- على إيران لعب دور إيجابي في المنطقة ولن نقبل أن تحل مشاكلها على حساب مصالح الدول العربية
- من حق الكويت التي لا تملك صناعة ثقيلة شراء الأسلحة من الخارج وبريطانيا تلتزم بالمعايير السليمة في بيعها
- بريطانيا أنشأت صندوقاً جديداً لدعم التنمية السياسية والاجتماعية في مصر وتونس وجعل الشرق الأوسط أكثر استقراراً وانفتاحاً
- لا تناقض في حماية المصالح البريطانية وتحقيق الديموقراطية في المنطقة.. وفرصة ذهبية الآن لإعادة الثقة بين لندن والعالم العربي
بشرى الزين
عبر الناطق الرسمي الاقليمي للحكومة البريطانية مارتن داي عن قلق بلاده ازاء ما يحدث في البحرين وذكر بموقفها بالدعوة الى ضبط النفس وفتح حوار بين الجانبين لنزع فتيل الأزمة، وأضاف في حوار مع «الأنباء»: نرفض اي تدخل خارجي في شؤون البحرين، مشيرا الى التناقض الواضح في الموقف الايراني الذي رحّب بالتغيير في مصر في حين تشن السلطات الايرانية حملة قمع ضد المظاهرات في ايران داعيا طهران الى لعب دور ايجابي في المنطقة ومؤكدا: لن نقبل بأن تحل مشاكلها على حساب مصالح الدول العربية، ومجددا في الوقت نفسه استعداد الدول الـ 6 للجلوس الى طاولة المفاوضات لبحث اي ملف تريد ايران طرحه. كما تطرق الى الوضع في ليبيا موضحا ان على المجموعة الدولية التي تريد التدخل العسكري ان تستفيد مما حدث في العراق، مشيرا الى ان مشاركة عربية في هذا التدخل هي قيد البحث مع حلف شمال الاطلسي ومجلس الامن الدولي، لافتا الى انه لابد من ان يكون هناك دعم واضح من دول المنطقة. وفيما يلي التفاصيل:
بداية ما سبب زيارتكم إلى الكويت؟
٭ هذه هي ثالث زيارة بالنسبة لي للكويت وأنا اشغل منصب الناطق الرسمي الاقليمي باسم الحكومة البريطانية وتأتي في اطار الاحتفال بعيد الملكة اليزابيث الثانية وبصفة عامة كذلك في اطار المشاركة البريطانية في احتفالات الكويت بأعيادها الوطنية التي تصادف مرور 50 عاما على الاستقلال و20 عاما على التحرير والذكرى الخامسة على تولي صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد مقاليد الحكم، وكانت مشاركة بريطانيا لافتة في هذه المناسبات قبل ثلاثة اسابيع حيث زار رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الكويت وتوني بلير وجون ميجور وشخصيات عسكرية مهمة جدا وهذه المشاركة تبرز مدى قوة العلاقات بين الكويت وبريطانيا حيث اشير في هذا الصدد الى مبادرة الخليج نحن نريد تطوير هذه العلاقات لأن الانجازات التي توجتها هذه العلاقات غير كافية وترغب في تقويتها بكل المجالات السياسية، الاقتصادية والتجارية والتعليمية والثقافية واعتقد ان هذه السنة مناسبة للقيام بكل هذه الامور.
هل هناك من امور مستجدة تستدعي اعادة النظر في هذه العلاقات؟
٭ هناك كثير مما انجز في هذه العلاقات من المشاركة البريطانية في تحرير الكويت والاستثمارات المتبادلة على اساس الشراكة ونرحب بالاستثمارات الكويتية في السوق البريطانية ونستفيد منها وهناك استثمارات كبرى لشركات بريطانية موجودة في الكويت، ولكن نرغب في زيادة حجم التجارة المتبادلة وخلال الزيارة الاخيرة لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون للكويت تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة لتحسين التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري بحلول العام 2015 الى 4 مليارات جنيه استرليني وهذا رقم صعب التحقيق ولكن الجانبان سيستفيدان من هذا التطوير.
خلال زيارة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الى المنطقة والى الكويت تحديدا رافقه وفد من رجال الأعمال وتجار الأسلحة، وقد تعرض بهذا الى انتقادات، هل تم طرح موضوع إبرام صفقات مع الكويت مثلا من هذا النوع؟
٭ كان هناك وفد من رجال الأعمال يمثلون مختلف المجالات بما فيها «بيع الأسلحة» ولكن كما قال ديفيد كاميرون من حق الكويت ان تدافع عن مصالحها وهي لا تملك صناعة ثقيلة، ولذلك بحاجة الى شراء الأسلحة والمواد العسكرية من الخارج وفي الوقت ذاته نحن متفقون في بريطانيا مع اننا نقوم ببيع الأسلحة بشكل سليم ومسؤول وانا كنت مسؤولا سابقا عن هذا القسم في الخارجية البريطانيية وبالتالي فنحن نطبق هذه المعايير بصرامة لن تسبب اي استخدام ضد حقوق الإنسان وقمع حريات الشعوب.
التغييرات التي حدثت وتحدث في الشرق الأوسط الى اي حد تخدم مصالح بريطانيا في المنطقة؟
٭ منذ زمن طويل كنا نقول ان مصر تحتاج الى مزيد من الإصلاحات السياسية، لكن للأسف الشديد القيادة السياسية لم تستجب الى مطالب الشعب وسقط النظام، ونحن على يقين بانه لاتزال هناك تدابير لترجمة الطموحات الى أفعال ولا يزال هناك الكثير مما يجب عمله من تعديلات دستورية وإجراء انتخابات تشريعية وسياسية، والشعب المصري يريد التغيير وحقوقه الأساسية المتعارف عليها إنسانيا ودوليا وبالتالي ليس هناك تناقض بين الإسلام والديموقراطية.
أول زيارة لمسؤول أجنبي لمصر بعد إسقاط النظام كانت من بريطانيا وقام بها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون فما الدعم الذي يمكن ان تقدمه المملكة المتحدة لمصر في هذه المرحلة الانتقالية؟
٭ انطلاقا من عضويتنا في الاتحاد الأوروبي نخطو بكثير من الاهتمام الى التغييرات التي حدثت وتحدث في تونس ومصر وباقي الدول، ونحن مصرون على تحسين هذا التغيير بمعنى انه في الماضي كنا نتحدث عن ضرورة دعم الديموقراطية وحقوق الإنسان وفي المقابل كنا نقدم أموالا ضخمة لمصر ولكن دون نتائج وعلينا ان نحسن التعامل مع الدول التي تريد تحقيق مزيد من الديموقراطية والعدالة الاجتماعية وان نضطلع بدور المحرك والداعي الأكبر لتحقيق هذه الطموحات ولذلك أنشأت الخارجية البريطانية صندوقا جديدا من أجل دعم التنمية السياسية والاجتماعية في العالم العربي، وسنركز على دعم الجهود المحلية ولا نريد ان نفرض أفكارنا ولكن العمل على تأسيس شراكة مع المؤسسات التونسية والمصرية وفي الدول الأخرى
بعد هذا التغيير في هذه الدول هل تعتقدون ان مشروع الشرق الأوسط الجديد قد تحقق؟
٭ اعتقد ان التاريخ يتغير بشكل سريع وأمام المنطقة كثير من التحديات ولكن الشعبين التونسي والمصري يريدان التغيير وستحقق طموحاتهما بدعم من الأصدقاء وجهود المصريين أيضا.
كناطق رسمي اقليمي للحكومة البريطانية كيف ترى الوضع في المنطقة وما يحدث في البحرين الآن؟
٭ نحن قلقون جدا إزاء تفاقم الأوضاع الأمنية في البحرين وندين سقوط القتلى، لذلك فالحكومة البريطانية تدعو الى ضبط النفس من الجانبين، ولا نرى بديلا لفتح الحوار. وفي هذا السياق نبارك ونرحب بدعوة ولي العهد البحريني إلى فتح هذا الحوار بغض النظر عن التوتر الحاصل لنزع فتيل الأزمة.
كان هناك تصريح للرئيس الأميركي باراك أوباما بأن الاستعانة بقوات «درع الجزيرة» يعد طريقا خطأ قد سلكته دول الخليج ماذا عن الموقف البريطاني؟
٭ الموقف البريطاني يدعو إلى ضبط النفس ونقول للسلطات في البحرين وقوات من بعض دول الخليج عليها ان تتصرف بشكل مناسب واحترام الحق في التظاهر السلمي والاستماع الى المطالب.
واذا كانت هذه المطالب تخدم مصالح طرف خارجي مثلا، ورأينا رد الفعل الإيراني بعد هذه الأحداث، فما رأيكم؟
٭ نرفض أي تدخل خارجي في شؤون البحرين ونلاحظ التناقض الواضح في الموقف الايراني من التطورات في العالم العربي، حيث رحبت ايران بالتغيير في مصر وطالبت بحق احترام حق التظاهر السلمي في حين تشن حملة قمع شديدة ضد المعارضة الإيرانية والمظاهرات السلمية، وترتكب انتهاك حقوق الإنسان يوميا في إيران. ونقول لإيران كدولة في هذه المنطقة عليها ان تلعب دورا ايجابيا يخدم المصالح المشتركة وليس مصلحتها الخاصة ولن نقبل في يوم من الأيام من إيران ان تحل مشاكلها على حساب مصالح الدول العربية، وأقول هذا في إطار جهود الدول الكبرى الـ 6 فيما يرتبط بالملف النووي الإيراني.
هل تعتقدون ان الموقف الإيراني مما يحدث في البحرين من شأنه ان يزيد حدة التوتر بينها وبين دول مجلس التعاون الخليجي الى حد حدوث مواجهة مباشرة مثلا؟
٭ لا أعلم شيئا، وماذا سيحدث، لكن على السلطات الإيرانية ان تلعب دورا ايجابيا في هذه المنطقة وعلى مدار الأعوام الأخيرة لم تقم بهذا، ونحن في اطار الجهود المبذولة لنزع المخاوف من الملف النووي الإيراني نؤكد استعدادنا للجلوس الى طاولة المفاوضات لبحث أي ملف تريد إيران طرحه (إسرائيل، الشؤون الاقليمية، التعاون الاقتصادي) وللأسف الشديد حتى الآن إيران ترفض المناقشات الجدية وحاولت فرض شروط مسبقة، وبغض النظر عن هذا التعنت الإيراني فالباب مفتوح ونريد تسوية هذه الأزمة عبر المفاوضات لكن لا نريد مفاوضات من اجل مزيد من المفاوضات.
ماذا تقرؤون في رد الفعل التركي بأن انقرة مستعدة للدفاع عن دول مجلس التعاون في حال أي رد فعل عسكري إيراني؟
٭ كما قلت الوضع بحاجة إلى ضبط النفس وإلى تعرف عقلاني ولسنا بحاجة الى مزيد من توتر الوضع ولذلك الحكومة البريطانية تحث الجانبين الحكومي والمعارض في البحرين على الجلوس الى طاولة الحوار دون أي تدخل خارجي.
ترى أن هذه التطورات في العالم العربي قد غطت على ملفات أخرى في المنطقة كالصراع العربي ـ الإسرائيلي والوضع في افغانستان، وما هي الجهود البريطانية لتحريك هذه الملفات؟
٭ لذلك لابد من تحريك هذه الملفات المهمة للغاية والحكومة البريطانية مصرة على هذا الاتجاه بغض النظر عما حدث في تونس ومصر وليبيا والتنسيق مع الحكومة الفرنسية لإصدار قرار من مجلس الأمن ضد ليبيا.
أما ما يرتبط بالصراع في الشرق الاوسط فإن حلحلة هذا الصراع يجب أن تعزز حلا جذريا بسلام شامل وعادل ونقول إن السلام لن يتحقق مع بناء مزيد من المستوطنات، ولذلك فإن الأمر ملح لتحريك الجهود الدولية من أجل تسوية نهائية واستئناف المفاوضات وانا أزور فلسطين واسرائيل كثيرا وهناك شعور بعدم الثقة بين الجانبين، وبغض النظر عن هذه التحديات فليس هناك بديل عن الجلوس الى طاولة المفاوضات والوصول الى تحقيق الملامح الرئيسة التي تتمثل في دولة فلسطينية تعود الى حدود 1967 قابلة للحياة وعودة اللاجئين وأن القدس عاصمة لإسرائيل وفلسطين، والكثيرون يقولون اننا وصلنا إلى طريق مسدود، لكن في رأيي الشخصي حل الصراع العربي ـ الإسرائيلي هو مفتاح حل المشاكل الأخرى في المنطقة. اما الوضع في افغانستان، فلا يمكننا القول ان كل شيء على ما يرام، لكن استطعنا احراز تقدم في بعض المجالات، وحركة طالبان تتكبد خسائر ضخمة وهناك استراتيجية افغانية دولية لبناء مجتمع مدني بمؤسسات أكثر استقرارا ونقول للحكومة الافغانية ان تأخذ زمام المبادرة فالجهود العسكرية الدولية التي تمثلها 50 قوة دولية وعربية مهمة ولكن في نهاية المطاف الحل في بناء الاقتصاد المحلي وتوفير فرص اكثر للشعب الافغاني. وهناك استراتيجيات مشتركة متفق عليها وفي إطارها القوات البريطانية ستنسحب بحلول العام 2015، وهذا يأتي في إطار الجهود المتواصلة لتدريب القوات الافغانية من أجل ان تحل محل القوات الاجنبية واكرر انه ليس كل شيء على ما يرام في افغانستان.
فيما يتعلق بالوضع في ليبيا نرى ان الجانب الفرنسي يتحرك أكثر من الجانب البريطاني ولماذا الموقف الدولي يتحرك بشكل بطيء تجاه ما يحدث هناك؟
٭ نحن ننسق الجهود مع فرنسا وقمنا بصياغة مشروع قرار، وأول مسؤول أجنبي دعا الى فرض حظر جوي على ليبيا كان من بريطانيا. وكما قال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الوقت يمر وكل يوم النظام الليبي يرتكب جريمة جديدة ضد شعبه، ولذلك نحث الدول الأخرى على الاتفاق على هذا القرار وتعزيز العقوبات على النظام الليبي وحماية الشعب في ليبيا، وكل هذا يأتي بعد قرار جامعة الدول العربية الذي طلب من مجلس الأمن فرض حظر جوي.
وهل يؤثر هذا الحظر على الشعب الليبي والتجربة التي مرت في العراق خير شاهد على ذلك، وكيف سيتم التعامل وفق هذا القرار؟
٭ علينا ان نستفيد من الدروس مما حدث في العراق أما فيما يتعلق بفرض حظر جوي على ليبيا فإن البعض يقول لابد من ضرب منشآت الدفاع الجوي الليبية، وهذه احدى الامكانيات، لكن استقدام قوات دولية وعربية لضرب هذه المنشآت سيعتبر عملا عدائيا، وبالتالي ليست هناك ضرورة لضرب كل هذه الأماكن، وتبقى هذه التفاصيل قيد البحث في الناتو ومجلس الأمن الدولي.
كان هناك تصريح لوزير الخارجية الفرنسي بأن هناك استعدادا لدى عدد من الدول العربية للمشاركة في أي تدخل عسكري ضد ليبيا، فهل بحثتم هذا الأمر مع دول الخليج والكويت تحديدا؟
٭ تمت مناقشة مثل كل هذه القضايا مع الدول العربية ودول الخليج والحلفاء في منظمة شمال الاطلسي، ولا أريد استباق الأحداث، وبرأيي التركيز الحالي هو على استصدار قرار لفرض حظر جوي وبموازاة ذلك تجري مناقشات حول كيفية تطبيق هذا القرار. ولابد ان يكون هناك دعم واضح من المنطقة لذلك رحبت الحكومة البريطانية بقرار جامعة الدول العربية والسابق لدول مجلس التعاون الخليجي ومشاركة دول الخليج قيد البحث.
وماذا عن الاعتراف المجلس الانتقالي في ليبيا؟
٭ قانونيا الحكومة البريطانية تعترف بالدول وليس بالحكومات، لذلك التقليد البريطاني يختلف عن التقليد الفرنسي، لكن نعتبر المجلس الانتقالي في ليبيا مفاوضا شرعيا ونتعامل معه والحكومة البريطانية تنوي ارسال ديبلوماسيين للاجتماع مع هذا المجلس.
اليمن بحاجة إلى دعم دولي
قال الناطق الرسمي الاقليمي للحكومة البريطانية مارتن داي ان الجهود الدولية مستمرة في اطار «أصدقاء اليمن» التي تكونت بمبادرة بريطانية من أجل الاتفاق على استراتيجية دولية يمنية، مشيرا الى ان اليمن دولة فقيرة تعاني من مشاكل متعددة (البطالة، شح الموارد المائية، الأمية، انخفاض ايرادات النفط، والتوتر مع الحوثيين في الجنوب)، لذلك فهي في حاجة الى دعم دولي، لافتا الى انه على الحكومة اليمنية ان تقوم بالاصلاحات اللازمة لمعالجة كل هذه الأزمات.
كما تطرق الى مشروع الاصلاحات التي تقدم به الرئيس علي عبدالله صالح، وفي المقابل استخدم السلاح
لقمع المظاهرات السلمية، مشيرا الى ضرورة فتح حوار بين الجانبين، ومؤكدا استعداد مجموعة «أصدقاء اليمن» لمساعدة اليمن ودعم جهوده.