ضاري المطيري
استنكر عدد من الدعاة والمشايخ في الكويت سماح السلطات الأمنية بدخول الداعية البريطاني السوري الأصل محمد سرور بن نايف زين العابدين إلى الكويت، خاصة في ظل الفتن والأجواء المشحونة التي تعيشها المنطقة، لافتين إلى أن سرور ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين في سورية، وينسب إليه الفكر السروري المتشدد، وهو صاحب مجلة «السنة» المكفرة لدولة السعودية وحكامها، كما أنه وصف حكام الخليج بأنهم عبيد الأميركان، وله كلام سيئ في حق هيئة كبار العلماء السعودية أيضا.
وحذر من فكره، علماء أمثال ابن باز والألباني والفوزان وغيرهم من المشايخ السلفيين، مشيرين إلى أن فكره يخالف معتقد أهل السنة في قضايا التكفير خاصة، ويذكر أن من أبرز من تأثر به كتب سيد قطب، ومن أبرز تلامذته في السعودية الداعية المعروف د.سلمان العودة، كما أنه معروف بالكتابات في التحذير من التوسع الإيراني الشيعي، ومن الحكومة السورية كذلك.
الداعية عيسى مال الله أكد أن من يقرأ مجلة «السنة» لصاحبها محمد سرور لا يكاد ينقضي عجبه من مجلة تأمر بالعدل ولا تلتزمه مع من يخالفها، فتراها تجعل الحكومة السعودية كحكومة صدام والقذافي وغيرها من الأنظمة المستبدة المحاربة للدين وأهله، واستشهد مال الله بافتتاحية العدد 43 من مجلة «السنة» حيث قول سرور عن الملك فهد رحمه الله «يا للعجب من تناقضات دولة فهد وأشقائه، يفتخرون بإرسال الدعاة إلى جميع بلدان العالم، ويدفعون لهم المكافآت، ويمنعون الدعاة الأحرار المتطوعين في بلدهم.. ترى ماذا أبقى هؤلاء الظلمة للقذافي والأسد وصدام وجنرالات الجزائر»، لافتا مال الله إلى أن هذا الكلام لا يقبل به أي عاقل منصف، فالكل يعرف الفرق بين الحكومة السعودية وبين سائر الأنظمة، من حيث المحاكم الشرعية وتدريس كتب التوحيد، وإنشاء هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنع الاختلاط في المدارس، بالإضافة إلى أن لعلماء السعودية كلمة مسموعة كما هو الحال مع الشيخ عبدالعزيز بن باز ومحمد بن العثيمين.
سرور والتكفير
وأشار مال الله كذلك إلى العدد 47 من المجلة نفسها في ركن الفتوى ما نصه «والأشد خطورة موقف كثير من العلماء من الظالمين الذين يستبيحون ما حرمه الله، بل يستبيحون ما هو معلوم من الدين بالضرورة، ويجعلون من هذا الذي استباحوه قانونا يعرضونه بالقوة على عباد الله، وطالما سمعناهم يرددون: لعل هذا الذي فرض هذه القوانين كان مكرها أو معذورا بجهله، وأصبحت الردة عند هؤلاء الناس قضية نظرية يصعب جدا إسقاطها على الواقع»، وقال مال الله ان الملاحظ في هذا الكلام استدراج القارئ إلى تكفير الحكم بذكر استحلال ما حرمه الله، فهم يريدون إلزام القارئ بأن الحاكم بغير ما أنزل الله مستحل لما حرمه الله، حتى يقبل بعد ذلك بتكفيره، وهذا لازم غير صحيح في كل الأحوال، ولذلك استفصل السلف في الحاكم بغير ما أنزل الله بحسب ما يقوم في قلبه من اعتقاد، فإن اعتقد أنه يجوز الحكم بغير ما أنزل الله أو أن حكم غير الله أفضل أو مساو له فهو كافر، وإلا فلا، لافتا إلى سخرية سرور في كلامه السابق ممن يتورع عن التكفير وكأن التكفير عنده أمر يسير، كما يريد منا أيضا أن نكون تكفيريين جريئين والله المستعان.
موالاة أهل الأهواء والبدع
بدوره قال الداعية عبدالله السبت المتخصص في الجماعات الإسلامية المعاصرة ان محمد سرور زين العابدين من الإخوان المسلمين في سورية، ومن جماعة عصام العطار الذين تأثروا بالعقيدة السلفية، وتأثروا بالعلامة الألباني وبعلماء السعودية، وخلاصة فكرهم انهم من الناحية العقائدية يظهرون السلفية، لكنهم يوالون أهل الأهواء والبدع، وهم في مسألة الأفكار والخروج خوارج معتزلة، وهم يتعاونون مع الجماعات الجهادية في العالم وبينهم تأييد ونصرة، لافتا إلى أن سرور بقي متأثرا بخط سيد قطب التكفيري.
وأشار السبت الى ان لسرور مقالات يتهم فيها حكام الخليج وغيرهم بالكفر، كما في مقالته التي بعنوان «هذه التفجيرات من يقف وراءها؟» ونص كلام سرور فيها الآتي: «اني اليوم أشد اقتناعا مما سبق بأن حكام أمتنا عبيد لأميركا ومستعدون لفعل أي شيء من أجل بقائهم على كراسي الحكم»، كما يقول سرور في مقال آخر يتهكم من عودة الشرعية الكويتية بعد الغزو العراقي في معرض حديثه عن اجتماع القوات العربية والصديقة لتحرير الكويت ما نصه «وعودة الشرعية إلى الكويت العزيزة شرعية ماذا يا شيخ».
منهج خطير
أما الداعية أحمد الكوس فقال «انتشر في العالم الإسلامي منهج تكفيري وثوري خطير روج له محمد سرور زين العابدين ولا يعرف عنه بالعلم إلا أنه كان مدرس رياضيات تنقل في بعض الدول العربية ومنها السعودية والكويت والأردن واستقر بعد ذلك في بريطانيا ليوجه الشباب في العالم الإسلامي للحماس والدخول في السياسة والتركيز على النهج الثوري وتكفير الحكام وولاة الأمور وكل من يعمل معهم من قادة الجيش والمستشاروون ووصمهم جميعا أنهم كفار لا سمع لهم ولا طاعة، وقد كفر صراحة بعض حكام الخليج، انظر مجلته التي يصدرها في لندن مجلة السنة عدد 43 عام 1415هـ ص 27 ـ 29.
بل وتمادى في تكفير علماء أهل السنة خصوصا في المملكة العربية السعودية انظر عدد 26، وهو بذلك يشير الى الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى وبقية كبار العلماء، والله أعلم، في ذلك الوقت.
يقوم فكر سرور على تكفير مرتكب الكبيرة كما في كتابه منهج الأنبياء والدعوة إلى الله، بذلك يكون قد شابه منهج الخوارج.
وهم يرون الخروج على الحكام ويقدحون فيهم ويهيجون الشباب والجماعات ضدهم وتربية الصغار الشباب على هذا المنهج.
وأضاف: من المؤسف ان هناك بعض المشايخ وطلاب العلم أعجبوا بمنهج محمد سرور وهو صنيعة المنهج القطبي والذي صنعه لجماعة الإخوان المسلمين بمصر سيد قطب، وقد انتشر هذا المنهج في الكويت والسعودية وبعض الدول الإسلامية من خلال انتقاء بعض المشايخ الذين يمتازون بحسن الخطابة والأسلوب القصصي والوعظي بإيهام الناس ان غرضهم الإصلاح والدعوة الإسلامية ولكنهم يخفون علاقاتهم بالجماعات التكفيرية، لذلك انتشر في الآونة الأخيرة الفكر التكفيري وتكفير الحكام والمناداة بالجهاد، مما أدى إلى وقوع الحوادث التفجيرية ونشأة الفكر الضال في بعض دول الخليج والعالم الإسلامي الذي يفجر ويقتل باسم الجهاد والإسلام.
ومن المؤسف ان لسرور موقفا ضد الكويت أثناء الغزو الصدامي الغاشم وهو الذي جعل بعض المشايخ يعارضون تحرير الكويت ويعترضون على قرار هيئة كبار العلماء الذي أيد الكويت وتحريرها من النظام البعثي.
وختم قائلا: «اننا ندعو محمد سرور الى ان يتوب من أفكاره التكفيرية ويتبرأ منها ديانة لله تعالى ويلتزم منهج السلف الصالح منهج أهل السنة والجماعة».
تجنِّ على السنّة
أما الداعية د.محمد النجدي فقال: «محمد سرور لا أعرفه شخصيا لكن له كلاما كثيرا مسطورا في كتبه ومجلته المسماة زورا بـ «السنّة»؟ يتهجم فيه على كتب العقائد السلفية وعلى علماء المسلمين وهيئة كبار العلماء وعلى معتقد السلف! وتكفير لولاة أمور المسلمين بالجزيرة فضلا عن غيرهم، ومن ذلك وصفه لكتب العقيدة بالجفاف وقد رد أهل العلم على هذه الكلمة السيئة، فقال شيخنا الوالد العلامة عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله ـ في محاضرة بعنوان: «آفات اللسان» بتاريخ (29/12/1413هـ) في مدينة الطائف: «هذا غلط عظيم، كلها جفاف أعوذ بالله، كتب العقيدة الصحيحة ما هي جفاف، قال الله قال الرسول، فإذا كان يصف القرآن والسنة بأنه جفاف، فهذه ردة، هذه عبارة سقيمة خبيثة».
وعندما سئل شيخنا الوالد الإمام القدوة محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ عن هذه العبارة قال: «وهل يقول هذا مسلم؟!».
ومن تهجماته الكثير وتطاوله: قوله في مجلة «السنّة» العدد 23 ـ ذو الحجة 1412 للهجرة ـ في مقال له بعنوان: «المساعدات الرسمية»: «إذا استعان السادة بالأميركان انبرى العبيد إلى حشد الأدلة التي تجيز هذا العمل، ويقيمون النكير على كل من يخالفهم، وإذا اختلف السادة مع إيران الرافضة تذكر العبيد خبث الرافضة، وإذا انتهى الخلاف سكت العبيد وتوقفوا عن توزيع الكتب التي أعطيت لهم. هذا الصنف من الناس: يكذبون، يتجسسون، يكتبون التقارير، ويفعلون كل شيء يطلبه السادة منهم، ثم يقول: «وهؤلاء قلة ـ والحمد لله ـ ودخلاء على الدعوة والعمل الإسلامي، وأوراقهم مكشوفة، وإن أطالوا لحاهم، وقصروا ثيابهم، وزعموا أنهم حماة السنّة، ولا يضير الدعوة الإسلامية وجود هذا الصنف من الناس، فالنفاق قديم» انتهى كلامه. والمقصود بـ «العبيد» وللأسف الشديد الذين تكلم عنهم هم: الشيخ عبدالعزيز بن باز وصالح الفوزان وعبدالله الغديان وصالح اللحيدان أعضاء هيئة كبار العلماء، والعلامة ابن عثيمين، الذين أفتوا بجواز الاستعانة بالقوات الأميركية أثناء حرب الخليج. ومعلوم أن الطعن في علماء أهل السنة من علامات أهل البدع والضلال. إن مشكلة العصر عنده هو وأتباعه في الخليج وغيره هو بما يسمونه «بالحاكمية» و«سقوط الخلافة» و«التسلط الأجنبي» و«الكيد الصليبي واليهودي».
وما علم هؤلاء ان هذا كله هو ثمار البعد عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولتفرق الأمة واختلافها وانحراف فرقها عن منهج الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
وكلام كثير قد رد عليه العلماء في مواضع متعددة، لا يسع المجال لسردها. وقى المسلمين وشباب المسلمين شر البدع وأهلها.