- الشيطان يكمن في تفاصيل المواد التي حيكت بإحكام لشل العمل التعاوني وتشويه أحد مظاهر الديموقراطية بالكويت
- التاريخ سيسجل مواقف نواب الأمة حيال تأجيل القانون أو تأخيره ليأخذ وقته من الدراسة
- خصخصة الجمعيات هي نهاية المخاض الحكومي بعد إحراج مجالس الإدارات ووضعهم في خانة العجز أمام مساهميهم
محمد راتب
وصف نائب رئيس مجلس إدارة جمعية العارضية التعاونية محمد مطلق الدجيني قانون التعاون الجديد بأنه عملية مدبرة تمت حياكتها بإحكام لشل العمل التعاوني وتشويه أحد مظاهر الديموقراطية وإيذاء النسيج المجتمعي لينتهي المطاف إلى خصخصة الجمعيات وإسناد إداراتها إلى التاجر وهو «الطفل المدلل» لدى الحكومة، ليمارس أبشع أنواع الجشع والطمع على حساب المستهلك بلا حسيب ولا رقيب، مشددا على أن التاريخ سيسجل مواقف نواب مجلس الأمة حيال هذا القانون المليء بالمثالب والذي سيكون إقراره بمثابة تهور وتواطؤ على ذبح الحركة التعاونية تحت شعار «التطوير إلى الأفضل» وهو كلمة حق أريد بها باطل.
وأرجع الدجيني في تصريح صحافي، أسباب هذا الهجوم العنيف من قبل الحكومة على التعاونيين، إلى ظهورهم الإعلامي المتكرر وفضحهم لمطامع التجار واستغلال حاجة المستهلك، معتبرا ان هناك مخططا لتدمير التجربة التعاونية الرائدة في الكويت بدأت ملامحه تلوح في الأفق منذ نحو سنتين من خلال حل الجمعيات بوتيرة متسارعة ومستعجلة والخروج علينا بقرار الاحتياطي القانوني لتشويه صورة المجالس المنتخبة وإلقاء اللوم عليها في قلة نسبة الأرباح وإظهارها أمام مساهميها عاجزة عن تحقيق الإنجازات، مشيرا إلى أن نجاح الحركة التعاونية كتجربة رائدة لفت أنظار الدول الأخرى إليها وأرادوا الاستقاء منها وتقليدها في حين أننا نقوم بنحر هذه الحركة بأيدينا وعلى مرأى من المعجبين بها.
«استذباح» حكومي
وأعرب الدجيني عن رفض التعاونيين دعوة اللجنة الصحية لوضع اقتراحات خلال 10 أيام مما يحمل صفة الاستعجال والتي رفضناها بالأصل فكيف نرضى بها نحن؟ وقال: إن هذه لعبة لن نلوث أيدينا بها، ولن نقبل إلا بدراسة متأنية وأن تؤخذ جميع الآراء في الاعتبار أسوة بقانون المرئي والمسموع الذي تم الرجوع فيه إلى جمعية الصحافيين، لاسيما ان القانون الجديد سيصاغ لمدة 30 سنة إلى الأمام، معتبرا ان التريث في إقرار القانون وتأجيله إلى أن يأخذ وقته من الدراسة لن يوقف عجلة التنمية، ومن ثم فإن «استذباح» البعض من الحكومة والمجلس لإنفاذ القانون يجعلهم في دائرة الشك والاتهام، وينذر بكارثة مجتمعية خطيرة، نظرا لأن هناك مشاريع حيوية يجب أن تحتل أولوية في العمل الحكومي، بل إن ثمة قوانين حبيسة الأدراج منذ 7 سنوات لم تر النور حتى الآن، وكأن مشكلات الكويت اختزلت في الجمعيات التعاونية.
وأشار الى بعض المثالب التي لم تخف على التعاونيين، وفي مقدمتها تقليص عدد الأعضاء إلى 5 وإعطاء الناخب صوتا واحدا، وهو ما من شأنه تعزيز الطائفية وضرب الوحدة الوطنية وإعطاء الأقلية إمكانية التحكم في الأغلبية والوصول إلى حالة خلافات كارثية وعدم انسجام بين الأعضاء نظرا لتعدد أطيافهم مما سيجعل أموال المساهمين في دائرة الخطر، لاسيما ان هذا العدد غير كاف لإدارة الجمعية بمرافقها وموظفيها وخدماتها كما سيضعف رقابة المساهمين على الجمعية وعلى أداء أعضائها، وقال: إننا لا نهاب ولا نخاف المعركة الانتخابية حتى ان تم تقليص عدد الأعضاء إلى 3، لكن المشكلة ستبرز بعد تشكيل المجلس، والأجواء التي ستسوده في ظل آراء وقرارات مبعثرة.
تدليس وتلبيس
واتهم الدجيني من صاغ القانون بالتدليس والتلبيس على الآخرين، حيث ان «الشيطان يكمن في تفاصيله» فتحديد فترة العضوية بـ 3 سنوات، كفيل بخلق قطيعة بين الأعضاء وأهالي المنطقة، مما يؤدي إلى تهميش دور المساهمين بالكامل، في حين ان الانتخابات التكميلية تتيح للمساهمين أن يحاسبوا الأعضاء على أدائهم المسبق أولا بأول، ومن ثم يكون مجلس الإدارة تحت أنظار أهالي المنطقة، كما أن بعض مواد القانون ذكرت أن الميزانية تنتهي كل 3 أشهر، في حين أن المدة الحالية وهي 4 أشهر ليست كافية، وهو ما اعتبره إحدى وسائل الضغط على التعاونيين بهدف وضعهم في موقف حرج.
واضاف أن الحكومة ارتأت مصلحتها في تعديل ما بين 14 إلى 15 مادة من قانون التعاون الحالي رقم 24/1979، لكنها همشت مصلحة المستهلكين والتعاونيين ولم تبال بأهل الاختصاص في هذا الميدان، معتبرا أن القانون بمجمله يتخذ طابع الضغط على أعضاء مجالس الإدارات ويشل تصرفهم الحر، ويجعلهم مسيرين لوزارة الشؤون، مما يؤدي بالضرورة إلى العزوف عن خوض الانتخابات، وهو ما يجعل الجمعيات «لقمة سائغة» في فم بعض المتنفذين.
وأضاف ان ما تضمنه القانون في المادة 27 منه من أنه يحق لمفتشي وزارة الشؤون صفة الضبطية القضائية، لا يستقيم مع المنطق حيث إنه ليس لدى الوزارة سوى 20 مفتشا تقريبا يغطون نحو 56 جمعية، كما أن ذلك قد يؤول إلى اتخاذ قرار متسرع ويسمح بدخول الشخصانية في الموضوع، معتبرا أن الأفضل هو أن يكون القول الفصل للقضاء، كما أعرب عن رفض مقترح قدمه أحد النواب بإيقاف تأجير الأرفف، متسائلا: لمصلحة من سيصب هذا الاقتراح التاجر أم المساهم؟
مطالب مستحقة
واستعرض الدجيني بعض مطالب التعاونيين المنتخبين والتي ستصب حقا في صالح العمل التعاوني وخدمة المستهلك ومن بينها زيادة عدد الأعضاء والذي سيعمل على توزيع الجهد فيما بينهم دون أن تكون هناك ضغوطات عليهم، لاسيما إذا كان التعداد السكاني للمنطقة كثيفا، وكانت مرافق الجمعية تستدعي رقابة وإدارة أكثر، مؤكدا أن الجميع يتطلع إلى تشديد العقوبات على أي عضو تثبت إدانته في تجاوز مالي لكن من الظلم أن تعمم العقوبة على الكل ويحل مجلس الإدارة بالكامل، بل إن هناك خللا في الكثير من قرارات الحل التي كانت تتخذ صفة الاستعجال نظرا لأن القانون برأ جميع من أحالتهم وزارة الشؤون إلى النيابة.
وأضاف ان من بين المواد التي يجب إضافتها أهمية التفرغ الوظيفي لعضوين على الأقل من مجموع أعضاء المجلس، وزيادة مكافأة الأعضاء، وإلغاء رسوم أملاك الدولة والتي تقدر نسبتها بـ 30%، بل إن المفترض أن تعفى الجمعيات التي دفعت هذه الرسوم على مدار 15 سنة، مشيرا إلى أهمية زيادة عدد الأعضاء بما يكفل أن تكون القرارات متأنية وصائبة وفي محلها، ويخفف الضغط ويوزعه بين الأعضاء، ويضمن رقابة كافية على الجمعية وموظفيها.
دور باهت
من جهة أخرى، طالب الدجيني إدارة البلدية بالإفصاح عن الشركات التي تم ضبط سلعها في حالة غير صالحة للاستخدام الآدمي، وذلك لإيقافها بصورة كاملة من قبلنا كجمعيات تعاونية، منتقدا إسدال الستار على مثل هذه الشركات ووضع صحة المواطن والمقيم في آخر الاعتبارات، كما انتقد الدور الباهت لوزارة التجارة في وقوفها ضد نجاح العمل التعاوني، وذلك من خلال محاربتها لتنظيم المهرجانات الخاصة بسحوبات السيارات، وهذا ما تسبب في عزوف المستهلكين عن الشراء، في حين أن حركة المبيعات كانت تشهد نشاطا غير مسبوق في مثل هذه المهرجانات، وتصل إلى 90 ألف دينار يوميا، رافضا تذرع وزارة التجارة بقيام بعض الجمعيات بمخالفات في هذا الخصوص، ومحاربتها هذا النجاح بالكامل، وفرضها عقوبة جماعية على الكل دون محاسبة المخالفين الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة.