كتب يوسف عبدالرحمن
يحق لنا جميعا ابناء الديرة ان نحتفل بالـ «75»!
50 عاما على الاستقلال.
20 عاما على التحرير.
5 سنوات على تقلد صاحب السمو الأمير مقاليد الحكم في مسند الامارة.
أنا في هذه المناسبة اتذكر الفدائي الشهيد الشيخ فهد الاحمد، وسأعرض ما لدي من معلومات لينظر ويفاخر ابناء الكويت بهذه السيرة العطرة.
من شهيد الكويت (الشيخ فهد الاحمد)؟
وما سجله في المواقف والانجازات؟
ولماذا كان رمزا رياضيا وأصبح رمزا للشهداء؟
ولماذا يحمل اكبر شوارع (جنين الفلسطينية) اسم الشهيد فهد الاحمد؟
لم كان قريبا من الكويت شعبيا بعد ان سكن قلوبهم؟
لم كان يرفض الحوارات الصحافية بتواضع شديد ويفعل اكثر مما يقول؟
لم كان عاشقا للعسكرية وتخرج في انجلترا وعمل ضابطا بالقوات المسلحة في سلاح (البراشوت) والصاعقة؟
نعم.. محطات كثيرة في حياة الشهيد فهد الاحمد.. تعالوا معي في جولة لقراءة في فكر هذا الشهيد البطل «أبا الفهود» كما يحلو للثوار في فلسطين ان يدعوه.. الشهيد الحي عند شعبه هنا في الكويت.
يحق لنا جميعا ابناء الديرة (الكويت) ان نحتفل بالـ «75»!
وقد تعجبون من هذا الرقم!
هو باختصار يمثل الآتي:
50 (خمسون) عاما على الاستقلال.
20 (عشرون) عاما على التحرير.
5 (خمس) سنوات من تقـلد والدنا (العود) مقاليــد الحكم في مسند الامارة.
اجمع هذه الارقام تجد الحصيلة الـ «75» عاما من الخير والبركة والعز.
وفي غمرة احتفالاتنا احببت في هذه المساحة ان اذكر بالشهداء الكويتيين الابطال الذين سقطوا وهم يدافعون عن وطنهم في بطولة وفداء وعلى رأسهم الشهيد البطل الشيخ فهد الاحمد ـ طيب الله ثراه.
والسؤال: من شهيد الكويت والعروبة الفارس الشيخ فهد الاحمد؟
لماذا كان رمزا رياضيا واصبح اليوم رمزا للشهادة والشهداء؟
لماذا احبه عيال الديرة وتحول الى رمز للفدائية والعسكرية الحقة؟
تعالوا معي في جولة لنتوقف طويلا امام هذه الشخصية التي تحولت الى رمز للشهداء.. والشهيد حي في عقول وقلوب الناس ويشفع في اكثر من سبعين من اهله والشعب الكويتي كله اهله.
تعالوا اعرف هذه الاجيال المقبلة على الحياة من هو أبو «الفهود»؟
مولده ونشأته
ولد الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح في الكويت بتاريخ 10/8/1945 ويصغر أميرنا صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، ويكنى دائما «أبا أحمد» في الكويت، غير ان كثيرا من القادة الفلسطينيين الذين اعرفهم يسمونه «أبوالفهود» وله من الأبناء: «الشيخ احمد الفهد – الشيخ طلال الفهد – الشيخ عذبي الفهد – الشيخ خالد الفهد – الشيخ ضاري الفهد والشيخة بيبي الفهد».
التحصيل العلمي
أتم دراسته من الابتدائــي الى المرحـلــة الثانويــة في الكويــت وذهـب للدراســة بعــد ذلك في الأكاديمية العسكرية بإنجلترا.
مناصبه
يصعب حصرها في الاتحادات الرياضية العربية والآسيوية لكثرتها غير انني اذكر انه كان رئيسا لنادي القادسية ورئيسا للجنة الأولمبية الكويتية ورئيسا للاتحاد الكويتي لكرة القدم، اما عن الأوسمة والانواط فهي كثيرة ومن مختلف الدول وله رصيد كبير جدا في تأسيس الاتحادات واللجان واسهامات لا تنسى في مهرجانات اعتزال اللاعبين الكويتين والعرب.
العسكرية حياته
من يقف على تاريخ الشهيد الشيخ فهد الأحمد – رحمه الله – يجد انه مفتون بالعسكرية ولعل تدرجه في المناصب العسكرية بدأ من الحرس الاميري الى آمر كتيبة المغاوير واشتراكه في معارك الجيش الكويتي ضمن لواء اليرموك في جمهورية مصر هو ما جعله يستمر في مجال الخدمة العسكرية.
الفدائي الكويتي
الكل يعلم ان الشهيد الشيخ فهد الأحمد قاتل في صفوف المقاتلين الفلسطينيين التابعين لمنظمة التحرير الفلسطينية ضمن العمل الفدائي ضد العدو الصهيوني داخل الاراضي المحتلة منذ عام1965 حتى عام 1972 في جنوب لبنان وقد اصيب، رحمه الله، أثناء هذه العمليات القتالية 3 مرات نفذها هو وزملاؤه، كما يذكر انه قاتل في معركة الكرامة بالأردن.
لم يكن الشيخ فهد الأحمد الا وطنيا شجعا، فلقد شارك مع جيش الكويت في جبهات القتال كما ذكرت ضمن لواء اليرموك في جمهورية مصر.
نعم كان عسكريا وفدائيا متمرسا وصلبا، لم يقبل بعيشة الرفاه فعاش مناضلا واستشهد بطلا شهيدا في معركة دسمان.
أجيال الكويت تذكروا
ان الشهيد الشيخ فهد الأحمد توجه إلى قصر دسمان بعدما تلقى اتصالا من الشيخ راشد الحمود حيث قال له ان العراقيين وصلوا الى بوابة رئاسة الأركان في الجيوان، فأسرع الشهيد وغسل وجهه وبدل ملابسه واتجه الى أخيه حامد السعيد وقال له «قم يا بويوسف» ترى صارت وخرج من المنزل وركب سيارته ومعه أبويوسف وانتظروا وصول الشيخ راشد الحمود الذي ترجل من سيارته بعد ان أصر الشيخ فهد الأحمد على قيادة السيارة.
بنفسه وقد نسي مسدسه الذي يضعه دائما أسفل قدمه اليمنى وحتى الكلاشينكوف الذي أهداه إياه أخوه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد.
وقبيل دخوله مقر دسمان اعترض طريقه ضابط من الحرس الأميري وصرخ بأعلى صوته «ابتعد، طوقوا القصر» لكن الشيخ فهد الأحمد تجاهله ولم يتوقف ولم ينتبه الشيخ الشهيد فهد الأحمد إلى ان العراقيين أحاطوا بمدخل القصر وانهم نصبوا فخا لكل قادم.
رصاصات حاقدة عراقية سقط على اثرها الشهيد فهد الأحمد مضرجا بدمائه بعد ان اخترقت الرصاصات أعلى الرقبة خارقة الجمجمة وجلس بطلا شهيدا مستلقيا بكل هيبته وشموخه لينقله أبناء الكويت الذين كانوا يدافعون عن القصر منهم المقدم ركن علي الخميس والملازم أول نواف فليطح والملازم أول فهد الزيد ثم نقل بسيارة الاسعاف الى المستشفى العسكري في صبحان وقد دفن تحت اسم مستعار لئلا يعبث به الغزاة الذين كانوا يبحثون عنه منذ استشهاده ومن يريد ان يستزيد من المعلومات فليسأل اخته الشيخة أمثال الأحمد لأنها تابعت هذا الملف ويجب ان يسجل بدقة لنحفظ تاريخ هذا البطل الكويتي الذي شرّف أسرته الحاكمة وشعبه.
الشهادة أمنيته
طيلة حياة الشيخ فهد الأحمد، كان يتمنى الشهادة على أرض عربية لهذا كانوا يسمونه «الشيخ الفدائي» لإيمانه بعروبته وحتى يستعرض حياته الفدائية أثناء انضمامه الى حركة فتح ومشاركته في حرب أغوار الأردن ولبنان وإصابته في معركة الكرامة في الأردن، كلها شواهد تثبت رغبته في نيل الشهادة ويشاء الله ان يرزقه مبتغاه في وطنه صبيحة الخميس 2 أغسطس الأسود عام 1990 أمام قصر الحكم في دسمان.
لقد دخل عمليات فدائية كثيرة أعوام 1968 و1969 و1970 مع الفدائيين الفلسطينيين ولم تكتب له الشهادة.
نعم.. طلب الشهادة وبحث عنها، ولكن آخر ما توقعه ان تكون من القوات العراقية؟
نعم.. لم يمهله القدر كي يحدثنا عن الغدر العراقي، واسترد الله أمانته فيه بطلا شهيدا بعد ان جاهد من أجل قضايا العرب في فلسطين والعراق فكانت له في سبيل الكويت وفي أحضان معشوقته الكويت التي كثيرا ما تغزل فيها شعرا.
رمز رياضي
أكيد جيلنا من المخضرمين يذكرون للشهيد فهد الأحمد الإنجازات التي حققها في عهده الزاهر، وقد خلف وراءه ارثا هائلا من الملاحم الرياضية المليئة بالإنجازات والمواقف والأحداث.
فهد الأحمد.. سجل اسمه بين القيادات الرياضية عالميا وترك بصمة كويتية رياضية بعد ان أفنى زهرة شبابه في سدة المناصب الرياضية يحقق للكويت رصيدا لا ينضب من البطولات، وهو بحق اسم ارتبط في الكويت بالرياضة لكن عرف في الوطن العربي بأنه «ثائر» من أجل فلسطين وخدمة العروبة.
لقد حباه الله خاصية جميلة وهي ترك الأثر في النفوس فلم تزده المناصب الا تواضعا لمن هم حوله، اما على الصعيد الخارجي فنفخر ككويتيين لكثرة البطولات العربية التي أطلقت اسمه على هذه الدورات.
ان اطلاق اسمه على إحدى أكبر المكتبات في العاصمة الكورية (سيئول) وإحدى أكبر المكتبات الجامعية في العاصمة الصينية (بكين) وقمة سلسلة جبال طاجيكستان ومجلة الشهيد الأولمبية وصالة اتحاد اليد بمنطقة الدعية كلها شواهد على مكانته في قلوب أهل الرياضة في الداخل والخارج.
اسمه في فلسطين
ان يطلق اسمه على احد اكبر شوارع بلدة جنين الفلسطينية الباسلة التي عرفت دائما بتصديها للمحتل الاسرائيلي الصهيوني امر يثلج صدورنا لأن الشهيد بذل زهرة شبابه باللباس الفدائي مدافعا عن قضية فلسطين، هذا ما عملته عام 2004 عندما افادنا الأخ تيسير جابر رئيس رابطة الصحافيين الرياضيين الفلسطينيين ورئيس لجنة تطوير الحركة الرياضية في محافظة جنين بأن المجلس البلدي اتخذ قرارا بتسمية اكبر شوارع المدينة باسم الشهيد الشيخ فهد الأحمد، طيب الله ثراه، وتعليق صورته لمواقف الشهيد العديدة والداعمة لأبناء الشعب الفلسطيني سواء على الصعيد الرياضي او الوطني.
حوار توثيقي
الزميلة سامية حسين المحررة النشطة في جريدة «الأنباء» سابقا اجرت حوارا مطولا عام 1978 مع الشيخ فهد الأحمد. وقد لفت نظري قوله لها: لو امسكوني ملك الدنيا كلها سأفضل امسك بالبندقية من اجل الوطن وأموت شهيدا فداءه.
وصدق الشهيد فقد دفع حياته ثمنا لهذه السطور وهذا خير من سطور كثيرة، لعلي اختم بمقولته التي هي في حقيقتها «رجولته» التي توجها بالشهادة.
مفخرة
مفخرة ان تكون هناك أفلام وشهادات تخرج في اجهزة اعلامنا تتحدث عن اولئك الابطال الذين دافعوا عن الكويت بالقول والفعل ولعل فئة الشهداء لها أولوية تفرض علينا ان نبلغ اجيالنا بكل اولئك الابطال من الشهداء والشهيدات.
هذه بعض الجوانب المضيئة في حياة الشهيد الشيخ فهد الأحمد، اعرضها للاجيال الكويتية الحالية واللاحقة لعلهم يجدون فيها ما يجعلنا نفاخر أمم الأرض في مشارقها ومغاربها لاننا نملك رصيدا كبيرا من الشهداء قياسا بتعدادنا السكاني وتبقى الكويت عامرة، وتبقى الكويت دار عز وفخار ولنردد مع الجميع: يا دارنا يا دار.. انها الكويت وشعب الكويت الوطني.
هو القائل
حمود البغيلي
أنا كويتي أنا.. أنا قول وفعل.. وعزومي قوية
أنا كويتي أنا.. أنا عن موقفي.. تحكي الجابرية
شعر
مرحوم ياللي بالشجاعة قطع شوط
اللي على قبره تنوح الجماعه
نامت عيون اهل المطامع على النوط
ولا انت في قبرك تنام الشجاعه
مؤلفات تخص الشهيد
هناك مؤلفات طبعت ونشرت لهذا الشهيد البطل، وأتذكر من هذه الكتب «أسطورة عملاق» وهو كتاب طبع عام 1994 للزميل حمد منصور العجمي، ويتناول الكتاب صفحات من تاريخ الشهيد في 14 بابا، ويعتبر من المراجع الرياضية التي لا غنى للباحث عنها.
ومن أشهر الكتب ما اصدره الزميل عبدالحميد الشطي وعنوان الكتاب: «الشهيد فهد الاحمد من القادسية الى العالمية» وصدر في عام 1997 ويتناول حياة وسيرة الشهيد في 230 صفحة.
وفي عام 2003 صدر في القاهرة عن المركز الدولي للإعلام كتاب يلخص سيرة الشهيد فهد الاحمد باعتباره واحدا من اهم الرموز الرياضية العربية في مجال الشباب والرياضة والنضال العربي، والكتاب يستعرض مسيرة الشهيد منذ ميلاده عام 1945، حتى وفاته على يد القوات العراقية مدافعا عن بلده الكويت في اليوم الاول من الاحتلال العراقي الغاشم في الثاني من اغسطس 1990.
مماحكة
عندما كانت في أوائل الثمانينات (أمينا للسر بجمعية المعلمين) كنت أتصل بين فترة وأخرى بالشهيد الشيخ فهد الأحمد ـ طيب الله ثراه ـ اما طالبا لأمر له علاقة بالرعاية لأنشطتنا في جمعية المعلمين خاصة اللجنة الرياضية وكانت تضم العديد من أصدقائه بعضهم قضى نحبه ومنهم من هو موجود يدعو له ويترحم عليه، أو أطلب مساعدته لنصرة أحد المعلمين أو المعلمات وكان فزاعا لأهل الكويت وأيضا كان هناك من الشباب الرياضي ما يطلب منا أن نساعده في مجال عمله لخدمة بلده في الرياضة وكان ـ رحمه الله ـ يتفهم هذه الطلبات وكثيرا ما كنت أمازحه قائلا: ماذا تقول يا طويل العمر لن ترفض لي طلب فأنا القدساوي ناديا ومنطقة حيث كان بيتنا في منطقة القادسية، وكان يضحك رحمه الله قائلا: صار.
على الصعيد الشخصي كان الشهيد الشيخ فهد الأحمد يمثل لي الرمز العربي الثوري وكنت التقي احيانا معه في حولي أو الجابرية بحركة فتح أكون مارا للسلام على القائد الشهيد.
«أبوإياد» صلاح خلف ـ الذي اغتيل لأنه رفض الاحتلال العراقي للكويت وقال كلمته المأثورة: نعاني الاحتلال ونقبل بالاحتلال وممن؟ من دولة عربية لأخرى؟
أو عند الأخ سليم الزعنون أبو الأديب أو عوني بطاش أبو محمد أو الشهيد رفيق قبلاوي، الذي اغتاله حزب البعث في الكويت لرفضه تسيير المظاهرات من مدرسة طليطلة وآخرين منهم الاخت هند الحسيني وحسن صرصور واكرم عرفات شاعر القضية او سالم بولغد، أو الاخ بوناصر أو العم نعيم الاسطل والمصور محمد الاسطل كل أولئك كانوا يحبونه ويلتقيهم وعلى رأسهم الرئيس ياسر عرفات والشهيد خليل الوزير ـ أبو جهاد ـ إذا زار الكويت لانه والقائد صلاح خلف كانا يدرسان في ثانوية الدعية ويحبون الكويت لانها المكان الذي تشكلت فيه منظمة التحرير الفلسطينية وحازت على دعم غير مسبوق من الشهيد الشيخ فهد الأحمد، رحمه الله.
في مايو 1990 دعيت ضمن مجموعة مكونة من 31 شخصية كويتية على رأسها الشهيد فهد الاحمد من قبل منظمة التحرير الفلسطينية وكان الشهيد فهد الاحمد على رأس هذه الشخصيات التي تمثل شرائح مختلفة من الطيف الكويتي الداعم للقضية الفلسطينية.
كان الاحتفال في مقر المنظمة في حولي خلف مطعم كناري حاليا، يومها دار حديث مطول مع الشهيد الشيخ فهد الاحمد رحمه الله وسألني ضاحكا: انت فتحاوي ما قصة دعمك للثوار الإريتريين؟ أشوفك تنشر لهم تقارير ميدانية أعجبني تحقيقك عنهم لكن لي رغبة في ان تتحدث وتتحاور عنهم وعن ثوار مورو ـ واعطاني مجموعة ارقام كما فهمت لمكتبه في منطقة الخالدية، ثم جاء موسم الحج وحججت ورجعت وذهبت مع اسرتي الى تركيا وكان وقوفنا امام باب منظمة التحرير الفلسطينية هو آخر العهد به لان يد الغدر لم تمهله وضاعت فرصة ثمينة لي معه.
رحم الله الشهيد الشيخ (ابا الفهود) فقد قضى حياته ساعيا لتحقيق مكاسب لبلده، ساعيا للخير، فزاعا لنصرة المظلوم، باذلا الجهد والمال في (خيرية عجيبة) ولعل وجود مسيرة باسمه اليوم هو وفاء الابناء لهذا «الأب» البار بأسرته وشعبه ووطنه.
رحمك الله شهيدنا وجمعنا الله بك في جنان الخلد مع الشهداء والابرار وحسن أولئك رفيقا ولا نزكي على الله أحدا.