يعلق د. عادل الدمخي بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية على فتوى الداعية د.يوسف القرضاوي بقوله: ما أسكر كثيره فقليله حرام بغض النظر عن اي نسبة كانت، وهذه الفتوى ستفتح لنا بابا لاستحلال الخمور يبدأ الإنسان بشرب البيرة ويقول انا لا أسكر منها ونسبة الكحول قليلة فهي حلال.
وهذا الباب إذا فتح على مصراعيه لعدم وجود ضابط في هذه المسائل يضبطها في النسبة سواء كان 1 أو 5 من الألف.
وأكد د. الدمخي ان هناك من الفتاوى ما يكون سببها موضوعا يحدد الجواب إنما تكون المسألة الفقهية اولا ثم بعد ذلك نجعلها على المشروب الواقع وذلك لأنه مشروب طاقة وإذا تغيرت المسميات يسمح بالتحليل فإذا ذكر انه به كحول اي نسبة كانت يمنع، وطالب د.الدمخي بالنظر إلى فقه الواقع في هذه الفتاوى ثم ننزلها على هذه المشروبات وغيرها.
واضاف، وانصح شيخنا الكبير العالم يوسف القرضاوي بألا يدع مجالا للفضائيات والمجلات والصحافة للخروج الاعلامي مما يوقع العالم في هذه الاخطاء، والمفروض ان يعود لما افتى به علماء المسلمين ولا يجوز أن يتناول المسلم اي مشروب كان فيه اي نسبة ولو حتى ضئيلة للغاية سواء كان الكحول الناتج عن تخمر طبيعي أو غيره، خاصة ان بعض ضعفاء النفوس سيستغل مثل هذه الفتوى لغرض في نفسه ويجعلها في ذمة القرضاوي الذي افتى بها.
إساءة فهم للفتوى
يؤكد د. سعد العنزي ان الأصل في قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) «ما أسكر كثيره فقليله حرام» وهذا أصل ان الكحول أو ما يسكر من أي نوع كما ان كثيره حرام فقليله كذلك ينسحب عليه، ولو كان فيه جزء من الألف او المائة، فانه يقع فيه التحريم حتى ولو لم يسكر لأن العلة في التحريم هي الاسكار، وسبب الإسكار هو وجود تلك المواد فإذا وجدت المادة المسكرة حتى لو كانت قليلة فإنه يقع فيها التحريم فلو كان الأخمار طبيعيا او مكتسبا فالحكم سواء.
واضاف: لو جاء شخص وأقام مصنعا لمصنع الخمور فإن هذا الفعل محرم، وكذلك من وضع بعض الاطعمة فتخمرت طبيعيا فلا يجوز شربها لأنها مؤدية إلى السكر حتى ولو لم تسكر وعن سبب التحريم في ذلك قال د.العنزي، وجود تلك المادة المسكرة سواء أكانت كثيرة أم قليلة محرم.
واعتقد ان الداعية د. القرضاوي يرى بهذا ولكنه قد يُساء قوله او ما كتبه او تكلم به، وعدم توضيحه بالصورة الصحيحة ولكني اعتقد ان د.القرضاوي يرى ما أسكر كثيره فقليله حرام وهذا ينسحب على كل المواد المسكرة قليلها او كثيرها في أي مادة سواء كانت جامدة او سائلة يقع فيها التحريم.
أما الداعية خالد الخراز فقد اتفق مع الدعاة على الحرمة، وقال: الاسلام عندما حرم الخمر حرمه مطلقا لقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ): «ما أسكر كثيره» فعلى هذا المبدأ ينبغي ان يبتعدوا عما حرم الله تعالى مطلقا كما قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ): «ما أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عن شيء فانتهوا» فالواجب على المسلم اذا كان النص بالتحريم ان ينتهي مطلقا وان يبتعد عن ذلك قدر الامكان، اما ما يخص النسب المتفاوتة هذه فبعض الناس ربما يعتبر ان هذه النسبة لا تسكر وهذا يجعل النسبة جائزة 5% و1% وهذا مبدأ مخالف للنص، فإذا علمنا نحن ان اي شراب فيه نسبة من الحرام ينبغي ان يبتعد عنه المسلم.
اما بالنسبة للعطور فقال انها تستخدم خارجيا لذلك رخص فيها بعض العلماء لأنها لا تشرب اما الحال انها تشرب فينبغي الابتعاد عنها حتى ولو كانت قليلة.
وردا على سؤالنا ان هناك بعض الادوية والعقاقير تحتوي على نسبة من الكحول تعطى للمريض في بعض الاحيان عند الضرورة؟ اجاب الداعية الخراز: هذه لا تسكر ولكنها يحصل بها شيء من التخدير وتخفيف الآلام على المريض، اما ان يسكر سكر شارب الخمر فلا، فهي تشبه البنج الذي يحصل به تعطيل الاحساس دون ان يشعر المريض باللذة والطرب، ومعلوم ان الحكم المعلق بعلة اذا تخلفت العلة تخلف الحكم، فما دام الحكم معلقا بالاسكار وهنا لا اسكار فلا تحريم.
وزاد: اذ ان المشروب الدوائي لو خالطه شيء من الكحول يتعلق بالطب الذي لا علاج إلا بهذا وهو بنسب لا تذكر فلا مانع، اما المشروبات الأخرى التي تؤخذ للتدخين اذا ثبت فيها هذه النسبة من المسكر فهي حرام قليلة كانت او كثيرة.
واشار الخراز الى ان مشروب الطاقة في الكويت له ثلاثة انواع هي باورهورس، ريدليبل، وآخر شراب شعير، مدون عليها عدم وجود اي نسبة كحول فيها.
حرام
وقال الداعية ناظم المسباح: كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام، وهو خمر من اي شيء كان ولا يباح شربه للذة او للتداوي او لعطش ولا غيره، وبالتالي فأي نسبة من الكحول مهما تضاءلت وتناولها المسلم فهي حرام لقوله ( صلى الله عليه وسلم ): «كل مسكر خمر وكل خمر حرام».
وهذه الفتوى قد جاءت من عالم جليل الا انها قد تفتح الباب امام النفوس الضعيفة ومن هم على حرف من الايمان ان يشربوا الخمر بدعوى انها ليست خمرا صرفا وان كان اليوم النسبة 5 بالالف فقد تصبح مع عالم آخر 10 بالالف وهكذا.
مع مضمون الفتوى
العميد السابق لكلية الشريعة واصول الدين في قطر د.عبدالحميد الانصاري ايد ما افتى به د.القرضاوي وقال: اتفق معه من ناحية المضمون والتيسير على الناس لكنني انتقد ظاهرة الفتاوى التي باتت تحكم المجتمعات الاسلامية وتعوق تنميتها وتقدمها.
وقال: ان عالم الدين اصبح يبيح لنفسه ان يفتي في كل شيء من الطب الى الفلك وصولا الى السياسة من دون احترام للاختصاص وللدولة المدنية التي من المفترض ان يحكمها القانون وليس الفتاوى.
واضاف: ظاهرة الفتاوى تصيب الناس بالكسل العقلي وتمكنهم من التهرب من المسؤولية وهو امر بعيد عن منهج الاسلام، الذي جعل قلب المؤمن وضميره هو المفتي.
وطالب الانصاري بأن تتدخل الدولة وتمنع مثل هذه الفتاوى التي اصبحت توظف سياسيا مثل فتاوى الجهاد التي راح ضحيتها آلاف الشباب المسلمين الابرياء.
الصفحة في ملف ( pdf )