- ما حدث في تونس ومصر إشارة قوية ومهمة لباقي الدول العربية لدفعها إلى «دمقرطة» مؤسساتها وإجراء إصلاحات فورية
- التدخل العسكري في ليبيا تحرك إنساني لمنع «القذافي» من قتل شعبه ولحماية جيوب المقاومة والمعارضين لنظامه
- «الديموقراطية» تعني «الكرامة» ولن تتأتى بتلقين الدروس ولكن بخلق فرص عمل للشباب والاتحاد الأوروبي مستعد للمساعدة
كتبت: بشرى الزين
أشاد وزير الدفاع الاسبق ورئيس مجلس العلاقات الخارجية في البرلمان البلجيكي فرانسوا ديدونيا بالتجربة الديموقراطية في الكويت، منوها بدور مجلس الأمة الفاعل والمؤثر في الحياة السياسية، داعيا دول المنطقة للاستفادة من هذه التجربة الفريدة والتي تؤسس لتقاسم حقيقي للسلطة بين البرلمان والأسرة الحاكمة. وتطرق ديدونيا في حوار صحافي لدى حضوره حفل استقبال بمناسبة اليوم الفرانكفوني الذي أقامه السفير البلجيكي لدى الكويت داميان انجليه، الى ان زيارته الى الكويت جاءت تلبية لدعوة من البرلمان الكويتي لبحث التطورات المحلية والاقليمية، واصفا الوضع في المنطقة بأنه مقلق، لافتا الى ان الوسيلة الوحيدة لإيجاد حل لهذه القلاقل هي تطوير الديموقراطية وتقاسم السلطة والاستجابة لمطالب الشعوب لتهدئة الضغط الحاصل. وأكد المسؤول البلجيكي أن استقرار المنطقة يمر عبر استقرار المملكة العربية السعودية وان عكس ذلك سيكون تحديا كبيرا، مشيرا الى ان حل المشكلة التي تعيشها مملكة البحرين يكمن في الحوار السياسي وفيما يلي تفاصيل الحوار:
بداية ما سبب زيارتكم الى الكويت؟
٭ بصفتي رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البلجيكي ورئيس لجنة الصداقة البرلمانية البلجيكية – الكويتية، فإني أزور الكويت بدعوة من البرلمان الكويتي لبحث التطورات المحلية والإقليمية مع البرلمانيين الكويتيين وممثلين عن وزارة الخارجية الكويتية.
وكيف تنظرون الى هذه التطورات في المنطقة وما الدور الذي يمكن ان تلعبه بلجيكا في هذا الصدد؟
٭ أعتقد ان الوضع مقلق في بعض دول المنطقة وتحديدا في البحرين وأيضا اليمن التي تمر بوضع أكثر صعوبة وهناك قلاقل في سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية ولحسن الحظ الأمور هادئة وطبيعية في هاتين الدولتين الآن وما كان يجب اتخاذه من اجراءات تم من قبل مسؤولي هذين البلدين من أجل تهدئة الضغط الشعبي والاستجابة لمطالب الشعب واعتقد ان هذه هي الوسيلة الوحيدة لتطوير الديموقراطية وتقاسم السلطة كما اتخذته الكويت نهجا عريقا في نظامها منذ زمن بعيد.
وما يمكن ان تقوم بلجيكا في هذا الصدد وبمعية الاتحاد الأوروبي هو تعزيز التواصل والروابط مع مجلس التعاون الخليجي لإيجاد طريقة جديدة لبحث حلول للمشاكل الحالية والمساعدة على توفير فرص عمل للمواطنين الذين يعيشون حالة بطالة وذلك عبر توقيــــع اتفاقية لتحرير التجارة، ونحن في الاتحاد الأوروبي ندرك جيدا ان رهان عدد من الدول العربية هو على ايجاد فرص عمل للشباب بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ودول شمال افريقيا والشرق الأوسط من جهة ودول مجلس التعاون من جهة أخرى.
وضع مختلف
فيما يتصل بالوضع في اليمن هل سيسلك الاتحاد الأوروبي نفس المسلك الذي تعامل به مع الوضع في ليبيا؟
٭ لا أعتقد ذلك لأن الوضع الميداني مختلف تماما، في اليمن هناك حركة شعبية مهمة جدا وجوبهت بالعنف وسقط عدد من الضحايا لكن النظام في اليمن لم يقصف شعبه بالطائرات، في ليبيا اتخذ مجلس الأمن الدولي قرارا صائبا بمنع العقيد القذافي من استخدام المجال الجوي لقصف جيوب المقاومة ومعارضي نظامه، وبالتالي فإن إقامة منطقة حظر جوي في ليبيا لن يكون لها معنى مماثل في اليمن، ونتمنى ان تتبنى القيادة اليمنية اصلاحات من شأنها ان تحقق تقاسما للسلطة والديموقراطية التي من الممكن ان تفضي الى تهدئة المعارضين.
وما يجري في البحرين، كيف يمكن ايجاد حل له؟
٭ اعتقد ان المشكلة في البحرين لا يمكن ان تحل بوسائل عسكرية، وحفظ النظام امر مهم، اذا لم يكن الامن مستتبا فلا يمكننا مناقشة المشكلة لكن حلها لا يمكن ان يأتي الا عبر الحوار السياسي الذي يؤدي الى تقاسم السلطة بين العائلة الملكية من جهة والمواطنين والبرلمان والمؤسسات الديموقراطية التي يجب ان تتطور في هذه البلاد.
لكن هناك من يرى ان الازمة مفتعلة ووراءها اياد ايرانية ما تعليقكم؟
٭ هذا ممكن ولكن ايران تدخلها جاء بناء على استغلال مشاكل في البحرين، واعتقد انه اذا كانت البحرين ترغب في الحفاظ على استقرارها فلن يتحقق ذلك الا بالحوار وبتقاســـم السلطة بين العائلة المالكــــة والقوى الوطنية والبرلمان.
بالنظر الى هذه التطورات كيف تنظرون الى استقرار المنطقة؟
٭ اعتقد ان استقرار المنطقة يمر عبر ما يمكن ان يحدث في المملكة العربية السعودية، اذا اتخذ الملك عبدالله بن عبدالعزيز اجراءات وقدم خطوات مقنعة لفائدة شعبه، فإن ذلك سينعكس على المنطقة واستقرارها رغم وجود مشاكل في اليمن والبحرين وكذلك الامارات العربية المتحدة وعمان والكويت يمكنها تجاوز اي مشاكل متوقعة، اما اذا حدث اي قلاقل في المملكة العربية السعودية والتي لا نأملها ابدا، فإن الوضع سيكون تحديا كبيرا يؤدي الى عدم استقرار المنطقة.
عودة الى الوضع في ليبيا الا تعتقدون ان التدخل العسكري الدولي جاء سريعا بناء على حماية مصالح أوروبية في ليبيا؟
٭ اعتقد ان قرار الاتحاد الاوروبي وكذلك مثله مجلس الامن الدولي وقرار الدول العربية الذي دعم التدخل العسكري للتحالف لمنع القذافي من قتل الشعب الليبي، وهذا التحرك هو انساني قبل اي امر آخر وحماية المدنيين والمعارضين والهدف من التدخل العسكري ليس القبض على القذافي وهذه هي النتيجة المتوقعة، ولكن ليس عبر قصف قصره لقتله ولكن حماية المدنيين والثوار الذين يوجدون في بنغازي ومدن أخرى، وهذا واضح في قرارات الامم المتحدة التي اجازت هذا التحالف الذي لن ينزل بقواته الى البر.
وإذا تحدثنا عن الكويت كيف تقيمون التجربة البرلمانية فيها؟
٭ منذ سنوات عديدة يوجد تقاسم حقيقي للسلطة بين البرلمان والاسرة الحاكمة واعتقد ان ما يقوم به البرلمان من دور فعال له قوة في الحياة السياسية، واعتقد ان على دول المنطقة ان تأخذ هذه التجربة بعين الاعتبار وتتعلم من المؤسسات الكويتية لمنح المواطنين صوتا أكبر ويمكن للبحرين ان تستفيد من التجربة الكويتية لان الكويت هي الدولة الاكثر تقدما من ناحية النظام الديموقراطي في المنطقة.
تزامنت زيارتكم الى الكويت والى مجلس الأمة مع زيارة رئيس البرلمان العراقي، كيف تقيمون هذا التواصل البرلماني الكويتي – العراقي؟
٭ انها خطوة إيجابية ومهمة، بحيث لا يقتصر هذا التواصل على القيادات السياسية والوزراء ولكن يشمل أيضا البرلمانيين، لأن البرلمانيين لهم القدرة على التحدث بحرية أكثر من الوزراء والمسؤولين الحكوميين الذين يكونون حذرين فيما يصرحون أو يتحدثون بشأنه.
مشاركات دولية
كنت وزيرا للدفاع والآن ترأسون لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البلجيكي، هل تطرقتم خلال زيارتكم هذه الى أي تعاون عسكري مع الكويت؟
٭ لا، لم يحدث ذلك، ولدينا ملحق عسكري محال للكويت ومقيم في الرياض، وبلجيكا تدخلت عسكريا خلال تحرير الكويت من الاحتلال العراقي حيث شاركت قوات البحرية البلجيكية لتساعد على اخلاء المنطقة ومياه الخليج من الألغام التي زرعتها القوات العراقية في تلك الفترة، كما شاركت القوات البلجيكية أيضا خلال الحرب العراقية – الإيرانية لتنظيف عدد من المواقع في المنطقة سواء تلك التي زرعتها القوات العراقية أو الإيرانية وكنت اشغل خلالها منصب وزير الدفاع في العام 1987.
كيف ترون هذه التحولات في عدد من الدول العربية حيث بدأت في تونس، مصر والآن ليبيا واليمن تعيشان أحداثا متتابعة؟
٭ أعتقد انه في كل الأنظمة والدول يجب ان يكون هناك تركيز نحو الديموقراطية، ومؤكد ان هذه الديموقراطية لن تأتي بتلقين الدروس ولكن عبر الثورات للوصول الى مؤسسات ديموقراطية أكثر واعتقد ان الكويت مثال جيد بالنسبة لبعض الدول اضافة الى انه كيفما كان النظام بعد هذه التحولات فإن عليه خلق فرص عمل للشباب لأن الديموقراطية تعني الكرامة، ولهذا فإن التحدي الكبير أمام الحكومات التي ستكون مسؤولة ـ لأن العالم العربي سيأخذ شكلا جديدا من الاستقرار على المستوى السياسي – هو إيجاد فرص عمل للشباب الذين يعانون البطالة، وهذا الأمر يتطلب وقتا لتحقيقه، لأنه حتى أقوى حكومة في العالم لا تستطيع ان تخلق فرصا للعمل في وقت وجيز لعدد هائل من العاطلين عن العمل، وبالتالي فإن على هذه الحكومات الأخذ بعين الاعتبار عدم جبر الشعوب بعد التغيـــرات السياسية التي أثارتهــــا.
ما اقتراحاتكم في هذا الصدد؟
٭ أكرر أنه على هذه الحكومات إيجاد فرص عمل للشباب ليس فقط عبر اتخاذ سياسات ولكن بالتعاون الاقتصادي المكثف مع دول صديقة كالاتـــحاد الاوروبي، ولهذا فإن على الاتحاد تطــــوير استراتيجية تحرير المبادلات التجارية مع العالم العــــربي ودول حوض البحر الابيض المتوسط بصفة عامة.
هل تتوقعون أن تمتد هذه التحولات الى دول عربية اخرى؟
٭ أعتقد ان ما حـــدث فــي تونس ومصر أعطــــى إشـــارة قوية ومهمة للدول العربيـــة، ولهذا على الجميـــع أن يتساءل حول ما يمكن القيـــام به حتــــى لا يحدث مثل ما حــــدث في هــــذه الدول، وأقول لكيــــلا يحدث ذلك على هذه الـــــدول دمقرطة المؤسسات وإجــــراء إصلاحات قوية لاستيعاب أعداد البطالة. وهذا يطرح وضع ميكانيزمات قوية للتضامن المحلي.
اتفاقية التجارة الحرة
قال وزير الدفاع البلجيكي الاسبق ورئيس مجلس العلاقات الخارجية في البرلمان البلجيكي فرانسوا ديدونيا ان المفاوضات لاتزال مستمرة بخصوص توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الاوروبي وهي تسير بشكل بطيء.
وأضاف: آمل أن تنفع الاحداث الحالية الطرفين لإتمام توقيع الاتفاقية التي تسهل المبادلات التجارية بين الاتحاد الاوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي.
مشيرا الى سياسة الجوار التي تنتهجها المجموعة الاورية مع دول حوض البحر الابيض المتوسط، خاصة دول شمال افريقيا لتنمية العلاقات الاقتصادية.
لافتا الى ان هذه السياسة لاتزال غير فعالة وتحتاج الى مراجعة مع هذه الدول وأخرى في الشرق الاوسط والخليج لوضع تصورات لاستراتيجية أخرى تلبي احتياجات الشباب الذين قادوا هذه التغيرات سواء في مصر أو تونس أو الذين يمكن أن يثوروا في دول عربية أخرى.
قذافي آخر
في رده حول ما اذا كانت باقي الانظمة العربية قد استوعبت الدرس مع استمرار ما يقوم به الرئيس الليبي معمر القذافي من ممارسات غير مسؤولة ضد شعبه.
قال ديدونيا: لحسن الحظ لا يوجد «قذافي آخر» فـــي العالم العربي، وهذا أمر جيــد، لأن القذافي شخصية مثيـــرة للجـدل.