أصدر المنبر الديموقراطي الكويتي بيانا جاء فيه: صادف احتفال الكويت بأعيادها الوطنية المجيدة في أواخر شهر فبراير 2011 انطلاق اعصار الثورات الجماهيرية التي اجتاحت الاقطار العربية من المحيط الى الخليج، والتي اطاحت بأنظمة الاستبداد والفساد في بعضها، وتهدد بإطاحة ما تبقى منها، مؤذنة بانبلاج فجر جديد يعيد لشعوب الأمة العربية حريتها التي صودرت منها، وكرامتها التي استبيحت، ويفتح الطريق لتأسيس الحكم الرشيد، وفق دساتير مستوفية شروط النظام الديموقراطي، تضمن المشاركة الشعبية الفعالة عبر انتخابات نزيهة تعكس الارادة الحقيقة للمواطنين.
التغيير والإصلاح
واصبح مطلب التغيير والاصلاح ملحا ترفعه القوى الجماهيرية الفاعلة، بقيادة طلائع الشباب، ومساندة جميع القوى الاجتماعية، ودعم المجتمع الدولي وبما فيها الولايات المتحدة والدول الأوروبية المتحالفة مع الانظمة العربية والتي وفرت لها الحماية وامدادها بأسلحة ووسائل وأنظمة القمع.
ودول الخليج والجزيرة العربية ليست بمنأى عن التأثر برياح التغيير تحت ضغط مطالب الجماهير وإلحاح المجتمع الدولي بضرورة اعادة النظر في نهجها التسلطي والتصالح مع شعوبها بالاستجابة لمطالبها لإحداث تغييرات سياسية جادة وملموسة في نظمها.
ولا تختلف الكويت في أوضاعها السياسية فهي تواجه اختلالات جسيمة وتواجه تحديات حراك سياسي شمل شرائح عديدة من المجتمع وعلى رأسها حركة شبابية نشطة.
نظام مستقر
وقد كانت الكويت تتميز بتمتعها بنظام مستقر وفره لها دستور 1962 الذي حماها ابان كارثة الاحتلال الغاشم وكان اساسا مناسبا للتطور السياسي وبناء دولة القانون والمؤسسات، غير أن نزعة الهيمنة لدى السلطة الحاكمة والنظر الى الدستور على انه غلطة تاريخية ينبغي تصحيحها، وعدم تقبل العيش في اطاره وتحت سقفه واحترام أحكامه أدى الى تعثر استكمال مشروع بناء دولة المؤسسات التي تحكمها سيادة القانون، وتمثل ذلك في السعي المتواصل لتقويض الدستور بوقف العمل به وتعليقه لإدخال تعديلات عليه تقلص صلاحيات السلطة التشريعية واصدار القوانين التي تقيد وتصادر الحقوق والحريات الدستورية، واستخدام أموال الدولة ومصالحها ووظائفها والخدمات التي تقدمها للتأثير في نزاهة الانتخابات وكسب الموالين لضمان مجلس امة عديم الفاعلية خاضع بأغلبيته للسلطة والحرص على احتكار افراد الاسرة الحاكمة للمناصب الرئيسية للحكومة والوظائف القيادية في أجهزة الدولة، بل امتد ذلك للهيمنة على المؤسسات والانشطة الاهلية مما خلق صراعات مع مكونات المجتمع.
حقوق تحترم
ونتيجة لذلك هوت البلاد الى مستنقع الركود والفوضى معا، فلا قانون ولا نظام يطبق ولا حقوق تحترم، وبدلا من أن تدار الدولة بسلطة القانون والنظام، أصبحت تدار بسرطان الواسطة، ما أدى الى اضعاف الجهاز الاداري وتدني ادائه وشل قدرته على الوفاء بحاجات المواطنين، والشاهد على ذلك التعيينات للمناصب القيادية في الآونة الاخيرة والقرارات المالية لشراء الرضا والولاء، وهو ما يعكس التناقض الفج مع الادعاء بوجود خطة للتنمية البشرية والاصلاح الاداري للارتفاع بكفاءة أداء أجهزة الدولة وترشيد استخدام الموارد لرفع القدرة الانتاجية بدلا من تكريس النزعة الاستهلاكية، وليس بمستغرب في ظل مثل هذا المناخ أن يطغى استشراء الفساد وتتسع مساحته حتى أصبح عبئا تعجز البعارين عن حمله، وغولا يهدد كل ما هو طيب وايجابي في حياة بلدنا.
وقد تفاقمت هذه الظواهر السلبية منذ تولي الشيخ ناصر المحمد رئاسة الوزراء قبل أكثر من خمس سنوات، وازداد التخبط في تصرفات الحكومات التي ترأسها، بل وأضافت اليها ظواهر مستحدثة، كزيادة السخاء المالي والهدايا لتطويع الذمم والولاءات وتمويل المؤسسات الاعلامية وعدد من مؤسسات المجتمع المدني، والتأثير في مواقف النواب وغير النواب، وملاحقة أصحاب الرأي والمستخدمين لوسائل الاتصال الاجتماعي والناشطين السياسيين، والأنكى من كل ذلك الانجراف الى استخدام العنف والقمع المفرط ضد المواطنين لا لسبب الا لممارسة حقوقهم الدستورية بطريقة سلمية، وهذا ما جعل موقف رئيس الوزراء محرجا يصعب الدفاع عنه في مواجهة اتساع المطالبة الشعبية بتنحيه أو تنحيته، ازاء كل ذلك ونظرا لما آلت اليه حالة البلد التي تكاد تقترب من الفوضى المدمرة ان لم تكن قد غرقت فيها، فان الامر بات يتطلب النظر في اصلاحات نوعية شاملة قد تكون مدخلا للانقاذ.
تغييرات قشرية
ولا يكفي لإصلاح الاوضاع احداث تغييرات قشرية أو جزئية وانما المطلوب التصدي بتغييرات جذرية جدية وملموسة تتناول هيكلية صنع القرار تستوحي روح الدستور وتدفع عجلة التحول الديموقراطي واستكمال شروطه بتحقيق المشاركة الشعبية في صنع القرار عبر انتخابات حرة ونزيهة تعكس الإرادة الشعبية وتنبثق عنها حكومة كفؤة قادرة على إدارة شؤون البلد بالالتزام بأحكام الدستور نصا وروحا، والتطبيق الحازم للقوانين والأنظمة والمحافظة على حقوق المواطنين وحرياتهم وكرامتهم على أساس العدل والمساواة وحماية أموال الدولة ومصالحها وأراضيها.
ولا تتحقق هذه المطالب بتغيير في الأشخاص، بل قد يؤدي ذلك الى ما هو أسوأ، فقد لا يكون البديل المطروح خيرا من سلفه، وإنما ينبغي التأكيد على ضرورة اعتماد تغييرات هيكلية تمس صنع القرار وتضمن التزام السلطة التنفيذية بمنهج جديد.
الدائرة الواحدة
ولتحقيق ذلك يدعو المنبر الديموقراطي الكويتي الى تبني الاقتراحات التالية:
- 1 ـ اختيار رئيس الوزراء من غير أعضاء أسرة الصباح، تجنبا لآثار الصراعات والتوازنات داخل الأسرة على الإدارة السياسية في الدولة، وسعيا لتحقيق مبدأ تداول السلطة التنفيذية ومحاسبتها، كما هي الحال في المملكة المغربية والمملكة الأردنية.
- 2 ـ تعديل المادة 80 من الدستور لزيادة أعضاء مجلس الأمة وعدم اعتبار الوزراء غير المنتخبين أعضاء بحكم وظائفهم.
- 3 ـ تعديل المادة 98 لصالح وجوب حصول الحكومة على ثقة المجلس، بناء على البرنامج المقدم منها قبل مباشرة أعمالها.
- 4 ـ وضع حد لأداة الواسطة المستشرية في الإدارات والأجهزة الحكومية باعتبارها أداة تخريب وتمييز، تؤدي الى إلغاء القانون وشل الإدارة الحكومية.
- 5 ـ الارتقاء بكفاءة القضاء وتعزيز استقلاليته بما يكفل نزاهته وحيادة وتيسير وصول المواطنين للمحكمة الدستورية.
- 6 ـ تعديل قانون الانتخابات بتبني نظام الانتخابات النسبي ضمن دائرة انتخابية واحدة، يكون أكثر عدلا ويتيح فرصة لتجاوز الآثار السلبية للفرز الطائفي والقبلي والفئوي.
- 7 ـ اصدار قانون لتنظيم نشاط الجمعيات والتنظيمات والأحزاب السياسية.
- 8 ـ إنشاء هيئة لمكافحة الفساد ومتابعة وإقرار كشف الذمة المالية للقياديين ومنع تضارب المصالح.
- 9 ـ فتح ملفات الفساد وملاحقة الإثراء غير المشروع وإعادة النظر في قرارات تخصيص أراضي الدولة المخالفة للدستور والقانون.
- 10 ـ الحد من هيمنة أفراد الأسرة الحاكمة على الدوائر والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني.
- 11 ــ إلغاء جهاز أمن الدولة لوضعه غير القانوني الشاذ وملاحقته لأنشطة المواطنين.
ويرى المنبر الديموقراطي الكويتي ان تبني هذه المقترحات يمكن ان يكون سبيلا الى تعديل الأوضاع السياسية والاجتماعية في الدولة، لما فيه المزيد من مشاركة الشعب في صنع القرار الوطني، وضمان الحريات العامة، وتحقيق العدالة الاجتماعية.