أسامة دياب
اكد البروفيسور المتخصص في صعوبات التعلم والاحتياجات الخاصة في كلية التربية بجامعة ليدز البريطانية ديڤيد سوجدن، ان القدرات والمهارات الحركية تحتاج للنمو بتكامل واتزان مثل القدرات المعرفية والاجتماعية واللغوية والاخلاقية، خصوصا انها تلعب دورا محوريا في حياتنا اليومية. أما صعوبة التآزر الحركي النمائي أو ما يعرف «بالدسبراكسيا» فهي تعني صعوبة محددة في اكتساب وتنظيم المهارات الحركية، لاسيما المهارات الحركية الدقيقة. وما ينبغي ان يعرفه الجميع هو ان الاطفال الذين يعانون من اضطراب التآزر الحركي هم اطفال طبيعيون وليسوا معاقين، ولكن لديهم صعوبات في تأدية المهارات الحركية بطريقة تؤثر على ممارستهم لأنشطة الحياة اليومية والاداء الاكاديمي. جاء حديث سوجدن خلال المحاضرة التي اقامها مركز تقويم وتعليم الطفل عن اضطرابات التآزر الحركي النمائي «الدسبراكسيا» برعاية مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
وأوضح ان المهارات الحركية تتطور بشكل كبير في العامين الاولين من حياة الطفل، وتبدأ عادة على شكل ردود افعال انعكاسية وحركات عفوية وتتدرج حتى الوصول الى التحكم في وضعية الجسد والتحرك والتحكم اليدوي في الاشياء، حيث يستطيع ان يحكم الطفل قبضته على الاشياء في سن 7 اشهر وفي سن سنة وأربعة اشهر يستطيع ان يمسك بأصبعيه بعض الاشياء، وهذا تطور ضروري ومهم لعملية الكتابة في المستقبل.
وأضاف ان النمو الحركي للاطفال من سن عامين حتى سبع سنوات يمثل مرحلة اخرى مهمة جدا في حياة الطفل، لأنها المرحلة التي يتم فيها تكوين جميع المهارات الاساسية للحركة، ويقوم فيها الطفل بالتحكم والسيطرة على العضلات الكبيرة لديه ليكون قادرا على المشي، والجري، والقفز والوثب والرمي والتوازن، وفي هذه المرحلة يستطيع الطفل القيام ببعض المهارات اليدوية مثل الكتابة والرسم ومهارات مساعدة الذات. واضاف ان هناك معايير للحركات التي ينبغي على الطفل القيام بها في كل مرحلة، بالاضافة الى الفروق الفردية بين الجنسين في أداء مثل هذه الحركات.
ولفت الى ان مرحلة النمو الحركي من سن 7 سنوات حتى البلوغ هي المرحلة التي يتم فيها صقل المهارات الحركية التي تعلمها الطفل في المرحلة السابقة واللعب باستخدامها في مواقف مختلفة والجمع بينها في الالعاب الاجتماعية والترفيهية. وأهمية هذه المرحلة ايضا تتمثل في انها تعاصر سن المدرسة لجميع الاطفال، وبالتالي يفترض ان يكون كل طفل قادرا على القيام بكل المهارات الحركية الاساسية، كما تبدأ الدقة المكانية والزمانية في لعب دور بارز من حيث التنبؤ والاداء، الا انه يجب ان نعترف بان هناك بعض الاطفال غير قادرين على القيام بمثل هذه المهارات، مما يؤثر سلبا في حياتهم اليومية وهذه الفئة هي التي تستهدفها الدراسات. وأوضح ان الاطفال الذين يعانون من الدسبراكسيا كان يطلق عليهم العديد من الالقاب منذ بداية القرن العشرين مثل «الاخرق»، كما حاول العلماء تعريف هذه الحالة بمصطلحات مثل الصعوبات الحركية وصعوبات الادراك الحسي والحركي، ولكن المصطلح الاكثر شيوعا لتوصيف حالتهم هو «اضطراب التآزر الحركي».
وعن السمات الشخصية للاطفال الذين يعانون من اضطراب التآزر الحركي، أوضح سوجدن ان هؤلاء الاطفال ليس لديهم أي مشكلات في مستوى الذكاء، ولكن لديهم صعوبات حركية تؤثر سلبا على ممارستهم لأنشطة الحياة اليومية والاداء الاكاديمي. ونجد ان هؤلاء الاطفال في الصغر لديهم مشكلة في عملية ارتداء الملابس ولا يستطيعون اطعام أنفسهم ولا يستطيعون الكتابة ويمتلكون القدرة على تجميع الاشياء، وفي مرحلة الشباب والمراهقة نجدهم يميلون الى العزلة ويصعب عليهم الاختلاط والسلوك الاجتماعي.
وأشار الى ان الدليل التشخيصي والاحصائي الرابع ودليل منظمة الصحة العالمية يؤكدان ان هناك أربعة معايير يمكن من خلالها تشخيص حالة الفرد على انه يعاني من اضطرابات في التآزر الحركي النمائي، أولا للقصور الواضح في نمو التناسق الحركي بالمقارنة بباقي الاطفال في نفس المرحلة العمرية، ويمكن قياس ذلك عن طريق اختبارات علمية وفعالة وعن طريق الملاحظة الدقيقة من قبل الوالدين والمعلمين، ثانيا تداخل الاضطرابات بصورة واضحة مع الأنشطة الحياتية والاكاديمية، ويمكن قياسه عن طريق الاستبيانات للوالدين والمعلمين، اما المعياران الثالث والرابع فهما معيارا استبعاد أي انه لا يصح ان نشخص حالة شخص مصاب بالشلل الدماغي أو التخلف العقلي على انه مصاب باضطراب في التآزر الحركي.
وأشار الى ان نسبة انتشار اضطرابات التآزر الحركي من 4 الى 6% أي اننا لدينا طفل واحد من بين كل عشرين طفل مصاب باضطراب التآزر الحركي النمائي.
كما ان الاطفال الذكور لديهم صعوبات في التآزر الحركي النمائي بنسبة تصل الى ضعف عدد الاناث. وعن نسبة التحسن أو الشفاء أفاد بأن البعض قد يتعافى الا ان الاغلبية في حاجة الى تدخل علاجي.
وعن أهم أسباب صعوبات التآزر الحركي النمائي، أفاد بأن ذلك يرجع لأسباب عديدة بعضها يرجع لأسباب حسية حركية، أو أسباب متعلقة بالادراك البصري أو التوازن والسيطرة على وضعية الجسم أو الذاكرة والانتباه أو نظام المؤثر الحركي، ولكن للامانة العلمية ان العلماء لم يستطيعوا الى الآن ان يحددوا السبب المباشر بعد.
وفي النهاية استعرض سوجدن بعض الابحاث التي شارك فيها في مجال دراسة ومعالجة اضطرابات التآزر الحركي النمائي.
الصفحة في ملف ( pdf )