- عودة مصر إلى لعب دور جدي في الأسرة العربية تفيد التوازن بالمنطقة
- تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة المقبلة يخدم لبنان والحريري أيضاً
اكد رئيس مجلس النواب اللبناني السابق حسين الحسيني امس ان الاحتلال العراقي الذي تعرضت له الكويت عام 1990 خرق كل قواعد العلاقات العربية ـ العربية.
وقال الحسيني اثناء استقباله وفدا من جمعية الصحافيين ان «سابقة احتلال دولة كبرى لدولة صغرى هي سابقة خطيرة جدا ونحن نعاني ايضا من هذا الامر فأرضنا لا تزال محتلة من قبل العدو الاسرائيلي».
ويضم وفد جمعية الصحافيين الذي يرأسه رئيس الجمعية أحمد بهبهاني كلا من نائب رئيس التحرير ومنسق نشاطات الجمعية عدنان الراشد والكاتب خليل حيدر وعضو مجلس ادارة الجمعية دهيران ابا الخيل والزميلة ريم الوقيان والمصور ماجد السابج.
واضاف الحسيني ان «الاحتلال العراقي للكويت خرق كل قواعد العلاقات العربية ـ العربية اذ ليس كذلك يتعامل العرب فيما بينهم» موضحا ان «الكويت حالة شعبية لها مكانة كبرى في نفوس اللبنانيين» مؤكدا ان «الاعتداء على الكويت هو اعتداء على جميع اللبنانيين».
واشاد الحسيني الذي كان رئيسا لمجلس النواب اللبناني خلال الاحتلال العراقي المدان والمستنكر بالدعم الكويتي للبنان قائلا ان «للكويت ايادي بيضاء على لبنان طوال محنته وخصوصا ابان اللجنة السداسية في عام 1989 والتي ساهمت مساهمة كبرى في التمهيد للوصول الى وثيقة الوفاق الوطني اللبناني». واشاد بدعم الكويت للقضايا العربية المحقة «اذ كانت لها مساهمات هامة جدا في كل القضايا العربية».
واستذكر الحسيني الموقف اللبناني المندد بالاحتلال العراقي قائلا ان «ما قمنا به هو الواجب، لا بل اقل الواجب».
واكد ان الكويت كانت السباقة في انشاء مجلس الامة وتعزيز النظام الديموقراطي والحرية الاعلامية المتميزة قائلا ان «الصحافة الكويتية خدمت لبنان خدمات كبيرة وجميلها علينا كبير».
وردا على سؤال من الوفد عما اذا كان لبنان تعرض لضغوط معينة لعدم اتخاذ موقف من الغزو العراقي اشار الحسيني الى ان «الساحة اللبنانية آنذاك كانت مليئة بالالغام بعد انتهاء الحرب الاهلية ولكن موضوع الاحتلال العراقي فاق بأضراره كل تصور وبالتالي اصبح من الواجب رغم كل الضغوط التصدي لهذا الامر لأن السكوت عن الاحتلال يعني القبول بالاحتلال العراقي للكويت ولكن الرأي العام اللبناني كان ملبيا وكذلك الصحافة اللبنانية بالرغم من كل المعوقات».
وفي هذا الصدد اوضح الحسيني ان الضغوط «كانت من الداخل ومن الخارج» لافتا الى ان «المجموعة العربية كانت منقسمة وتمكنا في اتفاق الطائف من تحقيق اجماع عربي ولكن ضمن اطار الاختلافات التي كانت شديدة». وأوضح الحسيني ان «الموقف الذي اتخذه انذاك وايضا موقف الحكومة اللبنانية المندد بالاحتلال العراقي لم يلق اي معارضة نيابية اطلاقا حتى الناس الذين لم يساهموا في الموقف لم يعترضوا عليه».
وعما اذا كان هناك تنسيق برلماني لموقف موحد من الاحتلال قال الحسيني «لم تكن هناك امكانية لتوحيد الموقف ولكن كان الواجب اتخاذ موقف لتشجيع الآخرين وتبيان خطر السكوت عما حصل لأنها سابقة لا يمكن لاحد ان يقبل بها وهي سابقة تنسحب على كل المستقبل ما زلنا ندفع أثمان مثل هذه المغامرات».
وشدد الحسيني على ان النظام العراقي البائد «فرّط بالحقوق وقضى على كل الآمال فأقدم على شن حرب على ايران دون استشارة العرب حيث مازلنا ندفع الثمن». وحول توقيت الاحتلال قال الحسيني ان «توقيت الاحتلال العراقي للكويت كان خطرا جدا ففي عام 1990 كان عام انهيار الاتحاد السوفييتي عمليا وكان الواجب الحذر في تلك الفترة لأن التوازن الدولي لم يعد قائما فارتكاب حماقات من هذا النوع في ظل ذلك المناخ هو تعريض كل الأمن العربي للخطر».
وحول رؤيته لما يجري في مصر أكد الحسيني اهمية ما يحصل في مصر، معتبرا ان «تغييب دور مصر عن الحياة السياسية في الأسرة العربية والدولية ألحق ضررا كبيرا»، مشددا على ضرورة عودة الدور المصري في المنطقة.
وأضاف ان «الليبرالية الجامحة خرّبت العالم والآن لابد من ضوابط في المنطقة واذا لم يحصل اي تحالف فعلي وتضامن عربي فعلي مع تركيا وإيران فلن يكون للعرب موقع في النظام العالمي الجديد».
واعتبر الحسيني ان «عودة مصر للعب دور جدي يغير الكثير من الأمور فضلا عن رفض اي شيء غير الدولة المدنية»، لافتا الى ان «الدولة الدينية تزيد الخلافات». وعن الأوضاع في لبنان ومسار تشكيل الحكومة اللبنانية لفت الحسيني الى ان هناك مرحلة جديدة في لبنان حيث من الواجب مساعدة رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي وعدم وضع العراقيل أمامه.
وأضاف «على الجميع تسهيل الامور له خصوصا ان لبنان شهد تعقيدات كبيرة منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في عام 2005»، معتبرا ان «تكليف ميقاتي شكل خدمة للبلد ولرئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري ايضا لانه من غير المعقول ان يكون الحريري طرفا في الدعوى وفي ذات الوقت هو رئيس الحكومة والتي هي جزء من المحكمة الدولية»، موضحا ان «الحكومة اللبنانية هي جزء من المحكمة وهناك مبدأ تعارض المصالح»، لافتا الى انه لو كلف الحريري بتشكيل الحكومة «لكانت الصعوبات اكبر». وعما اذا كان يتوقع تشكيل الحكومة في وقت قريب رأى الحسيني ان «المهلة الزمنية ليست مهمة بقدر الموضوع وعندما يتم التفاهم على الهدف يسهل تشكيل الحكومة المناسبة»، محذرا من «الدخول في المحاصصة بروحية الميليشيات لان الأمور حين ذاك ستتعقد».
وفيما اذا كان هناك تنافس ايراني ـ تركي في لبنان أكد الحسيني ان «عودة مصر للعب دورها الذي كانت مستقيلة منه يفيد التوازن في المنطقة». وحول قانون الانتخابات في لبنان اشار الى ان لبنان لم ينجز قانون الانتخابات حتى الآن وفقا لاتفاق الطائف، معتبرا ان وضع قانون جديد للانتخابات «كفيل بإبعاد التدخلات الخارجية عن الداخل»، موضحا ان «قانون الانتخابات يجعل الشعب يقرر ويحد من التدخلات الخارجية»، واصفا القانون الحالي للانتخابات بأنه «قانون تلزيم الجماعات والقيادات للخارج»، ومشيرا الى ان المهمة الأولى للحكومة الجديدة «هي قانون الانتخاب ولا شيء آخر». وبالنسبة الى تركيا اعتبر الحسيني ان «الصهيونية العالمية استطاعت تحييد تركيا الاسلامية عن الصراع العربي ـ الاسرائيلي»، معتبرا ان التدخل الايراني والتركي يعني مساندة القضية الفلسطينية وليس الحلول مكان العرب، لافتا الى انه «ليس مفيدا لايران ان تحل مكان العرب او الفلسطينيين».
وحول الوضع الفلسطيني في ظل الخلافات بين حركتي «فتح» و«حماس» وصف الحسيني الوضع القائم بـ «المخجل»، عازيا ذلك الى «عدم تمكن مصر من لعب دورها الحقيقي» في هذا المجال.
وفيما يتعلق بمقولة ان في لبنان الكثير من الحرية والقليل من الديموقراطية قال الحسيني انه «لا يمكن حماية مجتمع من دون دولة وعندما لم تقم الدولة في لبنان حصل ذلك بالاضافة الى قانون الانتخابات الذي هو الأساس ونحن بانتظار القانون الصالح».
وبيّن انه يوجد في لبنان أعلى نسبة تسامح ديني في كل المنطقة رغم التنوع الشديد فيه، مشيرا الى ان «القانون الانتخابي الذي يعتمد النسبية هو الأفضل بحيث يجعل كل الجماعات ممثلة تمثيلا صحيحا في المجلس النيابي وعند ذلك تكون حماية الديموقراطية بالفعل وبالممارسة». وتساءل الحسيني كيف يمكن ممارسة الديموقراطية اذا كانت الضغوط على المواطن في لقمة عيشه وفرص عمله ومصير تعليم أولاده؟ معتبرا ان «الانفجار الذي حصل في مصر معبر جدا عن الكبت الذي كان قائما والمجتمع في تونس متجانس جدا ومع ذلك الكبت أدى الى الانفجار»، مؤكدا انه «عندما تسد آفاق المستقبل عليك ان تتوقع الثورة».
وعما اذا كانت هناك مخاوف في لبنان اكد الحسيني اهمية تطبيق اتفاق الطائف الذي لا بديل عنه، مبينا ان الجميع يعودون اليه، لافتا الى ان بيان دار الفتوى قبل يومين «ركز على نقطة وحيدة وهي العودة الى هذا الاتفاق». وأكد ان عدم تطبيق اتفاق الطائف «حرم لبنان من وجود دولة منظمة تسهر على أمنه واستقراره والخطأ هو اختزال الطوائف بأشخاص او بفئات او بتنظيمات»، مشيرا الى عدم وجود خلافات دينية في لبنان انما خلافات سياسية.
وأعرب الحسيني عن أمله في ان تكون هناك دولة في لبنان قادرة على تأمين الاستقرار والنهوض الاقتصادي.
الوفد زار الحص في منزله
قام وفد جمعية الصحافيين بزيارة منزل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سليم الحص وذلك في إطار جولته على القيادات اللبنانية التي وقفت الى جانب الكويت إبان محنة الاحتلال الصدامي وقدم له ـ عبر كريمته وداد الحص ـ شكر وتقدير الكويت قيادة وشعبا للرئيس الحص الموجود رهن المعالجة الطبية في السعودية نظير الموقف الجريء والمميز الذي اتخذه بالرفض الفوري والحاسم للاحتلال. وكان وفد الجمعية التقى امس الأول الرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي أشاد بوقوف الكويت الدائم الى جانب لبنان معربا عن امله في ان تنعم الكويت بالمزيد من الاستقرار والطمأنينة والسلم والازدهار.
ورافق وفد جمعية الصحافيين خلال جولته على القيادات اللبنانية القائم بأعمال سفارتنا لدى لبنان جاسم الناجم.