ليلى الشافعي
دعا د.فرحان الشمري المسلمين اليوم الى ضبط مفهوم الحرية الذي بدأ يشغل حيزا كبيرا من واقع الامة الاسلامية واهتمام شبابها في اللحظة الراهنة لكي لا تصبح منفلتة وبلا ضوابط فتقودها الاهواء والامزجة نحو الهاوية. جاء ذلك في المحاضرة التي نظمتها جمعية إحياء التراث الاسلامي فرع محافظة الجهراء في مخيمها الربيعي التاسع حملت عنوان «الحرية المزعومة» وذلك في منطقة استراحة الحجاج وسط حضور جيد. وبدأ الشمري محاضرته بايضاح مفهوم الحرية الحقيقية وهي التي جاء بها الاسلام ونادى اليها الشرع، وذلك بأن يكون الانسان عبدا لله وحده في كل شيء ومتحررا من كل باطل يتنافى مع هذه العبودية، ولذلك يرفع الله عباده الذين حرروا أنفسهم من قيود العبودية لغير الله منازل طيبة في الدنيا والآخرة، واستشهد الشمري بمقولة ظل يتردد صداها في الاسلام منذ ألف وأربعمائة سنة تنادي بحرية الانسان (جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد). وانتقد الشمري في هذه اللحظات التوسع باستخدام مصطلح الحرية ومفاهيمها حتى تم توظيفها بشكل فج، مما أفضى الى محاذير شرعية ارتكبت باسم الحرية ومنها أن أصبح هذا المفهوم مقدما على كل شيء حتى على تطبيق الشريعة الاسلامية، الامر الذي أدى الى ان يتعلق منشد الحرية قلبه بغير الله، فأصبح أسير هذه الحرية ومقدسا لها حتى انه في النهاية خسر هذه الحرية ولم ينصره الآخرون، ويضيف الشمري: انه من أشد مساوئ الحرية التي دفع ثمنها البشر هو وقوع الكثير منهم في آفات ومحرمات لا يبالي بها، فبدعوة الحرية يغتاب الكثير من الناس بعضهم البعض وينغمسون في أعراض، بعضهم البعض بالكذب والبهتان سواء في الملتقيات أو في وسائل الإعلام، وهذا جزء بسيط جراء الاندفاع المحموم خلف هذه الحرية، معللا ان نصف مشاكل المجتمع اليوم يعود الى إهمال حديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، وبين الشمري ان الحرية الحقيقية هي التي دعا لها الاسلام وعبر عنها بقاعدة مشهورة لدى المسلمين وهي أن الاصل في الاشياء الإباحة دون إهمال الضوابط الشرعية والدينية المقننة لمصلحة المسلمين، ولذلك يظن البعض ان الذين يتمسكون بدين الله وعلى منهجه القويم هم أقل الناس حرية وسعادة، وهذه نظرة خاطئة، بل قيدوا هذه الحرية دون انفلات بضوابط شرعية هي مراد الاسلام بألا يطلق عنان كل شيء دون حدود.