قامت سيدة هندية مسلمة ببناء أول مسجد خاص للنساء على ان تقوم فيه الاناث بكل الوظائف في المسجد الجديد من المؤذن الى الإمام، وسمحت للرجال بالصلاة فيه بشرط ألا يتولى الرجال شيئا من وظائف المسجد، بل تكون ادارة المسجد وعماله وأئمة دعوته من النساء فقط، مما أثار جدلا بين الفقهاء حول جواز ذلك.
يؤكد د.سعد العنزي ان هذا العمل من الامور المبتدعة في عالمنا المعاصر العجيب، ففي هذا الزمن نسمع اشياء لم نقرأ عنها في كتب أهل العلم قديما ولا حديثا، حتى لم تكن هذه الافكار واردة في مخيلات العلماء، حتى ان الحنفية وضعوا كتبا في علم الافتراضات لكنهم لم يتخيلوا حدوث ما نشاهده اليوم.
وقال: ان يقام مسجد فقط للنساء تقوم فيه المرأة بالامامة والاذان الى آخره، فهذا يعتبر من عجائب الدنيا، ولم يتحدث عنه أهل العلم من قديم، وهو من البدع المستحدثة والضارة والخبيثة التي يراد بها شق صفوف المسلمين وجعلهم يدورون في فلك الاختلاف دون الوصول الى أصل القضية في العالم الاسلام، وهي وحدة العالم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وفي جميع ميادين الحياة.
أداة لتفريق الأمة
وأشار د.العنزي الى ان من يلجأ الى اختراع مثل تلك الفتاوى يريد ضرب الفقه الاسلامي والتشويش على المسلمين واظهار البدع والشبهات للتفريق بين ابناء الامة في العالم الاسلامي بأسره، فلا يجوز شرعا ان تقام هذه المساجد وبهذه الطريقة، وان وجدت فعلى المسلمين ان يقيموا فيها شرع الله ودين الله، وذلك بتنصيب امام ومؤذن من الرجال وتخصيص مكان للنساء.
وأضاف ان هذه فكرة خبيثة يراد بها القضاء على المرأة المسلمة ودفعها الى الخروج عن انسانيتها وعن دينها تحت مسمى واطار حقوق المرأة.
واكد ان المرأة في الاسلام لها مكانتها وهي مكرمة ولها أن تصلي في المساجد، ويجوز لها ايضا ان تؤم النساء، لكن المحرم في هذا الامر ان يخصص لها مسجد خاص تؤذن فيه بصوتها وعبر الميكروفونات، وان تؤم فيه المصليات لانها قامت اذن بعمل الرجال وصفة الرجال تحت اطار حقوق الانسان وحقوق المرأة.
ويؤكد الاستاذ بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية د.بسام الشطي ان ذلك مخالف لهدي النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حيث جعل الاصل في اقامة الصلاة والاذان للرجال، بدليل ان السيدة عائشة رضي الله عنها كان عندها شخص يوذن لها ويؤم، ولم يثبت عبر التاريخ من عهد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ذلك الا في الوقت المعاصر.
شجرة الدر
وأشار الى انه رغم وجود نساء قد حكمن مثل شجرة الدر فلم تقم ببناء مسجد خاص للنساء، وعليه فهذا الفعل محرم، ويجب على الدولة ان تحارب ذلك.
كما ان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أمر بهدم مسجد الضرار لأن اصحابه كانوا يتربصون بالمسلمين ويبتدعون فيه.
وطالب د.الشطي اعضاء منظمة العالم الاسلامي وهيئة العلماء بان يقوموا بتوحيد الفتاوى، كما لابد من اصدار فتوى بعدم سن سنة سيئة في الاسلام، اذ ان الله تعالى لم يفرض صلاة الجماعة على المرأة، فكيف تقوم بإمامة المسلمين؟! خاصة ان المرأة يصيبها الحيض، فكيف لها ان تؤم داخل المسجد؟! كما ان المرأة في الاصل تصلي خلف زوجها، فكيف لها ان تتقدم الصفوف؟! والصحيح ان المرأة اذا كانت تؤم غيرها من النساء ان تكون في صفوف النساء.
خاص بالرجال
وانتقل د.الشطي الى توضيح وظيفة المسجد بأنها منوطة بالرجال، بدليل قوله تعالى صراحة: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار) فهذا النص من سورة النور واضح جدا في ان هذه الوظيفة انما أنيطت بالرجال، لأن صلاة الجماعة في حق الرجال واجبة، وعند بعض الفقهاء سنة، ولم يقل احد ان حضور الجماعة واجب أو سنة في حق النساء.
كما ان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) جعل الخيرية في صلاة المرأة في البيت، ولذلك فوجود مسجد خاص بالنساء شيء مستحدث وبدعة، ويتنافى مع ما استقر عليه الشرع والعرف معا.
قيمة بشرية
ويوضح الإمام والخطيب بمسجد الحمدان الداعية عاطف مرسي قائلا: ما من شك في ان الأنوثة مجموعة صفات إيجابية وليست سلبية، كما يظن البعض - خطأ - الأنوثة ليست مجرد شحم تحت الجلد، او لين في العضلات والنبرات، فإن كانت «الرجولة» قيمة، فالأنوثة ايضا قيمة، كلتاهما قيمة بشرية عظمى وبغيرهما كان هذا النوع البشري قد اندثر (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء - النساء آية 1).
واضاف كذلك فمن العجيب ان يغفل البعض عما يشير اليه قول الحق تبارك وتعالى (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين - التحريم آية 11).
فالمثل بالنص الكريم رائع وفريد جعله الله للرجال والنساء على العموم، فهل بعد ذلك سمو وعلو لمكانة ومنزلة المرأة في الإسلام؟
غير جائز
ثم يقول الداعية مرسي: اما عن تخصيص مسجد للنساء ينفردن فيه بالأذان والإمامة، فهذا غير جائز شرعا فعمارة المساجد والقيام بتبعية التكاليف الشرعية فيها لا يقدر عليها بتمامها سوى الرجال، فما تحدث القرآن الكريم عن المساجد الا وذكر الرجال (لمسجد أسس على التقوى من اول يوم أحق ان تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين - التوبة آية 108).
وقوله تعالى (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال، رجال.. الآية - النور آية 36 - 37).
فطرة الله
وزاد، ثم لا تفوتنا الاشارة بقوة لما جاء على لسان امرأة عمران أم البتول مريم وحكاه القرآن الكريم (رب اني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم، فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى) يعني في الطاقة والقوة ثم القدرة على تحمل أعباء الخدمات المطلوبة للمعبد، وذلك لا يعني الانتقاص من حق المرأة إنما فطرة الله التي جعلت كلا ميسرا لما خلق له، كــــذلك فمــــعلوم ومقـــــرر ادبيا وحياء عدم جـــواز رفع صوت المرأة لا في الأذان ولا غــــيره، اللهم مجالس العلم والدرس دون الخضوع بالقول.
أذان المرأة
أما ما ورد في عدم البأس بأذان النساء وإقامتهن، قال الداعية مرسي: فهو من الأقوال المرجوحة بما صح عن ابن عمر رضي الله عنهما وغيره من الصحابة والسلف الذين أجمعوا على عدم الجواز، قال ابن عمر رضي الله عنهما «ليس على النساء أذان ولا إقامة»، وبناء على ما ذكر فلا يصح تخصيص مسجد تنفرد فيه النساء بالأذان والإقامة والإمامة، لكن إذا كان من ضرورة فلا حرج او مانع من اقامة مصلى لهن يؤدين فيه الصلوات وتؤم فيها الصلاة إحداهن بالضوابط الشرعية المقررة.
صفحات الإيمان في ملف ( pdf )