محمد ناصر
منذ بداية انتخاب أول برلمان وحتى أمة 2008 تسجل نتائج الانتخابات في معظم الدوائر مسألة نجاح المرشحين الذين يحتلون المراكز من الثالث حتى الخامس في اي انتخابات قادمة يخوضونها بعد حلولهم كأبرز الخاسرين في الانتخابات السابقة وقد جرى تأكيد هذه النظرية من خلال نتائج أمة 2008 اذ استطاع النائب حسين القلاف ان يفوز بعضوية مجلس الأمة 2008 بعدما حل في المركز الرابع في انتخابات 2006 وضمن عودة قوية بعودته الى مجلس الأمة وحلوله في المركز السادس من أصل 10 فائزين.
الأمر ذاته مع النائب مخلد العازمي الذي حل ثالثا في انتخابات 2006 إلا ان قواعده الانتخابية أصرت على فوزه وعودته في انتخابات 2008 ليحتل المركز التاسع عن الدائرة الأولى.
السلطان من 99 إلى 2008
أما في الدائرة الـ 2 فيبرز فيها نائبان: الأول هو خالد السلطان الذي حل ثالثا في انتخابات 1999 عن الدائرة الـ 3 ولم يترشح في انتخابات 2003 ولا في انتخابات 2006 ليحقق فوزا بارزا ومهما في انتخابات 2008 بحلوله في المركز الثالث بـ 8687 صوتا وهو تأكيد واضح على تواصله الدائم مع قواعده الانتخابية التي ازدادت بشكل كبير بين آخر انتخابات خاضها عام 1999 عندما نال 731 صوتا وانتخابات 2008 بـ 8687 صوتا.
الدائرة الـ 2 ايضا حملت اصرارا من محمد العبدالجادر الذي توج جهوده بالفوز في امة 2008 بالمركز العاشر بعدما سبق له ان خاض انتخابات 2006 عن الدائرة الـ 6 الفيحاء وحقق نتيجة مميزة بحلوله في المركز الثالث بـ 1646 صوتا.
الروضان وفوز مستحق
اما في الدائرة الـ 3 فيبرز اسم روضان الروضان الذي حل ثالثا في انتخابات 2006 عن الدائرة الـ 9 (الروضة) لتحمله الينا انتخابات 2008 نائبا عن الدائرة الـ 3 بعد فوزه بالمركز السابع بـ 6586 وبيّن فرز النتائج حصوله على اعلى نسبة اصوات في منطقة الروضة
المطيري ونجاح بارز
لم تخل الدائرة الرابعة من الثوالث الخاسرين في 2006 والفائزين في 2008 اذ سبق للنائب محمد هايف المطيري خوضه الانتخابات لثلاث مرات سابقة حل في جميعها ثالثا عن الدائرة الانتخابية الخامسة عشرة (الفروانية)، ففي انتخابات 99 انتزع 1243 صوتا وحل ثالثا.
وفي انتخابات 2003 حافظ على المركز الثالث ولكن ازداد رصيده من الأصوات بـ 2217 صوتا.
وفي انتخابات 2006 أيضا لم يكتب له الفوز وحل ثالثا ايضا برصيد 5512 صوتا، لتأتي انتخابات أمة 2008 وتدخله الى قاعة عبدالله السالم، انما أيضا عبر المركز الثالث بـ 12106 أصوات كانت مؤهلة له لأن ينهي خصومته مع الرقم والمركز الثالث بعدما كانت تقسيمة الدوائر الخمس والعشرين تكتفي بأول فائزين وتقصي الثالث، ليتغير الوضع في أمة 2008 وليكون المركز الثالث ومن يحتله بمنزلة المنتصر الأبرز طبعا، اضافة الى أول اسمين.
العبيد والبرغش والدبوس إصرار وعزيمة
اذا كانت الدائرة الأولى حملت لنا نائبين كانا ابرز الخاسرين في أمة 2006، والدائرة الثانية ايضا نائبين، واكتفت الدائرة الثالثة والرابعة بنائب واحد، فإن الدائرة الخامسة احتلت المركز الأول بثوالث 2006 الناجحين في أمة 2008.
ففي الدائرة الحادية والعشرين (الأحمدي) ترشح محمد العبيد في انتخابات 2006 وحل في المركز الثالث بـ 6172 صوتا وكانت هذه النتيجة دافعا قويا له لخوض انتخابات 2008 والفوز بالمركز الثالث برصيد 14546 صوتا.
والثاني في الدائرة الخامسة هو النائب عبدالله البرغش الذي خاض انتخابات 2006 عن الدائرة الثانية والعشرين وحل ثالثا بـ 4548 صوتا، لينتخبه 13135 ناخبا في انتخابات 2008 ليدخل مجلس الأمة للمرة الأولى.
اما بالنسبة للثالث فهو للنائب السابق عصام الدبوس الذي لم يحالفه الحظ في انتخابات 2006 عندما حل ثالثا عن الدائرة الرابعة والعشرين (الفحيحيل) بـ 4158 صوتا ليعود عصام الدبوس نائبا في أمة 2008 بـ 10719 صوتا ممثلا المركز الثامن وليسجل فوزا مهما يؤكد على ارتباطه الوثيق بناخبيه وأبناء دائرته التي تعد الأكبر بين جميع المناطق وصاحبة أكبر كتلة من الناخبين في الكويت.
ثوالث عديدة
اذا اقتصر الأمر في انتخابات 2008 على نجاح تسعة مرشحين ثوالث في انتخابات سابقة أو كانوا أبرز الخاسرين فإن مجالس الأمة السابقة حملت لنا العديد والعديد من الأسماء التي لم يكتب لها النجاح من المرة الأولى، بل أعادوا الكرة مرة ومنـــهم من اعادها مرتين أو ربما أكثر ليظهر مدى الاصــرار والعـزيمة على النجاح.
ومن ابرز هذه الأسماء النائب عبدالواحد العوضي الذي خاض انتخابات 92 و96 و99 لينجح في 2003 وليؤكد ان الاصرار والعزيمة والتواصل مع الناس لابد ان تأتي بثمرة الفوز، وكذلك الأمر مع فيصل المسلم الذي حل خامسا في انتخابات 99 بـ 717 صوتا، وعلي صالح العمير ايضا الذي حل رابعا في انتخابات 99 بـ 762 صوتا، وضيف الله بورمية الذي حل خامسا في انتخابات 99.
بالاضافة الى قائمة طويلة من الأسماء منهم فيصل الشايع، محمد الخليفة، محمد البصيري، سعدون العتيبي، يوسف الزلزلة، عادل الصرعاوي، عواد برد، وغيرهم العديد من الأسماء.
ظاهرة الفوز بعد الخسارة
تدل ظاهرة فوز أبرز الخاسرين في الانتخابات التي تلي خسارتهم، على استمرار تواصل المرشح مع أهالي دائرته واعادة قراءته لتكتيكاته الانتخابية نحو الأفضل، ويعكس هذا النموج فضلا عن الاصرار على الوصول الى مجلس الأمة أحقيته في التعبير عن افكار وطروحات ظل يؤمن بها وأراد ايصالها والتعبير عنها في حصن الديموقراطية ومركزها الرئيسي مجلس الأمة.
وهناك مرشحون حلوا ثالثا لدورتين متتاليتين، ولكن هؤلاء آثروا الانسحاب في الدورة الثالثة وابتعدوا تماما عن المعترك السياسي، ويعكس هذا التوجه حالة عدم صبر سياسي، أو بروز اسماء لامعة تتمتع بكاريزما تخطف الأضواء في الدائرة ومن ثم ثقة الناخبين.
وقد يكون الحاصلون على الترتيب الخامس في أي انتخابات، مهما كان عدد المرشحين، من أقل الناس حظا في عضوية المجلس، لكن هناك نماذج سجلتها الانتخابات الكويتية في معظم دوراتها، والغريب ان اصحاب المركز الخامس في الانتخابات السابقة يحلون أولا في الانتخابات التالية، وهو مؤشر مهم يستحق الدرس حول ما اذا كان المرشح اعتمد في نجاحه على تحالفات، أم اعاد تنظيم تكتيكاته الانتخابية، أو لجأ الى الصوت الأعور.
ومثلما يصعد ثوالث الانتخابات لعضوية المجلس في الانتخابات التالية، فإن النواب انفسهم، سواء كانوا يحتلون المركز الأول أو الثاني، يعودون الى المراكز من الثالث حتى السابع أو الثامن، وهو ما يعرف بالسقوط المدوي، أو عدم التوفيق.
وهنا يمكن تفسير الظاهرة بوضوح، لأن النائب الذي تراجع من المركز الأول الى الثالث أو الخامس من المؤكد ان هناك اسبابا منطقية لتراجعه ابرزها:
تراجع التيار السياسي الذي ينتمي اليه أو لتراجع أداء النائب تحت قبة البرلمان وتراجع التزاماته التي قطعها مع الناخبين أو عدم تأثيره في الموضوعات المطروحة امام المجلس أو تهاونه بنظر ناخبيه في قضايا مهمة كان يجب ان يكون اداؤه بها مختلفا أو ما شابه ذلك.
ومن الأسباب ايضا احتمال عدم نجاح النائب السابق في الانتخابات الفرعية التي تجريها قبيلته، وينقسم الأمر هنا الى نوعين: نوع من النواب يقبل قرار قبيلته وينسحب من الانتخابات، والنوع الآخر الذي يصر على ترشيحه رغم عدم نجاحه في الانتخابات الفرعية ما ينعكس سلبا عليه عند ناخبيه من أبناء القبائل ما يشكل خسارة له في صناديق الاقتراع كنتيجة طبيعية للالتزام بالتصويت للناجحين في الفرعيات.
يبقى في النهاية تساؤل طريف انه في هذه الانتخابات كنا نطلق مصطلح ثوالث على أبرز الخاسرين الذين حلوا في المركز الثالث، اما في الانتخابات القادمة فسيبرز مصطلح «الحوادي عشر والثواني عشر»!
تقرير خاص في ملف ( pdf )