- عباس: من حق الزوجة رفع قضية طلاق للضرر في حال تزوج عليها زوجها بأخرى
- الشيباني: الزوجة الثانية قد تكون سبباً في طلاق الزوجة الأولى
دانيا شومان
ما أثارته إحدى نائبات مجلس الشعب المصري من ضرورة إلغاء القانون الذي يحتم على الزوج إخبار زوجته الأولى عند زواجه بأخرى لم ينته فصولا، فبعد آراء قاطعة من رجال الدين الذين أكدوا أن لا نص في الشرع يلزم الزوج بذلك، وان للزوجة الاولى طلب الطلاق إذا تعرضت للضرر بسبب الزواج الثاني للزوج، لاتزال القضية مطروحة، ومازال ملف الزواج الثاني مفتوحا، فلماذا يحدث، وما الدوافع التي وراءه وما حالاته؟
وبعد البحث وجدنا أن الزوجة الثانية، أو كما تعرف باسم «الضرة» ليست حالة متطابقة، بل متغيرة مختلفة، وجرت العادة مثلا أن تكون الزوجة الثانية للرجل معلنة، أي أن الأمر يتم بعلم الزوجة الاولى، ولكن ليس برضاها، ولكن هناك حالات تكون فيها الزوجة الثانية زوجة سرية، الزواج يتم وفق الشرع والقانون، ولكنه لا يعلن ويكون سرا بين الزوج والزوجة الجديدة، أو يكون في وسط ضيق جدا، وعادة ما تكون الزوجة الاولى أو «أم العيال»، هي آخر من يعلم، ولكن الزوجة الثانية ليست مجرد قصة واحدة متشابهة، بل قصص مختلفة متنوعة، لكل قصة ظروفها ولكل قصة أبطالها كما أن لكل قصة نهاية تختلف عن الاولى.
من خلال هذا العرض ومن واقع أوراق قضايا أحوال شخصية وشخصيات حية عن تجربة الزوجة الثانية سواء بالنسبة للرجل الذي يقدم على الزواج من أخرى، أو بالنسبة للزوجة التي يتزوج عليها زوجها ثانية، أو حتى بالنسبة لفتاة أو امرأة تقبل بأن تكون زوجة ثانية.
عرض سريع وعاجل لأربع حالات كل منها يستعرض قصة الزوجة الثانية من وجهة نظرها، بل من واقع تجربته أو تجربتها، وقبلها قمنا بأخذ رأي القانونيين في الزواج الثاني وما يترتب عليه قانونا، وماذا تفعل الزوجة في حال اكتشفت اقتران زوجها بأخرى، والبداية مع المحامي محمد حمزة عباس الذي اكد انه من حق الزوجة رفع قضية طلاق للضرر في حال اكتشفت اقترانه بأخرى، خاصة اذا لم يعدل بينهما، فيما كشف المحامي معاذ الشيباني ان الزواج الثاني قد ينتهي بطلاق الزوجة الاولى.
طلاق بسبب الزواج الثاني
أكد المحامي محمد حمزة عباس أن من حق الزوجة الاولى رفع دعوى طلاق للضرر في حال اكتشافها اقتران زوجها بأخرى، وقال عباس: في المذهبين السني والشيعي في قضايا الاحوال الشخصية يحق للزوجة رفـــع دعوى طلاق للضرر بعد اقتران زوجها بزوجة ثانية، سواء بعلمها أو بغير علمها، وفي المحكمة السنية يمكن أن تحصل على الطلاق بنسبة 70%، وأما أمام المحكمة الجعفرية فتكون نسبة حصولها على الطلاق أقل ولكنها ممكنة، ويمكن تصنيف القضية على أنها قضية طلاق للضرر، وأشار عباس الى أن البعض يلجأ الى الزواج بثانية عرفيا، وهو زواج لا تعتد به المحكمة، ويمكن في حال اكتشاف الزوجة اقتران زوجها بأخرى عرفيا أن تحصل على الطلاق منه، اذ ان المحاكم في الكويت لا تعتد بالزواج العرفي.
من جانبه، أكد المحامي معاذ الشيباني أن الشرع حلل الزواج بأربع، معتبرا الزواج الثاني حقا، ولكن الشيباني استدرك قائلا: الزواج الثاني لا يصبح مشكلة إلا اذا لم يعدل الزوج بين الاولى والثانية، وهنا يصبح من حق الزوجة الاولى رفع قضية طلاق، بل حتى الزوجة الثانية يمكنه هي الأخرى أن ترفع قضية لعدم العدالة أو لعدم الإنفاق عليها وتحدث دائما.
ويشير الشيباني الى جانب مظلم من حالات الزواج بأخرى قائلا: «لا ننسى أن هناك حالات تشترط فيها الزوجة الثانية على الزوج ان يطلق زوجته الأولى، حيث يقوم الرجل وبموجب طلب الزوجة الجديدة بتطليق زوجته الأولى أم أولاده ومثل هذه الحالات تمتلئ بها أروقة المحاكم».
الزوجة الثانية.. هروب من الواقع
بلغ عمرها 31 عاما وفي مجتمع شرقي ومعنى ان تصل الفتاة الى هذا العمر دون ان تتزوج ان تتعرض للإعدام اجتماعيا، ولذا كان السير في طريق ان تكون الزوجة الثانية أفضل من البقاء عزباء حتى هذا العمر، هذا باختصار سبب قبول (ع) لأن تكون زوجة ثانية، وتشرح قائلة: «كان خمسينيا متقاعدا ومتزوجا منذ 25 عاما ولديه 5 أبناء أصغرهم في الثانوية، وطبعا تم زواجي بعلم الزوجة الأولى، لم تكن راضية طبعا، ولكنه أبلغها، وتم حفل الزفاف، ولكن منذ الشهر الأول للزفاف كنت أعلم انه لا مستقبل لي معه على الرغم من انه كان يقوم بتدليلي وعاملني كعروس، وصدق ظني، فمع مرور 6 أشــــهر على زواجنا بدأت المشــــكلات تظهر، بدا أولا يغار علي بشكل غير طبيعي، ولكنني تحملت هذا، بعدها بدأ يمنــعني من زيارة أهلي بلا مبرر رغم انه كان يقضي يومين و3 متتالية في بيته الأول وحجته ان أولاده يحتاجونه رغم انهم ليسوا أطفالا، ثم بدأ يمتنع عن الصرف على المنزل بحجة انني موظفة وانه مسؤول عن عائلة كبيرة وراتبه التقاعدي بالكاد يكفي بيته الأول».
وتضيف (ع) انتهى الزواج سريعا كما بدأ، وبعد ان كنت أخشى لقب عانس تحولت الى مطلقة بعد ان كنت الزوجة الثانية في حياة رجل عاد الى زوجته الأولى وأولاده وتركني أعود الى منزل أهلي بلقب تخشى كل النساء من ان تحمله وهو مطلقة».
الأم المطلقة
تختتم (ع) حديثها قائلة: الحسنة الوحيدة في زواجي انني رزقت بطفل منه وأصبحت أما، وكان صغيري هو ثمرة زواج لم يستمر عاما واحدا.
الشك يكشف الزوجة الثانية
لا توجد امرأة تعاشر زوجها لأكثر من 10 سنوات إلا وتعرف أدق تفاصيل تصرفاته وتعرف اذا كان يخفي شيئا أم لا، وكلما زادت فترة العشرة زادت المرأة معرفة بزوجها أكثر فأكثر، وهو ما حصل مع الحالة الثانية التي فضلت الحديث دون ايراد اسمها وتقول: «أنا كشفت اقتران زوجي بأخرى بإحساسي كامرأة قضت اكثر من 20 عاما مع زوجها، لم يكن من الصعب علي ان أعلم ان تصرفاته قبل اكتشافي لحقيقة زواجه بأخرى لم تكن سوى محاولات لإخفاء شيء ما ، وكنت أعلم بوجود امرأة اخرى بحياة زوجي الأربعيني، حيث اقترنت به ونحن لانزال صغارا لم نتم العشرين من أعمارنا، وكنت أحفظه وأحفظ تصرفاته عن ظهر قلب، قبل اكتشافي لاحظت غيابه غير المبرر عن البيت لساعات طويلة، وكانت حججه واهية جدا، بل ومضحكة، في البداية كنت اعتقد ان غيابه محاولة للهرب من إزعاج الأولاد، ولكن التصرفات بدأت تزداد غرابة، حيث بدأ يقابل هاتفه النقال وخاصة ان الرسائل بدأت تتزايد ورودا على هاتفه النقال، وبدأت اشك بوجود امرأة وكان علي ان اتصرف، ولم انتظر طويلا حتى تأكدت من وجود امرأة، فقد قمت بالسطو على هاتفه النقال، وقرأت رسائل الحب والغرام بينه وبين امرأة، واجهته لا اعرف الحقيقة».
انتقام أنثى
واضافت: «ذكرته بان يذهب الى الحج سنويا، ولا يعقل ان يقوم الحاج الوقور بتصرفات المراهقين، ويقع في الحرام، وهنا استوقفني قبل ان اكمل سيل اتهاماتي، وقال ان التي اتحدث عنها هي زوجته الجديدة، وانه تزوجها قبل شهرين من اعترافه لي».
وتقول: «صدمني اعترافه بزواجه اكثر من صدمتي باكتشافي لوجود امرأة في حياته، طبعا وانتقاما لانوثتي وانسانيتي بل وانتقاما من قيامه بخداعي، تركت البيت له، وقررت الا اعود الا بعد ان يطلقها، فهذا حقي».
طلاق الثانية
وتمضي بشرح ما حصل معها قائلة: «لم تمض ايام حتى عاد وقد طلقها، وبهذا انتهى زواجه وعدت اليه ولكن طبعا لم اعد له كما كنت، فقد ترك جرحا غائرا بزواجه من ثانية دون علمي بل لزواجه من اخرى، ولو استمر زواجه لكنت انا من طلب الطلاق بل كنت سأصر عليه حتى أناله».
جدد شبابك خدعة الـ 50
بوعلي الخمسيني يتحدث عن تجربة زواجه من ثانية وعن السبب الذي دفعه للزواج ويقول: «الامر برمته خدعة، فقد بدأت اسمع من الربع في الديوانية جملة جدد شبابك بالزواج من عشرينية، وتكررت الجملة كثيرا على مسامعي، وبدأوا يحكون عن زملاء واصدقاء واقرباء في مثل عمري جددوا شبابهم بالزواج من فتيات، وبالفعل قررت ان اقدم على الخطوة، وبدأت البحث، ولجأت الى الخطابة للوصول الى هدفين ولم يمض شهران حتى نلت ما اريد وحصلت على العروس التي اتمناها، وبسبب وضعي في المنزل اخبرت زوجتي ووضعتها امام الامر الواقع، ولم يكن امامها خيار سوى القبول، وكنت اعلم انها لا يمكن ان تفعل شيئا سوى القبول».
ويضيف ابوعلي: «منذ الاسبوع الاول لزواجي علمت ان الامر ليس بأكثر من نزوة ولكنني تحاملت على نفسي، فالتي تزوجتها لا يتعدى عمرها الـ 22 عاما، وانت في الــ 57، فكان التفكير بيننا مختلفا بل ومتباينا والفرق بيننا كبيرا جدا، ولكنني تحملت، وصبرت وهي لاتزال على ذمتي ولها منزل خاص مستقل لانني لم اشأ ان اظلمها واطلقها وبقيت معي».
ويختتم ابوعلي حديثه قائلا: «خدعوني بقولهم جدد شبابك ولكن ها انا اتحمل نتيجة الخدعة التي وقعت ضحية لها».
رأي قانوني
القانون الكويتي خالٍ من النص على حق الزوجة في طلب الطلاق إذا تزوج زوجها بأخرى
مؤمن المصري
قال المحامي سعود السالم ان الفرق بين القانون المصري والقانون الكويتي في حالة زواج الزوج على زوجته ان القانون المصري جاء فيه بالمادة 11 مكرر (مضافة) من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985.
«على الزوج ان يقرر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجا فعليه ان يبين في الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن وعلى الموثق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب مسجل مقرون بعلم الوصول.
ويجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها ان تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالها ولو لم تكن قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها فإذا عجز القاضي عن الإصلاح طلقها عليها طلقة بائنة.
ويسقط حق الزوجة في طلب التطليق لهذا السبب مضي سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى إلا إذا كانت قد رضيت بذلك صراحة أو ضمنا، ويتجدد حقها في طلب التطليق كلما تزوج عليها بأخرى وإذا كانت الزوجة الجديدة لم تعلم انه متزوج بسواها ثم ظهر انه متزوج فلها ان تطلب التطليق كذلك».
مما يستفاد منه ان المشروع نص صراحة على حق الزوجة في طلب التطليق في حالة زواج زوجها بأخرى وحدد طلب هذا الحق خلال سنة من تاريخ العلم بهذا الزواج.
بينما جاء القانون 51 لسنة 1984 بشأن الأحوال الشخصية الكويتية خلوا من نص مماثل، إذ اقتصر على حق الطلاق للزوجة في حالة عدم الإنفاق وذلك طبقا للمادة 120 وفي حالة حكم القاضي في هذه الحالة يكون الطلاق رجعيا وللزوج ان يراجع زوجته في خلال العدة إذا ثبت للمحكمة يساره.
وإذا تكرر الطلاق لعدم الإنفاق أكثر من مرتين يقع بائنا. كذلك أعطى المشرع المرأة الكويتية الحق في طلب الطلاق في حالة الإيلاء ويقع رجعيا، وكذلك أعطى المشرع للمرأة حق التطليق للضرر قولا أو فعلا وذلك طبقا لما جاء بالمادة 126 من قانون الأحوال الشخصية.
من جانبها قالت المحامية هناء بوجروة ان المشرع الكويتي قد ارتكن الى الفقه المالكي كأساس لقانون الأحوال الشخصية وأعاد أي مسألة لا ينص عليها في القانون رقم 51/1984 بشأن الأحوال الشخصية الى المعلوم لفقه الإمام مالك رحمه الله، وقد خلا هذا القانون من أي نص يلزم الموثق أو الزوج بإخطار الزوجة بزواج زوجها من أخرى أو أخريات، ولم يجر العمل في ادارة التوثيقات الشرعية على اتخاذ مثل هذا الاجراء.
وهو لم يحذو في هذا حذو القانون المصري حيث انه وفقا لقرار وزير العدل المصري الصادر لسنة 1985 في تنفيذ قانون الأحوال الشخصية وتعديلاته بشأن أوضاع واجراءات إعلان وتسليم إشهار الطلاق وإخطار الزوجة بالزواج الجديد حيث ينص على: «على الموثق إخطار الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمة الزوج بالزواج الجديد خلال سبعة أيام من تاريخ توثيق الزواج وذلك بكتاب مقرن بعلم الوصول إذا كانت الزوجة تقيم بمصر أو الطريق الذي رسمه قانون المرافعات المدنية والتجارية إن كانت تقيم في الخارج، علما بأنه لا يتم توثيق عقد الزواج الجديد إلا بعد استيفاء هذا الإجراء.