مريم بندق ـ أسامة أبوالسعود
ما انفردت بنشره «الأنباء» أمس من ان نسبة زيادة «القانونيين» لن تكون موحدة لـ «الفتوى» و«التحقيقات» و«البلدية»، شكّل مفاجأة للعاملين في إدارة الفتوى والتشريع الذين كانوا يأملون من مجلس الوزراء إعلان الموافقة النهائية على منحهم العلاوة القضائية أسوة بزملائهم في سلك القضاء والنيابة العامة بعد ان وافق في إحدى جلساته السابقة على ذلك في المداولة الأولى. هذه المفاجأة أدت الى تقديم 117 مستشارا ومحامي دولة استقالات جماعية مسببة ـ من أصل إجمالي العاملين الذين يتراوح عددهم بين 290 و300 ـ الى رئيس الفتوى والتشريع المستشار الشيخ محمد السلمان. وبحسب مصادر مقربة منه فإنه طلب من المستقيلين الهدوء والتزام واجبات العمل مع تأكيده لهم انه متمسك بحقهم في الحصول على العلاوة القضائية كاملة واعدا إياهم بعرض استقالاتهم على مجلس الوزراء الأحد المقبل.
وتوقعت المصادر ان يكون هناك إضراب شامل عن العمل في «الفتوى» الأحد المقبل.
وقد نفت المصادر صحة ما تردد عن تقديم رئيس «الفتوى» استقالته، مشيرة الى انه مستمر على رأس عمله.
وعودة إلى شأن تجمهر العاملين في "الفتوى والتشريع" والاستقالات فقد وقع عدد كبير من المستشارين ومحامي الادارة في مقر ادارة الفتوى والتشريع بأبراج العوضي على استقالة جماعية مسببة هي الاولى من نوعها في تاريخ هذه المؤسسة الرائدة في الكويت.
واعلن الحضور الكبير الذين امتلأت بهم باحة مكتب رئيس الإدارة الشيخ محمد السلمان انهم سيستمرون في خطواتهم التصعيدية حتى تتم الاستجابة لمطالبهم العادلة واهمهما اقرار قانون للادارة ينظم عملها وثانيا اقرار الزيادات المالية المستحقة ومساواتهم بأعضاء النيابة العامة باعتبارهم جزءا من الهيئة القضائية في الكويت.
«الأنباء» كانت موجودة في إدارة الفتوى والتشريع والتقت عددا من الذين تقدموا باستقالاتهم احتجاجا على الاوضاع الحالية وموقف مجلس الوزراء من الإدارة ليدلوا بآرائهم والخطوات التي يقومون باتخاذها في الفترة المقبلة إذا لم تحقق مطالبهم.
في البداية قال النائب من الدرجة الثانية اسامة الشاهين «اليوم (أمس) قدم مئات من الاساتذة والزملاء اعضاء وعضوات الفتوى والتشريع من المستشارين ومحامي ومحاميات الدولة استقالاتهم المسببة لرئيس الادارة وذلك لشعورهم بخيبة امل مزدوجة، الاولى من عدم اقرار قانون لادارة الفتوى والتشريع رغم انها ادارة نص عليها دستور الكويت في عام 1962 الى يومنا هذا، وكما يقولون: باب النجار مخلع، فالجهة التي تصيغ القوانين للدولة وتمر عليها الممارسات والمراسيم والمناقصات والاتفاقيات لا تملك قانونا ينظمها ويطبق ما اراده الدستور لها».
وتابع الشاهين قائلا «وخيبة الامل الثانية تتمثل في المماطلة بإقرار العلاوة القضائية المستحقة لادارة الفتوى والتشريع على اعتبارها احدى الهيئات القضائية في الدولة ـ وفقا لما جرى عليه العمل منذ تأسيس الادارة الى يومنا هذا ـ حيث تمت التفرقة الظالمة لها عن النيابة العامة والقضاء وذلك على مدى اكثر من عامين، وقتل الموضوع بحثا واحيل لـ 7 لجان مختلفة من لجنة تشريعية الى لجنة مالية الى ديوان الخدمة المدنية، وآخر ابداعات مجلس الوزراء كانت بتشكيل لجنة خاصة ـ بعد ان استنفدت كل اللجان ـ وذلك كله بهدف المماطلة فقط على حساب هذا الجهاز الهام والحيوي».
واردف قائلا «ولذلك ارتأى الاعضاء تقديم استقالاتهم ولديهم خطوات تصعيدية اخرى وصلت الى الامتناع عن الترافع امام المحاكم ـ ابتداء من اليوم (أمس) ـ تمثيلا للخزينة العامة، والامتناع عن استلام المناقصات الحكومية الواجب مراجعتها من هذه الادارة، والامتناع عن استلام الاقتراحات النيابية ومشاريع القوانين الحكومية، لعل وعسى يدرك المسؤولون في الدولة اهمية هذا الجهاز الذي اراد له الدستور شيئا وارادت له الحكومة شيئا آخر».
ودعا الشاهين المسؤولين في الحكومة ونواب مجلس الامة والمجتمع المدني في الكويت الى الوقوف وقفة جادة لصالح هذا الجهاز ـ ليس فقط باعتباره جهازا من اجهزة الدولة، ولكن لاعتباره معنى أصيلا وأساسيا في دستور الكويت يراد له ان يكون الضابط للايقاع القانوني والاداء النزيه والشفاف للممارسات الحكومية في الكويت.
وعن عدد اعضاء الفتوى والتشريع وعدد الموقعين على الاستقالات الجماعية قال الشاهين «عدد الادارة 300 عضو وعضوة، عدد كبير منهم وقعوا بالفعل على تقديم الاستقالة الجماعية، والبعض سيوقع الاحد او الاثنين نظرا لوجودهم الآن في دوائر مختلفة واداء مهامهم امام المحاكم، ووعدوا بالقدوم ونتوقع ايضا انضمام رئيس الادارة ونائب الرئيس ـ كما وعدوا ـ للتوقيع على هذه الاستقالة الجماعية.
وعن المطالبات التي يطلبونها من الحكومة قال الشاهين: «مللنا وعودا، ولا ننتظر أي وعود من هذه الوزارة، فخلال عامين كانت الحكومة تعد الادارة وتطالب اعضاءها وعضواتها بعدم اتخاذ أي خطوة تصعيدية بحجة ان الموضوع قيد الدراسة والبحث، وان المسألة مسألة وقت، ولكن يبدو انها «مواعيد عرقوب» ولم تر الادارة منها سوى لجنة تلد لجنة تلد لجنة... ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم».
صرح عظيم
من جهته، قال النائب الثاني بادارة الفتوى والتشريع وأحد اعضاء اللجنة التنسيقية لاعضاء الفتوى والتشريع عبدالعزيز العون: «اساءنا بشدة تعامل مجلس الوزراء مع ادارة الفتوى والتشريع ابتداء من قانون الفتوى والتشريع ومرورا بحقوق اعضائها، فالفتوى والتشريع هيئة قضائية نص عليها الدستور مرورا بحقوق اعضائها، وهي صرح عظيم حتى قبل الدستور الكويتي كانت موجودة بموجب القانون رقم 12 لسنة 1960». وتابع العون: «نحن وبكل بساطة نعمل في هذا الصرح القضائي، ومنذ عملنا فيه من رقي الى رقي ـ بفضل الله ـ وأغلب الاحكام القضائية تصدينا لها، ولكن في آخر 5 سنوات تغيرت طريقة مجلس الوزراء معنا، فأصبحت الفتوى والتشريع أداة بيد مجلس الوزراء بدلا من ان تكون جهة رقابية على مجلس الوزراء، وبالتالي فإن لنا اليوم وقفة جماعية، حيث لا يشرفنا ان يتعامل معنا مجلس الوزراء بهذه الطريقة، ولا يشرفنا ان نعمل مع مجلس وزراء لا يحترم الدستور ولا القواعد القانونية وأشرف لنا ان نقدم استقالتنا، وهذا ما تم اليوم». وتابع قائلا: «تقدمنا باستقالة جماعية ونطلب من اعضاء مجلس الامة فتح باب التحقيق في هذه الاستقالة الجماعية المسببة، وفيها بعض الامور التي يجب ان يتدخل فيها مجلس الامة».
وختم العون تصريحه بالقول: «نحن في النهاية نريد مصلحة هذا المرفق، فالموضوع ليس موضوع علاوة ولا فلوسا وانما هو موضوع كرامة، فنحن لا نستحق ان يماطل مجلس الوزراء على مدى عامين ويتلاعب بنا، فنحن ـ ولله الحمد ـ رجال قانون، وسنتخذ الاجراءات القانونية الكفيلة باستعادة حقوقنا ـ ان شاء الله».
إثبات موقف
من جهتها، قالت المحامية غدير يعقوب حياتي عضو الفتوى والتشريع ان الهدف من وراء تجمعنا اليوم هو اثبات موقف والنطق بكلمة حق نتيجة الضغوطات التي مورست علينا في الفترة الاخيرة بهدف شل مرفق من أهم المرافق الحيوية في الدولة وهو مرفق قانوني يحمي مصالح الدولة وخزانتها العامة ويعبر عن آرائها ويصوغ تشريعاتها. وتابعت قائلة: «الهدف من هذا الموقف ان نؤكد ان اعضاء الفتوى والتشريع أصحاب ثوابت وكلمة راقية تصدع بالحق، فليس الحق مجرد أوراق ومستندات نتبادلها، وانما أمور يتعين علينا المطالبة بها، في مواجهة مجلس الوزراء، ولا يتعلق الامر بمزايا مالية فقط او حقوق شخصية لعضو او اكثر من الفتوى والتشريع وانما حقوق جماعية تحمي اختصاصنا، ووجودنا القانوني، ومركزنا الذي أكده الدستور في مطالباتنا وعدم قبولنا المهانة والاذلال والتراجع في كل القرارات السياسية والادارية العليا التي تتخذ في مواجهة اعضاء الفتوى والتشريع ـ بشكل خاص ـ وادارة الفتوى والتشريع بشكل عام».
وأضافت حياتي قائلة: «ما حدث اليوم هو كلمة صادقة نطقت اليوم من كل الموجودين عند رئيس الادارة بهدف ابراز هذه الجوانب، واننا لن نقبل بالتقاعس عن حقوقنا، ولا التراجع عن اهمية دور الفتوى والتشريع ولا قبول زعزعة مراكزنا القانونية وما يترتب على ذلك من آثار، فأولى للمحامي ان يدافع عن حقوقه حتى يتمكن من ان يمثل الدولة في الدفاع عن حقوقها ومواجهة غيرها من الخصوم».
«نعم لنا كلمة حق تقال»
أصدرت اللجنة التنسيقية لاعضاء الفتوى والتشريع بيانا أوضحت فيه مجموعة من المشاكل والنقاط التي يعترضون عليها والخطوات التي سيقومون بها للتعامل مع الوضع الحالي الذي لا يرضون عنه، وهذه النقاط والخطوات هي كالتالي:
> اهمال ومعارضة غير مباشرة من مجلس الوزراء لقانون الفتوى والتشريع ومنع تطور هذه الهيئة القضائية وفق الدستور.
> التلاعب بملف الزيادة المالية لاعضاء الفتوى والتشريع وتحويلها للجان المتعددة والبحث المستفيض والنتيجة يستحقون الزيادة وفق الأسانيد والقوانين وتخرج لنا لجان غريبة مثل لجنة 2/3/2011 «أخطأ من عطاك الشور وأيدك يا سمو رئيس الوزراء».
> سيكون لاعضاء الفتوى والتشريع استقالة جماعية مسببة ستكون الأولى من نوعها بالكويت وذلك لمخالفة القانون والالتفاف بالاجراءات غير المنطقية وقانونية من مجلس الوزراء تجاه الفتوى والتشريع.
> ستكون سلسلة من الاجراءات هدفها الرد على عدم تطبيق القانون وليس ضد اشخاص نحن محامو الدولة ونحن افضل من يحرص على مصلحة الدولة ومن هذه الاجراءات (بيان صحافي – مؤتمر صحافي – شكوى – مفاجأة).
> اعضاء الفتوى والتشريع يد واحدة والهدف المصلحة العامة فقط وتطبيق واحترام القانون فقط.
> ولنا كلمة حق تقال وانتظرونا.