جدة - دارين العلي
أطلق صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية الأمير خالد الفيصل صيحة تنبيه الى ان صيانة البيئة والحفاظ على مقوماتها مسؤولية جماعية يتحمل كل انسان على كوكب الأرض نصيبه فيها طبقا لنشاطه، مؤكدا أنه لن تفلح كل الأنظمة والقوانين حتى العقابية منها في نجاح المشروع ما لم يتكاتف الناس جميعا بوازع من أنفسهم، وفي ظل تعاون دولي شامل لمجابهة الأخطار الناتجة عن تلوث البيئة والحرص على التوازن في تلك الثنائية الكونية بين التحديث والحفاظ على سلامة البيئة.
كلام سموه جاء خلال تمثيله صاحب السمو الملكي ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز في افتتاح منتدى جدة البيئي الأول تحت عنوان «حماية البيئة إصلاح وتأهيل» بحضور صاحب السمو الملكي الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة الأمير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز وعدد كبير من أصحاب السمو الأمراء وأكثر من 1500 شخصية متخصصة من السعودية ومختلف أنحاء العالم في غرفة تجارة وصناعة جدة.
وعبر صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في كلمته خلال حفل الافتتاح عن سعادته بافتتاح المنتدى نيابة عن ولي العهد الأمين، ناقلا تحياته الى الضيوف من علماء البيئة والأكاديميين المتخصصين والمؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية، الذين جاءوا الى المنتدى بعلمهم وخبراتهم في اطار التعاون الدولي المنشود لمجابهة الأخطار التي تهدد البيئة عالميا.
ونبه أمير منطقة مكة المكرمة الى الخسائر الفادحة والمخاطر الصحية التي تتعرض لها الدول بسبب تلوث البيئة، وقال: أصبح موضوع العناية بالبيئة والحفاظ على سلامتها على رأس قائمة الاهتمام العالمي، نظرا لما يهددها من اخطار ناجمة عن تصاعد انشطة الانسان الصناعية وطموحاته الاقتصادية، مع اهمال وسوء استخدام لمقومات البيئة، مما احدث خللا في التوازن البيئي، وكبد العالم خسائر فادحة، وعرض شعوبه لمخاطر صحية عديدة بسبب التلوث الذي يلحق بالبيئة في اشكال شتى، ناهيك عن ازمة المياه التي يواجهها العالم، وتتصاعد حدتها في دول العالم الثالث خاصة.
واضاف: ادركت المملكة العربية السعودية مبكرا خطورة الامر فقامت من جانبها بدور نشيط لحماية البيئة على الصعيدين المحلي والدولي، وشاركت في كثير من المؤتمرات والملتقيات الدولية المتخصصة، وانضمت الى العديد من الاتفاقيات العالمية المتعلقة بالبيئة، وفي الشأن الداخلي اصدرت الانظمة الكفيلة بالحفاظ على البيئة، ثم صدر النظام العام للبيئة ولائحته التنفيذية، وشكلت هيئة دائمة للاشراف على تطبيقه تحت مسمى «الرئاسة العامة للارصاد وحماية البيئة» التي يرأسها صاحب السمو الملكي الامير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز، ويبذل جهودا مشكورة للنهوض بهذا القطاع المهم.
واوضح: في هذا السياق يأتي هذا المنتدى كثمرة تعاون بين الرئاسة والغرفة التجارية الصناعية في عروس البحر الاحمر جدة، ولا شك في ان حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - في اطار اهتمامها العام بشؤون البيئة - تسعى للحفاظ على بيئات جدة البحرية والصناعية والتجارية والمجتمعية، لما لهذه المدينة من اهمية على المستوى الدولي.
وتمنى سموه للمشاركين والمنظمين والداعمين للمنتدى ان يسفر تلاقح الافكار عن حلول بيئية قابلة للتطبيق، تسهم المملكة في وضع استراتيجيتها، وفي تطبيقها على ارض الواقع لتضيف الى رصيدها الثري في هذا المضمار.
من جانبه، شدد صاحب السمو الملكي الامير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز الرئيس العام للارصاد وحماية البيئة على اهمية المنتدى فقال: تشهد مدينة جدة هذه الايام انعقاد عدد من الانشطة البيئية الوطنية والاقليمية والدولية، اكدت الدور الفعال الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في مجال الحفاظ على البيئة بدءا من انشطة جدة للكيماويات والتي خرجت بتوصيات مهمة في مجال المنتدى، واستكمالا لهذه الانشطة البيئية ستستضيف المملكة ايضا انشطة بيئية مهمة اخرى مثل ادارة النفايات الصلبة والخطرة ضمن برنامج التعاون العربي الصيني في مجال البيئة في الاسبوع الثالث من الشهر المقبل، كما سيرعى صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز المؤتمر العربي الدولي الاول للتشريعات البيئية في مدينة الرياض، والذي يشارك فيه نخبة مميزة من جميع الدول العربية والمنظمات البيئية العربية والدولية ذات العلاقة.
واضاف ان السياسات البيئية الحديثة تبنى في معظمها على مفهوم التحوط ويستمد هذا المفهوم اهميته نظرا لأنه المدخل لكل الجهود المبذولة للحفاظ على البيئة، فالعمل على درء المفسدة خير واجدى، لذا فالعمل على منع اسباب التدهور افضل كثيرا من علاجها، وعليه فإن العلم البيئي الحديث قدم اجابات كثيرة في هذا الاتجاه، معتمدا على هذا المبدأ، ولكنه في نفس الوقت اثار الكثير من الاسئلة والتي تحتاج الى مجهودات كثيرة لحلها، لذا فانه يجب على متخذي القرار وراسمي السياسات بما لديهم من بيانات وما تواجههم من مقدمات التصدي لأنظمة طبيعية غاية في التعقيد منها الغلاف الجوي والمياه السطحية والجوفية والمواد الكيميائية الى جانب الجينات الاحيائية، واخيرا الانظمة البيئية والى ذلك، لأن عبث الانسان بهذه الانظمة من شأنه ان يولد اخطارا جسيمة الى حد يجعل اتخاذ القرارات خيارا لا مناص منه.
واشار الى ان الرئاسة العامة للارصاد اتخذت الشفافية المطلقة شعارا لها، وراعت احترام آراء ومصالح كل الاطراف المعنية سواء كانت تجارية او اقتصادية وبصفة خاصة العلاقات البيئية مع منظمة التجارة العالمية لضمان الفهم المتبادل والتوافق التام على مستوى المبادئ التجارية والبيئية، ويحدوها أمل ان يكون المنتدى نقطة انطلاق مهمة للتعاون والتكامل في مجال البيئة.
بدوره اشاد رئيس المنتدى د.محمد الجهني بالدعم الكبير الذي تجده حماية البيئة من سمو ولي العهد الأمين، مشيرا الى ان رعاية وحضور اصحاب السمو الملكي المنتدى سيكون نقطة انطلاق سنوية شقيقة لمنتدى جدة الاقتصادي. وحذر الجهني من الخطر الكبير الذي سيحدث في حال عدم الالتفات الى حماية البيئة، وقال: ان المملكة العربية السعودية كجزء من العالم تشعر بمسؤوليتها العظيمة تجاه حماية البيئة بجميع فروعها، وتسعى بجهود مستمرة ومتفاعلة لبحث كل الحلول للقضاء على المشاكل البيئية والتقليل من آثارها الضارة، كما ان ايماننا بأهمية اعلان الحرب على التلوث بقيادة خادم الحرمين الشريفين والذي رصد ميزانية ضخمة تخصص للدراسات والبحوث في المجال البيئي، واعلانه عن استراتيجية في رسم سياسة الدولة في مجال التنمية المستدامة.
واشار الى ان جلسات المنتدى الـ 8 ستطرح العديد من المواضيع المهمة التي ستناقش 4 محاور على مدار يومين كاملين ستساهم في وضع الحلول لمختلف القضايا البيئية المعاصرة، وقال: رسالة هذا المنتدى تهدف الى تأصيل مفهوم التنمية المستدامة، ونشر ثقافة الحفاظ على الموارد الطبيعية وتبادل الخبرات على المستويين الاقليمي والدولي والاستفادة من تجارب الدول في حماية ومكافحة التلوث، ودعوة اصحاب الاعمال الى الاستثمار في جميع المجالات البيئية خدمة للوطن اولا، وثانيا تحقيق عوائد مالية كبيرة في الطاقة النظيفة والتدوير والنفايات والغازات والمياه في المجالات الصناعية والزراعية.
وشدد رئيس المنتدى على مكانة السعودية الكبيرة على صعيد محيطها العالمي، مشيدا بالدور الفاعل الذي تقوم به غرفة جدة لحماية البيئة، حيث قال: «أؤكد على دور الغرفة التجارية واشيد بما تقوم به من مساهمات فاعلة في خدمة اصحاب الاعمال والتعاون مع الرئاسة العامة للأرصاد والبيئة والجهات الحكومية الاخرى في سبيل توعية اصحاب الصناعات والمجتمع بأهمية المحافظة على البيئة، والاهتمام ببرامج المسؤولية الاجتماعية وتقديم مساهمات بيئية متميزة تساهم في رفع مستوى الوعي البيئي لدى جميع فئات المجتمع، واضعين في الاعتبار اهمية دور الاعلام في مساندة خطانا والتفاعل مع برامجنا والمساهمة الفاعلة في النشر الاعلامي لتحقيق التوعية البيئية لجميع فئات المجتمع.
وفي ختام كلمته وجه شكره الى رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة الشيخ صالح بن علي التركي، معتبرا انه اول من تبنى فكرة المنتدى وقدم له كل الدعم والمساندة، كما شكر الشركات الراعية ورئيس المجلس العربي - الاوروبي للبيئة د.صالح المزيني الذي تم عقد المؤتمر بالتنسيق معه.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل قد افتتح المعرض المصاحب للمنتدى الذي يشارك فيه عدد من الشركات الراعية والجامعات والجهات المهتمة بالبيئة قبل افتتاحه للمنتدى، ورافق سموه خلال تجوله في المعرض اصحاب السمو الملكي الأمراء وعدد من المسؤولين والخبراء المشاركين في المنتدى واصحاب الاعمال.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )