بشرى الزين
رغم النتائج التي حصلت عليها المرأة في انتخابات مجلس 2008 والتي كانت تتطلع من ورائها ان تكون جزءا من الفاعلين في صنع القرار السياسي بعد منحها حقها السياسي فإن بعض الناشطات والمرشحات لهذه الانتخابات اعتبرن التجربة متميزة رغم الاحكام المسبقة التي رافقت خوضهن غمار الانتخابات فيما ترى اخريات ان التقدم للترشيح في حد ذاته انجاز يحسب للمرأة وبالنظر ايضا الى ما واجهته من تحديات تجسدت في القبلية والفئوية التي صادفت عددا من المرشحات لتبقى تجربة المرأة السياسية رائدة وناجحة كما اكدت ذلك المرشحة السابقة د.اسيل العوضي، مشيرة في ندوة اقيمت مساء اول من امس في نادي الفتاة وبرعاية رئيسة اللجنة العليا للأم المثالية الشيخة فريحة الاحمد الى ان عدم وصول المرأة الى البرلمان لا يعد فشلا كما يصفه البعض.
وعزت العوضي اسباب ذلك الى الاحكام المسبقة التي اطلقت عقب نتائج انتخابات 2006 وما رافقها من ظروف استثنائية شملت تجمع «نواب 29» والدوائر الخمس، مبينة ان انتخابات 2008 ورثت هذه التركة التي أثرت على كثير من المرشحات اللاتي خضن التجربة وسط حالة من التشكيك في نجاح المرأة من عدمه، ما اثر في قرار عدد من الناخبين والناخبات وفي خلق «تأكيد» لديهم بعدم فوز المرأة والابتعاد عن دعمها.
وذكرت ان كل هذه التحديات ولّدت ارادة لإثبات العكس في ظل رفض من قبل تجمعات سياسية لخوض المرأة المعترك السياسي.
وتطرقت العوضي الى تجربتها في انتخابات 2008 كأول امرأة تدعم من تيار سياسي «التحالف الوطني الديموقراطي» حيث ورثت انصار وخصوم هذا التيار، ما شكل تحديا آخر لإثبات قدرتها على النجاح وعلى مواجهة اللغط الذي اثارته بعض الناشطات والمرشحات حول اختيارها وترشحها ضمن قائمة «التحالف»، مبينة انها تغلبت على هذا العامل السلبي في مدة زمنية قصيرة نسبيا.
واشارت العوضي الى خوضها تجربة الترشح في دائرة وصفتها بـ «الصعبة» كان الصراع فيها بين اسماء رنانة واقطاب لها وزن في الساحة السياسية، لافتة الى ان الدائرة الثالثة كانت تمثل الشعب الكويتي لأنها تشمل كل الاطياف، موضحة ان نجاحها في هذه الدائرة بحصولها على المركز 11 يعني «كسب ثقة الشعب الكويتي».
واضافت ان هذه التجربة اكسبتها قناعة في تقبل الشارع الكويتي للمرأة عكس ما يثار من وجود رفض ومقاومة لوجودها في الساحة السياسية وهو ما لمسته لدى زيارتها للدواوين او غيرها، مؤكدة ان النتائج اثبتت نجاح المرأة بحصولها على المركز الـ 11 الذي اجاب عن كل التساؤلات واللغط الذي رافق الانتخابات السابقة.
وعرضت ان اهم ما استفادت منه في تجربتها السياسية للعام 2008 منها انه على النساء ان تكون بينهن ثقة وتجاوز لكل المهاترات والحزازات لتأكيد دور المرأة مؤكدة ان العمل السياسي ليس حكرا على احد داعية الشباب من الجنسين الى خوض التجربة وضخ دماء جديدة، مشيرة الى ان تركيبة مجلس الأمة الجديد ليست بمستوى الطموح.
ونادت بدعم المرأة وتشجيعها ومساندة كل الجهود التي تسعى الى مصلحة الكويت والكويتيين، مشيرة الى ان ما لمسته ايضا هو ان الشارع الكويتي مل الوجوه القديمة رجالا ونساء داعية الى تشجيع وجوه شابة وجديدة لخوض العمل السياسي وتوفير الامكانيات لتفجير هذه الطاقات مبينة ان المرأة ستصل قريبا الى مجلس الامة اذا ما تم تجاوز السلبيات في المرحلة المقبلة مستدلة بعدد الاصوات التي حصلت عليها وبأداء وزيرة التربية ووزيرة التعليم العالي نورية الصبيح في جلسة الاستجواب.
ومن جهتها عرضت المرشحة السابقة عن الدائرة الرابعة المحامية ذكرى الرشيدي لتجربتها في الترشح واصفة اياها بأنها كانت الاصعب وسط دائرة «الابطال» حسب قولها.
واشارت الرشيدي الى التيارات الاسلامية المتشددة التي توجد في هذه الدائرة اضافة الى عوامل القبلية والطائفية والعصبية التي وصفت بها الدائرة، مشيرة الى ان خوضها تجربة الترشح في هذه الدائرة كمستقلة شكل اكبر تحد لها الا ان مؤازرة رجال ونساء الدائرة كان حافزا ومشجعا لان تكون التجربة في مسارها الصحيح.
وذكرت ان تجربتها تختلف عن تجربة د.أسيل العوضي نظرا لاعتمادها على امكانياتها الخاصة في حملتها الانتخابية اضافة الى ترشحها «مستقلة» وقصر المدة الزمنية بين الترشح وعملية الاقتراع.
ولم توافق من يقول بافتقار المرأة الى الخبرة مبينة ان المرأة لاتزال تعاني من رفض بعض التيارات لها، مشيرة الى تأثير «التشاوريات» التي كانت تقام في الدائرة ما حد من دعم المرأة رغم ان الكويت كانت سباقة في الريادة بجميع المجالات بالنظر الى دول المنطقة وحرمان المرأة الكويتية من الفرصة في اثبات كفاءتها في المجال السياسي.
ونادت الرشيدي بدعم المجتمع للمرأة بعدما منحت الحكومة الحق السياسي للحكم على ادائها، والايمان بأهليتها وكفاءتها في مشاركة الرجل في التنمية، مشيرة الى ان تجربتها في مؤتمر انتخابات 2008 كانت مبشرة بالخير وغنية.
اما المرشحة السابقة والناشطة المحامية نجلاء النقي وقد ساقت امثلة للمرشحات اللواتي خضن التجربة السياسية ووصفتها بأنها كانت ناجحة بكل المقاييس موضحة ان اقدام اي امرأة على الترشح يعتبر انجازا في حد ذاته ونجاحا في اثبات بصمة على الساحة السياسية وجرأة فاقت جرأة بعض الرجال ووسام شرف على صدر كل امرأة.
وقالت النقي ان الترشح ليس للوجاهة والتكسب الاعلامي وانما هو التزام وتكليف ومسؤولية وطنية لا يقدر عليها الجميع، مذكرة ان المرأة الكويتية اثبتت وجودها منذ الازل وقبل اكتشاف النفط حيث رعت الاسرة في غياب رب الاسرة الذي كان منشغلا في الغوص على «اللؤلؤ» وتأمين لقمة العيش.
وذكرت النقي ان المرأة واجهت معارضات شديدة في بداية تعليمها وفي قيادة السيارة وفي المطالبة بحقوقها السياسية التي امتدت 44 عاما، مشيرة الى ان «م 29» من الدستور تؤكد ان الناس سواسية في الحقوق والواجبات دون تمييز مضيفة ان المرأة استردت حقها السياسي المسلوب قبل عامين ونصف العام.
ودعت النقي التيارات السياسية الى احتضان المرأة على غرار «التحالف الوطني الديموقراطي» مع تقديم الدعم المادي والاعلامي مبينة ان الطريق شاق امام المرأة للوصول الى البرلمان مادامت تخوض الترشح «مستقلة»، مذكرة انها من مناصري نظام «الكوتا» لتحقيق العدالة المجتمعية واشراك المرأة في صنع القرار السياسي.
واشارت النقي الى ان تجربتها في الترشح كانت غنية ومريرة حيث حوربت بشدة من زميلات وناشطات، لافتة الى ان الدائرة الواحدة يمكن ان تقضي على الفئوية والطائفية والقبلية التي سادت حتى في اعتماد الدوائر الخمس مؤكدة على ضرورة نشر التوعية السياسية وفقا لبرامج من وزارتي التربية والاعلام لدعم المرأة.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )