أسامة دياب
أكدت وزيرة التربية ووزيرة التعلــيم العالي نورية الصبيح ان معيار التـــفاضل بين الافراد والشعوب والامم يرتكز على حظها من العلم والعلماء وقدرتها على العمل الجاد والمثابرة المتواصلة، وتطلعها الدائم الى استشراف آفاق المستقبل وسبر أغوار كل جـــديد ومبتكر.
ولذلك فإن الكويت أدركــت منذ نشـأتها قـيمة العمل ورعت أهمية العلم وعرفت معنى استشراف المســتقبل، والسعي الى كل جديد ومبتكر، وذلك منذ مخر اهلها عباب البحر وغاصوا على لؤلئه واصطنعوا من الوسائل والاساليب ما واجهوا به صعاب الحياة وقســـوة البيئة متسلحين بالعزائم الصادقة والايمان الراسخ والطموح المتجدد. وقد توارثت الاجيال جيلا بعد الآخر هذه المعاني العظيمة التي تعلي من قيمة العمل والمثابرة وتقدر العلم والعلماء.
جاء ذلك في مجمل كلمتها اثناء حفل توزيع جوائز مؤسسة الكويت للتقدم العلمي للعام 2006 والذي حضرته ممثلة لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.
ولفتت الصبيح الى ان انشاء هذا الصرح الحضاري المميز منذ ما يربو على ثلاثين عاما كان بمبادرة كريمة من سمو أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الاحمد رحمه الله، وبمشاركة مجتمعية سخية تسابقت اليها الفعاليات الوطنية لتحقيق التطور الحضاري والنهضة العلمية لوطننا العزيز، ولدعم البحث العلمي في مختلف مجالاته، وتشجيع العلماء والباحثين والمفكرين في شتى انحاء أمتنا العربية والاسلامية.
وأشارت الى ان النشاط الواسع الذي ميز مسيرة العطاء لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي منذ نشأتها عام 1976 واهتمامها بالبحوث العلمية الاساسية والتطبيقية المعنية بتفعيل دور البحث العلمي في خدمة التنمية في الكويت والخليج والعالم العربي من خلال حرصها على تشجيع الثقافة العلمية وتطوير التعليم وتعهد الناشئة من ابناء الوطن يبشر بخير كثير، ويسير بخطى واثقة نحو اقامة بيئة علمية بحثية يترعرع في جنباتها ابناء الكويت، وتسهم برامجها في الكشف عن ملكاتهم وقدراتهم ورعايتها وصقلها ليكونوا باحثين موفقين وعلماء نابهين.
وأضافت انه لا احد ينكر دور المؤسسة في توفير الدعم السخي لكل المؤسسات العلمية والمراكز البحثية ودور التعليم في الكويت وبعض الاقطار العربية وغير العربية، فضلا عن نهوضــها بمشـروعات بحثية قيمة بالتعاون مع الجامعات والمؤسسة البحثية العالمية المشهود لها بالسبق والتميز.
واختتمت كلامها بأن الكويت تعتز بما تنهض به المؤسسة من رسالة علمية مميزة وما يقدمه القائمون على أمرها من جهود صادقة ورؤى استشرافية سديدة تجسد الطــموحات الاهلية والتطلعات الوطنية لنهضة علمية شــاملة تســتعيد لوطننا وأمتنا العربية والاسلامية أمجاد نهضــتنا العلمية وتبوئها الصدارة في مختلف المجالات.
ومن جهته اكد المدير العام لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي د.علي الشملان ان انجازات المؤسسة قد تنامى عددها وتضاعف اثرها في مجالات المعرفة والتطبيقات العلمية والمشروعات الحيوية سواء في الطاقة والصناعات البتروكيماوية او في مجال الخدمة البيئية والصحية او في التعليم والعلوم الاجتماعية او في المشروعات العلمية العملاقة بالاضافة الى ان العديد من هذه المشروعات قد تحول فعلا الى مشروعات دخلت مجال الخدمة المجتمعية وتسارع الخطى نحو التطبيق والسبق في حل العديد من المشكلات الاقتصادية وتشارك بفاعلية في تحقيق التنمية فيه، ونقل الشملان تهنئة صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد ورئيس مجلس ادارة المؤسسة للفائزين بجوائز المؤسسة لهذا العام لجهودهم المشكورة في المجالات العلمية المختلفة، سواء كانوا من داخل الكويت او من خارجها.
واعلن عن «جائزة جابر الدولية للعلوم الطبية» والتي اقرها اخيرا مجلس ادارة المؤسسة بناء على توجيهات سامية من صاحب السمو الامير، وقد رصد للفائز بهذه الجائزة مبلغ مليون دولار، على ان تمنح الجائزة مرة كل سنتين لمن يقدم خدمة متميزة في العلوم الطبية على المستوى العالمي، عرفانا من المؤسسة باهمية دعم التطور الحضاري ودفع عجلة التنمية الانسانية في المنطقة العربية والشرق الاوسط.
واكد حرص المؤسسة على وضع خريطة بحثية على المستويين النظري والتطبيقي لتحقيق نقلة حضارية ترفعنا مع اخواننا العرب الى مصاف الامم التي سبقت في مدار العلم واتخذته سلاحا تعيش به معارك العصر السياسية والاقتصادية، وتلبي به مطالبها واحتياجاتها في عصر التغيرات الكبرى التي بدأت ارهاصاتها في عالم اليوم، وفي القريب العاجل ستسود عالم المستقبل بكل ما تمتلك من مفاتيح الهيمنة والسيطرة على مقدرات الحياة في الأمم الصغيرة والشعوب النامية.
واضاف انه علينا في اطار الاستراتيجية العلمية ان نؤكد اساليب الاستثمار الامثل للقوى البشرية صانعة الحضارة على ارضها، وكذلك في الامكانات المادية المتوافرة التي هي من اهم ادوات التنمية الشاملة ووسائلها الفعالة.
واختتم كلامه بأنه لم يعد مقبولا في هذا العصر ان نترك اقدارنا في مجال البحث العلمي تقودها نظرات احادية، او تخطط لها توجهات فردية، فكل ذلك محدود الاثر والفاعلية مهما كانت قوته او صح العزم على المضي في طريقه من اي دولة منفردة.
وفي كلمتها نيابة عن الفائزين رفعت استاذ الكيمياء بجامعة الكويت د.فايزة الخرافي اسمى آيات الشكر والتقدير لمقام صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد لتكرمه بشمول هذا الحفل برعايته السامية وذلك تأكيدا لاجلال الكويت للعلم والعلماء.
واكدت الخرافي مدى فخر واعتزاز المحتفى بهم لان الجهة القائمة بهذا التكريم والعاملة عليه والمقررة لجوائزه تتشرف برئاسة صاحب السمو الامير لها، وهي مؤسسة رسمية القيادة، اهلية التمويل، علمية الوسيلة، مستقبلية الهدف، ولذلك فان معاييرها علمية ولا تمنح جوائزها إلا لمن هو جدير بها، ولذلك فان التكريم اليوم هو في جوهره احتفاء بقيمة العلم والمعرفة بالذات.
واشارت الى ان غنى الدول او فقرها لم يعد يقاس بثروتها فقط ولكن اصبح رهن ما تملكه من معرفة وما تنتجه من تكنولوجيا، ولذلك فان هذه المؤســسة قامت على ادراك الادارة الرسمية والرغــبة الشعبية للعلاقة الوثيقة بين العملية التنموية والامكانات العلمية.
واوضحت ان الحرص على السمة الانسانية والاخلاقية للعلم من اهم المعضلات التي تواجه العلماء، كما ان عاصفة التغيير الشامل التي يقودها التقدم العلمي والتكنولوجي تضع دولنا النامية امام تحد بالغ التعقيد، ولذلك فان دراسات البنك الدولي والاسكوا واليونسكو تؤكد بشكل جازم ان دولنا لن تتمكن من تحقيق تنمية مستدامة ما لم ترأب الفجوة المعارفية التي تفصلها عن الدول المتقدمة، وللاسف فان هذه الفجوة تزداد اتساعا لاننا لم نواجهها بارادة التخطيط وبنظام تربوي حديث يتجاوب مع مقتضيات العصر ويستوعب رياح التغيير، ومن هنا تأتي اهمية مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وقيمة تقدير العلم وتشجيع العلماء وذلك هو مخرجنا الوحيد من دوامة التخلف، فبغير العلم والتكنولوجيا وتشجيع العلماء سنظل نعيش في عالم ليس لنا لاننا لم نشارك في صنعه وسنبقى نهرب من غربتنا لنلوذ بماض كنا اسياده حيث كنا اول المساهمين في علمه ونهضته وتنويره.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )