أسامة أبو السعود
نظم معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية بالتعاون مع الصندوق الكويتي للتنمية برنامج «الاتجاهات الحديثة في قضاء مجلس الدولة الفرنسي» وذلك خلال 7-8 الجاري تحت رعاية وزير العدل والشؤون الاجتماعية والعمل جمال الشهاب وبحضور وكيل وزارة العدل المستشار سلطان بورسلي وحاضر فيها المستشار الفرنسي آلان كريسناخت.
وقال وكيل محكمة الاستئناف ومدير معهد الكويت للدراسات القضائية المستشار جمال الشامري: ايمانا من معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية برسالته السامية في نشر الثقافة القانونية وبغية الوقوف على آخر المستجدات المعرفية في حقل القضاء والقانون نظم المعهد هذه الندوة حيث نتعرف فيها من آلان كريسناخت المستشار بمجلس الدولة الفرنسي على اهم الاتجاهات الحديثة لقضاء المجلس في بعض الموضوعات التي هي محاور هذه الندوة.
وتابع الشامري: وتعلمون حضراتكم انه من الاساسيات المسلم بها ان للافراد حقوقا لهم التمتع بها بوصفها لصيقة بشخصية الانسان وآدميته مما يجعلها عصية على المساس بها تقييدا او انتقاصا، ولذلك لا يجوز ان يفرض على تمتعهم بها او مباشرتهم لها قيود تتصادم مع طبيعة هذه الحقوق او تجردها من مضمونها او تحيد بها عن غاياتها، والقاضي الاداري هو عقل رقابة المشروعية وعليه المبادرة بالذود عن حمى المشروعية برد كل تجاوز عليها، فمهمته تتعدى محض الفصل فيما يعرض عليه من منازعات، ذلك ان قضاءه يتجاوز هذا الاثر بحيث ينعكس باشاعة الاطمئنان بين الافراد اطمئنانا مرده ضمان حماية حقوقهم وحرياتهم العامة بالتأكيد على اعلاء كلمة القانون، وهذا الاطمئنان لاشك في ان اثره ينسحب على المجتمع بأسره مما يسهم في استقرار اموره.
واضاف: من اجل ذلك كانت الحقوق والحريات العامة هي المحور الاول في هذه الندوة، ومما يجدر التنبيه اليه بشأن البند الاول من هذا المحور هو الاضراب عن العمل -ان الكويت بما كفلته للعمال من حقوق وضمانات جعلتهم في موقف متوازن وعادل مع ارباب الاعمال تحفظت على المادة 8/1 د من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تقرر هذا الحق، وما اردنا بمناقشة هذا الموضوع الا ان نعرف ما توصل اليه القضاء الاداري الفرنسي كقضاء مقارن في هذا الشأن من اجتهادات وحلول نرأب بها أي مستجدات قد تؤثر في العلاقات العمالية فبالاضداد تعرف حقيقة الاشياء.
واردف المستشار الشامري: ومن ناحية اخرى فان ما قد تقتضيه قضايا الارهاب وغسيل الاموال من اجراءات تحفظية او جزائية قد تمس حق الملكية كتجميد حسابات الافراد بالبنوك وغير ذلك يثير التساؤل حول مدى مشروعية هذه الاجراءات، وما حدود نطاقها والضوابط المنظمة لها ان كانت.
واضاف: ومعلوم ايضا ان الدساتير بصفة عامة تنص على ان حرية الرأي مكفولة ولكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول او الكتابة او غيرهما، كما ان حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة فالصحافة بادائها واخبارها وتحليلاتها انما تقود رأيا عاما ناضجا وفاعلا، ولكن ما هي المعايير التي تضمن التوازن بين المصلحة الخاصة المتمثلة في الحرية الشخصية وحماية حقوق الآخرين والمصلحة العامة للمجتمع بحيث لا تتعدى الحرية النقد المباح الى السب المحــرم.
وقال: اما المحور الثاني فيتناول الحديث عن تطور عقود التزام المرافق العامة موقف الملتزم فردا او هيئة خاصة «شخصا اعتباريا خاصا» في مباشرته نشاط هذا المرفق، وما هو ضمان وحدود الا يخرج في مباشرته اياه عن حدود نيابته عن الدولة في ادارة هذا المرفق بما يكفل تحقيق الخدمة العامة المبتغاة منه للافراد، وما سلطات هذا الشخص وهل يملك قدرا من السلطة العامة من اجل تستير المرفق، وما ضمانات وحقوق المنتفعين بالمرفق وايضا ما أوجه رقابة القضاء الاداري على اداء هذا الملتزم الذي هو في الاصل شخص من اشخاص القانون الخاص، ونطاق هذه الرقابة القضائية وحدودها.
وختم المستشار الشامري كلمته بالقول: واخيرا بخصوص المحور الثالث فالاصل ان المسؤولية رهينة بتوافر ركن الخطأ ولكن هل يمكن ان تقوم مسؤولية الدولة على اساس تبعة المخاطر التي بمقتضاها يكتفى بتوافر الضرر وعلاقة السببية بين نشاطها والضرر ولو لم يصدر منها او تابعيها ثمة خطأ، وهل تمتد هذه المسؤولية الى ما قد تسببه الكوارث والاحداث الطبيعية او استخدام بعض وسائل التكنولوجيا الحديثة وما ينجم عما يحدث من عمليات قتالية من اضرار تلحق بالافراد دون ان يكون هناك خطأ يمكن نسبته الى الدولة.
هذه ومضات حول محاور الندوة نأمل من المستشار آلان كريسناخت ان يزيدنا تفصيلا فيها وينقل الينا ما ارساه بشأنها قضاء مجلس الدولة الفرنسي من مبادئ وما وضعه من حلول.
وان المعهد يتطلع بعين الاعتبار والتقدير الى سديد مداخلاتكم لتفعيل هذه الموضوعات الحيوية بالافكار والخبرات المتبادلة من اجل اثراء الحقل القانوني والقضائي بكل ما هو جديد يعين على اعلاء كلمة القانون.
الصفحة في ملف ( pdf )