أسامة أبوالسعود
أجمع عدد من النقابيين على أهمية دور مؤسسات المجتمع المدني في مناهضة الفساد المالي والاداري الذي بات يهدد المجتمع الكويتي وينخر في عظامه بعد أن طال الفساد السلطتين التشريعية والتنفيذية وكل مؤسسات الدولة وهيئاتها المختلفة، داعين الى ضرورة عقد مؤتمر وطني، أو حملة وطنية تشارك فيها كل مؤسسات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات العمالية في محاولة جادة لايجاد الحلول الناجعة لمواجهة الفساد وتأصيل مبادئ النزاهة والشفافية والتنافسية الايجابية بين أفراد المجتمع، والدفع باتجاه الاصلاح في مؤسسات الدولة.
جاء ذلك في الحلقة النقاشية التي نظمتها جمعية الشفافية مساء أمس الأول بحضور عدد من ممثلي النقابات والاتحادات العمالية وجمعيات النفع العام، وعدد من المهتمين، وحملت عنوان «دور النقابات في مناهضة الفساد الاداري والمالي في الجهات العامة».
ودعا النائب أحمد المليفي الي ضرورة ان يضع الجميع أيديهم معا من أجل محاربة الفساد الذي بات يستشري في جميع المؤسسات، وأصبح هما عاما للجميع، مشيرا الي ان السلطتين التنفيذية والتشريعية ترفعان شعار محاربة الفساد في حين ان الواقع هو التراجع ونشر الفساد.
ان هناك مشكلة وهي اما ان هذا الشعار ما هو الا «برستيج» أو ان هناك نية طيبة لكن لا توجد استراتيجية واضحة لمحاربة الفساد، الامر الذي ستكون له نتائج مدمرة على المجتمع ما لم نتصد له، مؤكدا ان هناك تكلفة عالية وحقيقية تنعكس على قضايا التنمية، وهناك هدر لقيم المجتمع وتدمير للانسان، ويجب أن يكون هم مكافحة الفساد هم الجميع.
وقال ان رموز الفساد بعد أن امتلكوا السلطة والنفوذ يمتلكون الآن المؤسسات الاعلامية والتجارية للسيطرة علي الرأي العام، داعيا الي ضرورة تحرك جمعيات النفع العام ومؤسسات المجتمع المدني لمواجهة الفساد وذلك من خلال تشكيل قاعدة عريضة لتوعية شرائح المجتمع، وضرورة وضع استراتيجية واضحة لمحاربة الفساد، لافتا ان تلك الاستراتيجية متخلفة جدا في الجهاز الحكومي.
وأوضح ان لدى المجتمع المدني القدرة علي مواجهة الفساد وتحمل الهجوم الناتج عن ذلك، في حين ان السلطة التنفيذية قد تكون لديها ثغرات ونقاط ضعف وفساد فلا تستطيع مواجهة الفساد.
وقال ان هناك من يحمي الفساد الاداري، وعندما بدأ برنامج اعادة الهيكلة ودعم العمالة في محاربة الفساد واجهته الأقلام والانتقادات، لافتا الى ان هناك العديد من الشركات الوهمية التي توظف أكثر من 200 شخص وتحصل علي دعم العمالة وتأخذ نسبة لها من هذا الدعم، لذلك هناك عملية منظمة لمحاربة أي عمل اصلاحي، مؤكدا ان حماية المال العام مسؤولية مشتركة لجميع أفراد المجتمع الكويتي.
دور المجتمع المدني
وأكد المليفي ان دور المجتمع المدني هو كشف فساد المؤسستين التشريعية والتنفيذية لجعل الأرض خصبة لبناء مجتمع سليم للاجيال المقبلة، وخلق حراك مجتمعي لمحاربة الفساد المالي والاداري.
ومن جانبه استعرض رئيس مجلس ادارة جمعية الشفافية صلاح الغزالي دور الجمعية في محاربة مظاهر الفساد، وأشار الي التقرير الصادر عن البنك الدولي والخاص بموضوع الشفافية ومحاربة الفساد والذي جاء ليؤكد ما أعلنته منظمة الشفافية الدولية في وقت سابق حول تراجع الكويت فيما يخص النزاهة والشفافية والتنافسية، والذي كان يشكك فيه البعض.
وأشار الي دورمكتب الأمم المتحدة لمحاربة الجريمة والمخدرات والذي يتبع الأمم المتحدة، والمسؤول عن متابعة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد، مشيرا الى ان الكويت عضوة في منظمة الأمم المتحدة، ووقعت علي تلك الاتفاقية في العام 2003، وصادق عليها مجلس الامة في العام 2006، وانها ملزمة بتنفيذ تلك الاتفاقية والتي تضم مجموعة من النصوص التي يجب الالتزام بتنفيذها.
هيئة عليا
وأوضح ان احدى مواد الاتفاقية تتكلم عن ضرورة انشاء هيئة عليا لمكافحة الفساد، اضافة الي ضرورة اقرار قانون حق الاطلاع وقانون كشف الذمة المالية، لافتا الى ان الجمعية قدمت مقترحا بقانون الي أعضاء مجلس الامة، بشأن انشاء هيئة مكافحة الفساد، وآخر لكشف الذمة المالية، اضافة الى قيام الجمعية باعداد مشروع بقانون للمناقصات المركزية وقدم الى سمو رئيس مجلس الوزراء، خاصة ان القانون المعمول به حاليا في لجنة المناقصات المركزية لا يواكب تطورات العصر.
ودعا الى ضرورة تشكيل شبكة غير حكومية من جمعيات النفع العام والنقابات والاتحادات العمالية، لدعم تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد.
وأشار الى المادة 13 من الاتفاقية حول مشاركة المجتمع المدني والتي تنص على أن تتخذ كل دولة تدابير مناسبة ضمن حدود امكاناتها ووفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، لتشجيع أفراد وجماعات لا ينتمون الى القطاع العام مثل المجتمع الأهلي والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المحلي، على المشاركة النشطة في منع الفساد ومحاربته، ولاذكاء وعي الناس فيما يتعلق بوجود الفساد وأسبابه وجسامته وما يمثله من خطر، وينبغي تدعيم هذه المشاركة بتدابير كتعزيز الشفافية في عمليات اتخاذ القرار وتشجيع اسهام الناس فيها، وضمان تيسير حصول الناس فعليا على المعلومات، والقيام بأنشطة اعلامية تسهم في عدم التسامح مع الفساد، واحترام وتعزيز وحماية حرية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد، وأن تضع الدولة وتنفذ أو ترسخ سياسات فاعلة لمكافحة الفساد، وتشجع على مشاركة المجتمع، وتجسد مبادئ سيادة القانون وتعزز حسن ادارة الشؤون العامة بشفافية.
من جانبها اشارت مفوضة مؤشر مدركات الاصلاح سلمى العيسى الى ان الهدف من الحلقة النقاشية ابراز دور المجتمع المدني في محاربة الفساد، مؤكدة ان الجمعية انتهجت نهجا مختلفا عندما فكرت في قياس الاصلاح في المؤسسات العامة وليس قياس الفساد، وذلك بهدف تعزيز الدور الايجابي لتلك الجهات.
معايير لتقييم الأداء
وقالت ان الهدف من المؤشر هو وضع معايير لتقييم أداء الجهات العامة وفقا لمتطلبات الشفافية والنزاهة وتطوير الخدمة، وتشجيع المنافسة الايجابية بين جهات القطاع العام، ونشر الوعي الاصلاحي بأهمية مكافحة الفساد الاداري والمالي، والاستفادة من المعايير وتحويلها الي برنامج اصلاحي متكامل، وتسليط الضوء والاهتمام الاعلامي بالجهات العامة المتميزة الأكثر اصلاحا لتكون حافزا للجهات الأخرى.
واستعرضت العيسى منهج المؤشر والأسس التي اعتمد عليها والأسئلة التي تم توجيهها وطريقة اختيار العينة، ومعايير التقييم ومواضيعه والمتمثلة في الشفافية والنزاهة ومدى التزام الجهة بالمساءلة واحترام القانون، والفاعلية والعدالة والتنافسية فيها وذلك من خلال طرح 82 سؤالا على الموظفين والمراجعين.
من جانبه قال الأمين العام لاتحاد عمال الكويت عوض المطيري ان دور النقابات يأتي من خلال الواجب الوطني قبل أن يأتي من الواجب النقابي، لافتا الى ان محاربة الفساد مسؤولية السلطة التشريعية، وان الفساد لا يمكن أن يخلق بلا سلطة تدفعه للاقدام علي فعله، موضحا ان دورهم في محاربة الفساد يتمثل في حماية العامل وخلق نوع من الأمان في وظيفته.
واستعرض بعضا من مظاهر الفساد في الدولة ومنها خصخصة محطات الوقود التي بيعت بـ 28 مليون دينار وكانت أول خطوة تم اتخاذها هي تفريغها من العمالة الوطنية، مشيرا الى ان أخطر شيء هو أن يكون الفساد بمباركة من قبل من يفترض به محاربة الفساد.
أما رئيس اتحاد عمال البترول جاسم الناصر فقال، انحدار الطرح في مجلس الامة يؤدي بلا شك الى عدم احترام الموظف للوزير، متسائلا لماذا تلام الحكومة دائما بالفساد رغم ان هناك فسادا تشريعيا؟ مجلس الأمة أعطى قوة لرؤساء النقابات والاتحادات للتطاول على الوزير وهذا فساد.
من جانبه قال رئيس نقابة العاملين في ديوان المحاسبة ممدوح العنزي، ان دور النقابات لا ينحصر في تحسين ظروف العمل، بل محاربة لفساد ظروف العمل ايضا لخلق بيئة أمان ومكافحة الفساد الاداري، خاصة ان كل فساد اداري يترتب عليه فساد مالي، وهناك من يحاول حصر دور النقابات في العمل الاجتماعي حتى لا يكون لها دور واضح في مكافحة الفساد.
من جانبه قال رئيس نقابة العاملين في ديوان الخدمة المدنية أنور الداهوم: هناك فساد اداري ومالي من قبل القائمين علي برنامج اعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة ولدينا الوثائق والمستندات التي تؤكد هذا الفساد، وهناك نواب وصلوا المجلس قاموا بتعيين المئات أثناء الحملات الانتخابية ليصلوا الى البرلمان.
الصفحة في ملف ( pdf )