بشرى الزين
وصف السفير الايراني علي جنتي التصريحات الاسرائيلية الاخيرة بمهاجمة ايران بأنها حرب نفسية على بلاده، مشيرا الى ان اسرائيل اصغر بكثير من ان تهاجم الجمهورية الاسلامية الايرانية.
واضاف جنتي في تصريح للصحافيين على هامش ندوة اقيمت في المستشارية الثقافية للسفارة الايرانية حول «مكانة المرأة في المجتمع المعاصر» بمناسبة ذكرى ميلاد السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، ان الاعلام الغربي والاسرائيلي والاميركي يقول بوجود ضربة عسكرية ضد ايران في موعد خاص، وحتى الآن لم نر اي ضربة او هجوم، وذلك لان الظروف الاميركية والاسرائيلية وكذلك الاقليمية والدولية لا تسمح بمهاجمة ايران.
ولفت الى ان اسرائيل ليس بامكانها ضرب ايران، وتعرف جيدا امكانيات الجمهورية الاسلامية ولذلك لن تقدم على هذه المغامرة، مضيفا ان احتمال توجيه ضربة عسكرية ضئيل جدا ولا اتوقع حصولها، مبينا ان المناورات التي نظمتها اسرائيل واليونان صرح عقبها المسؤولون اليونانيون بأنها مناورات روتينية تحدث كل عام، مشيرا الى ان صحيفة «نيويورك تايمز» كشفت عنها بعد 50 يوما من حدوثها.
وجاءت قبل تقديم حزمة الحوافز (1 + 5) الى ايران للضغط عليها بقبول هذه الرزمة التي اعلنت ايران انها بصدد دراستها وكان الرد ايجابيا لاستمرار المحادثات، موضحا ان قبول او رفض الرزمة لم يحدد حتى الآن.
وذكر السفير الايراني ان بلاده لم تعلن اغلاق مضيق هرمز في اي ضربة او تحت اي ظرف، ولكن رد فعل ايران يتماشى مع اي اقدام على تصعيد الوضع سواء من اسرائيل او الولايات المتحدة وبالتالي فإن اخر اجراء يمكن ان تتخذه الجمهورية الاسلامية الايرانية هو اغلاق مضيق هرمز مؤكدا عزم بلاده الدفاع عن اراضيها وشعبها اذا ما اقدمت اسرائيل على خطوة او الولايات المتحدة من القواعد والسفن الحربية، فإن ايران سترد على تلك القواعد، مضيفا ان ايران لا تتمسك بإغلاق مضيق هرمز من اول يوم، ويبقى ذلك من خياراتنا وآخر خيار للدفاع عن النفس.
وحول افتتاح مكتب رعاية المصالح الاميركية في طهران قال جنتي ان هذا اقتراح لم يكن رسميا من جانب وزيرة الخارجية الاميركية او السلطات الاميركية، بل اشاعات من الداخل الاميركي، موضحا ان وزير الخارجية الايراني منوچهر متكي اعلن قبل يومين في نيويورك انه اذا «فوتحنا باقتراح مثل هذا فسندرسه بايجابية ولكن حتى الآن لم يعلن اي شيء».
وفي الندوة قال عدد من الخبراء الاجتماعيين والاعلاميين ان المرأة ومكانتها ووضعيتها ترافق تطورها التطور الحضاري والفكري، وكذلك ارتباط ذلك بالصراعات الثقافية والسياسية والاقتصادية، اضافة الى نظرة الفهم الديني وليس الدين.
وقالت استاذة الطب النفسي د.فيولا الدبلاوي ان الهدف من هذه الندوة هو طرح الافكار الخاصة بالسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وتبيان العدالة الاجتماعية وحقوق المرأة منذ بداية الاسلام.
مشيرة الى انها كانت القدوة للمرأة المسلمة والعلم والمعرفة لزمانها ولكل زمان ومكان، موضحة ان تعاليمها ترتبط بالبشرية جمعاء والحرية والحقوق الخاصة بالمرأة.
واضافت ان مكانة المرأة في ايران تحظى بمكانة راقية، مشيرة الى ان الاحصائيات تشير الى 90% من النساء في ايران متعلمات و81% حاصلات على دراسات عليا وان 63% من طلبة الجامعات نساء، لافتة الى ولوج المرأة الايرانية الى المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية.
وتطرقت الدبلاوي الى النظرة التي تختزل المرأة وتركز على جسدها وما يتعلق من مظهر وصور ورموز تشوه تلك الصورة، مشيرة الى دور الاعلام في تشويه تلك الصورة واستغلالها كأحد المصادر والآليات في ثقافة السوق والسوء.
مضيفة ان الاشكالية قد تأتي من الانتقاص من امكانيات المرأة، ما يحدو ببعض النساء على الاستكانة، لافتة الى اختلاف الاتجاهات الاجتماعية نحو المرأة واتجاه الاخيرة نحو ذاتها وما يحكم هذه الاتجاهات من توقعات ثقافية.
وخلصت الدبلاوي الى ضرورة ابراز امكانيات المرأة الحقيقية التي تعد مصدرا لتحقيق ذاتها وللوصول الى التنمية الاجتماعية بشكل عام.
ومن جهتها قالت الصحافية إيمان شمس الدين ان مصير الانسان سواء كان رجلا او امرأة هو نتيجة تراكمية لاحداث التاريخ وصراعاته بكل مصاديقها، فما نعيشه اليوم من تطور حضاري او فكري جاء نتيجة تراكمات زمنية كان فيها مفكرو كل زمن منشغلين بالاكتشاف والتطوير.
اضافة الى انشغالهم بالصراعات السياسية التي انعكست بكلها وكلكلها على الحياة العامة والوجهة العامة للفكر والثقافة والايديولوجيات المختلفة.
وكانت المرأة احدى ضحايا الصراعات الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية وغيرها.
وسبب ذلك هو نظرة الحضارات السابقة لها بالاضافة الى نظرة الفهم الديني وليس الدين لها والذي اصطبغ بصبغة قدسية حالت دون اعادة النظر فيه لأن ذلك يمثل تطاولا على الكتب المقدسة ومنظريها، مبينة ان ذلك ما حدث في العصور الوسطى والذي ادى بعد ذلك الى حدوث ثورات عدة شكلت نتائجها القاعدة الاساسية التي انطلق منها الفكر الغربي في تشكيل رؤيته الكونية وتحديد ايديولوجيته التي وجهت نظرية المعرفة لديه بما يتناسب والقاعدة التي انطلق منها.
وبات الغرب اليوم يئن تحت سياط هذه النظرية المعرفية والتي شكلت له كل معاناته وآهاته رغم كل الظاهر المرفه الذي يعيش فيه من تطور تكنولوجي وتقني ومعرفي الا ان صميم واقعه يعاني من المادية.
واضافت شمس الدين «رغم ان التعسف والظلم الذي مارسته الكنيسة باسم الدين على المرأة كان شديدا الا ان ما قامت به تلك الثورات وما قدمته للمرأة وما مارسته على المرأة لا يقل شدة وظلما عن ذلك، فالكنيسة قمعت حريتها الطبيعية والانسانية ومارست عليها اقصى انواع الحرمان والظلم باسم الدين، والثورة ايضا اطلقت لها عنان الحرية ولكن بمفهومها الخاطئ».
حيث اعتبرت ان اساس وجودها هو جسدها، لذلك ما قامت به هذه الثورات غالبا بحق المرأة هو التحرير المادي بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، فباتت المرأة الغربية تعانق الحرية بجسدها لا بروحها وعقلها، واضحت كأي سلعة في النظام الرأسمالي كلما تألقت في حريتها المادية كلما زادت في انتاجية الدولة وكلما بالتالي غلا سعرها، وللأسف ادركت المرأة الغربية ذلك متأخرا بعد ان وقعت تحت سياط استعباد من نوع آخر جرها من ان تكون عبدة وامة في يد سيدها الى ان تكون عبدة للشهوات والرغبات العامة وفرضت عليها مهاما لا تتناسب وطبيعة تركيبتها.
ولكن مازالت المرأة الغربية في وقتنا المعاصر تبحث عن ذاتها التي ضاعت في ظلمات الاستعباد والقهر والاستهلاك وكلما وصلت الى نظرية ظنت انها وجدت فيها ضالتها وبعد برهة من الزمن تكتشف انها نظرية خاوية لم تزدها إلا عطشا وبعدا عما تبحث عنه وذلك يعود الى الاساس الفكري الذي تنطلق منه لتنظر فيه لوجودها وكينونتها وهي منطلقات مادية دخلت تحت عنوان الافراط والتفريط وابتعدت كل البعد عن الاعتدال الذي يروي عطش الروح.
وتطرقت الى حركات التحرر النسوي التي تؤكد على وصول المرأة الغربية الى بر الامان هي الحركات والنظريات التي تهز الكيانات الاجتماعية للعالم الغربي بين الفينة والاخرى، وآخرها كانت حركات التحرر النسوي.
وقد تشكلت هذه الحركات وما تبنته من نظريات نتيجة عوامل عدة اهمها كما يذكرها د.محمد سالم سعد الله في كتابه الاسس الفلسفية لنقد ما بعد البنيوية:
وذلك بوصف الثقافة الغربية الحالية بأنها ثقافة رجولية، اي ثقافة تتمركز حول الذكر، ولذلك تنتظم بطريقة تهيئ هيمنة الرجل ودونية المرأة، وهذا ما دفع المرأة الى تبني النقد النسوي.
واتصاف الرجل بالايجابية والمغامرة والتسلط وانفتاح الفكر، في مقابل وصف الانثى بالسلبية والرضوخ والتردد والعاطفية.
ومن اهم المعطيات النفسية التي استقى منها النقد النسوي مادته هي: الجسد، الجنس، اللذة، الكبت، القلق، تحليل الأنا.
لا يستطيع احد ان ينكر ان وضع المرأة المسلمة في العصر الحالي يشبه الى حد كبير وضع المرأة الغربية في العصور الوسطى.
الصفحة في ملف ( pdf )