جسدت معركة بيت القرين التي قادها 19 شابا كويتيا ينتمون الى (مجموعة المسيلة - قوة الكويت) ضد قوات النظام العراقي والتي راح ضحيتها 12 شهيدا اروع مثال للوحدة الوطنية ولدور الشعب الكويتي في مقاومة المحتل.
وقال الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب علي اليوحة لـ (كونا) ان «معركة بيت القرين بين المقاومة الكويتية وقوات النظام العراقي جسدت الوحدة الوطنية في أبهى صورها فخلدتها الدولة على هيئة متحف يحفظها للأجيال المقبلة».
وأضاف ان ملحمة القرين وقعت في 24 فبراير عام 1991 قبل بزوغ فجر التحرير بيومين وشارك فيها 19 شابا كويتيا من أصل 31 ينتمون الى مجموعة أطلقت على نفسها (مجموعة المسيلة قوة الكويت) وشاء القدر ألا يمن على بعضهم بالمشاركة في المعركة لأسباب عدة فمنهم من وقع في الأسر ومنهم من تقطعت به سبل الوصول الى مقر القيادة قبل حدوث المعركة.
وذكر ان المرابطين في المنزل هوجموا من قبل القوات الغازية وكانت عملية الاقتحام القاسية والمعركة غير متكافئة فصمدوا في معركة استمرت 10 ساعات من الثامنة صباحا وحتى 6 مساء وكانت عدتهم السلاح الذاتي للدفاع عن النفس في مواجهة جحافل من الجيش مدججين بالأسلحة الثقيلة والدبابات فكانت ملحمة الخلود التي ستظل باقية في ذاكرة تاريخ الكويت شاهدا على روعة الصمود والتحدي. وأوضح ان بيت القرين تحول الى متحف وطني بناء على أمر الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد ليتبع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وليكون صرحا للأجيال القادمة للتعرف على التضحيات التي قدمها أبناء الكويت في ظل ظروف الغزو والاحتلال. وقال اليوحة ان المتحف يضم مجموعة من صور الشهداء ومجسمات وكذلك الأسلحة التي استخدمت في المعركة وقام المجلس بإعادة ترميم المنزل وبعض المواقع التي تهدمت والتي قد تؤثر على سلامة المبنى.
وبين أن المدخل الرئيسي للزوار يقع في منزل الشهيد بدر ناصر العيدان نظرا لتعرضه لقصف شديد من الدبابات العراقية كما يحوي المدخل شروحا خاصة بأماكن استشهاد قائد المجموعة وأحد أفرادها في المنزل نفسه.
واضاف ان القاعة رقم 1 بمتحف شهداء القرين خصصت لعرض صور الشهداء والتعريف بشخصياتهم اضافة الى ابراز المقتنيات الخاصة التي تشتمل على مجموعة من الأسلحة التي استخدمت في هذه المعركة وفي الصالة نفسها هناك عرض للباس الخاص بالمجموعة وبعض شظايا القذائف التي استخدمتها قوات النظام العراقي البائد أثناء الهجوم على البيت. واضاف ان هناك ممرا زجاجيا يصل القاعة رقم 1 بالقاعة رقم 2 المطلة على الحديقة الخلفية للبيت حيث يتم خلالها عرض عربة نقل المياه التي لعبت دورا حيويا في نشاط مجموعة المسيلة وهي التي ينتمي اليها شهداء بيت القرين. وقال ان القاعة رقم 2 يوجد فيها عرض سينمائي تقدم من خلاله أفلام وثائقية عن غزو النظام العراقي للكويت باللغتين العربية والانجليزية.
واشار الى عرض سيارة قائد المجموعة الشهيد سيد هادي العلوي التي كان يستخدمها افراد المجموعة في تنقلهم خلال العمليات الخاصة بهم وهناك سيارة أخرى للشهيد بدر العيدان صاحب البيت.
واضاف ان هناك أيضا قاعة كبار الزوار التي وضع فيها مجسم للمتحف لاطلاع الزوار الرسميين على المتحف بشكل اجمالي وهناك نموذج آخر لهذا المجسم في القاعة رقم 1 لعموم الزوار وتم تجهيز متحف شهداء القرين بقاعة تضم مجموعة من الكتب الخاصة بالكويت وغزو النظام العراقي.
وروى احد الأبطال الذين شاركوا في معركة القرين وهو حازم جابر صالح لـ (كونا) جانبا من تفاصيلها موضحا انه في 24 فبراير 1991 ومع قرب الهجوم البري لقوات التحالف انقطعت الكهرباء في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل «وكنا نستعد للانتقال الى الخط الساحلي للفحيحيل والفنطاس اذ كانت هناك معلومات عن قرب حدوث انزال بحري بالتنسيق بين مجموعتين للمقاومة هما مجموعة المسيلة ومجموعة غرب الفنطاس».
وقال صالح انه في الساعة 8 من صباح ذلك اليوم بدأت القوات العراقية باعتقال شباب الكويت من المنازل لاستخدامهم كدروع بشرية وأسرى حرب وحين أعلن عن الهجوم البري كانت الفرحة كبيرة «فجاء اليوم الذي نؤدي فيه الدور في كشف مواقع العدو وأماكن تمركزهم من اجل تسهيل عمليات الهجوم البري ومهاجمة القوات العراقية التي بدأت بالانسحاب». وأضاف ان الاتفاق «هو ان نرتدي زيا خاصا بالمقاومة كتب عليه من الأمام (مجموعة المسيلة) ومن الخلف (قوة الكويت) حتى تستطيع قوات التحالف تمييزنا وخلال هذه الأثناء وصلت سيارة استخبارات عراقية كانت تجوب المنطقة بحثا عن الشباب الكويتي تتبعها حافلة صغيرة بها عدد من الجنود». وأوضح ان السيارة توقفت أمام منزل القيادة في القرين وهو بيت الشهيد بدر ناصر العيدان وترجل احد الجنود العراقيين وطرق الباب فلم يستجب له احد فأمر الضابط أحد الجنود بالقفز من فوق سور المنزل.
وأشار الى انه «خلال هذه الأثناء كان قائد المجموعة سيد هادي العلوي يراقب المنزل من الداخل فأدرك العراقيون ان البيت يؤوي مجموعة من الشباب الكويتي فتمت محاصرة البيت حتى الساعة الثانية ظهرا فكنا في موقف حرج فإما الاستسلام والرضوخ للأسر والإعدام أو الدفاع عن الوطن». وقال ان هادي بادر بإطلاق النار على الجندي العراقي واستمر تبادل اطلاق النار من الساعة الثانية الى الساعة 6 مساء وخلال هذه الأثناء استعان الجنود العراقيون بالدبابات والمدفعية وقوات الحرس الجمهوري فتمت محاصرة المنزل من جميع الاتجاهات.
واضاف ان هادي طلب من المقاومين التوزع في جميع أنحاء المنزل والمنازل المجاورة لتشتيت وتفريق قوة العدو «وخلال هذه الساعات كانت تنهمر علينا قذائف من المدافع والدبابات في حين كنا نستخدم سلاحا خفيفا مقارنة بسلاح وتجهيزات الجيش العراقي».
وذكر ان المعركة انتهت باستشهاد قائد المجموعة هادي ويوسف خضير علي وعامر فرج العنزي واسر بقية افرادها وهم جاسم محمد علي ومبارك علي صفر وابراهيم علي صفر وعبدالله عبدالنبي مندني وخليل خيرالله البلوشي وخالد احمد الكندري وحسين علي رضا ومحمد عثمان الشايع وبدر ناصر العيدان حيث تم اعدامهم في مخفر صباح السالم والقيت جثثهم في منطقة قسائم القرين.
وعن الناجين من المعركة قال صالح ان الله اختار الشهادة لـ 12 مقاوما وكتب النجاة لمن تمكن من الخروج الى المنازل المجاورة في الساعات الأولى من المعركة أو الذين لم يتمكن الغزاة من العثور عليهم بين حطام المنزل بسبب الظلام الدامس لانقطاع التيار الكهربائي. واشار الى ان الناجين اضافة اليه هم سامي سيد هادي العلوي ومحمد يوسف كريم وجمال إبراهيم البناي وطلال سلطان الهزاع ومشعل المطيري وبدر السويدان واحمد جابر صالح. وأفاد بان مجموع أعضاء (مجموعة المسيلة قوة الكويت) كان يبلغ 31 فردا معربا عن أمله بأن يأخذ الجيل الحالي الدروس والعبر من هذه المعركة لتتضح له مدى وحدة الشعب الكويتي الذي صمد أمام الظلم واستطاع ان يسترجع أرضه بوحدته وعزيمته.