مسعد حسني
حقا انها مثال للاصرار والعزيمة والمثابرة، لا تتوانى في بذل الجهد والمال للبحث عن كل جديد في عالم عشقته الى حد تعجز الكلمات عن وصفه، انها هاوية السجاد عايدة ميرزا، التي عندما تسمعها وهي تتحدث عن السجاد وفنيات صناعته وانواعه، لا تملك الا ان تجلس مصغيا باهتمام الى حديثها وتتمنى من كل اعماقك ان يطول الوقت ويتسع لكي تتمكن من الاستفادة من معلوماتها الواسعة عن هذا الفن الواسع.
ميرزا تعتبر السجاد تحفا فنية، على الانسان ان يقدرها تماما ويحرص على انتقائها بعناية ويتبع الطرق السليمة في تخزينها، بل عليه ان يقف على طرق تنظيفها السليمة التي تحفظ لهذه التحف قيمتها التي لا تقدر بثمن.
ونظرا لما تمتلكه عايدة ميرزا من معلومات هائلة وخبرة كبيرة في مجال السجاد تلقت دعوة من لجنة المرأة العالمية في الكويت لتكون ضيفة البرنامج التثقيفي الشهري خلال مايو الماضي، حيث قدمت عايدة ميرزا محاضرة مميزة عن السجاد تطرقت خلالها الى المتاحف العالمية المهمة التي تقام خصيصا للسجاد، كما تحدثت عن اشهر التجار وخاصة تجار السجاد الايراني الذي يحتل مكانة الصدارة بين السجاد العالمي، وتطرقت الى اشهر المزادات بالاضافة الى تفصيلها لبعض فنيات الصناعة لهذا الفن الراقي، وأكدت عايدة انها تكون في منتهى السعادة عندما تكتسب صديقا جديدا محبا للسجاد، وأن سعادتها بهذا اللقاء أكبر لأنها وجدت كل هذا الاهتمام من عضوات لجنة المرأة العالمية بهذا الفن الأصيل، وفي حديثها عن تاريخ صناعة السجاد الايراني قالت ميرزا:
تعد صناعة السجاد من اشهر واقدم الصناعات اليدوية في ايران وتؤكد الوثائق التاريخية ان اول سجادة يدوية في العالم تم نسجها في ايران، وخير دليل على ذلك هو العثور على أقدم سجادة في مقبرة بازيريك جنوب سيبيريا يعود تاريخها الى العصر الاخميني قبل نحو 2500 عام قبل الميلاد، وقد شهدت صناعة السجاد الايراني عدة عصور تاريخية وهي كالآتي:
عصر ما قبل الاسلام: اشتهر العصر الساساني قبل انتشار الاسلام في ايران بصناعة السجاد وكانت سجادة بهارسستان من اشهر السجادات في ذلك العصر آنذاك وحظيت بأهمية كبيرة وشاعت شهرتها في الآفاق والامصار من حيث الجمال والنقوش والدقة حيث كانت هذه السجادة كما يروي المؤرخون منسوجة بخيوط من ذهب وفضة ومنقوشة برسوم جميلة ومزودة بأحجار كريمة.
العصر الاسلامي: استمرت صناعة السجاد الايراني منذ بداية نشر الاسلام في ايران حتى العصر السلجوقي والايلخاني وتم ابداع نقوش وتصاميم هندسية ورسم خطوط مستقيمة في هذا العصر بالاضافة الى الخطوط القومية التي كانت متبعة في صناعة السجاد ومن اهم خصائص هذا العصر ادخال رسوم النمطين الاسليمي الافشاني في نسج السجاد.
العصر الصفوي: وقد بلغت صناعة السجاد الايراني ذروتها في العصر الصفوي حيث تم تأسيس عدة ورش للسجاد في اكبر المدن الايرانية المهمة، مثل تبريز وأصفهان وأردبيل وكاشان للاهتمام بهذه الصناعة وتطويرها وقد تم ادخال عناصر اخرى من الطبيعة لاول مرة في صناعة السجاد كالطيور والحيوانات والزهور كما تمت اضافة الحاشية الى السجاد وتطوير استعمال خيوط الابريشم «الحرير» في هذه الصناعة.
العصر القاجاري: امتاز العصر القاجاري بصناعة السجاد بمقياس صغير واهتم المصممون باستعمال ألوان كاشفة ورسوم بالنمطين الاسليمي والصيني في هذه الصناعة، وقد تم تصدير السجاد الايراني الى اوروبا لاول مرة خلال هذا العصر.
العصر الحاضر: اهتم التجار بتصدير السجاد الى خارج ايران منذ بداية القرن الثالث الهجري ولهذا السبب طرأت على صناعة السجاد عدة تغيرات مهمة، نظرا للطلبات التي كان يتسلمها الايرانيون من الزبائن الاجانب، وحرص اصحاب ورش نسج السجاد على تلبية رغبات زبائنهم المتعددة بدقة حيث شهدت صناعة السجاد تحولا لا مثيل له من حيث التصميم واستعمال النقوش والالوان التقليدية، مما ادى الى تعرضها لخطر التحليل والتجريد ومن هذا المنطلق تم تأسيس شركة السجاد الايراني المساهمة لصيانة هذا الفن الايراني العريق وحماية العاملين في صناعة السجاد.
ولاتزال هذه الصناعة تخطو خطوات مهمة لسد الحاجة المحلية من السجاد الايراني الفاخر وتصدير الفائض منه الى الاسواق العالمية واهم انماط الرسوم المتبعة في نسج السجاد تنحصر في تسعة أنماط وهي على النحو التالي:
اصفهان، كاشان، تبريز، قم، كرمان واراك وتعرض في متحف السجاد الايراني بطهران نماذج مختلفة من انواع السجاد وانماط رسومها المختلفة.
وقد استخدمت عايدة ميرزا خلال المحاضرة احدث الاجهزة والتقنيات لعرض ادق التفاصيل في السجادة حيث استخدمت مكبرا خاصا يظهر عدد غرز السجادة، بالاضافة الى جهاز العرض (البروجيكتور) وعدد من صور السجاد القديمة واعتمدت على معارضها الثلاثة التي اقامتها سابقا في الكويت، لابراز فنيات وجماليات السجاد.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )