقطة الخامسة: فهي إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية، وكانت كلمة البناء ساقطة، وقالوا لا مشكلة بأن تكون بناء وهيكلة، ونحن نريد الأمرين، وتم الاتفاق عليها وهذه النقاط ليست اعتراضا على الورقة المصرية هي مجرد مراجعة وتدقيق.
هذه النقاط حسمت في ربع ساعة، النقطة السادسة: وهي تشكيل لجنة أمنية عليا تضع سياسات أمنية تشرف على الضفة الغربية وقطاع غزة، وكان مطلبنا أن تتشكل اللجنة بالتوافق وأن تكون مسؤوليتها على الضفة والقطاع، فقال عزام الأحمد هذا الموضوع دقيق ويجب أن نعود فيه إلى المسؤول الأمني (ماجد فرج) وهو مسؤول المخابرات العامة الفلسطينية في الضفة الغربية وكذلك لمراجعة أبو مازن.
عاد واتصل بنا واتفقنا على موعد جديد وهنا تعطلت المسألة بعد الكلام الذي دار بين الرئيس بشار الأسد وأبو مازن في قمة سرت فطلبوا منا نقل الحوار من دمشق، فقلنا لهم هذا الأمر غير لائق، ومن ثم وافقوا، وجاء عزام الأحمد وصخر بسيسو وماجد فرج، والتقينا معهم وفوجئنا أنهم تراجعوا عن بعض النقاط منها لجنة الانتخابات والمحكمة، أما المفاجأة الثانية أن ماجد فرج تكلم بلغة واضحة أن لا شراكة في الأمن، فالأمن مستقر في الضفة والمشكلة في غزة المتمردة، وبالتالي إعادة بناء وهيكلة الأجهزة يتم في غزة واللجنة الأمنية العليا نحن من يشكلها، وبالتالي ألغى موضوع الشراكة، وهنا كانت العودة إلى نقطة الصفر.
وباختصار كيف ستتحقق مصالحة إذا كان أحد طرفيها لا يريد شراكة.
وبالمحصلة نرى أنه من دون استعداد طرفي الانقسام الفلسطيني إلى الاستناد إلى أسس وطنية بحتة وعلى قاعدة الشراكة لن تتحقق المصالحة، ومطلب حماس باختصار أن تعالوا للمصالحة من دون أي شروط، فقط الاحتكام للعبة الديموقراطية والشراكة مع فتح وجميع القوة، فغزة ليست لنا وحدنا والضفة ليست لهم وحدهم، تعالوا لنتحمل المسؤولية معا في إطار السلطة وإطار منظمة التحرير.
هم يتهموننا بأن مرجعيتنا هي سورية وإيران، ونحن نقول لهم اختبرونا، ثم سبق وان اتفقنا في مكة، أين كان تأثير المرجعية، علما أن سورية كانت ضد المصالحة في اتفاق مكة، والإيرانيون لا يتدخلون كما أن الإخوة في سورية موقفهم كان ايجابيا ولا يتدخلون، البعض كان يسأل هل تعتقد أن تحسن العلاقات السورية ـ المصرية سينعكس إيجابا على المصالحة؟ كنت أقول لا، لأن المصالحة لا علاقة لها بالعلاقة بين مصر وسورية، نحن لسنا أحجار شطرنج ولسنا وقود في صراع عربي ـ عربي أو غيره، هذا شأن فلسطيني، وفي اللحظة التي ستتوافر فيها قواعد المصالحة سأذهب إليها من دون أي مؤثرات. ومن يعتقد أن حماس مرتاحة بالانقسام فهو مخطئ وكذلك من يعتقد أن فتح مرتاحة فهو مخطئ، ما هو الإغراء في حكم قطعة من الأرض تعيش كل تلك المعاناة.
اتهام حماس
كان هناك عتب سعودي بأن حماس لم تلتزم باتفاق مكة؟
قلت لصاحب السمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية الذي دمر اتفاق مكة هم الأميركان لأن الملك عبدالله بن عبدالعزيز لم يشاور الأميركان فسخطوا عليها فانقلبوا عليه ودعموا طرفا فلسطينيا للانقضاض عليه، وهذا ذكرته وسائل إعلام أميركية، وقلت للأمير من يصدق أن حماس ترفض اتفاقا جعلها على رأس حكومة وحدة وطنية.
للأسف باعتبار أميركا ساخطة علينا والغرب يضع علينا شروطا وبالتالي لا يوجد سند دولي لها دفع البعض ليظن أن بإمكانه أن يلقي اللوم على حماس واتهامها بتعطيل المصالحة.
الطرف الآخر يتهمكم بأنكم رفضتم التحاور مع شخصيات فلسطينية بعينها؟
لم نضع «?يتو» على أي شخص من وفد فتح انطلاقا من المبدأ التالي إذا سمحت لنفسي بالتدخل في تشكيل وفد الطرف الآخر فسأعطيه الحق بالتدخل في تشكيل وفدنا، وهذا حصل قبيل اتفاق مكة، حيث علمنا أن وفد فتح يتضمن محمد دحلان، فبعض الإخوة احتجوا على ذلك، فقلت لهم لا تحتجوا على دحلان ما دام جاء ضمن وفد رسمي، وبالفعل جاء دحلان ونسينا كل الماضي، وبالمحصلة لا نضع أي اشتراطات على أي أحد مثلما أننا لسنا خاضعين لأي طرف في الدنيا لا في المصالحة ولا في غيرها، نحن ننطلق بقرار ورؤية فلسطينية.
أين وصلت صفقة تبادل الأسرى؟
حتى الآن لا يوجد تقدم حقيقي، منذ أن وصل نتنياهو إلى الحكم ظن أنه يستطيع وضع قواعد جديدة أفضل من أولمرت فتلاعب وتناور، وقد عرض علينا الوسيط الألماني عرضا رأينا فيه تقدما لا بأس به ولكنه يحتاج إلى استكمال فقلنا للوسيط هذا غير كاف، وطرحنا أربع نقاط أساسية لاستكمالها مع الإسرائيليين ولكننا فوجئنا عندما ذهب للإسرائيليين بنسخة لهذا العرض يقدم عرضا أدنى منه وكان هذا ثمرة للخلاف داخل الحكومة الإسرائيلية المصغرة، وقد رجح نتنياهو الجانب المتشدد في الحكومة المصغرة، بينما كان الجيش حريصا على إتمام الصفقة على اعتبار أن شاليط جندي ويريد أن يعطي رسالة بأنه يحافظ على جنوده، أما مسؤولو الأمن فكانوا متشددين بدعوى أن الإفراج عن نوعية معينة من الأسرى الفلسطينيين قد يحدث فوضى وانتفاضة وأعمالا عسكرية، ومنذ ذلك اليوم جمدت الأمور، الوسيط الألماني حاول بعد فترة أن يغرينا بالعودة إلى أرضية العرض الإسرائيلي الذي رفضناه، ولكننا رفضنا، بعض الأطراف الأوروبية دخلت على الخط والنتيجة كانت عدم التقدم، ومنذ حوالي شهرين أجرى الوسيط الألماني جولات مكوكية بين الإخوان في غزة وبين الإسرائيليين وجاء ببعض العروض التي تشتمل على جديد ولكنه طفيف ومازال الجدل قائما، وحتى اللحظة لا نشعر بجدية عند نتنياهو لتقديم عرض يمكن قبوله من حركة حماس، ونحن حريصون على الإفراج عن شاليط ولكن مقابل أن يفرج عن العدد والنوعية التي أردناها من الأسرى والأسيرات، والعدد الذي طلبناه عدد غير كبير مقارنة بعدد الأسرى، أريد أن أشير إلى أن شاليط والد الجندي أدرك أن هناك أكثر من طرف يعوق إتمام الصفقة من بينها نتنياهو الذي يتلاعب بمشاعر عائلة شاليط ويخدع الرأي العام الإسرائيلي، كما أن الأميركان كان لهم دور سلبي فهم ضغطوا على حكومة نتنياهو لكيلا تتم الصفقة من أجل عدم التأثير على المفاوضات التي كانت دائرة بين محمود والإسرائيليين.
الاحتلال الإسرائيلي
يقال انكم تمنعون الفصائل من فعل المقاومة في قطاع غزة؟
غزة حق لكل أبناء الشعب الفلسطيني وعلى الرغم من أن غزة لا يوجد فيها جنود محتلون أو مستوطنون فإننا نعتبرها مازالت عمليا تحت الاحتلال الإسرائيلي بالمعنى القانوني والسياسي لأن أجواءها وبحرها وحدودها تتعرض للعدوان، فإسرائيل تتحمل مسؤولية الاحتلال بكل تبعاته، ومع ذلك، هناك واقع ميداني مختلف عن الضفة، وحق المقاومة مكفول لكل أبناء الشعب الفلسطيني لأن غزة مازالت تتعرض للتهديد الإسرائيلي كما أن غزة جزء من الوطن الفلسطيني وشعب غزة جزء من الشعب الفلسطيني، وبالتالي هم شركاء في المسؤولية الوطنية العامة، لكن الأصل أن كل جغرافية فلسطينية لها خصوصية يتم تكييف موضوع المقاومة فيها بما يناسب تلك الحالة، فمثلا لا أطالب ابن الضفة بما أطالب به ابن الـ 48، كذلك ابن غزة له خصوصية، من حقك المقاومة لكن كيف تقاوم؟ هذا الأمر بحاجة لتوافق وطني يناسب الحالة الغزية، ومن هنا تحاورنا مع الفصائل كيف نرسم سياسة المقاومة في غزة، إذ لا يوجد جنود محتلون أو مستوطنون حتى نقوم بعمل يومي، للأسف هناك فئتان فئة عندها سوء تقدير، وهناك فئة تزايد علينا وكأنما تريد أن تقول للاحتلال تعال واحتل غزة، من الظلم أن يتحمل الشعب في غزة تبعات حروب لا مبرر لها.
هل السلطة في رام الله تدعم تنظيمات إسلامية ضد حماس؟
لدينا معلومة أن هناك أطرافا فلسطينية في السلطة وعربية على تواصل مع بعض المجموعات في غزة إسلامية وغير إسلامية كنوع من أدوات الضغط على حماس في غزة، وعندما أقول أطراف عربية لا أقصد أشخاصا.
كيف هي علاقتكم مع تركيا وهل طلبتم فتح مكتب لكم فيها؟
العلاقة مع تركيا علاقة جيدة ونراعي ظروفهم ولا نطلب فتح مكتب لحماس لديهم، ظروفهم الخاصة لا تسمح بأن تكون مثل الدول الأخرى.