أحمد النصار
لم يقتصر الغلاء الفاحش على اسعار السلع الاساسية والاستهلاكية، بل امتد ليشمل اعلاف المواشي فالغلاء اصبح (كالاخطبوط) يضع يده في عدة اتجاهات، وأيدي الرقابة مازالت بلا حراك مكتوفة ربما من شدة برودة الاجواء التي تمر بها البلاد.
وتزامنا مع بعض المطالبات النيابية من قبل اعضاء في مجلس الامة بضرورة دعم الاعلاف من الجانب الحكومي لصالح مربي الماشية قامت «الأنباء» بجولة على سوق الاعلاف في منطقة «كبد» للتحقق من اسباب هذا الارتفاع الكبير في اسعار الاعلاف التي طرأت على البلاد في سابقة غريبة دون ايجاد سبب لهذا الارتفاع المتواصل الذي لم يجد من يوقفه أو على اقل تقدير «يعرقل» مسيرة ارتفاعه المتواصلة يوما بعد يوم حيث وصل سعر طن العدس لـ 125 دينارا بعدما كان في السابق لا يتعدى مبلغ السبعين دينارا فقط.
«الأنباء» التقت احد بائعي الاعلاف ويدعى رشيد من الجنسية البنغالية، حيث برر ارتفاع اسعار الاعلاف بمصدر التصدير قائلا: ان هذه الاعلاف تأتي من ايران، وارتفاعها يعود للفترة السابقة عندما كانت الاخبار تتناقل عن حدوث حرب محتملة في المنطقة، مما تسبب برفع اسعار الاعلاف القادمة عن طريق البحر من ايران، ويضيف رشيد: اننا غير معنيين بارتفاع اسعار الاعلاف حيث يعتقد البعض اننا كبائعي اعلاف سبب في ارتفاع اسعار هذه الاعلاف. قاطعته قائلا: ان هذه الاخبار تلاشت منذ فترة، فلماذا لا يحدث العكس، وبمعنى اوضح انخفاض اسعار الاعلاف وعودتها لسابق عهدها، فقال: ربما يعود ذلك لكون هذه الفترة موسمية لنا كبائعي الاعلاف ومربي المواشي نظرا للمناسبات التي مرت علينا، وعلى سبيل المثال عيد الاضحى حيث كان الطلب مرتفعا على الاغنام، وكلما ارتفع الطلب على المواشي يرتفع سعر الاعلاف، فقاطعته قائلا: كذلك المناسبات التي تتحدث عنها قد انقضت، فلماذا لا يحدث العكس وهو العودة الطبيعية لسوق الاعلاف وانخفاض اسعارها. وهنا قال رشيد: «بابا انته يبي يشتري أكل مال خروف ولا يبي قرقر».
السر البنغالي
رشيد البنغالي بدأ يبوح بالسر الغامض الذي يكتنف طريق الاعلاف في منطقة كبد نظير ارتفاع اسعار اعلاف المواشي فقال: ان هذا السوق يستحوذ عليه ثلاثة اشخاص من ابناء بلده، وهؤلاء الثلاثة يقومون بشراء شحنات الاعلاف التي تصل عن طريق تاجر ايراني، حيث تصل الى الميناء عن طريق البحر بالعبارات، وحالما تصل الى منطقة كبد بالشاحنات يقوم هؤلاء الثلاثة بشرائها وتصريفها على ابناء بلدهم من الجنسية البنغالية العاملين على هذه البسطات، ويحددون لنا سعر البيع ويلقنوننا هذه الكلمة ان غلاء اسعار العلف من البلد المصدر (ايران) لذلك تجد ان اسعار جميع الاعلاف والتي تكون ايران المصدر لها مرتفعة كون هؤلاء الـ 3 لا يشترون الأعلاف الأخرى التي تأتي من دول اخرى كون الحيلة لن تنطلي في ذلك الوقت، وهم متخصصون في شراء الأعلاف الإيرانية فقط كي لا ينكشف أمرهم فطلبت الاستدلال منهم على مكان بسطاتهم فأرشدوني الى أنها في الخلف بآخر الطريق.
انطلقنا ناحية الطريق الذي أرشدني اليه (رشيد) خلف البسطات المنتشرة في الساحة المقابلة لطريق كبد السريع واذا بي ارى الاكياس الزرقاء (الطربال) تغطي آلاف الأكياس من اعلاف الاغنام، واتضح انهم يستغلون المنطقة الخلفية لبسطات الأعلاف كمواقع لتخزين الأعلاف التي تصلهم من الميناء، ولاحظنا انهم استحوذوا على اراض شاسعة لتخزين الاعلاف بها عن طريق وضع هذه الاعلاف بعضها فوق بعض واخفائها بالاكياس الكبيرة الزرقاء وكلما اشتد الطلب بدأوا بإخراج اكياس العلف لتزويد السوق بها دون الحاجة لتأجير المخازن والسراديب لتخزينها، فهؤلاء استحوذوا على اراض عائدة لأملاك الدولة بلا سند قانوني ودون اي مبلغ مالي نظير تخزين هذه الاعلاف.
مافيا بنغالية
«الأنباء» توجهت ناحية هذه الاراضي التي تشكو جور «مافيا» بنغالية قامت بالاستحواذ عليها وجعلها مخازن للأعلاف دون اي تدخل من الجهات المختصة، الأمر الآخر والأشد غرابة هو ما أبلغه لنا احد المواطنين ونحن نقف خلف هذه المخازن، حيث بادرنا المواطن محمد الشمري قائلا: ان خلف هذه المخازن يقوم البنغاليون بتفريغ الاكياس الكبيرة للأعلاف في أكياس صغيرة حيث يحصلون على 3 اكياس صغيرة مقابل كل كيس كبير، ثم يقومون ببيع هذه الاكياس الصغيرة بسعر الكيس الكبير، فهؤلاء يمارسون الغش التجاري والاحتيال علينا في بلدنا.
وشدد الشمري على ضرورة التدخل من قبل المسؤولين قائلا: وا أسفاه ان تتحكم شرذمة من هؤلاء البنغال بنا ونحن في بلدنا.
توجهنا ناحية عدد من هؤلاء الوافدين البنغال بجانب احدى البسطات الكبيرة المغطاة بالاكياس الزرقاء وبجانبها شاحنة كبيرة محملة بالاعلاف، حيث اتضح انها شحنة اعلاف يريدون تخزينها فتوقفنا بجانبهم وسألنا لمن تعود هذه المخازن الزرقاء؟ فأجاب احدهم بأنها تعود لكفيله فقلنا له وما اسمه؟ فأجاب بأنه (سعد) وان جميع من يعملون معه على كفالته فطلبت منه رقم هاتفه وهنا ارتبك ورفض اعطائي الرقم.
ورصدت كاميرا «الأنباء» اثناء تجولنا بسوق الاعلاف احدى البسطات التي حولها صاحبها البنغالي لبيع الحطب الذي قام بجلبه من المزارع المهجورة في منطقة كبد، حيث يقوم ببيع الحزمة الواحدة بمبلغ 750 فلسا التي تضم 5 اخشاب صغيرة الحجم، فقمنا بالاستفسار منه عن منفعة هذه الاخشاب، فأجاب قائلا ان هذه الاخشاب هي اشبه بالفحم، اقوم بتقطيعها من الاشجار العائدة للمزارع المهجورة في منطقة كبد فبعض الاشجار هنا حطبها من اجود انواع الفحم ومنطقة كبد توجد بها اشجار افضل من مناجم الفحم الافريقي وبحسبة بسيطة اذا جمعنا حزمتين من هذه الاخشاب التي يبيعها هذا الوافد فسعرهما يكون دينارا ونصف الدينار اي انها اغلى من كيس فحم افريقي عالي الجودة بالرغم من انها لا تزن ربع كيس الفحم الافريقي كون الحزمة الواحدة مكونة من خمس قطع وعندما ابلغته بذلك ابتسم وفضل السكوت فهو بذلك يطبق المثل القائل من له حيلة فليحتل والسؤال القائم: من يعيد لأراضي الدولة هيبتها؟ ومن يعيد اسعار الاعلاف لسابق عهدها؟ ومن.. ومن.. ومن؟ أسئلة عديدة تنطلق من طريق الاعلاف في منطقة كبد تنتظر اجابة من الجهات المختصة.
تحقيق خاص في ملف ( pdf )