أعد أستاذ القانون الدولي بجامعة الكويت د.ثقل سعد العجمي دراسة حول دور مجلس الأمن في تأجيل ممارسة المحكمة الجنائية الدولية لاختصاصها، متخذا الحالة السودانية نموذجا لذلك، وجاء في الدراسة:
هاهي المحكمة الجنائية الدولية بدأت تعد العدة لمحاكمة المتهمين بارتكاب الجرائم الدولية في دارفور بالسودان، والخطير في الموضوع هو أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على وشك إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير، حيث اعتبرته سلطة الاتهام مسؤولا عن بعض الجرائم ضد الإنسانية التي وقعت في ذلك الإقليم في فترة الاقتتال الداخلي في ذلك الإقليم.
لذا، فالتساؤل الذي نحاول أن نجيب عنه من خلال هذه الدراسة ليس ما إذا كان بالإمكان مساءلة رئيس دولة، ذلك أن النظام الأساسي، وبعبارة صريحة لا لبس فيها، لا يعترف لأي شخص بأي نوع من الحصانة، وفي ذلك تنص المادة 27 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه «يطبق هذا النظام الأساسي على جميع الأشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية، وبوجه خاص فإن الصفة الرسمية للشخص، سواء كان رئيسا لدولة أو حكومة أو عضوا في حكومة أو برلمان أو ممثلا منتخبا أو موظفا حكوميا، لا تعفيه بأي حال من الأحوال من المسؤولية الجنائية بموجب هذا النظام الأساسي، كما أنها لا تشكل في حد ذاتها، سببا لتخفيف العقوبة».
إلا أنه نظرا إلى أن من شأن هذا الاتهام تعطيل التسوية السلمية في ذلك الإقليم والتي بدأت تظهر نتائجها الايجابية على مدى الأشهر الماضية، لذا فإن من شأن هذا الاتهام إعادة خلط الأوراق وجعل الرئيس السوداني يشعر بخيبة الأمل وأن جهوده السلمية لحل النزاع قد جلبت له نتائج عكسية ومن ثم فإن ذلك سيؤدي إلى تقويض عملية المصالحة الوطنية وهو ما عبرت عنه حكومة الصين وروسيا والولايات المتحدة الأميركية.
وتحسبا لمثل هذه الأحوال، فقد تضمن النظام الأساسي من بين نصوصه ما يسمح لمجلس الأمن بسلطة تأجيل ممارسة المحكمة الجنائية الدولية لاختصاصها على الرغم من انعقاد هذا الاختصاص.
وفي ذلك تنص المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه «لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام لمدة اثني عشر شهرا بناء على طلب من مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها».
ومن الجدير بالذكر أن هذه المادة أتت لتضع حلا وسطا بين الحالات التي يمكن أن يصبح فيها التوفيق بين فكرة إرساء العدالة وفكرة تحقيق السلم الدولي أمرا صعبا، ذلك أن الأصل العام هو أن العدالة ما هي إلا دعامة من دعامات السلام العالمي ومن أهم السبل لتحقيق هذا السلام.
تفاصيل الدراسة في ملف ( pdf )