5 أيام في الرياض
(4 - 5)
إعداد: ضاري المطيري
تعصف بالأمة الإسلامية الفتن والمحن، فيحفظها الله بالعلماء الذين هم ورثة الأنبياء، ويتأكد لعامة المسلمين عند اشتباه الأمور الأخذ من أهل العلم الربانيين الأكابر والالتفات حولهم، لقوله تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، ولقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه «لايزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل كبرائهم، فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم هلكوا».
وإيمانا بأهمية الرحلة في طلب العلم نظم شباب منطقة العارضية بالكويت رحلتهم العلمية للسنة الرابعة إلى الرياض للالتقاء بالعلماء، وخصوا بزيارتهم بعض أعضاء هيئة كبار العلماء وأساتذة جامعة محمد بن سعود الإسلامية وغيرهم، كالعلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك، وأ.د صالح السدلان، ود.سعد الشثري، ود.عبدالعزيز السعيد، ود.فهد الفهيد، وعبدالله السعيد، ود.عبدالله الشثري، وعبدالله الزامل، ود.عبدالعزيز السدحان، وأ.د.عبدالله الجبرين، ود.محمد الشويعر، وأشرف على الرحلة التي استغرقت 5 أيام الداعية محمد العصيمي.
-
إذا اختلف العلماء فعلى العامي أن يأخذ بقول أوثقهم في نفسه وبحسب ما يسمع مثلما يحرص في مرضه على اختيار أحسن الأطباء
أكد عضو اللجنة الدائمة للبحوث والفتوى والأستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض د.عبدالله بن عبدالعزيز الجبرين الإجماع على تحريم الغناء والمعازف وفقا للنصوص الشرعية الكثيرة، مشيرا إلى أن أول من اشتهرت مخالفته للإجماع الإمام ابن حزم في القرن الخامس الهجري. وأشار الجبرين في لقائه مع شباب منطقة العارضية من الكويت وموفد «الأنباء» الى أنه يلزم العامي التقليد في مسائل الدين، وعند اختلاف العلماء عليه الأخذ بقول أوثقهم في نفسه وبحسب ما يسمع مثلما يحرص في مرضه على أحسن الأطباء، لافتا إلى أن ليس لطالب العلم المبتدئ الترجيح في المسائل الخلافية لأنه لا يستطيع التمييز بين الأدلة. وأضاف أن الطعن بالصحابة رضي الله عنهم مصادم لما جاء في القرآن الكريم، مثل قوله تعالى (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا)، ومبينا أن صلاة الجماعة أفضل في الصف الأول بالمسجد النبوي منها في الروضة، وأن النافلة أفضل منها في الروضة، وهذه بعض من الأسئلة التي أجاب عنها فضيلته، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
نود من فضيلتكم توجيهات ونصائح تقدمها لأبنائك من الكويت؟
بداية نحمد الله على النعم الكثيرة، فبعضنا الآن يعيش عيشة الملوك في أزمان سابقة، بل أفضل منها، حتى ذكر أن بعض الخلفاء في الدولة العباسية خرج إلى الحج فلم يستطع الوصول إلى مكة من وعورة المركب فرجع، ونحن الآن كل واحد منا لديه سيارة مكيفة ـ ما شاء الله ـ تمشي به، كغرفة مكيفة تنقله من مكان إلى مكان، لكن هذه النعم كالسيارات والطيارات وأنواع المراكب وتفرغ الناس ورغد العيش تكون خيرا إذا استخدمت في طاعة الله، وتكون نقمة إذا استخدمت في المعصية. والحمد لله فقد تيسرت طرق طلب العلم، وصار كبار المشايخ في بيتك، فيمكن أن تضع جميع دروس الشيخ ابن باز وابن عثيمين وفتاواهم في المسجلة والكمبيوتر معك، وأصبح متيسرا أيضا نقل الدروس عبر الفضائيات والمواقع الإلكترونية، وهذه النعم قد تكون نقمة إذا توسع فيها الإنسان وانشغل بها عن الواجبات وطاعة الله، فالنعم هي في حقيقتها اختبارا، والله قد يبتلي بالسراء كما يبتلي بالضراء، وقد تكون السراء والخيرات نعمة وقد تكون نقمة واختبارا، قال تعالى (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه)، بل إن الله خلق الزينة على الأرض للابتلاء. ونحن خلقنا لنبتلى ونختبر في عبادة الله، هل نعبدالله أم نفرط؟ كما قال سبحانه «إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا»، كما جعلت في الأرض مغريات وشهوات لنختبر فيها، وأفظع من أن تكون النعم اختبارا، أن تكون استدراجا، وهو من أعظم عقوبات المعاصي، والاستدراج هو ان يعطي الله العبد بسبب المعصية مزيدا من متع الدنيا، قال النبي صلى الله عليه وسلم «إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب على معصيته، فاعلم أنما هو استدراج»، لذلك لا ينبغي أن نغتر بالظلمة إذا طغوا لأنه نوع من الاستدراج، قال تعالى (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار)، وأخيرا أحذركم من الانشغال بمباحات الدنيا عن طلب العلم الشرعي، فالعلم سلاح ضد فتن الشبهات والشهوات.
المسائل الخلافية
كيف لطالب العلم المبتدئ أن يرجح بين مسائل العلم الخلافية؟
لا يمكن، ولا ينبغي له أن يحاول الترجيح خاصة المبتدئ، اللهم إلا فيما يتعلق بعمله هو إذا كانت لديه القدرة وبعض العلم فيمكن أن ينظر بين الأقوال بنفسه، فينظر في أدلة الفريقين وما هو أقرب إلى الصواب فيعمل به، وأما المبتدئ فليس له إلا التقليد لأنه لا يستطيع التمييز بين الأدلة، فيمكن أحيانا في الأدلة أن تقدم قول الصحابي في المسألة على الآية القرآنية، لأن الآية القرآنية قد لا تكون في الموضوع المستدل به، بينما قول الصحابي في صميم الموضوع، فالدلالة شيء والثبوت شيء آخر وبينهما فرق، الدلالة تحتاج إلى أصول الفقه واللغة وقواعد التفسير.
الله جل وعلا يقول (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، فماذا يصنع المسلم إن اختلف العلماء في المسألة الفقهية؟
هذه الآية تناسب المبتدئ، يسأل أهل العلم فيما يشكل عليه من المسائل، وإذا اختلف أهل العلم في مسألة ما على قولين فيجب على المسلم أن يأخذ بقول أوثق العلماء في نفسه وبحسب ما يسمع، مثلما تحرص، إن كان عندك مرض عضال، على أن تذهب إلى أحسن الأطباء، فعليك في مسائل الشرع أن تذهب إلى أفضل أهل العلم في نفسك.
مصادمة للقرآن
هل يمكن إطلاق الكفر على من يطعن بالصحابة أو يسب بعضهم كخالد بن الوليد ومعاوية وأبو هريرة رضي الله عنهم؟
والله يصعب الحكم بالكفر، خصوصا من يطعن في الأشخاص، وعموما من يسب الصحابة ويعيبهم هو مصادم للقرآن، يسمع قول الله تعالى (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا) ثم يأتي ويسبهم، لا شك هذا مصادم للقرآن.
كثير من المدارس تلزم المدرسين والطلاب سماع النشيد الوطني المصحوب بالموسيقى، فما نصيحتك في هذا الشأن؟
لاشك أن الأصل هو المنع في هذه الأمور والتحريم، لكن الإنسان إن لم يستطع طلب العلم إلا بهذا الأمر، وكان لا يخشى فتنة على قلبه، كأن تكون هذه الموسيقى ليست من النوع التي تحدث الطرب فسيكون الأمر أخف، وعموما النصوص الواردة في المعازف تدل على منعها.
بناء على ما سبق هل تصح عبارة «الغناء محرم بالإجماع»؟
حكى ما يقرب من 30 عالما الإجماع على تحريم الغناء، ولم يعرف القول بالجواز إلا من ابن حزم.
في الحديث النبوي «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» فأيهما أفضل الصلاة في «الروضة» أم الصف الأول بالنسبة للمسجد النبوي؟
لاشك أن صلاة الجماعة في الصف الأول أفضل منها في «الروضة»، أما النافلة فأداؤها في «الروضة» أفضل.
كراهة التغني بالدعاء
ما حكم تغني بعض الأئمة بالدعاء؟
أقل أحواله انه على الكراهة، وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنه ذم السجع في الدعاء، وأنصح بمراجعة كتاب بكر أبو زيد في هذا الشأن.
أكد أهمية رد الأمور إلى أهلها وترك الخوض فيما لا يعني فكثير من الفتن إنما تنشأ عن الشائعات
السعيد: الغيرة على حرمات الله إذا لم تقيّد بالشرع صارت هوى مذموماً ووبالاً على صاحبها مهما بلغ حسن قصده
وفي لقاء آخر أكد رئيس قسم السنة بجامعة الإمام ورئيس الجمعية السعودية للسنة النبوية المطهرة عبدالعزيز بن محمد السعيد على وجوب التعامل مع الفتن بمقتضى الدلائل الشرعية، بنصوصها وقواعدها ومقاصدها، وان خالفت الهوى، محذرا من الشائعات التي لا رصيد لها من الحقيقة، كان ذلك ضمن حديثه الذي خص به «الأنباء» عن المنهج الشرعي في الفتن، وذلك خلال استضافته لشباب العارضية في رحلتهم العلمية الرابعة إلى الرياض.
وأوضح السعيد أن الإسلام عني بالتحذير من الفتن، وذكر ما تتقى به، ذلك أن مبدأ الفتن كلمة تقال، أو عمل لا يلقى له بال، أو شرارة تضرم ثم تضطرم نارا لا تنطفئ، وربما كان أولها ضحكا وفرجة، ومنتهاها أحزانا وخوفا وهلاك الحرث والنسل وغلبة الفساد، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن، وبين تتابعها، حتى ذكر كما في صحيح مسلم أنه يأتي على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل، ولا يدرى المقتول على أي شيء قُتل، واجتناب الفتن من سعادة المرء، قال صلى الله عليه وسلم «إن السعيد لمن جنب الفتن» كررها ثلاثا، مشيرا إلى أن كثيرا من الناس تتخطفهم في الفتن آراء الرجال، وأهواء السفهاء، وزلات العلماء، وحظوظ النفوس، ولهذا لا عجب أن ترى المتناقضات، وافتراق الناس، وإعجاب كل ذي رأي برأيه وإن خالف الحق والعقل. واضاف أن ما وقع من الفتvن بالكسب فالعبد مسؤول عنه إنشاء واتقاء وأثرا، بمعنى أن تبعاتها تقع على منشئها والباعث عليها، وأن الواجب على كل مكلف اتقاء الفتنة بحيث لا يتسبب في وجودها أو إثارتها أو إذكائها واستمرارها، كما أن آثار الفتنة وهي ما يترتب عليها من عقوبات في الدنيا والآخرة تقع على مكتسبها كما قال تعالى (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب. ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور). ونبه السعيد على أن النفوس في الفتنة أشد إنكارا للحق، وأن أكثر الناس لا يعرف الفتنة إذا أقبلت ولكن يعرفها إذا أدبرت، قال الحسن البصري رحمه الله «العالم يرى الفتنة وهي مقبلة، والناس لا يرونها إلا وهي مدبرة»، مشيرا إلى أن دفع الفتنة قبل وقوعها خير من رفعها بعد وقوعها. وأوضح أن قليلا من الناس من يتلقى الفتن بالأصول الشرعية وإن خالفت الهوى، لافتا إلى أن الواجب على المسلم في الفتن أن يتعامل معها بمقتضى الدلائل الشرعية، بنصوصها وقواعدها ومقاصدها، في دفع الفتن أو الوقاية منها.
المنهج الشرعي في الفتن
وقال السعيد: ان المنهج الشرعي في الفتن يكون أولا بترك الاستشراف للفتن والتعرض لها، قال صلى الله عليه وسلم لما ذكر الفتن (من تشرف لها تستشرفه) متفق عليه، وثانيا السعي في إزالة أسباب الفتنة قبل وقوعها، والحرص على الإصلاح فيها، وفيه قوله تعالى (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)، وثالثا الصبر والحلم والتأني وترك العجلة قال تعالى (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون).
وأما رابعا فالتثبت في الأخبار وعدم الالتفات إلى الشائعات، فكثير من الفتن إنما تنشأ عن الشائعات التي لا رصيد لها من الحقيقة، والحق تعالى يقول (يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، وخامسا قول الخير أو الصمت لاسيما أهل الإيمان، لقوله صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» وهذا إنما يكون إذا وقع النطق في مكانه والسكوت في مكانه، وإليكم شواهد ذلك من فعل الصحابة رضي الله عنهم، روى البخاري عن أبي هريرة قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين، فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم يعني أنه لم يبثه خشية الفتنة.
وتابع السعيد حديثه في التعامل الشرعي في الفتن ووسائل الوقاية وبين أهمية استصحاب الأحكام الشرعية العامة والخاصة في الفتنة كالأحكام المتعلقة بالدماء والأموال والأعراض، والأحكام المتعلقة بالحقوق، فقد روى البخاري عن عبيد الله بن عدي بن خيار أنه دخل على عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو محصور، فقال: إنك إمام عامة ونزل بك ما نرى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج، فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم، وروى البخاري أيضا عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا جاءه فقال: يا أبا عبدالرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا.. الآية) فما يمنعك ألا تقاتل كما ذكر الله في كتابه؟ فقال: يا ابن أخي أغتر بهذه الآية ولا أقاتل، أحب إلي من أن أغتر بالآية التي يقول الله تعالى فيها (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم.. الآية). ومن أسباب الوقاية من الفتن أن يكون أخذ الحق بطرقه المشروعة، فإن كان الظالم هو الحاكم وجب الصبر عليه، وحرم الخروج عليه، ونبذ البيعة، روى مسلم أن سلمة بن يزيد الجعفي رضي الله عنه قال: يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم، ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فقال: «اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا، وعليكم ما حملتم»، وقال صلى الله عليه وسلم: «خيار أئمتكم: الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم، ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم: الذين تبغضونهم، ويبغضونكم، وتلعنونهم، ويلعنونكم» قال: قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم عند ذلك، قال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من ولي عليه وال، فرآه يأتي شيئا من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة» أخرجه مسلم.
ومنها حسم مادة التأويل، ذلك أن كثيرا من الفتن إنما تقع بالتأويل الفاسد الذي ينميه البغي والحسد، وكذلك منها قطع علائق حظوظ النفس في الفتن، ذلك أن بعض الناس إذا حصلت فتنة يحاول أن يكون هو المستثمر الأكبر فيها والمستفيد الأول منها، ولهذا يقع منه الحسد، والبغي، والظلم، والتلون.
ومن أسباب الوقاية من الفتن التجرد للحق، وعرض أعمال الناس على الكتاب والسنة، فإن مدعي الحق والإصلاح كثير، والحق ما وافق الحق، وليس ما جرى على يد مدعيه ولو كان صالحا، ومنها تقييد الغيرة على حرمات الله بقيودها الشرعية، فإن الغيرة إذا لم تكن مقيدة بالشرع كانت وبالا على صاحبها وعلى غيره، مهما بلغ حسن القصد، لأن ما لم يكن مقيدا بالشرع فهو الهوى، والهوى كما قال الله «فلا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله». ومنها رد الأمور إلى أهلها على حد، وترك الخوض فيما لا يعني، على حد قوله تعالى: «وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم»، وروى أبو داود والنسائي وأحمد وصححه الحاكم عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة فقال: «إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا». وشبك بين أصابعه، قال فقمت إليه فقلت: كيف أفعل عند ذلك جعلنى الله فداك؟ قال «الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ بما تعرف ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة».
دعاء الله واللجوء إليه
وأضاف السعيد أن من أعظم الوسائل في اتقاء الفتن ما أرشد إليه الكتاب العزيز والسنة المطهرة دعاء الله والضراعة إليه، ومنه الاستعاذة من الفتن، كما ذكر الله عن الخليل وأتباعه أنهم قالوا «ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم»، وروى مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن»، ومنها كثرة العبادة، فإن كثرتها يثبت على الدين، وفي صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم «العبادة في الهرج كهجرة إلي». ومنها لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، ففي الصحيحين لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الفتن قال حذيفة: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك»، وفي رواية: قال حذيفة: قلت: يا رسول الله إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شر؟ قال: (نعم) قلت: هل من وراء ذلك الشر خير؟ قال: (نعم) قلت: فهل من وراء ذلك الخير شر؟ قال: (نعم) قلت: كيف؟ قال: «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس»، قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: «تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع»، فإن كان ثمة إمام وجب القيام معه، يدل على هذا ما رواه البخاري عن نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة» وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني لا أعلم غدرا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله، ثم ينصب له القتال، وإني لا أعلم أحدا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه.
واقرأ ايضاً:
الشثري: منزلة العلماء أرفع من منزلة الشهداء وحاجتنا إلى العلماء أشد من حاجتنا إلى الأطباء والمهندسين
السدلان لـ «الأنباء»: المظاهرات الأخيرة في وطننا العربي ليست من منهج الإسلام ولا تتفق مع أسلوب الغرب السلمي
العلامة عبدالرحمن البراك في لقاء نادر مع «الأنباء»: الأحداث الأخيرة لا تدل على جواز المظاهرات والوقائع قد يتغير حكمها قبل أن تقع وبعد أن تقع