بشرى الزين
فضل الحديث كمواطن عادي وهو الديبلوماسي العارف بخبايا المنطقة واوضاعها، لكن حسه الاكاديمي وارتباطه المهني حاليا بجامعة جورج واشنطن كأستاذ في شؤون الكويت والخليج وشبه الجزيرة العربية فيها قاده الى القاء نظرة استشرافية على مستقبل المنطقة بما فيها الكويت وكذا سياسة بلاده وتوقعاته باحتمال تغييرها جذريا بعد نتائج الانتخابات الرئاسية مطلع العام المقبل.
السفير الاميركي الاسبق لدى البلاد خلال فترتي الاحتلال العراقي الغاشم والتحرير ادوارد غنيم رأى ان المنطقة مضطربة جدا، والجميع قلق لمجريات الاحداث وتطورها ليس في الكويت فقط ولكن في المنطقة كلها التي تعيش حركة سريعة وحالة مخاض غير ايجابية وهذا ما يزعج الكثيرين.
واضاف في لقاء مع «الأنباء» لدى زيارته الى الكويت قبل يومين والتي اعتاد على زيارتها مرات عديدة للقاء الاصدقاء في الحقلين السياسي والاكاديمي «ان الكويت رغم قربها من جميع المشاكل التي تدور في المنطقة ارتباطا بما يحدث في العراق وتأثيرات السياسات الايرانية في هذا المحيط، وما يتعلق بالمسألة الفلسطينية الاسرائيلية والازمة اللبنانية، فإن لدى الكويت تجربة فريدة وتسير في اتجاه تطور نادر منذ 20 عاما»، مشيرا الى ان الكويتيين مروا بتجارب جعلتهم مدركين وقع مثل هذه الامور لأن بعض الدول يتم اجتياحها او احتلالها ولم تمر بما مرت به الكويت، وهذا يشكل فرقا واختلافا.
وتحدث غنيم عن التطورات السياسية والديموقراطية في الكويت ورأى ان نفوذ الحركات الاسلامية في تطور بالحياة البرلمانية ولفت الى انه يعرف منذ زمن ان الكويتيين مخلصون ومتشبثون بالدستور الذي يقر نظام «الامارة» وبما يصدر عن المؤسسة البرلمانية التي ان رأوها تواجه تحريات فإنهم يهرعون للمساعدة، موضحا ان النتيجة تكمن في ان الكويتيين قادرون على تحمل المسؤولية «ولهذا فإني لست قلقا على المستقبل».
وفي تعليقه على ما اذا كانت السياسة الخارجية للولايات المتحدة ستتغير بفوز المرشح الديموقراطي باراك اوباما قال غنيم ان ذلك يعتمد على من سيفوز بالرئاسة، مضيفا «اعتقد ان تغييرا جذريا سيحدث في بلادنا لان الكثيرين غاضبون من الطريقة التي تدار بها الامور في علاقاتنا بالعالم».
وذكر السفير الاميركي ان السياسة الاميركية سابقا كانت تصنف علاقاتها ضمن الاسود او الابيض، لكن الاميركيين ادركوا فيما بعد ان كثيرا من المناطق توجد تحت الظل وفي موقع رمادي، مبينا ان الشعب الاميركي يرغب في ان يكون اقترابنا الى العالم الخارجي اكثر تعاونا وبشكل ايجابي، مضيفا «اعتقد ان المرشحين لمنصب الرئاسة يريدون ذلك ايضا ويودون اعادة انشاء هذه العلاقات الصحية مع بعض الدول التي كانت في السابق».
اما فيما يرتبط بمنطقة الشرق الاوسط فقال غنيم «ان المرشحين سيكون لهم منهج مختلف وهذا لا استطيع تحديده ولكن اريد اعطاء فكرة واضحة هي انه اذا ما فاز احد المرشحين الثلاثة - ودون ذكر اسماء - فإنه سيحاول ايجاد
حل للمشكلة لأن ذلك مهم وضروري للاستقرار بالنسبة للمنطقة ولنا، مذكرا بأن الادارة الاميركية ركزت جهدها الآن في حل القضية الفلسطينية - الاسرائيلية، بعدما كانت ترى في الماضي انه لا جدوى من الدخول في متاهات الأزمة، الا انها أيقنت بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي، وبشكل عام فإن المرشحين الثلاثة الآن يدركون ذلك.
وفي رده عما اذا كان وصول البارجة الاميركية الى السواحل اللبنانية سيساعد على حل الازمة اللبنانية بموازاة الدور الاميركي، اكد غنيم دعم بلاده لاستقلال وسيادة لبنان، قائلا: نعارض بشدة التدخل السوري واي تدخل من دول اخرى في لبنان، ونريد ان نرى اللبنانيين هم الذين يديرون بلدهم، لذا قدمنا الدعم والنفوذ للاحزاب التي تريد استقرار لبنان، ما يجعلنا في وضعية متعارضة مع البعض، لافتا الى ان هذه هي السياسة التي يجب ان نتبعها حاليا، متسائلا: الى اي حد وكيف يمكن هذا التدخل؟ مبينا ان اي تدخل من الخارج سيكون محدودا في آخر المطاف، ولهذا فإن تدخلنا سيركز على الشق الديبلوماسي وهو مؤثر وهذا افضل.
وحول ما اذا كان المشروع الاميركي قد فشل في العراق بعد مرور 5 سنوات على الوجود العسكري فيها، أكد ان المشروع ناجح وضروري على المدى الطويل، مشيرا الى ان اغلب الاميركيين في الداخل لا يريدون انهاء تدخلنا في العراق، وفي المقابل يوجد انقسام حول كيف ومتى وهل سيأخذ هذا الأمر وقتا طويلا ام سيتم بشكل فوري؟ مستذكرا لقاء الرئيس جورج بوش بالمرشح الجمهوري جون ماكين اللذين تحدثا فيه عن انسحاب تدريجي من العراق، فيما يرى المشرحان الديموقراطيان والكونغرس ان يتم ذلك بأسرع وقت.
ورأى غنيم ان سحب القوات الاميركية لن يكون في مصلحة اميركا ولا الشعب العراقي ولا المنطقة، موضحا ان يكون انسحابا تدريجيا حتى تنقل السلطة والقوة الى العراقيين.
اما دعوة نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني الدول العربية الى فتح سفارات لها في بغداد لتقويض النفوذ الايراني، فإن غنيم رأى ان القوة العسكرية مهمة جدا، الا انها غير كافية على المدى الطويل، مشيرا الى ان الادارة الاميركية استوعبت امور اعادة الاعمار والتنمية وحاجتنا الى الآخرين، خاصة الدول الصديقة في المنطقة التي تساند العراق، لذلك اوافق وبشكل تام على دعوة الرئيس الدول العربية الى فتح سفاراتها في بغداد وهذا يدعم الحكومة العراقية.
الصفحة في ملف ( pdf )