يوسف غانم
كتبت بأناملها فجسدت ما يجول في خاطرها من افكار ومشاعر، اعتمدت على العلم احيانا وعلى عواطفها وخبراتها احيانا اخرى، استعرضت ثمانية وثمانين اختلافا جوهريا بين آدم وحواء، الأديبة والكاتبة وضحة احمد المضف طرحت في كتابها «آدم وحواء.. الاختلاف جوهر الائتلاف» العديد من القضايا ذات الاهتمام بالنسبة للرجل والمرأة وأوجه الخلاف بطريقة علمية وادبية شيقة ومبسطة يمكن الاستفادة منها لكلا طرفي الأسرة الرجل والمرأة في علاقاتهما بحيث يتعرف كل طرف على ما يدور في فلك الطرف الآخر من ميول واهواء وبأسلوب منطقي مستخدمة في ذلك عبارات سهلة ومحببة معتمدة في بداية كل اختلاف على عبارات وكلمات مستقاة من عدة مصادر كالقرآن الكريم والحديث الشريف وحكم وأمثال لمفكرين وفلاسفة واشعار وأقوال بما يناسب الاختلاف كمدخل شائق مختارة عناوين ارتكزت فيها على مبدأ «المختصر المفيد» أفكار المضف باصدارها سهلة الوصول للمتلقين على اختلاف مستوياتهم العلمية.
وتقول المضف في مقدمة كتابها «آدم وحواء.. الاختلاف جوهر الائتلاف»: احبائي آدم وحواء الشهد والسكر ان اختياري للشهد والسكر يعود لاختلاف احرف الكلمتين وتشابه مذاقهما الرائع كما هي روعة اختلافاتكما، فهذا الكتاب أتوجه فيه للجنسين «آدم وحواء» وأخاطب فيه الجميع وأتكلم فيه للكل، ولا أقصد طائفة خاصة، او جيلا بعينه، او فئة معينة، أو بلدا بذاته، بل هو لمن أراد أن يبحر في عالم آدم وحواء ويتعرف على أهم الاختلافات بين الجنسين.
وأملي ورجائي الصادقان ان يكون هذا الكتاب موفقا مقبولا ونافعا مؤثرا ويعينكم على فن التعامل مع الطرف الآخر بكل مرونة ويسر وسهولة.
فهو يتخذ خصوصية خاصة، الهدف منه ايضاح أمور على أصولها ربما اختلطت على الكثيرين، وتوضيح امور مبهمة على البعض من كلا الجنسين، لنؤكد من خلاله ان الاختلاف هو جوهر الائتلاف، وسأعرض لكم آخر ما اطلعت عليه من مراجع وأبحاث ودراسات بالاضافة الى تجاربي الشخصية وتجارب المحيطين بي من الأقارب والأصدقاء والتي توضح أكثر الاختلافات أهمية بين الجنسين بالاضافة الى تسليط الضوء على بعض الحلول والاقتراحات لمساعدة كلا الجنسين على التكيف والاندماج والتقارب فيما بينهما، ولهذا نحاول تضييق سعة الخلاف بين الجنسين لكي يتوصل كلا الطرفين لفهم واستيعاب الآخر بكل حب ورضا، لنمسي هينين ونصبح لينين مع انفسنا ومع الآخرين.
ان الرجال اليهود قديما يقولون في صلواتهم الصباحية «تبارك الله ربنا ورب جميع العالمين لأنه لم يخلقنا نساء» بينما النساء اليهوديات يقلن تنفيسا عن ارواحهن من قول الرجال اليهود «تبارك الرب الذي خلقنا حسب إرادته» وباعتقادي ان النساء اليهوديات بهذا الرد أفحمن الرجال اليهود بحجتهن الدامغة لتسليمهن وايمانهن بالارادة الإلهية.
ما يناسب الخواطر
وتضيف المضف: نظرا لكثرة الصلاحيات التي اعطيت للرجل، ولتحرر الرجل من بعض القيود التي غالبا ما تقيد المرأة والتي تجعل من الرجل دائما هو الاقوى وتجعل حصة الذكور في العالم اكثر من حصة الاناث، ويصبح النموذج البشري المطلق بالكون هو النموذج المذكر، لذا فقد وجدت في نفسي الرغبة بأن أبحر معكم في عالم يهمنا جميعا على السواء، لكي نعطي كل ذي حق حقه من الرجال والنساء، فربما يدور في خلد البعض أنها محاولة جريئة مني.
فليسمح لي هؤلاء البعض ويعذروني عليها، واني اخالها محاولة متواضعة من عقل كريم يمقت البخل بجميع انواعه، بما في ذلك البخل في المعلومات واكون في اوج سعادتي عندما انقل ما حصلت عليه من معلومات بكل شفافية وصدق، لإثراء أحبائي القراء بمعلومات احسبهم يرغبون بمعرفتها وظنا مني بأنها تتناسب بما يجول في خواطرهم.
اختلافات كبيرة
ولكي تضيق سعة الخلاف الدائم بين الرجل والمرأة، أولا يجب ان نقر بأن المرأة هي مخلوق انساني كالرجل وان الله كرمها واعطاها حقوقها كاملة وكذلك علينا ان نقر ونؤمن جميعا بأن هناك اختلافات كبيرة وكثيرة جدا بين الرجل والمرأة وضعها رب العزة لا يمكن تغييرها او تبديلها او انكارها او حتى مناقشتها، وكلنا يؤمن بأن الله عز وجل رفع الرجال على النساء درجة، ولا احد يجرؤ ان ينكر ذلك لأنها احدى مسلمات ديننا الاسلامي، والكل يعلم ان الرجال والنساء بينهم اختلافات كثيرة من الناحية البيولوجية والنفسية والاجتماعية، لذا لابد من الولوج في عالم آدم وحواء لكي نضع هذه الاختلافات في نقطة الضوء، حيث ان الولوج في هذا العالم الغامض والمبهم مهم جدا ويعتبر قضية مهمة تشغل بال الكل، لذا ارتأيت انه لابد من تسليط الضوء على هذا العالم الذي سنكتشف من خلاله اسرار ومكنونات اهم الاختلافات بين الجنسين، والتي غالبا ما تكون هذه الاختلافات سببا في الصراعات والاضطرابات في الحياة الاسرية او في العمل او في الحب او غيره من العلاقات الانسانية المتبادلة بين الرجال والنساء، وفي الاغلب الاعم تكون هذه الصراعات هي نتاج لعدم فهم طبيعة الآخر، حيث يقول د.هوارد ماركمان استاذ الدراسات الاسرية والزوجية «ان سوء فهم الاختلافات بين الجنسين هو أحد الأسباب الرئيسية المؤدية إلى الطلاق».
حل المشاكل
وتقول المضف: تاقت نفسي لنقل كل ما بوسعي نقله لأحبائي، وآثرت أن اعطي نبذة واجتهدت بتواضع بنقل ما يقارب 90 فارقا بين الرجل والمرأة بشكل ممتع وسلس ومشوق لكي يستفيد منه الجميع بشكل أكبر واوسع في حياتهم المقبلة، وكلي أمل أن اكون قد ساهمت بالحد او التقليل من المشاكل والصراعات التي تحدث بين الرجال والنساء سواء في البيت او العمل او الشارع.
أحبائي لكم في نفسي المكانة السامقة وفي قلبي المحبة العالية، وارجو رجاء صريحا من القارئ الكريم الذي اختلف معي في الرأي ان يتحمل وجهة النظر ولا يضعني تحت مجهره ويكبر أحرفي وكلماتي اكبر مما ينبغي ولا يستعجل في الحكم علي، ويحمل احكاما مسبقة، وقرارات مقولبة، ولا يفسر الامور حسب وجهة نظره ومنظوره، انه مجرد رأي يحتمل القبول او الرفض ولكم مني كامل الاحترام والتقدير لكل من اختلف معي في الرأي او وافقني، ولكم الخيار بالاقتناع بما اعطينا من نبذة في هذا السياق، او تركها دون جدل، فكثرة الجدل تفقد الود والحب، فمن الذي لم يخطئ قط، ومن الذي له الحسنى فقط، فتعالوا معي لنبحر في ثنايا هذا الكتاب لنكتشف خفاياه عن قرب، وانا واثقة بأن كلا منكم سيجد ما يبحث عنه، وتذكروا دائما ان كل دقيقة تمر في حياتكم هي فرصة جديدة للتغيير والتحسين، واثبتوا على مبدأ رد تفاءلوا بالخير تجدوه»، وافتحوا ابوابكم الموصدة للتغيير وانا اعدكم بإذن الله بأنكم ستحصلون على السعادة التي طالما تمنيتموها ولهثتم وراءها متقطعي الانفاس بشتى الوسائل والسبل، فهي موجودة ومخبأة داخل نفوسكم المهمومة والمتعبة والمثقلة، ولملموا شعث نفوسكم المبعثرة والمتناثرة التي تقاسمتها احزانا هنا وهناك رمموا سقف حياتكم من الشقوق المتزايدة قبل ان يسقط فوق رؤوسكم بغتة ويردمكم، وانهضوا من الكبوة والعثرة وابدأوا من جديد حتى وان كان الوجع كبيرا ومساحة الجرح أكبر بكثير من الطعنة وكمية الدموع اكبر من مساحة العين، فلنحتل على ظروفنا القاسية ولا نستسلم لها.. فمازال هناك وقت لتعويض الخسائر واخيرا لا تنسوا أن تهدوا أنفسكم وردة ولا تنتظروا أن يهديها لكم احد.
وتختم المضف بقولها: لكم مني دعاء من قلب محب بأن تحيوا حياة مليئة بالوفاق والائتلاف، وأدام الله حياتكم عامرة بالحب والسعادة والرضا، واني اخطها مكبرة مكررة لتغدوا في أسماعكم مقررة.. أنتم بكل تأكيد تستحقون أن تحيوا هذه الحياة الجميلة، والآن حان الوقت وأزفت ساعة الانطلاق، فلنبدأ وبالله التوفيق.
ومن الاختلافات التي توردها المضف ان المرأة تعطي اكثر بينما الرجل يأخذ أكثر، اذ ان المرأة تعطي أكثر مما تأخذ فهي عادة تخاف أن تبوح للرجل عن حاجتها فيقابلها الرجل بالرفض او يخذلها او يصدر عليها حكما سلبيا قاسيا وهذا الرفض سيكون مؤلما لها لأن المرأة دائما تعتقد أنها غير جديرة بأن تتلقى أكثر وهذا الاعتقاد يجعلها تكبت مشاعرها وحاجاتها ورغباتها ولا تبوح بها للرجل ابدا، فالمرأة احيانا تعتقد اعتقادا سلبيا وخاطئا بأنها لا تستحق الحب ويكون من الصعب عليها تقدير قيمتها وذاتها ووضع نفسها في المكان الذي تستحقه بالفعل، فهذا الشعور بعدم الجدارة والمختبئ والمتواري في اللاشعور يولد لها خوفا من احتياجها للآخرين، وأنها لن تتلقى الدعم الذي تحتاجه كثيرا ونظرا لخوفها من عدم التلقي يجعلها تدفع الدعم عنها بعيدا لذلك يندهش الرجل عندما يقدم لها الدعم فترفضه بشدة، وهي بنفس الوقت في أمس الحاجة لهذا الدعم، فخوفها الخاطئ بأن الرجل سيصدر عليها حكما سلبيا مسبقا، وان حماسه وحبه سيقل بسبب حاجتها له، وهي لا تدرك أنها عندما ترفض دعمه يعتقد الرجل بالمقابل أنها لا تثق به، وغالبا رفضها لدعمه يكون هو السبب الرئيسي الذي ادى الى قلة حماسه وعطائه بعد ذلك ولكن هناك كثيرا من الرجال يحفزون المرأة بأن تخبرهم عن حاجتها إليهم وعندما تطلب الدعم يتغير شعورهم ويفتر حماسهم بعد أن تحتاج المرأة لهم وتبوح بما تريد، فكثير من الأحيان يتبدل شعور الرجل بعد أن تطلب المرأة الدعم من الشعور بالحب إلى الشعور بالاحتقار، فليس سهلا على المرأة أن تطلب الدعم من الرجل وتعتمد عليه ثم يقوم بتجاهلها أو نبذها أو يتعمد النسيان، لأن هذا التجاهل أو النبذ وتعمد النسيان سيصدمها وستتألم كثيرا وستتعرض لخيبة أمل كبيرة وتعتقد انه لا قيمة لها وتقديرها لذاتها ينعدم وربما تكتئب وتغلق الباب على نفسها ولن تعطي للرجل فرصة أخرى وستقول له لقد اعطيتك كل شيء وعندما احتجت لدعمك تجاهلتني لقد أخذت فرصتك، إنني استحق افضل من ذلك وانا الآن لا استطيع الثقة بك وأنا الآن مشغولة فلم يبق شيء عندي أعطيه لك ولن أسمح لك بأن تجرحني مرة أخرى، فانتبه أيها الرجل جيدا حتى لا تندم فالمرأة تطلب مرة واحدة فقط، وتكره أن تكرر الطلب، لأن المرأة تجد صعوبة كبيرة في ان تفرق بين الاحتياج والعوز، وانصح المرأة بأن تتغلب على الخوف من الاخذ من الآخرين، فأنت فعلا تستحقين ذلك فأنت من بادرتي بالعطاء أولا فما المانع من الأخذ، والأهم مما سبق يجب أن تتعلمي عزيزتي المرأة الأخذ والعطاء معا.
وليس عليك أن تعطي أكثر لتحصلي على علاقة أفضل، فالرجال سيفعلون أكثر اذا أعطيت أقل، لذلك عزيزتي المرأة فأنت فقط تحتاجين إلى الوقت لتتعلمي الأخذ، وانصحك توقفي فورا عن العطاء بلا حدود، وكذلك أنصح الرجل بالصبر فعندما يرتد ويرجع ويحتاج إلى حب وغرام أكثر من جديد في العلاقة، فلن تجد المرأة تنتظرك وستقدم لك الحب الذي تريد بعد اهمالك لها فهي تحتاج الى بعض الوقت لتزيل ما تراكم عليها من تجاهلك واهمالك لها، لذا على الجنسين أن يدركا حقيقة المفارقة وهي اننا عندما نكون مستعدين للأخذ سيصبح ما نحتاج إليه متوافرا، وعندما تكون المرأة مستعدة للتلقي يكون الرجل مستعدا للبذل.
اختلاف تشريحي
وكذلك ان دماغ الرجل يختلف تشريحيا عن دماغ المرأة، حيث ان الألياف التي تربط بين فصي الدماغ عند النساء أكبر مما عند الرجال على الرغم من ان حجم الدماغ كاملا عند الرجل هو اكبر من حجم دماغ المرأة، حيث ان متوسط معدل دماغ الرجل هو 87.4 إنش مكعب بينما عند المرأة 76.8 ونظرا لهذا الاختلاف فإن المرأة لديها القدرة اكثر من الرجل على استخدام فصي الدماغ مع بعضهما في وقت واحد، حيث ان التركيز على مشكلة ما بفصي الدماغ يجعل المرأة اكثر إدراكا للناس، فالمرأة تدرك بشكل أفضل من الرجل.. الاختلافات بين ما يقول الناس وما يعنون كما تلتقط الهفوات والزلات التي تفصح عن المشاعر الحقيقية للشخص الآخر، كما توجد لدى المرأة غدة صغيرة تتحكم بإفراز هرمونات الجسم، فقد أكد الباحثون انه توجد مجموعة من النيرونات في هذه الغدة وان مجموع هذه النيرونات فيها أكبر بمرتين عند الرجل مما لدى المرأة وهذه الغدة التي تتحكم في التغذية أو الهروب عند الخوف أو القتال أو الممارسة الجنسية، حيث ان التأثير المتبادل بين الاختلافات البنيوية والهرمونات هي التي تجعل تركيز الرجل على مهمة.
الصفحة في ملف ( pdf )