بيان عاكوم
افتتح سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد اعمال الاجتماع الموسع الثالث لوزراء خارجية الدول المجاورة للعراق امس بالتأكيد على الاهتمام البالغ بأمن العراق واستقراره وعلى ادانة اعمال الارهاب بكل اشكالها التي يعاني منها العراق.
وابرز في كلمته الافتتاحية ان الكويت اخذت على عاتقها منذ ان دخل العراق مرحلة ما بعد النظام السابق التزامات مهمة منها مساعدة الاشقاء العراقيين على بناء مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وادانة جميع انواع الارهاب بجميع اشكالها والاهتمام بالجانب الانساني لمشكلة النازحين العراقيين.
وقال سمو الشيخ ناصر المحمد في كلمته:
يسعدني في البداية ان ارحب بكم على ارض الكويت اجمل ترحيب، متمنيا لكم جميعا طيب الاقامة بيننا، ويسرني ان انقل لكم تحيات حضرة صاحب السمو الامير وسمو ولي العهد حفظهما الله وتمنياتهما لكم بالسداد والتوفيق والنجاح لهذا المؤتمر المهم.
كما يشرفني ان تحتضن بلادي اعمال هذا المؤتمر الذي نؤكد من خلاله للعالم اجمع على اهتمامنا البالغ بأمن العراق واستقراره من خلال تدارسنا وتشاورنا جميعا للوصول لافضل السبل التي تحقق آمالنا المنشودة في مستقبل مشرق لهذا البلد الشقيق.
واغتنم هذه المناسبة لاوجه الشكر لكم جميعا على تلبيتكم الدعوة وبذل جميع الجهود من اجل انعقاد هذا المؤتمر لنحقق من خلاله الاهداف التي نسعى اليها والتطلعات التي ينشدها المجتمع الدولي.
لقد كانت استعادة السلام الدائم والاستقرار وتحقيق الازدهار في العراق الشقيق هدفا مهما حرص عليه المجتمع الدولي منذ سقوط النظام السابق، واذا كانت دول الجوار قد اخذت على عاتقها الاهتمام والمتابعة لما وصلت اليه الاوضاع بالعراق وعقدت سلسلة من الاجتماعات الوزارية والفنية المكثفة فان مؤتمرنا الموسع الثالث لدول الجوار يؤكد من جديد حرص المجتمع الدولي المتواصل على المساهمة والمشاركة في تحقيق التطلعات المنشودة بشكل مباشر وفعال ولعل تزايد مشاركة الدول والهيئات والمنظمات الدولية والاقليمية في هذا المؤتمر يعتبر مؤشرا واضحا على هذا الحرص.
يطيب لي ونحن في بداية هذا المؤتمر ان اوضح لكم ان الكويت اخذت على عاتقها منذ ان دخل العراق الشقيق مرحلة ما بعد النظام السابق العديد من الالتزامات المهمة ومنها:
اولا: مساعدة الاشقاء في العراق على استعادة بناء مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولا يتحقق ذلك الا بالتأكيد على استقلال العراق وسيادته الكاملة ووحدته الوطنية وسلامة اراضيه وهويته العربية والاسلامية وتكريس مبدأ المواطنة العراقية ودعوة جميع مكونات الشعب العراقي لتعزيز الوحدة الوطنية.
كما نود التأكيد على اهمية الالتزام بمبدأ عدم التدخل في شؤون العراق الداخلية، فرغم الاواصر القومية والعرقية والدينية والتاريخية التي تربط دول الجوار بالشعب العراقي الشقيق الا ان فتح باب التدخل وتصدير الخلافات السياسية له يحيله الى ميدان للصراع المسلح ويهدد امنه واستقراره مما يؤثر على امن واستقرار المنطقة جميعا.
ثانيا: ادانة الكويت لجميع اعمال الارهاب بكل اشكاله التي يعاني منها العراق الشقيق ودعوة كل المجتمع الدولي لمساندة الحكومة العراقية من اجل مكافحته والتصدي له بما فيها من جهود مبذولة لمنع استخدام الاراضي العراقية كقاعدة للارهاب ضد الدول المجاورة وبالعكس ودعم الجهود المشتركة من اجل منع انتقال الارهابيين والاسلحة غير المشروعة من والى العراق.
ويسعدني من على هذا المنبر ان ارحب بالتزام الحكومة العراقية بتفكيك ونزع اسلحة الجماعات المسلحة بشكل غير قانوني كافة فهذا الالتزام يساهم بشكل فعال في تجفيف مصادر التسليح غير القانوني ويفتح افاقا رحبة نحو حوار سياسي يصل بأطياف المجتمع العراقي الى تحقيق المصالحة الوطنية والامن والسلم الاجتماعي.
ثالثا: اهتمام دولة الكويت بالجانب الانساني لمشكلة النازحين العراقيين ونرى ان توفير الحماية وتلبية الاحتياجات العاجلة وضمان امنهم مسؤولية مشتركة بين العراق والمجتمع الدولي.
ولا يفوتني في هذا المجال ان اشير الى مبادرة الكويت مؤخرا التي تمثلت في تقديم تبرع طوعي للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين كي تقوم بانفاقه داخل العراق على اللاجئين.
ان من الضروري حث الاطراف الدولية كافة على زيادة الدعم الانساني للنازحين وتوفير الظروف المناسبة لعودتهم الى مساكنهم بما يحفظهم ويحفظ كرامتهم واستقرارهم.
في الختام اكرر ترحيبي وشكري لجميع المشاركين متمنيا ان يسجل التاريخ مؤتمرنا في صفحاته كعلامة بارزة وفاعلة لتكريس السلام في المنطقة واشاعة الامن والاستقرار والتقدم في مجالات التنمية والازدهار.
من جهته اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تحسن الوضع الامني والسياسي في بلاده وانها تجاوزت الازمات والانقسامات وتمضي قدما في تطوير العملية السياسية وتكريس التجربة الديموقراطية.
بيد ان المالكي اشار في كلمته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر دول الجوار الى استمرار تدخل اطراف لم يسمها في الشؤون الداخلية للعراق كما دعا الدول الدائنة الى الغاء ديونها او اعادة جدولتها وحث الدول العربية الى اعادة فتح سفاراتها في بغداد وتعيين سفراء لها هناك.
واعرب المالكي عن شكر وتقدير الشعب والحكومة العراقية للكويت «الجارة الشقيقة لاحتضانها هذا المؤتمر» متوجها بالتحية لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد.
وقال المالكي «جئت احمل رسالة العراق بكل مكوناته وقادته وقواه السياسية بأن العراق قد تجاوز الأزمات والانقسامات».
واشار الى تقدم حكومته في تثبيت الأمن في بغداد «التي نجحت فيها خطة فرض القانون» اضافة الى عودة الحياة الطبيعية الى محافظة الأنبار بعد تطهيرها من عصابات القاعدة وبسط سلطة الدولة وملاحقة الخارجين عن القانون في البصرة وباقي المحافظات.
وقال المالكي ان نينوى «ستشهد عملية تطهير من عصابات القاعدة وبقايا النظام البائد».
وأكد ان العراق في ظل النجاحات الأمنية يشهد اجماعا وطنيا استثنائيا تجلى في موقف متماسك عبرت فيه جميع الكتل السياسية عن دعمها ومساندتها للحكومة في مواجهة الارهابيين والخارجين عن القانون ونزع سلام المليشيات وحصر السلاح بيد الدولة.
واضاف ان القوى السياسية جميعها أجمعت على عدم السماح لأي جهة سياسية تملك مليشيات أثناء الشاركة في انتخابات مجالس المحافظات التي ستجرى في الأول من شهر اكتوبر المقبل وهذا يعتبر «نقلة نوعية في العملية السياسية وتكريسا للوحدة الوطنية».
وقال المالكي أن مبادرة المصالحة الوطنية «قارب نجاة لجميع العراقيين»، مؤكدا جدية تحقيق المصالحة على أرض الواقع عبر مشاريع وقوانين وقرارات مهمة ساعدت في تثبيت الأمن والاستقرار.
وقال ان العراق الجديد «ليس عراق الأمس الذي يثير النزاعات والحروب ويعتدي على جيرانه»، موضحا انه «بلد اتحادي ديموقراطي تعددي يحرص على اقامة افضل العلاقات مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وان يكون محطة التقاء وحوار بين المتخاصمين الاقليميين والدوليين».
وأضاف ان هذه الرغبة الصادقة والأكيدة بتحسين العلاقات مع دول الجوار ومحيطنا العربي والاقليمي «كنا نتوقع أن تقابل بخطوات ايجابية لقد بقيت سياسات التدخل في شؤوننا الداخلية قائمة وآثارها واضحة في تأجيج العنف وتغذيته سياسيا واعلاميا وماليا وعبر فتاوى التكفير وتدريب الارهابيين».
وأكد المالكي ان العراق الآمن والمستقر «سيكون في مصلحة دول المنطقة والعالم»، موضحا ان دعم الارهاب بأي وسيلة ومهما كانت النوايا والأهداف «لن يوفر مكاسب لأي جهة ولن يجعلها في منأى عن الخطر، فالارهابيون يستهدفون جميع الأديان والمذاهب والقوميات والدول دون استثناء».
ودعا المالكي جميع دول الجوار لبذل المزيد من الجهود وتشديد الاجراءات الأمنية على الحدود المشتركة لمنع تسلل الارهابيين الى العراق ولتجفيف منابع الارهاب ومصادر تمويله.
ودعا الى شطب الديون وايقاف التعويضات المالية المترتبة على العراق مما يعطي «رغبة حقيقية في مساعدته في تنفيذ مشاريع البناء والاعمار ودعم الامن والاستقرار».
وأعرب عن الأمل في ان تستأنف الدول العربية التبادل الديبلوماسي مع العراق، موضحا ان تبادل التمثيل الديبلوماسي «مقدمة ضرورية لتطوير العلاقات في المجالات كافة ويساهم في تثبيت الامن والاستقرار وتحقيق التنمية الاقتصادية».
ونوه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بـ «جدية وصلابة» الحكومة العراقية في مجال التصدي للميليشيات المسلحة وبسط سلطة الدولة ومكافحة الإرهاب، مشيرا الى «تطورات امنية ايجابية تشهدها الساحة العراقية».
واكد في كلمته في المؤتمر الموسع لدول جوار العراق انه لا يمكن الانتصار على آفة الارهاب إلا عن طريق التعاون المباشر والتنسيق الكامل بين الاجهزة الامنية المختصة لتبادل المعلومات والتعرف المبكر على الارهابيين وملاحقتهم ومنعهم من تنفيذ عملياتهم الاجرامية.
واشار في هذا الشأن الى «مباحثات جادة ومثمرة» اجراها رئيس مجلس الامن الوطني العراقي اخيرا مع الجهات الامنية المختصة في السعودية لتطوير التنسيق والتبادل المستمر للمعلومات بين البلدين في المجال الأمني.
وزير الخارجية السوري وليد المعلم شكر الكويت الشقيقة ورئيس الوزراء على استضافة هذا المؤتمر الوزاري الموسع لدول جوار العراق، الذي يشكل انعقاده الدوري اعترافا اقليميا ودوليا بخطورة الوضع في العراق الشقيق وبخطورة آثاره السلبية اقليميا ودوليا ايضا، وهو تعبير عن الحاجة الماسة، خاصة داخل العراق، لايجاد مخرج من الوضع الراهن، ان طول معاناة شعب العراق وصعوبة الظروف التي يمر بها تتطلب تكاتف الجهود لدعمه ومساعدته، بدءا بتوفير مستلزمات تحقيق الأمن والاستقرار فيه، وأضاف: رغم ان بعض التقارير تحدثت عن تحسن الوضع الأمني في العراق الا ان هذا التحسن يبقى مؤقتا اذا لم يقترن بتحقيق المصالحة الوطنية عبر التوافق الوطني بين جميع مكونات الشعب العراقي وجميع تياراته الوطنية الموجودة على الساحة العراقية، واشراكها جميعا في العملية السياسية وفي تعزيز وحدة العراق ارضا وشعبا.
إن كل الأطراف داخل العراق وخارجه تؤكد على ضرورة الحفاظ على عراق موحد سيد مستقل وعربي اسلامي الهوية والانتماء، وتؤكد ان هذا يمر عبر توفير الامن والاستقرار، والامن والاستقرار يمران بدورهما عبر المصالحة الوطنية القائمة على التوافق الوطني والمشاركة في العملية السياسية كعراقيين اولا وأخيرا، بحيث تشمل جميع التيارات الوطنية الموجودة على الساحة العراقية بشكل فعلي، والمصالحة الوطنية تقع على عاتق العراقيين اولا، والجامعة العربية ودول الجوار يمكنها دعم هذا التوجه والمساعدة على تحقيقه، وان مساعدة العراق تعني من وجهة نظرنا دعم الجهود التي تبذل للخروج من ازمته الراهنة وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.
اما وزير شؤون خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية منوچهر متكي فقال انه بالرغم من المكتسبات السياسية الكبيرة التي حصل عليها الشعب العراقي خلال السنوات الاخيرة في التأسيس لحكومة منبثقة من اصوات الشعب على اساس الدستور بصفته رمزا لوحدة الشعب العراقي، الا ان استمرار تواجد وتدخل القوى الاجنبية في العراق طوال السنوات الخمس الماضية وعدم قدرتها على ضبط الاوضاع والتماطل في تسليم الامر سريعا الى العراقيين احدث شرخا وحمّل العراق خسائر لا يمكن التعويض عنها حيث ان الفلتان الامني والمذابح غير المسبوقة والاعمال الارهابية ضد المواطنين وهتك حرمة الاماكن المقدسة الدينية المذهبية والقيام بأعمال مثل اختطاف الناس والديبلوماسيين الاجانب واخيرا استشهاد زوار العتبات المقدسة من الاجانب يعد من ضمن الممارسات التي تقترف هناك.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )