تغمرني الفرحة وأنا أكتب هذه السطور المليئة بالحب والود للحبيبة الكويت، صاحبة الفضل التي أعطتني الكثير واحتضنتني منذ ولادتي في اكتوبر عام 1964 في صحة دسمان بالمرقاب، وكانت مهدي الأول وعشت بين أهلي الذين قدموا للعمل والدراسة من إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة عام 1952 وكان والدي يعمل مأمور بدالة بقصر السيف ويدرس في ثانوية كيفان الى ان التحق بجامعة الكويت عندما تم افتتاحها والتحق بكلية الآداب قسم الأدب الانجليزي، وكنت في تلك الفترة أعيش في شقة بعمارة من عمارات الأيتام بمنطقة المرقاب، فكانت ملعبي الأول وسط أبناء الجيران، وكان أغلبهم من أبناء الإمارات، وعالمي الذي احتضن الكثير من ذكريات الطفولة الجميلة التي تربيت بين شوارعها وفتحت عيني على الجو الثقافي من خلال تصفح مجلة العربي ومجلة الوعي الاسلامي التي كان يقتنيها والدي ـ طيب الله ثراه ـ وتعرفت على وطني الإمارات من خلال الاستطلاعات المصورة ونما حب الصحافة لدي من خلال تصفح الصحف اليومية مع والدي.
كنت في تلك الفترة قد تعرفت على مكان عمل والدي بقصر السيف وحظيت بلقاء المرحوم الشيخ صباح السالم الصباح واللعب بين جنبات القصر وعلى شاطئ البحر بالقرب من القصر وتشرفت بلقاء جدي العود المرحوم سمو الشيخ عبدالله الجابر الصباح الذي غمرني بحبه وعطفه ولا أنسى اللحظة التي تشرفت بالسلام عليه عندما علم بوجودي في الكويت ضمن وفد الطالبات المتفوقات عام 1983 وتركت في الاثر الكبير الذي عزز مكانة الكويت وقيادتها وشعبها حتى عندما عدت الى الشارقة وأنا طالبة في الابتدائية بعد التحاقي بمدرسة عائشة الابتدائية عام 1970 إلى 1973 ولكن هذه الأيام مازالت في الذاكرة لن تطويها سجلات النسيان، ولكني افتحها كلما سمعت اسم الكويت عندما تفتحت عيناي وتعرفت على العالم من حولي كانت الأجواء السائدة من احداث سياسية وقومية عربية، كنت قد بدأت أتعلم الدرس الأول في الحياة وتأثرت بما شاهدته عبر شاشة تلفزيون الكويت بنزول أول إنسان على سطح القمر وسمعت اذني خبر وفاة الزعيم جمال عبدالناصر في اذاعة الكويت، وقرأت عن تشكيل اتحاد للامارات العربية المتحدة عبر الصحافة الكويتية تفتحت معها مداركي نحو اكتشاف موهبتي الإعلامية وحبي للقراءة وهواية جمع الطوابع التي عرفتني على مختلف المناسبات العالمية والوطنية ومختلف بلدان العالم التي مازلت احتفظ بها حتى الآن.
هذه البدايات شكلت لدي الولاء والانتماء لدولة ولدت فيها وترعرعت بين ترابها وتعلمت الدرس الأول منها ورسمت خارطتها بين أحلامي جعلتني أقف وقفة صمت عندما علمت بلحظات الغزو الغاشم ولم أستوعب ان دولة عربية جارة تعتدي على جارتها مثل الكويت التي تربى بين اراضيها أغلب مواطني الدول العربية أو كان لها الفضل في بناء المنشآت التعليمية والصحية دون النظر الى مذهب أو لون أو عرق، لذلك كانت لحظات قاسية على الجميع وعشنا خلالها سبعة أشهر نتمنى ان تزول هذه السحابة الصيفية التي وان سرت بشهداء من أبناء الوطن وخسائر معنوية ومادية فادحة الا انه عندما أعلنت قوات التحرير في الخامس والعشرين من يناير عام 1991 تحرير أول أرض كويتية وهي جزيرة قاروه كانت البداية لطرد العدو الغاشم وعودة العزة والكرامة والرفعة والسمو للكويت الحبيبة، وعاد الحق الى اصحابه بعودة القيادة السياسية بقيادة المغفور له سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح، طيب الله ثراه، وتزامنت الاحتفالات بالعيد الوطني مع عيد التحرير. حقيقة الذاكرة مليئة بالذكريات التي لن تمحوها الأيام والسنون، وكلما تذكرت اللحظات الجميلة وان كانت طفولية الا انني يشدني الحنين اليها مرة أخرى، فالكويت في قلبي وعقلي وفكري ولن أنسى الدقائق التي وقفت فيها لأول مرة أحيي رفع العلم الكويتي وأردد النشيد الوطني وطني الكويت سلمت للمجد وعلى جبينك طالع السعد.
تعيش «ديرتي الكويت» افراح خمسين عاما من الاستقلال وعشرين عاما من التحرير في ظل النهضة التنموية الشاملة التي يرعاها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه إثر توليه مقاليد الحكم منذ خمسة أعوام ونتمنى لها كل العزة والكرامة وكل عام والكويت قيادة وحكومة وشعبا بألف خير بمناسبة الأعياد الوطنية المجيدة.
مديرة تحرير مجلة «المرأة المتميزة»
[email protected]