أسامة دياب
تعتبر منطقة جليب الشيوخ من أقدم وأشهر مناطق الكويت القديمة التي سكنها أهل الكويت منذ أكثر من 100 سنة، و تقع في جنوب العاصمة الكويت، وكانت قديما منطقة صحراوية تحتوي على عدد من الآبار، التي يلتف حولها السكان من البدو الرحل، وقد حفر أول بئر فيها الشيخان محمد وجراح الصباح، وترجع تسمية المنطقة إلى تلك الآبار، حيث إن كلمة جليب باللهجة الكويتية تعني البئر، ومن هنا أتت التسمية «جليب الشيوخ».
وعلى مدار أعوام طويلة طالت المنطقة الجميلة يد الإهمال وتسربت إليها جموع العمالة السائبة دون رقيب أو حسيب لدرجة جعلت منها الموضوع الرئيسي على مائدة صفحات الحوادث، فما بين أوكار للدعارة ومصانع للخمور المحلية وإيواء الخارجين على القانون من اللصوص والمجرمين، بالإضافة إلى ارتفاع الكثافة السكانية فيها، والتي تصل حاليا إلى 300 ألف وافد و1400 مواطن، عجزت عن أن تتحملهم البنية التحتية في المنطقة، وظهر ذلك في الانقطاع المتكرر للكهرباء نظرا لزيادة الأحمال عما هو متوقع بصورة كبيرة، وسوء حالة مرافق الصرف الصحي والطفح المستمر للمجاري في شوارع المنطقة، والاختناقات المرورية التي أصبحت هاجسا يسيطر على الأهالي سواء في الدخول أو الخروج من المنطقة وتردي الأوضاع الصحية لضعف الرقابة على الأغذية وانتشار الأسواق العشوائية في المنطقة.
الأهالي يطلبون المساواة بمختلف مناطق الكويت واستملاك القطع محور المشكلات وهي 1، 2، 3، 4، 13و21.
تصريحات وزير الأشغال العامة ووزير الدولة لشؤون البلدية د.فاضل صفر، والتي أدلي بها بعد الجولة التي قام بها في منطقة جليب الشيوخ خلال الأسبوع قبل الماضي حملت بادرة طيبة وبارقة أمل لأهالي المنطقة، حيث دعا الوزير إلى ضرورة تدخل الدولة بمختلف أجهزتها لرفع المعاناة عن المنطقة التي وصفها «بالمنكوبة».
ولفت إلى أن الدولة لن تقف عاجزة عن تنظيم هذه المنطقة واستملاكها، خصوصا بعد ارتفاع الإيرادات النفطية، وبعد أن خرجت الأمور في جليب الشيوخ عن السيطرة وأصبح تدخل رجال الشرطة والبلدية لتطبيق القانون مغامرة كبيرة في ظل الجموع الغفيرة من العمالة السائبة والمخالفات والتعديات.
ولم يخف الأهالي سعادتهم بزيارة الوزير الميدانية، والتي أغنته عن ألف تقرير لأن من رأى ليس كمن سمع، بالإضافة إلى أمانة الوزير في عرض وتوصيف حالة المنطقة التي قال عنها «لم أكن أتوقع أن يكون الوضع بهذه الصورة، فالمدينة مرتع للجريمة والمخالفات الصارخة والخروج على القانون، مضيفا أن العقل يعجز عن استيعاب ما نراه من مخالفات وتشويه لدرجة جعلت من أهالي المنطقة يطلقون على أحد شوارعها مسمى «شارع إبليس».
واللافت أن الأهالي انقسموا إلى فريقين بين متفائل بنتائج الزيارة وإمكانية أن تحرك الماء الراكد من خلال تحرك حكومي ونيابي لوضع حد لمعاناة الناس، بينما يؤكد الفريق الآخر ضرورة عدم الإفراط في التفاؤل إلى أن يروا شيئا ملموسا على أرض الواقع لأنهم ملوا من الشعارات الرنانة والخطب العصماء التي ملأت الدنيا صراخا على مدار الأعوام السابقة سواء من النواب خصوصا في فترة الانتخابات ووسائل الإعلام، بالإضافة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يزور فيها وزير المنطقة، حيث سبق أن زارها وزير آخر ولكن لم يتغير من الوضع شيء.
وأجمع الأهالي على ثقتهم في الوزير د.فاضل صفر وقدرته على انتشال المنطقة من براثن الفوضى والإهمال والعشوائية واتخاذ الإجراءات اللازمة في ضوء النظم واللوائح في أسرع وقت ممكن، ليضع بذلك نهاية لأربعين عاما من المعاناة عاشها الأهالي في جليب الشيوخ.
تحقيق خاص في ملف ( pdf )