فرج ناصر
لم يتقدم احد من المرشحين امس الى ادارة الانتخابات لترشيح نفسه للانتخابات التكميلية للمجلس البلدي في الدائرة الاولى (الشرق) وبذلك يبقى الحال كما هو على المرشحين العشرة في هذه الدائرة قبل اغلاق باب التشريح بخمسة ايام.
ورغم ذلك ساد الحزن ادارة الانتخابات صباح أمس حيث فقدت الادارة احد موظفيها وهو رئيس قسم الانتخابات جمال بوعباس الذي انتقل الى جوار ربه اثر نوبة قلبية، الامر الذي جعل مبنى الادارة يتحول من همة ونشاط الى يوم للبكاء، حيث قال مدير ادارة الانتخابات علي مراد ان الادارة قد خسرت احد ركائزها واحد اعمدتها، مشيرا إلى أنه كان ذو خبرة طويلة تمتد الى عشرين عاما ويعمل ليلا ونهارا.
هذا وتشير المراجعة الاحصائية لانتخابات المجالس البلدية السابقة الى جملة من المؤشرات اهمها تدني حجم مشاركة الناخبين واقبالهم على التصويت حيث انحصرت النسبة ما بين 30 و 50% من مجموع الناخبين باستثناء المجلس البلدي الثامن 1999 والتي بلغت فيه نسبة المشاركة 62%.
وسجلت انتخابات المجلس التاسع 2005 تراجعا ملحوظا لتصل الى 48.6%، ما يعطي دلالة على ان مستوى التفاعل مع انتخابات البلدي متدن بشكل عام لدى جمهور الناخبين مقارنة بانتخابات مجلس الامة ما يعكس انخفاض نسبة الوعي لديهم بأهمية المشاركة.
وحول تدني نسبة المشاركة، قال استاذ الاعلام بجامعة الكويت د.خالد القحص لـ «كونا» ان اسباب عزوف الناخبين كثيرة اذا ما قورنت بمدى اقبالهم على انتخابات مجلس الامة اهمها دور مجلس الامة وصلاحياته ودوره المباشر في حياة المواطن الكويتي بشكل اقوى من المجلس البلدي وذلك بحكم طبيعة مهامه التشريعية والرقابية وتناوله جميع قضايا الحياة اليومية بما فيها القضايا الاقتصادية والتعليمية والصحية والاسكانية والاجتماعية.
واضاف ان مهام وصلاحيات المجلس البلدي فنية بحتة، اذ ان صلتها بالمشاريع العمرانية والمخططات الهيكلية ولا تمس حياة المواطن بشكل يومي ومباشر، مشيرا الى ان قانون البلدية الجديد افقد المجلس الكثير من صلاحياته واصبح دوره يقتصر على ابداء الرأي بما يعني انه مجلس استشاري.
من جانبه، قال الخبير في ادارة الحملات الانتخابية استاذ الاعلام بجامعة الكويت د.احمد الشريف ان فتور حماس الناخبين تجاه المشاركة الواسعة في انتخابات البلدي بشكل عام سببه غياب وسائل الاعلام عن لعب الدور المفروض لتسليط الاضواء بقدر كاف على هذه الانتخابات، مما اثر بشكل عام على الرأي العام الكويتي وولد هذه الحالة من الفتور.
واضاف ان الاعلام لعب دورا كبيرا في فورة الاجواء الانتخابية في انتخابات مجلس الامة وفق نظرية اعلامية منظمة حددت الاولويات والاهتمامات لدى الجمهور، فسلطت الاضواء لتغطيتها بشكل ايجابي مما ولد الشعور لدى الناخب بأهمية هذه القضايا المثارة فتجاوب وتفاعل معها حضورا وانتخابا.
واكد انه نتيجة لتغييب الدور الاعلامي اهملت الكثير من التفاصيل المحيطة بطبيعة انتخابات المجلس البلدي مما بدد طاقة الجمهور وعزز من حالة الفتور بشكل كبير.
ورجح استاذ الاجتماع بجامعة الكويت د.حمود القشعان عزوف الناخب عن متابعة الانتخابات البلدية كونها تأتي في مرحلة «مميتة» فحماس الناخب وطاقاته قد استنفدت على اولويات مهمة منها متابعة انتخابات مجلس الامة ونتائجها وتحليلها وتشكيل الحكومة، وبالتالي جاء توقيت الانتخابات التكميلية في مرحلة اشبه بـ «الانتحار الديموقراطي»، خصوصا مع وجود حالة احباط اصابت شريحة كبيرة من الناخبين في تلك المراحل مما ولد هذه الحالة من العزوف.
واوضح ان المجلس البلدي فقد بريقه السابق حينما تحول الى جهة استشارية وانتقلت صلاحياته الى سلطة وزير البلدية، مشيرا الى ادراك الناخب ان هذه الانتخابات في نهاية الامر صورة عاكسة لنتائج مجلس الامة والتي سيطرت عليها ثلاث توجهات طائفية وقبلية ومصلحية.
وشدد على ضرورة وجود مؤسسات مدنية فعالة تقود برامج تنموية واضحة ولا يكون دورها محصورا بردات الفعل تجاه الازمات الطارئة.
واضاف ان المجلس البلدي لم يطور نفسه خلال تاريخه الذي يعتبر اطول من مجلس الامة، قائلا ان المجلس لا يملك حتى الان ميكنة للوثائق بما ان المعلومات مازالت ضمن ارشيف قديم يعود تاريخه الى خمسينيات القرن الماضي.
وقال مستشار جمعية الصحافيين واستاذ العلوم السياسية د.عايد المناع ان انتخابات المجالس البلدية حول العالم تحظى باهتمام كبير ومتابعة على عكس الدول النامية.
واكد ان نوع الخطاب السائد في البلاد خطاب سياسي وليس فنيا ولذلك يتمتع مجلس الامة بهذا الخطاب، في حين يفتقر له المجلس البلدي الذي ينحصر دوره بالجانب الفني مما يفقده الجاذبية المطلوبة للمشاركة والمتابعة، فضلا عن انه لا يملك سلطة تشريعية ورقابية بل يقتصر دوره على الجانب الاستشاري.
وذكر ان انتخابات المجلس البلدي تعتبر «بروڤة» وصورة مصغرة لما تأتي عليه انتخابات مجلس الامة وذلك يعود الى طبيعة تكوينه كما ان تشكيلة اعضائه تنقسم الى ستة اعضاء معينين وعشرة منتخبين اضافة الى ان قراراته تخضع لسلطة وزير الدولة لشؤون البلدية.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )