- نترقب بشغف كبير تشريف صاحب السمو لمعرضنا مع زيارته لسوق المباركية يوم الاثنين المقبل
- تزيين شركة بشت القطان لسوق المباركية بالأعلام والمصابيح لا يساوي شيئاً أمام فضل الكويت وأميرها علينا
- فرحتنا بالأعياد الوطنية تجسدت في ولائنا للوطن وقيادته السياسية قبل أن تظهر في تزيين شوارع الكويت القديمة
- أعتز بالمساعي التي بذلتُها لإحياء كشك الشيخ مبارك وتفادي الخطأ الكارثي الذي وضع فيه لأربعين عاماً
محمد راتب
من مجلسه المؤنس، وحديثه الشيق، وكلامه الذي ينطلق بكل سلاسة، يجبرك على عشق التاريخ وتذكر ماضي الكويت وتراثها الأولي وحضارتها القديمة، ومن سدته التي يدير فيها معرض شركة بشت القطان، تستهويك المقتنيات الأثرية النادرة والتي يعتبرها رمزا لأصالة الوطن وسندا وملهما للرقي في حضارتها وتقدمها. العم طاهر جاسم القطان، أحد أبناء الكويت القديمة، نشأ وترعرع في منطقة المباركية القديمة، لا يخفي عشقه لترابها وأزقتها الأثرية ومحالها الحرفية شبرا شبرا وحجرا حجرا، ولا غيرته على ما يشوهها، يرى أن سوقها العريق هو روح الكويت، ونبض ثقافتها وحياتها، وأحد أهم المعالم على خارطة تراثها وأصالتها. ومن خلال لقائه مع «الأنباء» أطلق العم طاهر نداء مناشدة للجهات المعنية في الدولة، لإنقاذ هذه المنطقة التراثية، وإنشاء مكتب مسؤول يعنى بمتابعتها، معربا عن استعداده للمساهمة ماديا ومعنويا في هذا الصدد، للحفاظ عليها من أي تعد أو تشويه، ولتبقى بطابعها الأصلي دون أن يعتريها أي شيء دخيل. كما أكد أن وضع الأعلام والزينة وإنارة الأعمدة في الشارع الرئيسي بالسوق جاء تزامنا مع الاحتفال بالأعياد الوطنية واستعدادا وترقبا لتشريف صاحب السمو لهذا السوق في السابع من مارس لافتتاح كشك الشيخ مبارك. وبين أسطر الحوار الحديث عن كشك الشيخ مبارك ومشروع إنقاذه، وعن صناعة البشوت وتاريخها في العائلة، إلى غير ذلك من الجوانب ذات الصلة..
فإلى التفاصيل:
بداية، كيف ترون استعدادات الكويت وأبنائها للاحتفال بالأعياد الوطنية لهذا العام؟
الحقيقة أن احتفالات هذه السنة كانت متميزة بكل المقاييس، نظرا لأهمية الحدث، حيث يحتفل أبناء الكويت باليوبيل الذهبي للاستقلال وبمرور 20 عاما على التحرير من براثن الغزو الصدامي الغاشم، إضافة إلى فرحة أبناء الشعب بمرور 5 سنوات على تولي سيدي صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم. أما على صعيد الاستعدادات الرسمية والشعبية، فكما رأى أبناء هذا الوطن الحبيب، هناك جهود حثيثة بذلت من قبل جميع مؤسسات الدولة وعلى مستويات عالية جدا تواكب الفرحة العارمة من قبل شعب دولة الكويت بهذه المناسبات العزيزة على قلوبهم.
وما نوع المساهمة التي أبدتها شركة بشت القطان في هذا الخصوص؟
لا يخفى على أحد ما قامت به بعض الشركات والمؤسسات الحكومية من استعدادات تألقت في شوارع الكويت من خلال الأعلام والزينة المضاءة، وهذا الأمر هو ما شجعنا كشركة تتخذ من سوق المباركية التراثي مقرا لها، على أن نكون مبادرين، وأن لا ننتظر جهة أو مؤسسة تزين لنا هذا السوق، ففرحتنا بهذا العرس الوطني العظيم تجسدت في ولائنا للوطن ولقيادته السياسية وعلى رأسها سيدي صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، قبل أن تتجسد في تزيين شوارع الكويت القديمة بالأعلام والإنارة التي نعتبرها أمرا بسيطا، علما أننا قمنا بتشريف السوق بصورة صاحب السمو ووضعنا تحتها العبارة التي أرددها دائما «صباحك خير يا كويت»، وأقصد بها صاحب السمو الأمير حفظه الله. وأعتقد أن ما قمنا به من هذا الجهد، لا يساوي شيئا مقارنة بالفضل الذي أولته لنا الكويت، وقيامنا بتزيين الشارع الرئيسي في المباركية ليس لنا فيه أي منة أو فضل، فنحن نحتفل بمناسبة تفوق في مرتبتها عيد الزواج أو الميلاد، بل إنه لا توجد في هذه السنة مناسبة أعز علينا من هذه المناسبات الثلاث.
معلم تاريخي
بعد وضعكم لهذه الزينة، هل شعرتم باستحسان من قبل جيرانكم في السوق وكذلك المؤسسات الحكومية؟
أعتقد أن أول ثمرة سنقطفها نحن وجيراننا من هذا العمل هو تشريف سيدي صاحب السمو الأمير لزيارة سوق المباركية في السابع من مارس، للقيام بافتتاح كشك الشيخ مبارك، وأعتقد أن هذا الاستعداد هو أقل ما يجب فعله لهذه الزيارة التي أعتبرها تشريفا ليس بعده تشريف، وبافتتاح هذا الكشك سيصبح معلما تاريخيا في قلب منطقة المباركية، وسيكون محط أنظار أي وفد رسمي سيزور الكويت مستقبلا، وهذا ما نسعى لأجله، وهو أن نؤكد لأبناء الوطن أن هذا السوق التراثي هو رمز الكويت التاريخي وقلبها الذي ينبض.
كيف تترقبون زيارة صاحب السمو؟ وماذا تشكل بالنسبة لشركة بشت القطان؟
ما يحدونا من أمل وترقب لهذه الزيارة المشرفة، أستطيع أن أشبهه لك بالأطفال الذين ينتظرون قدوم العيد في شهر رمضان المبارك، فزيارة صاحب السمو ستكون لنا عيدا، بل إن تشريفه لهذا المكان سيكون أجمل فرحة بالنسبة لنا، ولا أخفي عليك أننا شغوفون جدا وكلنا أمل في اكتمال هذا التشريف بزيارة سموه إلى معرضنا عند زيارته لسوق المباركية.
مساهمات وطنية
هل تقدمون مساهمات في المناسبات الوطنية الأخرى؟
نعم، ولله الفضل والمنة، حيث إن شركة بشت القطان ساهمت خلال مهرجان «شكرا معلمي» الذي تم تنظيمه قبل نحو شهرين تحت رعاية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وبحضور سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، ورئيس مجلس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، وكانت نوعية المساهمة هي التبرع بـ 30 «بشتا» للأطفال الذين قلدوا سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد أوسمة المهرجان. وفي اختتام انشطة المهرجان قام سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد بتكريمنا من خلال كأس تم تسليمه لنا على المسرح.
وأعتقد أن شركة فردية صغيرة بحجم شركة بشت القطان لا تقارن بالجهات الكبيرة الراعية للمهرجان مثل الوطنية للاتصالات ومركز الكويت للتقدم العلمي والأمانة العامة للأوقاف، وهذا يفسر بأهمية المساهمة الاجتماعية بالنسبة لنا، وبأننا نرفع راية حبنا لوطننا وولاءنا لأميرنا وشعبنا الطيب.
هل هناك هدف آخر من وضع الزينة في سوق المباركية كلفت النظر إلى هذا الرمز التاريخي للدولة مثلا؟ وماذا يشكل هذا السوق بالنسبة لكم وللكويت؟
سوق المباركية يعتبر رمزا لعمق التراث الكويتي وتاريخ هذه الدولة وجذورها، فالكويت بمساحتها الكبيرة لا تساوي شيئا من دون منطقة وسوق المباركية، مثلما أن إنسانا بلا تاريخ لا جذور له، ونحن نرى أن أي دولة في العالم لديها ما يسمى بـ «داون تاون» أو المدينة القديمة، وأنا أسألك: ماذا بقي لأولادنا ليروه في المستقبل لولا سوق المباركية الذي هو روح الكويت؟ وهل سنفتخر بالمولات التجارية الحديثة الموجودة في الدول المجاورة والتي تفوق عندهم ما لدينا؟ وأذكر لك أنه أثناء وجودي في مدينة روما بإيطاليا أخذ المرشد السياحي بيدي ليدلني على شارع قال إنه «حديث»، فاكتشفت أن عمر هذا الشارع هو 500 سنة، ولاحظت أن جميع المحلات الموجودة هناك تحافظ على التراث القديم، فلا ترى لوحة إعلانية أو أي مسمار على الحائط، إن هذا لعمري هو الحفاظ على التراث والهوية، وسوق المباركية هو هويتنا وتراثنا الذي يجب ألا نتخلى عنه، فالكويت نشأت على الحرف وأسواق المهن الشعبية، وما أجمل أن تتمشى في جنبات هذا السوق القديم وتمر بسوق السجاد وسوق التمر وتشم عبق الكويت القديمة، وأنا أقول لك: إن هذا هو تاريخنا الذي نعتز به وليس ماركات العطور والألبسة والسيارات العالمية.
عمل صامت
عم طاهر.. ألاحظ من سياق كلامك أنك مولع جدا بحب هذا السوق والحفاظ على تراثه وأصالته، فهل يمكن أن نطلع على تفسير ذلك؟
إن جواب سؤالك ليس كلاما يقال، فأنا ارتبطت بهذه المنطقة منذ ولدت وربيت فيها، وقد أصبحت المباركية جزءا لا يتجزأ مني ومن أبنائي وأحفادي، فتصور أنني عودتهم إذا رأوا شيئا تكسر مثلا في سوق المباركية أو حدث شيء يشوه مظهر المنطقة ألا ينتظروا أحدا من المسؤولين ليأتي ويحل المشكلة، أن يتصرفوا انطلاقا من حبهم لهذا المكان وارتباطهم العميق به، فنحن عندما نرى شيئا من هذا القبيل نشعر وكأن بيتنا يعاني من خراب، فالمباركية بيتي، وأنا أقول ولله الحمد: إن ما قمنا به ونقوم به من عمل لهذا المكان التراثي لا ننتظر فيه مدحا من أحد ولا تحقيق سمعة، بل جاء صامتا، فأنت ترى الأضواء والأعلام وصورة صاحب السمو الأمير، حفظه الله، لا يوجد عليها شيء يدل على اسم شركة بشت القطان أو اسمي شخصيا أو أنني قمت بهذا العمل، بل إننا لم نطلب من أحد من جيراننا المشاركة معنا في هذه الاستعدادات.
مكتب مسؤول
إلام تدعو الجهات المعنية في الدولة بخصوص الحفاظ على سوق المباركية التراثي؟
نناشد الجهات المختصة بما فيها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب والمعني بالمناطق التراثية أن يكون في ظل هذه الترميمات مكتب خاص ومسؤول يعنى بمتابعة سوق المباركية، فهم الذين لديهم الصلاحيات المطلقة فيما يتعلق بتراث الكويت، لأنه أمانة في أعناقهم، وأسأل الله أن أكون صادقا إذا قلت لك إني أو أحد أبنائي مستعدين للإشراف على هذا المركز كمتطوعين ومن غير مقابل، بل نحن مستعدون أنا وأبنائي للمساهمة ماديا ومعنويا لنكون العين الساهرة التي توصل أي خطأ إلى الجهات المعنية سواء كان تعديا على أملاك الدولة أو تشويها لتراث الكويت، وهدفنا من هذه المناشدة أن يبقى سوق المباركية بطابعه الأصلي دون وجود أشياء دخيلة، وأن يلزم كل بناء جديد بالمحافظة على الطراز القديم.
وإلام تدعو أصحاب المحال التجارية في هذه المناسبة؟
أدعو كل واحد إلى أن يكون العين الساهرة على سوق المباركية وكأنه بيته، ولو رأوا خطأ أو تصرفا سيئا أو إهمالا للنظافة أو منظرا يعطي انطباعا سيئا عن المنطقة أن يوصل الفكرة إلى المسؤولين ولا يسكت.
كشك الشيخ مبارك.. رمز أثري أنقذته استجابة الشيخ علي الجابر لندائنا
ذكرت في بعض إجاباتك شيئا عن كشك الشيخ مبارك، فهل يمكنك التوسع قليلا في الحديث عنه؟
أنا أحمد الله تعالى أن وفقنا لإطلاق صفارة الإنذار وإنقاذ هذا الرمز التاريخي الذي كان مندثرا في إطار مطعم هندي يبيع السمبوسك للناس، ولولا الله ثم استجابة الشيخ علي جابر الأحمد لنا وبالتعاون مع وزير الأشغال د.فاضل صفر، لما تنبه أحد لأهمية هذا المركز الذي كانت من خلاله تدار سدة الحكم في الكويت على مدى عدة سنوات، وما استطعنا فعله هو أن ناشدنا الشيخ علي الجابر لدى قيامه بجولة في السوق مع د.صفر لفعل ما يمكن فعله في هذا الشأن، فأمر بدراسة هذا الموضوع بشكل جدي وسريع، وتم التخلص من هذا الخطأ الكارثي في هذا المركز التراثي والذي استمر لمدة 40 عاما كمطعم هندي لبيع السمبوسك.
ومن اعتزازي بهذه المساعي التي بذلت لإحياء هذا المكان، قمت بتوثيق أعمال مشروع الترميمات، وتصويرها منذ أول مسمار تم طرقه وحتى نهاية المشروع، وأخيرا تنفسنا الصعداء بعد أن رأينا أسواق المباركية تعدلت بجهود الشيخ علي جابر الأحمد، والذي أعتبر وجوده في محافظة العاصمة قوة وسندا للكويت القديمة وتراثها وتاريخها.
منصب الإمارة هو من تشرّف بالشيخ صباح.. وليس العكس
بعد مرور 5 سنوات على تولي صاحب السمو لمسند الإمارة كيف ترى الكويت وهي رافلة بظلال الخير؟
قد تكون شهادتي في هذا الشأن مجروحة، ولكني أقول وأكرر دائما: «صباحك خير يا كويت»، وأقصد بها سيدي صاحب السمو، وفي وجهة نظري أن الإنسان الذي يحكم البلاد هو الذي يحظى بشرف الإمارة والمنصب، أما الشيخ صباح، فهو من يشرف المنصب والإمارة به، فأنا أعرفه ولي تجارب شخصية معه، وحبي له ذو جذور عميقة، فهو والدنا بكل معنى الكلمة إذا سمح لي بقول ذلك تجاوزا عن مقامه السامي، وما المكرمة الأميرية التي تفضل بها مؤخرا إلا دليل قاطع على أنه والد الشعب، وما فعله هو بمثابة نظرة الأب لأبنائه.