الإيمان
تتسابق بعض الحملات على تقديم خدمات «المساج» و«الساونا» واصطحاب عاملات البادكير والمانكير، بالاضافة الى وسائل النقل الفاخرة من سيارات الليموزين وغيرها، بالاضافة لتوفير كل الاجهزة الالكترونية من تلفزيون وأجهزة كمبيوتر مزودة بخدمة الانترنت وهواتف خاصة وبوفيه خاص لكل جناح يشرف عليه شيف من احد الفنادق الفارهة يساعده في اداء عمله نادل للرجال واخرى للنساء، فما الحلال والحرام في هذه الرفاهية باعتبار ان رحلة الحج رحلة روحانية شبهها الرسول ژ بالجهاد الاصغر، وما رأي الشرع وماذا يقول اصحاب الحملات؟ وما تعليق الحجاج أنفسهم؟
حول صحة الحج الترفيهي قال الداعية ناظم المسباح: الحج صحيح ولكن الاولى ان يتفرغ الحاج للعبادة والذكر والطاعة.
ولا ضير من ان توفر الحملات المساكن المريحة النظيفة والطعام الجيد والحافلات الجيدة، ولكن بعيدا عن الاسراف والتفاخر لما لرحلة الحج من روحانيات خاصة.
وأشار المسباح الى ان الشخص الميسور والذي يلتحق بتلك الحملات يصطحب معه غالبا خدمه الذين يستفيدون من فريضة الحج وما دام لدى الشخص المال فلماذا لا يذهب مع حملات توفر له احتياجاته، وبذلك ينتفع وينفع معه الآخرين.
وأشار الى ان المشقة في الحج ثوابها اكثر، والاجر على قدر هذه المشقة حيث ان تحمل المشاق في السفر والمناسك يورث في النفس البشرية نوعا من الرحمة بالآخرين، واحساسا وشعورا بمن حرموا من النعم التي ألفتها قلوبهم واعتادتها نفوسهم، ومن ثم لم يعرفوا قيمتها.
عبادة أم سياحة؟
بينما يؤكد الامام والخطيب بوزارة الاوقاف احمد السباعي ان الاسراف والتبذير من المحرمات في الاسلام ويزداد التحريم اذا كان الاسراف مقارنا لرحلة الحج المقدسة، لأن من اهم اهداف هذه الرحلة ان يتعود المسلم على التقشف وخشونة العيش، ويترك ما ألفه في بيته ووطنه من وسائل الترفيه والاهتمام بمظاهر الفن والترف. وقال: ولذلك كان من محرمات الاحرام في الحج أو العمرة لبس الثياب الدالة على الزينة بالنسبة للرجال، وان يلتزم المحرم بثياب الاحرام المكونة من الازار والرداء، كما يحرم على المحرم بالحج أو العمرة رجلا كان أو امرأة كل ما فيه رفاهية كاستعمال الطيب أو أي شيء فيه رائحة الطيب، أو أي روائح عطرية، كما يحرم على المحرم قص الاظافر أو قص الشعر لأن ذلك من وسائل الترفيه، بل ورد في كثير من الاحاديث ما يدل على ان الحاج أو المعتمر يزداد أجره ويقبل عمله كلما كان أشعث أغبر، والحكمة من ذلك ان يتذكر الآخرة حيث الناس حفاة عراة ولباس الاحرام أشبه بلباس الكفن.
المشتاقون للحج
ويتساءل الداعية السباعي: هل جعلت بعض حملات الحج هذه الرحلة تنقلب من عبادة الى سياحة ترفيهية؟
وقال: هناك حملات تعلن صراحة بأنها تمدد ولائم الطعام طوال اليوم وتقيم البوفيهات المفتوحة على مدار الساعة، وتبع ذلك ارتفاع أسعار الحج وتكاليف هذه العبادة ما جعل أكثر الناس يعجزون عن اداء هذه الفريضة رغم شوقهم اليها وحبهم لها.
وأضاف: وذنب هؤلاء المشتاقين للحج والعاجزين عن ادائه في رقبة كل من حوّل هذه الرحلة المقدسة من عبادة الى سياحة.
ونادى الداعية السباعي كل من يهمه أمر المسلمين ان يعمل على ترك هذه الامور من اسراف وتبذير حتى يساعدوا كل مشتاق لبيت الله الحرام على اداء هذه الشعيرة، وان يبتعدوا عن الاسراف والتبذير في رحلة الحج لقوله تعالى (ولا تبذر تبذيرا ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) ويقول ايضا في صفات عباد الرحمن: (والذين اذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) وقوله (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين).
فريضة تعبدية
وكان تعليق صاحب حملة الحوطي احمد عبدالعزيز الحوطي على تلك الخدمات التي تقدم للحاج وتشمل في بعض الحملات خدمة الساونا والبخار والمساج، انه ليس لديهم في الحملة هذا النوع من الخدمات لأن الحج فريضة تعبدية ربانية وليست للمتعة، وان مقصد الحج واهدافه ليس هذه الخدمات.
وقال: الحج جهاد وتدريب عملي على طاعة الله فكيف يتوافــق هذا مع هذه الخدمات.
واضاف الحوطي: ان اجدادنا وآباءنــا تحملــوا مشقــة الحــج ومخاطره وهم يسافرون بالجمــال أياما عديدة، وكانت الطرق غير ممهدة، أما الآن فأصبح الحج سهلا ويسيرا وتتسابق الحملات على تقديم افضل الخدمات للحجيج، ولتحقق لهم الراحة بتوفير الخدمات سواء من المأكل والمشرب أو المسكن ووسائل النقل المريحة التي تساعد على تهيئة الاجواء النفسية والصحية للمسلم، وهو يؤدي شعيرة الحج، أما ما زاد على ذلك من كماليات وترفيه فلا داعي له في أداء هذا الركن المهم من أركان الاسلام.
صفحات الإيمان في ملف ( pdf )