اكد مدير مركز الكويت العالمي للدراسات والاستشارات للمسكوكات الاسلامية والبيزنطية والساسانية محمد الحسيني ان النقود التي سكت في صدر الاسلام في دمشق وبغداد والقاهرة تعد مستندات رسمية تؤكد على الوحدة السياسية والاقتصادية للعالم العربي.
وقال الحسيني لـ «كونا» ان العقيدة الاسلامية اسهمت بقسط كبير في تطور صناعة السكة في العالم الاسلامي بفضل اهتمام الشريعة الاسلامية بالنقود كونها تدخل في ميدان العبادات وتحدد المعاملات وذلك لصلاتها المباشرة والوثيقة بالزكاة والصداق والعقود والوقف والعقوبات والدية وغيرها.
وأوضح ان العملات والنقود الاسلامية يطلق عليها لفظ السكة الذي يعبر عن معان متعددة تدور كلها حول النقود التي تعاملت بها الشعوب العربية والاسلامية من دنانير ذهبية ودراهم فضية وفلوس نحاسية كما يقصد بلفظ السكة تلك النقوش التي تزين بها هذه النقود على اختلاف أنواعها وأحيانا أخرى تعني قوالب السك التي يختم بها على العملة المتداولة ويطلق أيضا على الوظيفة التي تقوم على سك العملة تحت اشراف الدولة.
واضاف ان السكة تعد مظهرا من مظاهر سلطة الخليفة أو السلطان أو الحاكم في ذلك الوقت الى جانب كونها وثائق رسمية لا يمكن الطعن فيها أو مصدرا من مصادر التاريخ سواء ما يتعلق منها بالأسماء أو العبارات الدينية المنقوشة عليها الى جانب كونها سجلا للألقاب والنعوت التي تلقي الضوء على كثير من الأحداث السياسية التي تثبت أو تنفي تبعية الولاة أو السلاطين للخلافة أو للحكومات المركزية في التاريخ الاسلامي.
واشار الى ارتباط السكة ارتباطا وثيقا بالفنون الاسلامية حيث تساعد نقوشها في التعرف على الكتابات الأثرية المنقوشة عليها ودراسة دلالاتها السياسية والتاريخية والعقائدية الى جانب كونها مصدرا مهما للتعرف على أسماء البلاد والأماكن التي ضربت فيها، كذلك تفيد دراسة السكة في القاء الضوء على حالة العالم الاسلامي الاقتصادية عبر العصور التاريخية من خلال التعرف على قيمة العيار في السكة ومقدار وزنها.
واوضح ان الأماكن التي تسك فيها النقود العربية في حواضر العالم الاسلامي في العصور الوسطى كانت تعرف باسم دار السكة أو دار الضرب وهي على هيئة منشأة صناعية تتبع السلطان أو الحاكم وتقوم بإصدار عملات نقدية ذهبية أو فضية أو نحاسية أو برونزية وكانت دار السكة ابان الفتح الاسلامي يغلب عليها الطابع البيزنطي والفارسي الى أن قام الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان عام 74 هجرية - 694 ميلادية بتعريب السكة وانشاء دور اسلامية جديدة لضرب العملة في عدد من حواضر العالم الاسلامي منها الشام والعراق ومصر وبلاد فارس.